أردوغان يرسم ملامح «سايكس بيكو» جديدة.. ديكتاتور تركيا يذبح جيش أتاتورك

الأحد، 15 يوليو 2018 06:00 م
أردوغان يرسم ملامح «سايكس بيكو» جديدة.. ديكتاتور تركيا يذبح جيش أتاتورك
رجب طيب أردوغان
محمد الشرقاوي

منذ عامين، وبالتحديد في تاريخ 15 يوليو 2016، عول ضباط الجيش التركي على نجاح ثورتهم ضد الفاشية العثماني، للحفاظ على هوية دولتهم، وأعلنوا عن عزمهم إنشاء مجلس السلم من أجل أن يكون الهيئة الحاكمة في البلد.

تحرك الجيش التركي، كان بدافع العقيدة التي رسخها مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، وهي أن الجيش هو الضمانة لبقاء الدولة العلمانية، ودائما ما كانت تختلف مع الرئيس حال محاولاته الابتعاد عن دولة أتاتورك.

بالنظر لحقبة العشرينات من القرن الماضي، وتأسيس الجيش الحديث على أنقاض الجيش الدولة العثمانية، وهو يلعب دوراً محورياً في مجمل الحسابات السياسية، من فترة حكم مصطفى كمال أتاتورك، وصولاً إلى حكومة الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان التي أدخلت تعديلات جوهرية على دور الجيش.

فمنذ تولي الديكتاتور التركي رجب طيب أردوغان، للحكم وهو يسعى لتوطيد حكمه وترميم ما تبقى من الخلافة العثمانية، لشديد حكمه الديكتاتوري، وتجلى ذلك واضحا في التعديلات الأخيرة التي شهدها الدستور التركي، وتحول البلاد من نظام برلماني إلى نظام رئاسي.

التدخلات الأخيرة تقتضى بإعادة هيكلة مؤسسة الجيش ليضمن تطويعها وإخضاعها له، حتى لا تتكر سيناريوهات الانقلابات التي حدثت قبل عامين، ووضع أردوغان في مرسوم جديد هيئة الأركان العامة تحت سلطة وزير الدفاع، وأعاد هيكلة مجلس الشورى العسكري الأعلى، وضم إليه أعضاء مدنيين، هم نواب رئيس الجمهورية، ووزير التربية إضافة إلى صهر أردوغان وزير المالية بيرات ألبيرق، والتغييرات شملت وضع هيئة الأركان العامة تحت سلطة وزير الدفاع، بعد تعيين أردوغان قائد الجيش خلوصي أكار وزيرا للدفاع.

التحركات الأردوغانية، تدور في فلك «إحياء الإمبراطورية العثمانية» مرة أخرى، بالسيطرة على مفاصل الجيش الضامن للعلمانية التركية، كذلك عمليات تفكيك وإعادة هيكلة الهوية التركية، وتبني مظاهر وتجليات الإرث العثماني وسياسات الهيمنة والتوسع الإقليمي لإعادة إنتاج عهد الاستعمار العثماني في منطقة الشرق الأوسط.

رغم نفي أردوغان إلا أن تسارع الأحداث في الآونة الأخيرة والتكالب على السيطرة على مفاصل أنقرة، أثبت أن لديه رغبة مُلحة لشغل مكانة السلطان الجديد.

يتعصب الديكتاتور للعثمانية القديمة، محاولا إحياء مظاهر الدولة العثمانية في ثوب جديد، من خلال عدة مؤشرات، اتضحت - وفق مراكز بحثية – في الآتي، أولها «خطاب الهيمنة»، فدائما ما يتحدث عن أنهم أحفاد العثمانيين، ومحاولة «إحياء إرث الدولة العثمانية» ومداعبة عواطف مواطني الشرق الأوسط بـ«حلم الخلافة»، ويرى أيضًا أن هناك عددًا من دول أوربا تُعد امتدادًا للتواجد التاريخي العثماني في أوروبا في الماضي.

الأمر قديم، فعقب حصول حزب العدالة والتنمية، الذراع التركي للتنظيم الدولي للإخوان، على أغلبية المقاعد في الانتخابات البرلمانية في عام 2011، قال أردوغان محتفيًا بانتصار حزبه في خطاب شهير: «بقدر ما انتصرت إسطنبول انتصرت سراييفو، وبقدر ما انتصرت أزمير انتصرت بيروت، وبقدر ما انتصرت أنقرة انتصرت دمشق، وبقدر ما انتصرت ديار بكر انتصرت رام الله ونابلس وجنين والضفة الغربية والقدس وغزة، وبقدر ما انتصرت تركيا انتصر الشرق الأوسط والقوقاز والبلقان وأوروبا»، وهو ما يعبر عن نزعات التوسع الاستعماري لدى أردوغان.

الديكتاتور السفاح يرى أن الإيقاع بمؤسسة الجيش التركي بمثابة «الثأر» مما يصفهم بالأعداء، هم «النخب العلمانية» المترسخة داخل مؤسسات الدولة التي تعارض توجهاته السياسية وتعوق مشروعه العثماني، و«القوى الإقليمية» التي يعتبرها أردوغان منافسًا للهيمنة التركية، والقوى الدولية التي يريد الانتقام منها لأنها كانت في يوم سبب السقوط العثماني.

محاولات الثأر تمثلت في التدخلات التركية بمنطقة «الهلال الخصيب» - التي كانت بداية تآكل الدولة العثمانية باتفاقية سايكس بيكو في عام 1916 - في الشمال السوري والعراقي واحتلال مدن حدودية بدعوى حماية حدودها وكان أبرزها جرابلس وعفرين، ومحاولة فرض السيطرة على دول الجوار الإقليمي.

استكمالا للسماح بدخول الإرهابيين إلى العراق وسوريا، وعدم وجود فعالية في محاربة الإرهاب الداعشي واعتباره لا يمثل تهديدا لتركيا.

أردوغان يرى نفسه أنه الوريث الشرعى لأجداده العثمانيين، وهو ما أكد عليه ومريدوه مرارا عبر وضع صورا له بجوار صورة السلطان عبدالحميد الثاني.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق