ماتت الحبيبة فتوقف البرج عن الدوران.. قصر البارون من الروح الهندية إلى أشباح مصر

الجمعة، 31 أغسطس 2018 07:00 م
ماتت الحبيبة فتوقف البرج عن الدوران.. قصر البارون من الروح الهندية إلى أشباح مصر
قصر البارون في مصر الجديدة
كتبت منة خالد

في حفل ضخم مهيب، على أنغام أوركسترا وفرقة أوبرا «ريجوليتو» الإيطالية، أقيم عروض افتتاح قناة السويس. بعد تأخر وصول ملابس وديكور أوبرا عايدة من باريس التي كان مُقررا لها إقامة عروض الافتتاح على مسرح دار الأوبرا الخديوية.
 
لم يمر كثير من الوقت- بضع سنوات- تحديدًا في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، إذ رست على شاطئ القنال سفينة كبيرة قادمة من الهند، وكان على متنها المليونير البلجيكي «إدوارد إمبان» بعد أن منحه ملك فرنسا لقب «البارون»- وهو لقب يعني رتبة شرف أعلى من رتبة فارس-  بسبب تميزه المعماري في البناء ومجهوداته في إنشاء مترو باريس.
 
الإله الهندوسي بمدخل القصر
الإله الهندوسي بمدخل القصر
 
كان عاشقا للتراث الهندي والعربي، يجوب بين دول العالم مستكشفًا عن أجمل وأعتق التصاميم في فن البنيان والعمارة، وعلى الرغم من أنه كان مهندس بارع نبيه العقل، كان أيضًا يتمتع بعقلية اقتصادية فذّة، بدي ذلك جليًا بعد عودته إلى بلاده وتنفيذه عدة مشروعات جلبت له ثروة كبيرة. وكان من أهم تلك المشروعات بنك بروكسل في بلجيكا.
 
ولأنه كان شغوف بالترحال استغل ثروته وانطلق بأمواله التي لا تُحصى إلى بلدان العالم كانت أولى محطاته «كوبا» أمريكا اللاتينية، حيثُ توجّه إلى المكسيك والبرازيل، ثم غيّر وجهته إلى أفريقيا، حيثُ أقام الكثير من المشروعات في الكونغو وحقق ثروة طائلة، ومن قلب القارة السمراء اتجه إلى الهند ليقضي بها سِنون غرزت داخله حب الفن الشرقي، وبسبب حبه للأساطير القديمة، بدأ يبحث عن قلب الشرق الأوسط  وقرر البحث عن أقدم مكان تاريخي حيثُ سقط في غرام مِصر.
 
باب القصر
باب القصر
 
وصل البارون «إمبان» إلى القاهرة، أيام بسيطة قضاها المليونير البلجيكي، حتى اتخذ قرارًا مصيريًا بالبقاء في مصر حتى وفاته، حتى أنه كتب في وصيته أن يُدفن في مصر حتى لو توفى خارجها.
 
بعد قراره بالاستقرار في القاهرة، كان عليه توفير مسكن دائم له يكون بعيدًا عن زحام العاصمة وفي الوقت نفسه قريب منها، وفي لمحة ذكاء من البارون «إمبان» وقع اختياره على مكان لقربه من القاهرة وقربه من السويس في الوقت نفسه، حيثُ هدوء الجو ونقاء الهواء.
 
سلم القصر
سلم القصر
 
اختار المليونير البلجيكي الطريق الصحراوي شرق القاهرة، عكف البارون «إمبان» على دراسة الطراز المعماري الذي سيشيد به بيته في القاهرة، حتى جاء قرار بإقامة قصرًا لا مثيل له يأخذ الطابع الشرقي مع الهندي في تحفة معمارية أصر أن تكون الأجمل في العالم. كان القرار بمثابة مشكلة تؤرق البارون إذ احتار المهندس البارع في تصميم القصر حتى عثر على ضالته المنشودة داخل أحد المعارض الفنية في العاصمة الفرنسة باريس.
 
وقعت عيني «إمبان» على تصميم للقصر غاية الروعة، وكان من إبداع فنان فرنسي يُدعي ألكسندر مارسيل. وكان التصميم شديد الجاذبية بين روعة التصميم الأوروبي والهندي. وهو ما ينشده البارون. ما دفعه إلى شراء التصميم فورًا من مُصممه «مارسيل»، وبدأ العمل عليه بمشاركة مجموعة من المعماريين الإيطاليين والبلجيكيين، لم يمر إلا 5 سنوات حتى خرجت من صحراء القاهرة التحفة المعمارية التي تخيلها «إمبان».

كيف كان القصر الفخم من الداخل؟
بتماثيل مرمرية وأخرى على أشكال الفيَلة تزينت شُرفات القصر الكبير، وعلى جدرانه تماثيل لراقصات من الهند، وكان القصر مكون من طابقين تعلوه قبة ضخمة طويلة، وأفيال تحمل نوافذ مُطعّمة بقطع صغيرة من الزجاج البلجيكي وحيوانات أسطورية.
 
بُني القصر على قاعدة متحركة تدور دورة كاملة كل ساعة، ليتيح للجالس به مشاهدة ما حوله من في جميع الاتجاهات، واللافت أنه تم بناء القصر بحيث لا تغيب عنه الشمس، أي أنه قصر يُشبه في بهوه مباني الأساطير، أو كأنه قصرًا أُخرج من أفلام هوليوود.

قصة الغُرفة المسحورة
الغرفة المسحورة أو الوردية كما أطلق عليها، التي تقع ببدروم القصر والفاصلة بين بهو القصر وممر السرداب الواصل حتى كنيسة البازيليك- وهي الكنيسة التي دُفن بها البارون بعد وفاته- وهي الغرفة التي تسببت في غموض القصر، فيما بعد، أما وقتها كانت تسبب مخاوف لـ«إمبان»، حتى غموض القصر، حتى حرّم على شقيقته «هيلانة» دخولها وزوجته البارونة.

سقوط «هيلانة» حوّلت القصر إلى أسطورة
اختلفت الروايات حول قصة الوفاة التي حدثت داخل القصر وتسببت في كونه مقرًا للأساطير، ففي بض الكتب التي حكت عن البارون أشارت إلى  سقوط «هيلانة» شقيق البارون أثناء قيامه بتدوير قاعدة القصر ناحية الجنوب، حيثُ سقطت من شرفتها وهي تستنجد به لكنه لم يلحقها، أثار الحدث نفسية  البارون «إمبان»، ودخل بعدها في حالة من الاكتئاب ومحاولاته في تحضير روح شقيقته من أجل مسامحته، وتوقف دوران القصر حتى وفاته عام (1928).
 
والرواية الثانية وهي من كتاب «عبادات الشيطان وسلطان القديسين» لحلمي القمص يعقوب، والتي روى فيها أن «إمبان» مع زوجته البارونة وابنتيه، حتى حدثت حادثة بشعة لزوجته، إذ قيل أنها حُشرت في المصعد الذي ينقل الطعام أو قد تكون سقطت من أعلى البرج وماتت، وأن الجريمة كانت بفعل فاعل، وكانت ابنته الصغرى «آن» ذات الثمانية، رأت هذه الحادثة البشعة فأثرت عليها كثيرا.
 
 
117c3b69-bad3-4ffd-8dd8-3b1d403f9507

 
حكايات حول أشباح القصر
كان «إمبان» يعيش حياة تعسة بعد الحادث، ويُصاب مرارًا بنوبات صرع تسقط بدنه هامدًا على الأرض، لا يفيق حتى تشرق الشمس عليه وكلبه واقفُا بجواره، ولا أحد من خدمه كان لديه الجرأة أن يقرب منه حتى وهو مُلقى على الأرض، حتى وفاته من هنا هُجر القصر للأبد.
 
في عام (82) تصاعدت أدخنة من داخل القصر، وشوهد وهج نيران خُمدت فجأة دون أن يخدمها أحد، وقتها تصدّقت الأقاويل حول وجود أشباح داخل القصر نظرًا لعدم وجود تفسير لما شوهد من قِبل الأشخاص المحيطين به.
 
في منتصف الليل وحتى تُطفأ الأنوار يُلاحظ سكان حي العروبة بمصر الجديدة وتحديدًا منطقة النُزهة في مصر الجديدة غلق أنوار القصر فجأة في ساحات خلفية القصر، مع سماع أصوات نقل أثاث القصر بين حجراته المختلفة، يُصدق على هذه الأقاويل السكان المجاورين للقصر بدرجة كبيرة، حتى أن بواب أحد العقارات المواجهة للقصر يؤكد أن الأشباح لا تظهر إلا ليلاً وهي لا تتيح فرصة  لأحد بالتواجد في القصر.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق