تفتيت شركات «السوشيال» الأمريكية.. هل تدفع مواقع التواصل ثمن التدخلات السياسية؟

الأحد، 16 سبتمبر 2018 06:00 ص
تفتيت شركات «السوشيال» الأمريكية.. هل تدفع مواقع التواصل ثمن التدخلات السياسية؟
ترامب و جوجل

تحجيم دور وسائل التواصل الاجتماعي أصبح مهمة أمن قومي، هكذا تتعامل إدارة دونالد ترامب الرئيس الأمريكي في ظل اتهامات متكررة لها بحجب أنصارها تارة، وأخرى بتسهيل انتشار الأخبار المزيفة. 

الأمر خرج بعيدا عن إدمان المواطنين لها، بل صار سياسيًا، ما جعل الأيام المقبلة قد تشهد تحركا قانونيا تجاه تلك المواقع، فالرئيس الأمريكى اتهم موقع  التدوينات القصيرة تويتر، بممارسة «الحظر الخفى» على السياسيين الجمهوريين من حزبه قبل انتخابات الكونجرس، متوعدا بالرد، بعدها بفترة انضم تويتر لفيسبوك ويوتيوب وماى سبيس وآبل لحجب ظهور الإعلامى أليكس جونز، المنتمي لليمين المتطرف، وإن كان يقدم برامجه فى صورة نظريات مؤامرة وتمثيل وليس تقارير سياسية حقيقية. 

جونز كان سببًا في حصد ترامب لملايين الأصوات في الانتخابات الأمريكية، ما جعل المدونين اليمينيين يتحدثون عن عملية استهداف ممنهج ضدهم.

«تقنين السوشيال ميديا»، توقع المعلق السياسى ديفيد كولين اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية لوضع قوانين تقيد عمل وسائل التواصل، وتحولها من مجرد شركات في وادى السيليكون إلى أدوات خدمية للقطاع العام، متابعا أن هذا سيكون أقرب لمصطلح التأميم فى أمريكا، لكن بدون نزع ملكية فيسبوك من مارك زوكربيرج لتستولى عليها الحكومة الأمريكية مثلا.

مارك زوكربيرج فى الكونجرس
مارك زوكربيرج فى الكونجرس

الكونجرس الأمريكى يستمع الآن ويحقق مع رؤساء فيسبوك وتويتر، ما يعني أن هناك احتمالية للسيناريو الأخطر على هذه الشركات «التسكير»، وهي سابقة في التاريج الأمريكي لم تحدث إلا فى عهد تيودور روزفلت نفسه.

الاحتكار في القرن الـ 19 

التحرك الأمريكي قريب الشبه بما حدث في القرن التاسع عشر، حين كانت أمريكا على موعد مع ازدهار اقتصادى، على يد عمالقة الاستثمار منهم كورنيليوس فانديربيلت، الذى بنى أغلب خطوط السكة الحديدية بأمريكا، بذلك كان المتحكم الأوحد في البضائع والأشخاص، الذين ينتقلون من ساحل أمريكا الشرقى للساحل الغربى، وبدأ فى فرض أسعار شحن مرتفعة كما يحلو له، كما عمل على تدمير أي منافسة من جانب الشركات الأصغر حجما.

فانديربيلت
فانديربيلت

وزاد الأمر سوء عندما حاول الركاب وأصحاب الأعمال الاعتراض فما كان منه سوى إيقاف كل القطارات فى أمريكا، باعتباره صاحب الملكية الوحيد لها ويقوم بتشغيلها كما يريد وبالفعل نجح فى افلاس الشركات المنافسة وقام بشرائها.

الأمر ازداد سوءًا بعد دخول مستثمر جديد للسوق، يدعى جون دى روكفيلر، اشترك مع فانديربيلت فى إدخال الكيروسين للسوق الأمريكي بحيث يمكن نقله فى القطارات وتوصيله للاستخدام المنزلى لإضاءة المنازل أو حتى إضاءة الشوارع ليلا، وكانت في البداية شراكة ناجحة، وبات روكفيلر ينتج الكيروسين وفانديربيلت يشحنه، حتى أصبح روكفيلر يسيطر على 90% من شركات الكيروسين.

 

روكفيلر
روكفيلر

اختلف  الإثنان على الأسعار، فما كان من روكفيلر سوى بناء خطوط الغاز حتى ينقل منتجاته بعيدا عن فانديربيلت، وكون إمبراطورية خاصة بحيث إذا لم يدفع أي عميل السعر المطلوب فلن يصله الوقود، أيًا كان السعر الذى يطلبه روكفيلر.

الوضع تحول لـ«تدمير المنافسة»، ما دفع الكونجرس لتمرير قوانين منع الاحتكار، ولم يتم تنفيذه، حتى جاء تيودور روزفلت المعروف بمعاداته لرجال الأعمال المحتكرين، وتولى الرئاسة بعد اغتيال سلفه وليام ماكينلى.

 

كاريكاتير قديم حول صراع روزفلت مع الشركات الكبرى

كاريكاتير قديم حول صراع روزفلت مع الشركات الكبرى

وبمجرد وصوله للحكم بدأ في رفع عدة قضايا على رجال الأعمال المحتكرين، وتطبيق قوانين منع الاحتكار الموجودة بالفعل، ولكن بدلًا من مصادرة أموال الشركات أو تأميمها وتحويل ملكيتها للدولة، كسر روزفلت الشركات الكبيرة، بحيث تتحول الشركة لعدة شركات أصغر حجمًا ولا يتحكم فيها شخص واحد، بينما المالكين القدامى المحتكرين يملكون حصص أصغر حجما فى كل هذه الشركات ولا يديرونها كلها معا.

وفى 1911 كانت الضربة الكبرى لشركة ستاندارد أويل، المملوكة لروكفيلر وتحولت من عملاق البترول لعشرات الشركات الصغيرة.

هل يتحرك ترامب؟

السند القانوني موجود، فإذا من الممكن تحرك ترامب، حيث بات مؤيدوه يرسمون التشابه بين الشركات العملاقة القديمة الصناعية، وبين مواقع التواصل الاجتماعى التى تحجب وتروج للأفكار والأشخاص على مزاجها، وحتى بيان تويتر فيما يتعلق بحجب أليكس جونز كان يقر بأن رؤساء الشركة يحاولون العمل بدون ترك آرائهم السياسية تؤثر على ما يقومون بحظره، وهو اعتراف بوجود انحياز وإن كانوا يحاولون تجنبه.

صحيفة الإندبندنت قالت إن ترامب لديه حليف دولي لاستهداف شركات السوشيال ميديا، وهذا الحليف هو الاتحاد الأوروبى، الذى أعلن عن غرامات ضخمة على جوجل.

المفوضة الأوروبية الخاصة بالمنافسة مارجريت فيستاجر، أعلنت عن تأييدها لفكرة «تكسير» شركة «ألفابيت» المالكة لجوجل، لعدة شركات بحيث يتم الفصل بين جوجل وبين يوتيوب وبين أنظمة التشغيل للموبايل "الأندرويد"، لتحويلها لعدة شركات أصغر حجما ولا تسيطر على الانترنت.

 

ترامب وجوجل
 
موقع أتلانتيك، قال إن ترامب نفسه اتهم جوجل بالتحيز ضده بنشر أخبار سلبية، لذا التحالف مع جبهة دولية موجود، ولكن الذى يعيق هذه الخطوة حاليا هى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس والتى ستكون فى نوفمبر المقبل، ما يعنى أن أى تحرك سياسى ضد المواقع العملاقة سيكون بعد الانتخابات حتى لا يثير ذلك أزمة يستغلها خصوم ترامب من الديموقراطيين بدعاية أن "تحطيم الشركات" سيؤثر على الديموقراطية والاقتصاد.
 
يضيف الموقع: من جهة أخرى حتى لا يكون هذا زريعة لنشر مزيد من الأخبار السلبية عن ترامب وقت الانتخابات التى يريد الفوز فيها بشدة كون حزبه يملك أغلبية طفيفة 51 مقعدا أمام 49 مقعدا للديموقراطيين.

وعلى الأغلب سيكون التحرك ضد فيسبوك وجوجل، لكونهما الشركتان المسيطرتان ليس فقط بسبب حجم عدد المستخدمين بل أيضا بسبب امتلاكهما لتطبيقات ومواقع أخرى فرعية، فجوجل يملك أندرويد ويوتيوب ويوتيوب ريد، بينما فيسبوك يملك انستجرام و واتساب.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق