أغروه بتجسيد شخصية سيدنا محمد.. كيف تسببت تركيا في غضب الأزهر على يوسف وهبى؟

الإثنين، 16 يوليو 2018 03:00 م
أغروه بتجسيد شخصية سيدنا محمد.. كيف تسببت تركيا في غضب الأزهر على يوسف وهبى؟
يوسف وهبى
زينب عبداللاه

21 مايو 1926.. نشرت صحيفة الأهرام مقالا للكاتب عبد الباقى سرور بعنوان: «كيف يصورون النبي محمدًا»، أشار فيه إلى أن شركة «ماركوس الألمانية»، وبتمويل مشترك مع الحكومة التركية، اتفقت مع يوسف وهبي، على أن يقوم ببطولة عمل فني يجسد رواية النبي محمد (ص)، وأن يوسف وهبي التقط لنفسه صورًا فوتوغرافية تظهر الشكل الذي ابتدعه لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وأكد أن مجلة المسرح نشرت موضوعا تشير فيه إلى أن  هذه الصورة تشبه صورة راسبوتين .
 
كانت هذه المحاولة التي أثارت ضجة واسعة في وقتها من أوائل المحاولات لتجسيد الرسل في الأعمال الفنية وبسببها أصدر الأزهر فتواه بتحريم تجسيد شخصيات الأنبياء والرسل، وتعرض بسببها يوسف وهبي لضغوط كبيرة وصلت إلى حد تهديد الملك فؤاد بسحب جنسيته.
 
تفاصل القصة تشير إلى أن القضية فجرها المقال المنشور بجريد الأهرام، والذي قال فيه كاتبه: «في عرف يوسف وهبي، يكون نبينا محمد رسول الله، وحامل علم الدين الإسلامي وناشر كلمته، يشبه تماما راسبوتين، فما رأى علماء الدين الأجلاء في هذا العمل؟».
 
وأضافت الصحيفة: «ما مبلغ علم يوسف وهبي بالدين وأخلاق النبي عليه السلام وصفاته حتى يقدم على إبراز شخصيته؟! ألا يعد هذا تهزيئا مؤلما، و إهانة جارحة لكل المسلمين!»، مؤكدا أن هذا يعد تشهيرا بالنبي وتحقيرا لشأنه، واستهزاء بدينه، وإساءة لمعتنقي دعوته وحطا من كرامة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
 
وفي اليوم التالي رد يوسف وهبي على ما أثير في الأهرام بقوله: «اطلعت في عدد الأمس على مقال كتبه مسلم غيور وبه يشكو لولاة الأمور عن عزمي تمثيل رواية النبي محمد بشكل وهيئة لا تليق بكرامة النبوة ولا تتفق مع عظمة الدين، وقد ذكر حضرته أنني طبقا لما نشرته مجلة المسرح صورت شخصية النبي كشخصية الراهب الدنيء راسبوتين».
 
وتابع «وهبي» في رده: «الخبر كاذب، وحقيقة لا أصل لها إلا التشويه والطعن من مجلة أخذت على عاتقها تقبيح كل حسن والنيل من كرامة كل عامل على خدمة وطنه»، ولم ينف يوسف وهبي أنه وافق على القيام بالدور بل فسر قبوله بقوله: «إنني إذا كنت قد رضيت أن ألعب هذا الدور فليس إلا لرفعة شأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وتصويره أمام العالم الغربي بشكله اللائق به وحقيقته النبيلة، وليس الغرض من هذا الفيلم سوى الدعوة والإرشاد للدين الإسلامي، وليثق سيدي الغيور أنني أول من يعمل على رفعة شأن ديننا الحنيف، ولكن رجائي إليه ألا يصغى لأقوال الأفك وترهات قوم عُرفوا بالخديعة والملق».
 
وتحدث يوسف وهبي في رده عن قصة الاتفاق على الفيلم ، قائلا: «زارني بمسرح رمسيس الأديب التركي وداد عرفي، وقدم ليٌ شخصا  يدعى الدكتور كروس، وأفهمني أنه شخصية لها وزنها، وأنه رسول عاهل تركيا الرئيس أتاتورك ومستشاره الخاص وجنسيته ألمانية، وطلب منى أن أحدد موعدًا معه لأمر مهم جدًا، وعلمت في اللقاء أن (كروس) يمثل مؤسسة سينمائية ألمانية مشهورة، وأنه حصل على موافقة رئيس الجمهورية التركية لإنتاج فيلم إسلامي ضخم كدعاية مشرفة للدين الإسلامي الحنيف وعظمته وسمو تعاليمه، تشارك في نفقاته الحكومة التركية باسم محمد (ص) وقد أعد السيناريو، وصرحت بتصويره لجنة من كبار علماء الإسلام في إستانبول».
 
وتوجه يوسف وهبي بكلامه في هذا الرد إلى رجال الدين، وطالبهم  بإرشاده إلى الصواب وأن يقولوا له، هل يقوم بهذا الدور أم يرفضه، مؤكدا  أنه إذا رفض فسيقوم بهذا الدور ممثل أجنبي لا يهمه من أمر الدين شيء.
 
وفي نهاية الرسالة أكد يوسف وهبي، أنه سيرفض القيام بالدور عن طيب خاطر حتى لو كان سيجنى من ورائه أرباحا طائلة، إذا رأى العلماء ذلك، وأنهى الرسالة بقوله: «ليعلم إخواني المصريين أن شعاري ديني قبل كل شيء».
 
وبعد نشر الموضوع فتحت أبواب جهنم على يوسف وهبي، خاصة بعد تداول أخبار بأنه وقع عقد الفيلم بالتعاون مع المخرج وداد عرفي، وأرسل شيخ الأزهر خطابًا إلى وزارة الداخلية يطالبها بالتحقيق في الأمر، لمنع يوسف وهبي من القيام بالدور حتى لو اقتضى الأمر منعه من السفر، كما طالب بأن تخاطب مصر حكومة باريس، لمنع تمثيل هذه الرواية.
 
واستدعت وزارة الداخلية يوسف وهبي وحققت معه وأرسلت ردًا للمشيخة تقول فيه إنه سيعتذر في الصحف عن قبوله للدور، وسيعدل عنه وأرسل الملك فؤاد تحذيرًا شديدًا ليوسف وهبي، وهدده بسحب الجنسية.
 
ولم ينته شهر مايو حتى نشرت «الأهرام»، بيانا ليوسف وهبي قال فيه: «بناء على قرار أصحاب الفضيلة العلماء واحترامًا لرأيهم السديد، أعلن أنني عدلت عن تمثيل الدور وسأخطر الشركة بعزمي هذا».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق