هل الابتسامة صعبة؟

الأحد، 14 أكتوبر 2018 09:00 ص
هل الابتسامة صعبة؟
سمر جاد

 
هل يصعب عليك التبسم؟.. هل يصعب عليك النهوض من فراشك؟.. لا تريد أن تفتح عينيك على يوم جديد ملئ  بالمتاعب و الهموم؟!.
 
لا تريد أن ترى أحداً ولا لأحد أن يراك؟.. تريد للعالم أن  يدور من حولك و كأنك سراب؟.. هل تشعر بأن مشاعرك هشة كزبد البحر؟.. هيا يا صديقى تمسك بالأمل، فالحلم أقرب مما تظن، وقريباً ستعود لتبتسم، ولكي تكمل الابتسامة قمنا بهذا الحوار مع الدكتورة سارة الشقنقيرى، أخصائي الطب النفسي، و رئيس قسم الطب النفسي بمركز ريفايف الطبي.
 
كان أول سؤال للدكتورة سارة الشقنقيرى عن التعريف باليوم العالمي للصحة النفسية، فقالت، أن الجمعية العالمية للطب النفسي قامت باعتبار الـ10 من أكتوبر من كل عام اليوم العالمى للصحة النفسية بهدف بناء وعى مجتمعى عالمى، ولقد كانت البداية فى عام 1992.
 
هنا وجب علينا أن نسأل عن  أكثر الأمراض النفسية المنتشرة، فتحدثت عن الأمراض المزاجية "mood disorders" مثل الاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب، وفى الواقع أن الصحة النفسية ليست رفاهية، فهى معطلة لإنتاجية الإنسان إن أصابتها علة، كما تؤثر بالسلب على علاقات المريض المجتمعية و الأسرية.
 
من تلك النقطة، وجب علينا التطرق إلى أهم مسببات الاكتئاب، فتحدثت الدكتورة سارة أن هناك أسباب كثيرة متداخلة تؤدى إلى ظهور المرض أهمها الاستعداد الوراثي، بالإضافة إلى المؤثرات الخارجية من ظروف خاصة بالتنشئة وبالأوضاع المعيشية الحالية للشخص، لكن الاكتئاب لا يمر هكذا مر الكرام، فهناك أعراض له، لذا أخبرتنا الدكتورة سارة أن مريض الاكتئاب تكون حالته المزاجية سيئة، تنتابه مشاعر حزن، وغضب، وإحساس بالذنب، وإحباط حيث يصبح فاقدًا للأمل.
 
كما يبدأ في الإنسحاب من النشاطات الاجتماعية، ويتوقف عن ممارسة الرياضات التي كان يمارسها، ويبدأ فى فقدان الاهتمام بكل ما كان يبعث على نفسه السرور من قبل، يعاني من اضطرابات في النوم، يعاني من اضطرابات في الشهية، وأخيرًا يفقد الرغبة في الحياة، لكن المشكلة أن تلك الأعراض لا تكون دائمًا واضحة على مريض الاكتئاب، ويكون هو وحده من يشعر بها ويعاني في صمت.
 
هنا وجب السؤال حول دور المحيطين، وقد استفاضت الدكتورة سارة في الأمر، فقالت أن أول شئ هو النصيحة، فمن حوله يجب أن ينصحوه بالذهاب إلى طبيب نفسي، مع إحترام مشاعره وعدم مقابلة شكاويه بلوم أو بإستخفاف أو بإصدار أحكام عليه، مع دعمه خلال فترة العلاج.
 
وحينما وجدنا الحديث عن المرض قد إستطال تساءلنا عن أهم أنواع العلاج، فقالت، هناك علاجات دوائية، فالاكتئاب هو اختلال في كيمياء المخ ومن ثم تعالج الأدوية هذا الاختلال، وأضافت بأن هناك اعتقاد سائد عن الأدوية النفسية، بأنها قد تؤدى إلى الإدمان، لكن في حقيقة الأمر أن هذا لا ينطبق إلا على عدد محدود للغاية من الأدوية، لا تتعد أصابع اليد الواحدة، ولا يصفها الأطباء إلا في حالات خاصة جداً، أما أغلبية أدوية الاكتئاب، فهي آمنة للغاية، ويمكن إيقافها بعد إعادة التوازن لكيمياء المخ، ويجب أن نعرف أن خطورة أي دواء تكمن في أن يتعاطاه الشخص بناء على نصيحة من مريض آخر كما يحدث في كثير من الحالات مع الآسف، فكل حالة لها نوع الدواء الآمن والمناسب لها، بشرط أن يكون ذلك بناء على تشخيص الطبيب النفسي المعالج، وهناك العلاج بالجلسات، ويختار الطبيب المعالج ما يناسب المريض منها.
 
وقد إختبرنا من كلامها أن الوقاية خير من العلاج، لذا كان السؤال الأهم في تلك المقابلة حول أساليب الوقاية، وقد استفاضت في شرحها، لكن كان أهم ما قالته أن من أكثر الأشياء التى تقى من المشاكل النفسية، التوازن في الحياة، من خلال: 
- وجود علاقات صحية مع الآخرين.. علاقات داعمة ومستقرة.
- وضع أهداف لحياتنا، على أن تكون أهداف مناسبة وقابلة للتحقق، وأن نضع خطة لتحقيق تلك الأهداف، والأهم أن تكون تلك الأهداف هى أهداف الشخص نفسه، وليس أهداف شخصاً أخر.
- أن يكون لدينا شغف سواء للقراءة، للرسم، للكتابة، للعب الكرة، لذلك من المهم تشجيع أولادنا على ممارسة الهوايات واكتشاف أنفسهم.
- التجارب الحياتية، بأن نتقبل فكرة أن من حقنا أن نجرب ومن حقنا أن نخطئ، وألا نصدر على أنفسنا أحكاماً قاسية، ونجد أولياء الأمور يشكلون جزء من المشكلة من خلال النقد المستمر لأبناءهم. 
 
وفي ظل الحديث عن أولياء الأمور،كان لابد من معرفة رأيها في نظرة المجتمع للعلاج النفسي، والأضرار المترتبة على إهمال علاج الاضطرابات النفسية، وقد رأت الدكتورة سارة أن هناك وصمة مجتمعية توضع على المريض النفسى، نجد الناس تتعاطف مع مريض القلب أو الكبد  وينسون أن المخ ما هو إلا عضو آخر من أعضاء الجسم لا يقل أهمية عن باقى الأعضاء، بل على العكس يفوقها أهمية، وهو يمرض كأى عضو آخر.
 
لكن النظرة المجتمعية بدأت فى التحسن تدريجياً فى العشر سنوات الأخيرة، خاصة بين أبناء الطبقة المثقفة، لكن مازال أمامنا الكثير من الجهد المطلوب فى التوعية، لكن المجتمع طبقات عديدة، فهل العلاج النفسي مكلف أم يستطيع غير القادرون العلاج، هذا ما طرحناه على خبيرة الطب النفسي، لتكون إجابتها أن العلاج النفسي متاح للجميع فى كل محافظات مصر ، من خلال مستشفيات الجامعات الحكومية، حيث يوجد أطباء مؤهلين على أعلى مستوى لتوفير العلاج لغير القادرين.
 
في تلك اللحظة طُرح السؤال نفسه، ترى هل الأطفال يصابون بالاكتئاب؟.. لنفاجأ بالصدمة وهي نعم، من الممكن إصابة الأطفال بالاكتئاب، لكن تختلف أعراضه عن الاكتئاب عند الكبار لأنهم لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم، فكان لا بد من السؤال عن أعراضه عند الأطفال، لنعرف أن أعراض الاكتئاب تظهر فى شكل تغير فى السلوك، فيصبح الطفل عدوانى أو إنطوائى، أو يبتعد عما كان يحب أن يفعله.
 
ومع أن الحديث ممتع، لكن قررنا ألا نتعبها أكثر من اللازم فطلبنا منها نصيحة لكل إنسان يرى أنه على أبواب الاكتئاب لتعطينا الروشتة التالية:
 
المعاناة التى تعيشها يومياً، ممكن أن تنتهى!
أنت تستحق أن تعيش بصحة نفسية جيدة!
الجأ فوراً إلى العلاج، فالصحة النفسية ليست رفاهية!
 
فى المقال القادم، نتحدث عن أهمية الطب النفسي فى التربية مع ربطها مع المفاهيم الخاطئة فى التربية فى مجتمعنا.
 
 
 

 

تعليقات (7)
الابتسامه شحيحه في تلك الايام
بواسطة: Mahy
بتاريخ: الأحد، 14 أكتوبر 2018 06:35 م

المفال رائع وحقيقي الابتسامه قليله هذه الايام ولكن دائما هناك امل واعتقد ان القرب من الله يقينا من الاكتئاب . المقاله رائعه وكلامك في الصميم . دومتي دائما بمقالاتك ايها الكاتبه الجميله وبارك الله في ابتسامتك دائما

مهم جداً
بواسطة: سلوى
بتاريخ: الأحد، 14 أكتوبر 2018 07:25 م

دور المعالج النفسى ضرورة جدآ. و من المهم أن تتغير نظرة المجتمع لمن يذهبون إلى الطبيب النفسي. ..فهم ليسوا مجانين...بل هم اعقل الناس لأنهم يفهمون أن المخ كما ذكرتى ما هو إلا عضو من أعضاء الجسم. ..و يحتاج لعلاج من متخصصين.

ا
بواسطة: Marwa Mostafa
بتاريخ: الأحد، 14 أكتوبر 2018 09:11 م

مقال جميل و مفيد جدا.

الاكتئاب
بواسطة: منال سعد
بتاريخ: الإثنين، 15 أكتوبر 2018 12:17 ص

المقال يمس كل فرد لاختلال كل شئ في المجتمع من الأسرة للبيت للشارع وبكدة المفروض توزع مضادات الاكتئاب علي بطاقات التموين

الاكتئاب والحياه
بواسطة: د. احمد ضيف
بتاريخ: الإثنين، 15 أكتوبر 2018 09:16 ص

وتر حساس آخر لمسته الكاتبه فى مقالها الرائع. السؤال هو هل هناك فرق بين الاكتئاب المرضى الذى يحتاج لعلاج دوائى وذلك الذى يشعر به كل مواطن عندما يفكر فى حال البلد كشكل وأفراد ومفردات حياه. اعتقد اننا جميعا نحتاج الى فلسفة حياتنا واوضاعنا لنستطيع الاستمرار فان لم نستطع فلابد من استشارة المتخصص قبل الوصول الى مرحلة اللاعوده.

موضوع مهم فعلا
بواسطة: اميرة كامل
بتاريخ: الأربعاء، 17 أكتوبر 2018 07:47 ص

فعلا محتاجين نغير ثقافتنا عن الاستعانه بالطبيب في الحالات النفسيه دون حرج او خوف من احكام الاخرين

يا ريت نظحك
بواسطة: Ehab
بتاريخ: الثلاثاء، 13 نوفمبر 2018 08:40 م

ياريت نرجع نضحك

اضف تعليق