أعداء في ثوب المحبين.. مافيا الشائعات عبر السوشيال «نيران غير صديقة»

الإثنين، 16 يوليو 2018 09:00 م
أعداء في ثوب المحبين.. مافيا الشائعات عبر السوشيال «نيران غير صديقة»
صفحات فيس بوك

 

بات واضحا أن مناخا من الترصد والاستهداف يحيط بالدولة المصرية ومؤسساتها، ليس بكاملها استهدافا خارجيا للأسف، وإنما جانب كبير منه يأتي من الداخل، يتورط فيها كثيرون، سواء بحُسن أو سوء نية.

 

يمكن في كل الوقائع التي تشهدها مصر، الصغيرة والكبيرة، العادية والتي تأخذ طابع الأزمة، ملاحظة أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت تعمل بطريقة واحدة، حساب مجهول أو صفحة غير معلومة المصدر، تنشر خبرا غير صحيح، أو مختلق من الأساس، ليبدأ آلاف المستخدمين التعاطي مع الأمر باعتباره حقيقة دامغة، والتطوع بإعادة ترويجه على نطاق أوسع، لتصبح الشائعة في غضون دقائق خبرا رائجا ومقبولا من المستخدمين، دون توقف أو تدقيق.

 

في وقائع عديدة سابقة، تخص قرارات وإجراءات حكومية، أو مناقشات برلمانية، أو خطوات على طريق ضبط الأوضاع الاقتصادية وترشيد الدعم وتوجيه مخصصات الرعاية الاجتماعية للفئات الأكثر استحقاقا، تكررت هذه الآلية بحذافيرها، وفي حادث انفجار مخزني وقود بإحدى شركات البتروكيماويات قبل أيام، هاجت «السوشيال ميديا» ووضعت سيناريوهات مختلقة للأمر، وصلت إلى حد انفجار طائرة في السماء، أو سقوطها على محطة وقود، وطالت قائمة الاختلاقات لتسجل عشرات الأسباب التي كانت طلها خاطئة وكوميدية، لكن الأهم أنها كانت تعبيرا واضحا عن مناخ من الفوضى، وماكينة شرسة لترويج الشائعات.


فريدة الشوباشي تدعو لاتخاذ موقف

المتابعون من المهتمين بالإعلام وعلوم الاجتماع، باتوا يضعون يدهم على مفاتيح هذه الظاهرة الخطيرة، التي تكمن خطورتها في أنها تعبر عن تسيّد ثقافة القطيع، وقابلية كثير من الجموع والفئات للانسياق وراء الأخبار الملفقة أو المختلقة دون النظر لمدى منطقيتها أو احتمالات صحتها من خطئها، وهو ما يهدد بأننا أمام بيئة واسعة ومنفتحة من التواصل السهل، وإمكانيات بسيطة ومتاحة لكل ذي نية سيئة لتوجيه هذه الجموع، ما يُعني أن أي مخطط لاستهداف الدولة ومؤسساتها يضمن منذ اللحظة الأولى توفر آلاف الداعمين ممن لا يتوقفون مع الأمور بالعقل والمنطق.

 

أمام هذه الحالة من الانفلات والفوضى، دعت الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشي الحكومة إلى استعادة منصب وزير الإعلام، الذي جرى إلغاؤه في وقت سابق، حتى تتوفر فرصة مؤسسية لإدارة ملف الإعلام والرد على الأكاذيب والشائعات التي تُثار ويحتشد آلاف المستخدمين على مواقع التواصل لترويجها بين وقت وآخر.

 

وقالت فريدة الشوباشي في تصريحات صحفية، إنه من الضروري أن يعود منصب وزير الإعلام، وذلك حتى تتمكن الدولة من الرد على الأكاذيب والافتراءات، وفي الوقت نفسه تعمل على ترويج الإنجازات والمشروعات القومية التي تنفذها، متابعة: «المرحلة الحالية تتطلب عودة منصب وزير الإعلام، ليدير أجهزة الدولة الإعلامية، ويعمل على التحذير من الحرب التي تُدار ضدنا. ما الأزمة في عودة وزير الإعلام؟ فالمؤسسات الحالية بوضعها الحالي لا تغني عن هذا المنصب».

 

البرلمان ينتقد مافيا الشائعات

على ما يبدو من النشاط الذي تشهده مواقع التواصل الاجتماعي في بعض الأوقات، أن ماكينة الشائعات تقف وراءها مافيا منظمة، تتحرك وفق محددات إعلامية وفنية، وعلى خلفية قراءة سيكولوجية لطبيعة مستخدمي "السوشيال ميديا" واهتماماتهم وآليات استثارتهم.

 

هذه الحالة من الحشد والتوجيه، التي يقابلها اندفاع مجاني عنيف من المستخدمين الذين نجحت الاستهدافات والاختلاقات المتواصلة في غسيل عقولهم ثم شحنهم على الدولة، ووضعهم في موقع العدوّ الذي يترصّد، ويقف لكل التفاصيل بالمرصاد، ويفسر الأمور دائما على نحو سيئ النية، حتى في الأخبار والمعلومات التي يبدو للعيان أنها إيجابية للغاية، يكون التشويه وقلب الحقائق هو المسار المعتمد لنقل الخبر والمعلومة والتعليق عليه.
 
 
هكذا تشتعل حالة الشحن وتغذية العداء للدولة في صدور المواطنين، دونما تفكير من جانبهم فيمن له مصلحة مباشرة في تحقيق هذا الأثر السيئ، وتوظيف أبناء مصر ضد مصالحها، وإسقاطهم رغما عنهم في خندق الأعداء، وهو ما يُوجب الاقتراب من الأمر وكشف الصورة وتفاصيلها وفضح هذه الممارسات ومن يقفون خلفها ويدعمونها.
 
 
النائب جون طلعت، وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، انتقد استمرار تداول الشائعات والمعلومات المغلوطة والأخبار المختلقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وحشد الشباب لترويج هذه الافتراءات، بعد شحنهم ضد الدولة المصرية وتوجيههم لتبني الخطاب العدائي المروّج ضدها، مشددا على أن تلك المواقع جعلت السوشيال ميديا منصة للشائعات ووسيلة لهدم الدول.
 
 
يقول طلعت، في تصريحات صحفية، إن أعداء الدولة من الخارج، والجماعات الإرهابية، يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي وينفقون مليارات الجنيهات على الحسابات الوهمية والشركات العاملة في هذا المجال، لصالح نشر شائعات هدفها هدم الدولة المصرية، وتفتيت الكتلة الوطنية، وزعزعة الاستقرار الداخلي، والإضرار بالاقتصاد المصري.
 
 
ووجه وكيل «اتصالات البرلمان» رسالة للمواطنين بضرورة توخي الحذر وتحرّي الدقة عند تداول أي معلومة أو خبر لهما علاقة بالدولة ومؤسساتها، والتأكد من المصدر قبل ترويج هذه الاختلاقات، تجنبا للإضرار بالأمن القومي، مشددا على ضرورة تطبيق القوانين على المخالفين، وتطبيق العقوبات المتعلقة بنشر أخبار كاذبة، كما شدد على ضرورة تركيز مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء في الفترة المقبلة على تتبع شائعات "السوشيال ميديا" والتصدي لها، إعداده تقارير دورية توضح حقائق المنشورات والشائعات التي يجرى ترويجها ضد مصر.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق