زايد وجريمة ديرب نجم

الثلاثاء، 18 سبتمبر 2018 01:50 م
زايد وجريمة ديرب نجم
حسين عثمان يكتب:

وفاة 3 مرضى وإصابة 33 آخرين أثناء جلسة غسيل كلوي بمستشفى ديرب نجم المركزي بمحافظة الشرقية جريمة بكل معنى الكلمة، وأركانها متوافرة بلا أدنى شك، صحيح أن ردود الأفعال الرسمية توالت فور وقوع الكارثة ولا تزال، إلا أنها تدور حتى الآن في فلك ردود الأفعال النمطية المعتادة من الحكومات المصرية المتعاقبة، فتكليف رئيس الوزراء لوزيرة الصحة والسكان بمتابعة الحادث، ومطالبتها بسرعة إجراء التحقيق اللازم للوقوف على أسباب الكارثة ومحاسبة المقصرين، وتكليف النائب العام لفريق من النيابة العامة لإجراء المعاينة اللازمة والتحفظ على الأجهزة والأدوات المستخدمة في الواقعة المشينة، وتوجيه رئيس هيئة النيابة الإدارية بفتح تحقيق عاجل لكشف ملابسات الجريمة الكاملة.

كل هذا ومعه قرار الوزيرة هالة زايد بعد ساعات من وقوع الكارثة، بتشكيل لجنة لمراجعة جميع الأجهزة الطبية والإلكتروميكانيكية والمصاعد وماكينات الغسيل الكلوي بجميع المستشفيات على مستوى الجمهورية، بالتنسيق مع المحافظين ووفقاً لجدول زمني محدد، لا نراه إلا محاولات مستميتة لكتم صرخة بقوة انفجار بركان تغلي داخل كل مواطن مصري، سليماً مُعَافَى كان أو مريضاً بمرضٍ عُضال، فأوجاع الصحة تطال الأصحاء كما تطال المرضى، وإن كان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد وضع الصحة على قمة أولويات الدولة في ولايته الثانية، وإن كانت الوزيرة زايد مُبادِرَة ومُجْتَهِدَة ولا نراها منذ تولت حقيبة الصحة إلا عازمة على الخروج بها من النفق المظلم.

إلا أن أوضاع منظومة الصحة المصرية مُتَرَدَيَة إلى حدٍ يفوق جهود القائمين عليها مجتمعين، وهو ما أشارت إليه الدكتورة شيرين فراج عضو مجلس النواب في طلب إحاطة عاجل لزايد، بشأن إهمال أوضاع الأجهزة الطبية بالمستشفيات، مما أدى إلى وقوع كارثة ديرب نجم، وباعتبار الأجهزة الطبية أحد أهم أركان منظومة الصحة المصرية، فراج نَبَهَتْ من جديد إلى غياب القواعد العامة والوقائية لاستخدامات الأجهزة الطبية، ومعها الصيانة الوقائية الدورية، ومعهما معايير الأمن والسلامة ومطابقة الأكواد، ومن ضمنها مطابقة معايير جودة مياه الغسيل الكلوي في مصر مع المعايير العالمية، عدم إجراء تحليل للمياه قبل التشغيل، قد يكون السبب في وقوع جريمة ديرب نجم.

ونضيف على رؤية النائبة المحترمة، أن كفاءة تجهيزات الرعاية المركزة في أي مستشفى تقدم خدمات الغسيل الكلوي، لا تقل أهمية عن كفاءة أجهزة الغسيل نفسها، فحدوث مضاعفات قد تصل إلى حد الاحتياج إلى خدمات الرعاية المركزة أثناء جلسات الغسيل احتمال وارد، وهو ما يأخذنا إلى كفاءة أطقم الأطباء والتمريض والفنيين ذوي الصلة من مقدمي خدمات الرعاية الصحية، ومنهم يتم تشكيل فرق أكواد خدمات الطواريء، ومنها إنعاش القلب الرئوي، وقد يحتاج إليه مرضى الكلى نتيجة المضاعفات أثناء جلسات الغسيل، كفاءة تجهيزات الرعاية المركزة وفاعلية أكواد الطواريء وأداء أطقم الأطباء والتمريض والفنيين، لابد وأن تكون جميعها موضع التحقيق في جريمة ديرب نجم.     

إعادة هيكلة منظومة الصحة المصرية يسير في اتجاهين، الأول يختص بدولاب العمل واستمرارية عمليات التشغيل اليومية، والثاني يتعلق بالتخطيط الاستراتيجي بعيد المدى، ويسير الاتجاهان بالتوازي حتى يلتقيا في نقطة تمثل حصاد جهود رفع مستوى المنظومة والوصول به إلى القمة، وتفعيل أنظمة وتطبيقات تحسين الجودة وإدارة المخاطر، قياساً على مرجعية عالمية تحتوي على معايير تضمن أعلى معدلات سلامة المرضى، هو المدخل الصحيح لعلاج أوجاع الصحة المصرية، ونعلم عن قرب أن الدكتورة هالة زايد من العُلَمَاء الثُقَاة فيما تقدم، كما نتابع جهودها المبذولة خلال الأشهر القليلة الماضية لانتقاء صفوة من المتخصصين القادرين على صنع الفارق، فقط ندعوها ألا تهاب مواجهة الرأي العام.                    

 

 

 

 

 

 

 

        

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق