تجربة واحدة مليئة بالثقوب.. هل قتلت نادية عبده أحلام سيدات مصر في منصب المحافظ؟

الخميس، 02 أغسطس 2018 04:00 م
تجربة واحدة مليئة بالثقوب.. هل قتلت نادية عبده أحلام سيدات مصر في منصب المحافظ؟
نادية عبده والأوضاع في محافظة البحيرة
كتب محمد أبو النور

كان قرارا مفاجئا للغاية، وباعثا على السرور والترحيب والترقب من الجميع. جاءت نادية عبده محافظا وتفاءلت نساء مصر، لكن ظل الرهان قائما على التجربة، التي قد تعزز موقف النساء أو تقتل أحلامهن.

اختيار القيادة السياسية للمهندس نادية عبده كان انحيازا واضحا للمرأة ودورها، وترجمة عملية لتخصيص 2017 عاما للمرأة، لكن أداء محافظ البحيرة الجديد لم يأت على قدر الرهانات التي عُقدت على اختيار نادية عبده، أو تطلعات سيدات مصر لتعزيز حضورهن في المشهد السياسي والتنفيذي، وإثبات جدارتهن بتولي كل المناصب، حتى المرهق منها كمنصب المحافظ.

 

تجربة فردية وآمال عامة

خاضت المهندسة نادية أحمد عبده أول تجربة لسيدة تتولى منصب المحافظ في مصر، وهو تحدٍّ كان محفوفا بالمخاطر بالنسبة للسيدات في عموم مصر، خاصة أن البحيرة محافظة مترامية الأطراف ومتنوعة التركيب، تجمع بين الريف والحضر، وتحضر فيها كل الأنشطة، من زراعة لصناعة لصيد.

كانت التجربة تسير على شعرة حادة كنصل السيف، لأنها إذا نجحت فستكون القاطرة التي ستسحب باقى السيدات خلفها للمناصب القيادية، وتفتح الطريق لأن تكون المرأة محافظا مرة ثانية وثالثة ورابعة... وإذا فشلت فسينتشر الإحباط ويعم اليأس في صفوف السيدات العاملات والطامحات لكتابة أسمائهن بحروف من نور.. أي أن تجربة نادية عبده الفردية كانت في واقع الأمر رهانا لجنسها وتجسيدا لآمال ملايين السيدات.

 

مؤتمرات صحفية بمجلس الوزراء تصوير سليمان العطيفى 28-2-2017‎ (6)

 

المهندسة نادية عبده محافظ البحيرة

 

المرأة الحديدية والأداء "الصفيح"

تُعد المهندسة نادية عبده، محافظ البحيرة، من السيدات العاملات اللائي يُحاربن الاستسلام والركون للعادات والتقاليد التي تكبّل نشاط المرأة وتمنعها من تبوّء المناصب القيادية، لهذا كسرت هذه القيود منذ الصغر بحصولها على مجموع مرتفع في الثانوية العامة ودخول كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية، ثم المثابرة حتى الحصول على الماجستير في الهندسة الصحية 1968، وكانت قاب قوسين أو أدنى من تسجيل الدكتوراة وما زالت، غير أن العمل والترقي في الوظائف والمسؤوليات التنفيذية حالا دون ذلك حتى الآن,

هذه المسيرة العلمية والعملية لم تنعكس في صورة أداء تنفيذي قوي مع توليها منصب محافظ البحيرة، فالمرأة الحديدية بدت باهتة ومتورطة في أداء "صفيح"، ورغم نجاحها عندما كانت نائبا لمحافظ البحيرة السابق الدكتور محمد سلطان، فإنها لم تحقق المنصب نفسه عندما خلفته في الموقع، كما لم يستطع سلطان تكرار تجربة نجاحه في البحيرة.

 

خبرات علمية في مياه الشرب

كانت بداية عمل نادية عبده في شركة مياه الشرب حافزا ودافعا لها على التمسك بالأمل، حتى تراكمت لديها خبرات علمية وعملية في مجال مياه الشرب، من النواحي الفنية والإدارية والمالية، وخبرات في إنشاء وتطوير وإدارة محطات وشبكات مياه الشرب، وكانت أول سيدة في العالم العربي تترأس إدارة شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالإسكندرية، وظلت في المنصب 12 عاما، بعدما رشحها صندوق المرأة المسلمة والأفريقية للحصول على جائزة أفضل إنجاز علمي إنساني نتيجة لمجهوداتها في مجال المياه والعمل الإنساني بالإسكندرية.

كانت محافظ البحيرة قد تدرجت في الوظائف، منها نائب فني لشركة مياه الشرب بالإسكندرية من 1992 حتى 2002؛ ورئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب بالإسكندرية من 2002 حتى 2012؛ ومستشارة بالشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، ونائب محافظ البحيرة أغسطس 2013؛ ونائب رئيس الهيئة العليا للحكماء للمجلس العربي الأفريقي للتكامل والتنمية.

هذه الخبرات في مجال مياه الشرب لم تمنع من حدوث أزمات في قطاع مياه الشرب والصرف الصحي في البحيرة، وقد تكررت في الفترات الماضية شكاوى كثيرين من أهالي البحيرة وبعض مدنها وقراها من تكرار انقطاع المياه، ومن غياب خدمات الصرف الصحي أو تراجع مستواها.

 

خوض انتخابات مجلس الشعب 2010

كان طموح المهندسة نادية عبده كبيرا، لهذا لم تتوقف عند الوظيفة التنفيذية، وإنما خاضت مغامرة دخول مجلس الشعب 2010 (آخر برلمان قبل ثورة يناير) حتى تشارك في السلطة التشريعية، وبالفعل فازت في الانتخابات بجانب عضويتها بمجلس إدارة الجمعية العامة لمعهد البحر المتوسط في فرنسا منذ العام 1987؛ وعضو الجمعية العامة للمجلس العالمي للمياه؛ ومؤسس جمعية مرافق الدول العربية "أكوا"، وأول رئيس للمؤسسة بالانتخاب من 12 دولة عربية؛ وعضو جمعية رجال أعمال الإسكندرية؛ ومقرر المجلس القومي للمرأة فرع الإسكندرية؛ وعضو نوادي سيدات الأنرويل بالإسكندرية، كما تم ترشيحها من محافظ الإسكندرية للحصول على جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للمرأة الإدارية العربية المتميزة.

bbgggg

مياه الأمطار تغرق الشوارع بالبحيرة

 

مشروعات طموحة بالبحيرة

عندما تولت المهندسة نادية عبده منصب محافظ البحيرة في 16 فبراير 2017، قالت إنّ لديها خطة طموحًا لاستكمال المشروعات القومية على أرض المحافظة، وحل المشكلات العالقة، مثل أزمات مياه الشرب ونقص الخدمات في القرى النائية.

وشددت نادية عبده وقتها على أن توجيهات الرئيس كانت صريحة بسرعة إنجاز المشروعات التنموية، بحيث لا تتعدى عاما على الأكثر، إضافة إلى أنها ستعمل على ضخ استثمارات جديدة بالمحافظة، وإقامة عدد من المشروعات العملاقة، منها منطقة لوجستية في إدكو بتكلفة 2 مليار دولار، وإنشاء مصنع لإنتاج الورق في رشيد باستثمارات صينية وشراكة مع إحدى المؤسسة الصحفية بتكلفة مليار و250 مليون جنيه خلافا لمشروعات مياه الشرب والصرف الصحي ودعم المرأة المعيلة والالتزام باللقاء الجماهيري مع أهالي البحيرة.

ttttt

سحب وشفط مياه الأمطار فى البحيرة

 

البحيرة تغرق في مياه الأمطار

كانت نادية عبده قد تعرضت لانتقادات صحفية وإعلامية خلال الشتاء الماضي، بسبب الإهمال في وضع الخطط والاستعدادات اللازمة لاستقبال موسم الأمطار، ما تسبب في تراكم المياه لفترات طويلة في شوارع كثير من المدن والقرى، دون كسح أو شفط، فتحولت المحافظة إلى "معجنة" كما وصفتها التقارير الصحفية وقتها.

المهندس محمود كمال، من أبناء محافظة البحيرة، يرى أن المهندسة نادية عبده فعلت كل ما تستطيع في البحيرة، وكانت مثالاً للنشاط والحركة في الجولات الميدانية ومتابعة المشروعات، واهتمت بكل ما يتصل بالبنية الأساسية من خدمات طرق وصرف صحي ومياه شرب وكهرباء، كما عملت على إنشاء عدد من المشروعات الاستثمارية في البحيرة.. لكن على الجانب الآخر يرى كثيرون للغاية من مواطني البحيرة أن الأداء متواضع والأحوال يُرثى لها، وهذا التفاوت في التقديرات يشير إلى أن قصورا واضحا شاب أداء المرأة الحديدة، ما يفتح الباب لسؤال موضوعي مهم: "هل قتلت ناديه عبده أحلام سيدات مصر؟".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة