مجمع اللغة العربية.. عن حارس "الضاد" الأخير في ذكرى تأسيسه

الثلاثاء، 16 أكتوبر 2018 02:00 م
مجمع اللغة العربية.. عن حارس "الضاد" الأخير في ذكرى تأسيسه
شوقي ضيف
وجدي الكومي

ربما من حسن حظ مصر، أن ظهر على أرضها من يدعو إلى حماية اللغة العربية، لغة الضاد، في ثلاثينيات القرن العشرين، إذ أصدر الملك فؤاد الأول، مرسوما في السادس عشر من أكتوبر عام 1933، بتأسيس وإنشاء مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ومن حسن حظ مصر، أن اجتمعت لها هذه النخبة المثقفة، التي كانت تنتظر هذا القرار بشوق، وتستعد على أن تبدأ تنفيذه على عاتقها.

شوقي_ضيف
شوقي_ضيف

 

ولا يُذكر مجمع اللغة العربية في يوم توقيع مرسوم إنشائه إلا ويذكر معه الدكتور شوقي ضيف، عالم اللغة الكبير، الراحل، الرئيس الأسبق لمجمع اللغة العربية، وأحد علامات الثقافة المصرية والعربية، وألف عددا من الكتب في مجالات الأدب العربي، واللغة.

مرسوم الملك فؤاد بإنشاء مجمع اللغة العربية
مرسوم الملك فؤاد بإنشاء مجمع اللغة العربية

 

في كتابه المهم عن مجمع اللغة العربية المعنون " مجمع اللغة العربية في خمسين عاما في الفترة من 1934 إلى 1984" يستهل الأستاذ شوقي ضيف بالتعريف بتاريخ المجامع، بقوله أنها قديم قدم الجماعات البشرية، منذ أخذت ترقى في سلم الحضارة والعلم، متحدثا عن مجمع أفلاطون تلهلكي الذي أقيم في أيكة بضواحي أثينا، وسمي باسم الأكاديمية، التي قدر لها أن تظل مركز الإشعاع الفكري لبلاد الإغريق نحو تسعمائة عام، إذ أمر جوستنيان بغلقه عام 529 للميلاد.

وفي مصر، والبلاد العربية، ظل الإحساس بالحاجة إلى قيام مجامع فيها، يموج بصدور الصفوة من مفكري العرب على اختلاف بلدانهم، ومنها مجمع دمشق، الذي ظهر كحل لمشكلة اللغة العربية التي عانت في ظل احتلال العثمانيين لسوريا طيلة أربع قرون، حجبوا فيها اللغة العربية عن دوائر الدولة ودواوينها، فنشأت حركة قومية سنة 1918 تدعو إلى نقل قوانين الحكومة وسجلاتها وأنظمتها إلى العربية، ونشر تعليم اللغة العربية، وتأليف كتب مدرسية عربية لتدريس العلوم العصرية.

كما نشأ مجمع للغة العربية في بغداد، كانت نواته لجنة للتأليف والترجمة والنشر، أنشأتها وزارة المعارف العراقية سنة 1945، حتى إذا كانت سنة 1947، رأت الوزارة أن تتحول هذه اللجنة إلى مجمع.

وفي القاهرة اجتمع طائفة من أدباء مصر ومفكريها في دار آل البكري بالخرنفش في القاهرة، واتخذوا منها منتدى لهم يتبادلون فيها الرأي، ورأوا أن من الخير للغة العربية أن يكون لها مجمع لغوي، يعنى بجوانبها، وتكون المجمع سنة 1892، وكان يضم صفوة من أعلام العصر، بينهم الشيخ محمد عبده والعالم اللغوي الشنقيطي، غير أن هذا المجمع لم يلبث أن توقف بعد سبع جلسات، حسبما يشير الأستاذ شوقي ضيف في مستهل كتابه.

ويلفت عالم اللغة الكبير الراحل إلى أن هذا المجمع وضع بعض الكلمات العربية للتتداول بدلا من الكلمات التي كانت شائعة آنذاك، مثل "المعطف" بدلا من "البلطو" و"الشرطة بدلا من البوليس، وعاشت هاتين الكلمتين، من بين ما تم وضعه آنذاك.

وحينما أنشأ خريجو كلية دار العلوم ناديا لهم عام 1908، عقد حفنى ناصف رئيسه ندوة لمناقشة موضوع المعجم، وناقشوا مسألة أن تأخذ اللغة العربية من اللغات الأجنبية، وكانت مسألة العامية وتعريب الأسماء الأعجمية وجهود الطهطاوي في التعريب غالبة على المناقشات.

يلفت شوقي ضيف إلى أن أحمد لطفي السيد الذي كان مديرا لدار الكتب المصرية، فكر في العام 1916 في تكوين مجمع لغوي، واقترح أن يكون أهليا لا حكوميا، وأن يسمى مجمع دار الكتب، ويضم في عضويته 28 عضوا، ونخبة من المصريين والعرب، واختير لطفي السيد كاتب سر هذا المجمع، وتولى رئاسته شيخ الأزهر، وكان أولا الشيخ سليم البشري، ثم الشيخ أبو الفضل الجيزاوي، وانفض هذا المجمع مع قيام الثورة المصرية سنة 1919.

صدر مرسوم إنشاء مجمع اللغة العربية الحالي سنة 1932، وكان تابعا لوزارة المعارف، وتحددت أهدافه بذل الجهود للحفاظ على اللغة العربية، وجعلها وافية بحاجات العلوم والفنون، وشؤون الحياة وتهيئة الوسائل لذلك بوضع المعاجم وغيرها، والتنبيه على ما يصدر عن العربية من الألفاظ والصيغ، والعمل على وضع معجم تاريخي لغوي، والعناية بدراسة اللهجات العربية الحديثة في مصر وغيرها من أقطار العرب، وبلدانهم، واتخاذ كل الأسباب لتقدم العربية، وجاء في مادة مرسوم المجمع، أن المجمع يصدر مجلة تضم بحوث أعضائه، وما يريد التنبيه على استعماله، أو تجنبه من الألفاظ.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق