القواعد العسكرية الأمريكية في خطر.. ماذا تخبرنا التهديدات النووية المتبادلة بين ترامب وبوتين؟

الخميس، 25 أكتوبر 2018 03:00 م
القواعد العسكرية الأمريكية في خطر.. ماذا تخبرنا التهديدات النووية المتبادلة بين ترامب وبوتين؟
الرئيس الروسي فلادمير بوتين ونظيره الأمريكي دونالد ترامب
محمود علي

تزايدت اللهجة الهجومية المتبادلة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا خلال الفترة الأخيرة، على خلفية تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من اتفاقية الأسلحة النووية متوسطة المدى مع روسيا، والموقعة قبل 31 عامًا، حيث شن الرئيس الروسي فلادمير بوتين انتقادات لاذعة للإدارة الأمريكية محملًا إياها عواقب الخروج من المعاهدة على شركائها الأوروبيين.

وقد يؤثر التصاعد العدائي في اللهجة الأمريكية الروسية، بصورة أو بأخرى على دول أوروبا الشرقية المحيطة بروسيا، حيث هدد بوتين باستهدافها في حال نشر الصواريخ الأمريكية متوسطة المدى.

ويتركز الوجود العسكري للولايات المتحدة في منطقة شرق أوروبا ببولندا ولاتيفيا واستونيا وليتوانيا وكلها دول لديها حدود مشتركة مع روسيا، وتستغل واشنطن قواعدها العسكرية وأنظمتها المضادة للصواريخ في تلك البلدان للتضيق على روسيا وكبح طموحها العسكري منذ انتهاء الحرب الباردة.


القواعد الأمريكية المحيطة بروسيا
 

ورغم كل ذلك إلا أن هذه القواعد الأمريكية في أوروبا الشرقية، لم تكن تمثل خطرًا شديدًا على روسيا بالشكل الذي ستمثله هذه القواعد في حالة الانسحاب الأمريكي من المعاهدة النووية الموقعة مع روسيا، والتي تمنع صنع أو تجريب أو نشر أي صواريخ باليستية أو مجنحة أو متوسطة، وتدمير كافة منظومات الصواريخ، التي يتراوح مداها المتوسط ما بين 1000-5500 كيلومتر، ومداها القصير ما بين 500─1000 كيلومتر، ما يعني أن خروج أمريكا من هذه الاتفاقية سيسمح لها باستخدام هذه الصواريخ التي كانت ممنوعة على حدود روسيا.

توقيع المعاهدة النووية متوسطة المدى بين روسيا وأمريكا عام 1987

توقيع المعاهدة النووية متوسطة المدى بين روسيا وأمريكا عام 1987
 

 

اقرأ أيضًا: «ترامب» يهدد بالإنسحاب من المعاهدة النووية مع روسيا.. سيناريوهات ومخاوف

هذا التهديد دفع بوتين إلى تشديد لهجته، والتلويح باستهداف الدول الأوروبية التي تنتشر فيها قواعد الصواريخ الأمريكية، وهو ما قد يضع الولايات المتحدة الأمريكية أمام خيار صعب أما التراجع عن فكرة الانسحاب من المعاهدة حفاظًا على الهدوء العسكري النسبي الذي يقع مع روسيا واستقرار دول شرق أوروبا التي كانت تنطوي  داخل الاتحاد السوفيتي قبل تفكيكه أو تنفيذ رؤية ترامب الساعية إلى الانسلاخ من  حقبة سلفه باراك أوباما، والدخول في تسارع وسباق محموم يرمي إلى تطوير وإنتاج الأسلحة النووية مع روسيا والصين.


رؤية ترامب الخاصة بالانسحاب من الاتفاقية

 

موقف ترامب وفقًا لما هو متداول في الصحافة العالمية وعلى لسان فريقه الرئاسي الداعي إلى الانسحاب من المعاهدة مع روسيا، نابع من رغبته في التأكيد على التحرك نحو تعزيز قوة الجيش الأمريكي العسكرية، خاصة النووية، وإن كان هناك شكوك حول هذا التحرك في الحقيقة، إلا أن الهدف الأساسي هو الابتعاد بالساسة الأمريكيين ومراكز أبحاث الرأي في الولايات المتحدة عن تهمة انتماء الرئيس الأمريكي وفريقه الرئاسي إلى روسيا، والتي يحاول البعض تثبيتها على ترامب إثر اتهامات بالتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية التي شهدتها البلاد عام 2016 وأفرزت عن فوز دونالد على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.

دونالد ترامب

دونالد ترامب
 

اقرأ أيضًأ: الصواريخ المتوسطة والقصيرة تعيد أجواء الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا

كما أن الرئيس الأمريكي يرى في انسحابه من الاتفاقية أو حتى إلقاء تهديدات حولها، من شأنه أن يضع الساسة وقادة الجيش السابقين، في صفًا واحد معه، حيث ينظر الكثير إلى هذه الاتفاقية بنظرة سلبية خاصة في حالة وقوع حربًا واسعة مع منافسته في آسيا التي يشهد معها حربًا تجارية، وهى الصين والتي ليست طرفا في المعاهدة، وقد أنفقت أموالا كثيرة على الصواريخ التقليدية، في الوقت الذي تحظر فيه معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى حيازة الولايات المتحدة صواريخ بالستية تطلق من الأرض، أو صواريخ كروز متوسطة المدى.

 

الرد الروسي

أدوات روسيا للرد على ارتفاع اللهجة الأمريكية لا تقتصر على تصريحات المسئولين الروس والرئيس فلادمير بوتين التي وصلت إلى حد التهديد بإطلاق سباقًا جديدًا للتسلح لم توقفه أي اتفاقية مقبلة، حيث تشمل هذه الأدوات الرد بطريقة مماثلة على انتهاك الاتفاقية، فقواعد أمريكا والناتو المحيطة بروسيا، يقابلها في الجانب الأخر قواعد عسكرية روسية تقول موسكو أنها تحاصر الناتو من جميع الجهات، وأبرزها في أرمينيا وبيلاروسيا وفيتنام وكازاخستان وسوريا وغيرها من القواعد المتواجدة في طاجيكستان وأبخازيا.

وفي حال حدوث تصعيد أكثر من الجانب الأمريكي، فأمام روسيا أداة أخرى وهى التحرك أكثر نحو شرق أوروبا، فبعد ضم الروس جزيرة القرم التي كانت ضمن النطاق الأوكراني، لا يستبعد أحدًا تحرر الدب الروسي نحو المحيط الأوروبي لضم المزيد من الأراضي خاصة من دول البلطيق، وهو ما يعني انتهاء نظرية الأمن الجماعي التي يحاول الجميع تطبيقها وتثبيتها بتوازن القوى بين القطبين، في هذه المنطقة الملتهبة والمنتظرة أي تصعيد أو شرارة لتصبح كتلة من البركان.

 

الرئيس الروسي فلادمير بوتين

الرئيس الروسي فلادمير بوتين
 


انعكاسات التصعيد على المنطقة
 

لن تبتعد تداعيات وانعكاسات أي تصعيد محتمل بين الولايات المتحدة وروسيا على خلفية هذه التهديدات المتبادلة، عن منطقة الشرق الأوسط، الغارقة بالكثير من الملفات والقضايا التي مازالت عالقة بين البلدين، فبخلاف ما يحدث في الوقت الراهن من تشدد في مواقف الدولتين اتجاه أزمات سوريا وليبيا، سيحتفظ كلًا طرفًا بأوراقه المختلفة في هذه الأزمة لزيادة الضغط على الآخر في حربهما التي لن تتوقف على المعركة العسكرية بل تشمل كافة المجالات التجارية والدبلوماسية والصناعية.

 

اقرأ أيضًا: دبلوماسية ترامب الانسحابية تهدد باشتعال حرب نووية.. ما مكاسب إسرائيل؟

هذا التشدد والتحفظ أكثر سيعود على أزمات المنطقة بالسلب، وسيؤثر أكثر على المناطق التي مازالت تشهد نزاع عسكري، خاصة في الملف السوري، فالواضح في العامين الماضيين الانسحاب الجزئي للولايات المتحدة من سوريا والتدخل فقط عند الضرورة، في حين استغل الدب الروسي وحلفائه ذلك، وهو ما أدى إلى الحسم العسكري للجيش السوري ووضع حد لنفوذ الجماعات المسلحة والمعارضة المتشددة واقتصاره في الشمال السوري.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق