بيع باب مملوكي في صالة مزادات ثوزبي بلندن.. كيف يتم تفكيك ثروة مصر الأثرية وتهريبها؟

الإثنين، 29 أكتوبر 2018 02:30 م
بيع باب مملوكي في صالة مزادات ثوزبي بلندن.. كيف يتم تفكيك ثروة مصر الأثرية وتهريبها؟
خالد العناني
وجدي الكومي

لا أحد يعرف كيف يتم تفكيك ثروة مصر الأثرية، وتهريبها عبر حدودنا، ثم يعيد تركيبها، وبيعها في صالات المزادات العالمية في لندن وسويسرا، وألمانيا، دون أن يكون له من يساعده في الداخل، سواء بتوزيع الرشا على المرتشين المناط بهم تأمين المنافذ، والتفتيش في الحاويات الكبيرة التي تغادر موانئ مصر؟ أو سواء بالعثور على من يُسهل الاستيلاء على هذه الثروة من المباني الأثرية المتناثرة في الشوارع، والاتجار فيها لسماسرة بيع الآثار ؟

 الداعي لكتابة هذه السطور، هو واقعة بيع باب مملوكي في صالة مزادات سوزبي اللندنية، بمبلغ خمسة ملايين جنيه مصري، منذ عامين، فيما بيع منذ شهور، في يوليو الماضي، بورتريه من بورتريهات الفيوم التي ترجع للقرن الأول أو الثاني الميلادي- وبيع البورتريه في مزاد ثوزبي بلندن في يوليو 2018 بمبلغ 162,500 جنيه استرليني او مايوازي 3,700,000 جنيه مصري.

باب مملوكي من القرن الرابع عشر
باب مملوكي من القرن الرابع عشر

 

واللافت هنا أن الآثار الإسلامية بالقاهرة وغيرها من المدن في مصر، عرضة للتفكيك والتهريب، ثم إعادة التجميع، والعرض والبيع بهذه المبالغ، وبالطبع تتوجه أنظار العاملين بالآثار والمفتشين دائما إلى حالة الآثار البنائية ومدى قوة تماسكها، أما القطع والتحف الغالية والنادرة داخل هذه الآثار، فربما لا تخضع للرقابة التي يمارسها مفتشو الآثار، وأنا هنا لا أوجه أصابع الاتهام بالتقصير للعاملين في المواقع الأثرية، إذ أن بعض المساجد الأثرية القديمة تخضع لوزارة الأوقاف، ولا تستطيع وزارة الآثار أن تحكم قبضتها عليها، نظرا لعدم تبعية هذه المساجد لها.

بورتريه من بورتريهات الفيوم بيع في مزاد ثوزبي بلندن يوليو العام الحالي بمبلغ ثلاثة ملايين وسبعمائة ألف جنيه مصري أو 162 ألف جنيه استرليني
بورتريه من بورتريهات الفيوم بيع في مزاد ثوزبي بلندن يوليو العام الحالي بمبلغ ثلاثة ملايين وسبعمائة ألف جنيه مصري أو 162 ألف جنيه استرليني

 

وفي وقائع سرقات المنابر الأثرية، تتبادل الوزارتان دائما الاتهامات، ومثال على ذلك ما جرى أثر سرقة منبر مسجد قانيباي الرماح عام 2010، وفي هذا العام اعتمدت وزارة الآثار جدولا زمنيا لتوثيق وتسجيل المقتنيات الأثرية بالمساجد، ونقل مجموعة منها حفاظا عليها من السرقة.

وكان  الدكتور مصطفي وزيري الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار  قد كشف في تصريحات صحفية سابقة، أن عملية التسجيل الأثري للمنابر والمقتنيات الأثرية بالمساجد بسجلات قيد الآثار يتم لأول مرة في تاريخ الآثار الإسلامية والقبطية، وذلك في سبيل الحفاظ عليها ومنع العبث بها أو سرقتها، خاصة و أنه قد سبق وأن سرق منبر كامل من مسجد قانيباي الرماح بالقلعة منذ أكثر من ٩ سنوات، كما تعددت سرقة حشوات المنابر، و لهذا جاء قرار تسجيل المنابر قرارا سديدا لحمايتها.

وحينما أثير الجدل حول نقل المنابر من المساجد، حماية لها من السرقة، كشف الدكتور محمد عبد اللطيف مساعد وزير الآثار ورئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، أنه لم يتم نقل إلا منبر واحد فقط من مسجد أبو بكر مٌزهر، وذلك نظرا لأهميته حيث إنه من المنابر المملوكية كاملة العناصر الزخرفية بجميع مكوناته، وقد تم اتخاذ قرار نقله لأسباب عديدة كما أشار محمد عبد العزيز المشرف على القاهرة التاريخية بأن مسجد أبو بكر مٌزهر بحالة معمارية سيئة وهو مغلق منذ أكثر من ٥ سنوات ولا تقام به أية شعائر دينية، وبالتالي جاء قرار نقل المنبر خوفا عليه من التلف أو السرقة لسوء الحالة التي كان عليها وتفاديا لتأثير الرطوبة والحرارة السلبية على أخشابه، ذلك بالإضافة إلى تعرض جزء من حشوات باب المسجد للسرقة خلال شهر إبريل الماضي.

 وقد قام فريق من الوزارة بعمل التوثيق اللازم قبل وبعد فك المنبر وذلك تمهيدا لتجهيزه لكي يعرض قريبا في قاعة عرض المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط.

واتفقت قيادات وزارة الآثار على عدم نقل أي منبر إلا بعد توثيقه توثيقا علميا وتسجيله في سجلات قيد الآثار وعرضه علي اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية لتحديد الحاجة إلى نقله مِن عدمه، على ألا يتم نقل أي منبر أثري إلا في حالة الضرورة القصوى التي تهدد أمن وسلامة المنبر فقط، وأن تعرض حالة كل منبر على حدة على اللجنة الدائمة التي تقرر بقاءه في مكانه أو نقله في حالة الضرورة.

ويبقى السؤال، ماذا اتخذت وزارة الآثار من إجراءات لحماية الأبواب المملوكية الأثرية، هل ركزت فقط على حماية المنابر، وأهملت الأبواب الأثرية العتيقة، التي تُباع كقطع أثرية وأنتيك غالي الثمن في مزادات أوروبا بالملايين؟

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق