صلاح جاهين: أكبر قدر من المصرية.. أكبر قدر من البراءة

الأربعاء، 07 نوفمبر 2018 11:00 م
صلاح جاهين: أكبر قدر من المصرية.. أكبر قدر من البراءة
صلاح جاهين
كتب – معتمد عبد الغني

فى منتصف التسعينيات وقف الصحافى الشاب إبراهيم عيسى فى صالة تحرير صحيفة الدستور، معلنًا عن سياسته التحريرية الجديدة أمام الزملاء، قائلًا: "سوف نكتب المانشيت بالعامية الراقية على طريقة صلاح جاهين".
■ ■ ■
 
عندما قامت ثورة 23 يوليو 1952، كان عبد الحليم حافظ هو صوتها الشاب، وكمال الطويل ومحمد الموجى فرسان التلحين الجدد، أما صلاح جاهين فقد كان الأفضل فى نقل النظام الاشتراكى من دروب السياسة إلى كلمات الأغانى التى مجدت انجازات الثورة، كان بمثابة كرة ثلجية ناصعة البياض، كلما تدحرجت من قمة جبل الإبداع تزداد ضخامة الموهبة، كان "يفن" كما يحلو له، يرسم الكاريكاتير، ويكتب الشعر، ويمثل، ويغني، لم يكن ينقصه سوى أن يرقص الباليه مثل ألفراشة، لكن يبدو أنه وكَّلَ عنه لتحقيق تلك الرغبة السندريلا سعاد حسني.

جاهين
جاهين

لم يسع جاهين لألقاب مزخرفة أو البحث عن إمارة للشعر العامي، اكتفى بلقب "عم صلاح" التى اكتسبها بعد انتقاله من مجلس حرافيش نجيب محفوظ، عابرًا للأجيال إلى شلة المواهب الشابة الصاعدة فى السبعينيات والثمانينيات، ولأن البساطة هى بوصلته، اختار أن يكتب بالعامية عندما فطن أنها أقرب وسائل التعبير بالنسبة له، ولغة الحديث فى الوطن العربي، وأخذ من العامية الكلمات الراقية التى خرجت من رحم ألفصحى، ولم تأخذه "نداهة" الألفاظ المبتذلة.

ترى فيما كان يفكر صلاح جاهين عندما يُبدع؟

فى كتابة "مما جرى فى بر مصر"، يقول الكاتب الصحافى يوسف الشريف، إن جاهين كان يتحرك أحيانًا فى جريدة "روز اليوسف" بألفانلة الحمالات والقبقاب، فى زمن كانت الجريدة تهتم بالمضمون والابداع والمواهب الشابة، لم يكن هناك كشوف حضور وانصراف، من يبدع فليأت فقط، ترى هل نكتفى بهذه الصورة الذهنية لصلاح جاهين عندما يبدع؟.. الإجابة قادمة.
 
جاهين مع ابناءه
جاهين مع ابناءه
اعتمد جاهين على دستور خاص وضعه لنفسه عندما يرسم أو يكتب، فوق ورقة بيضاء ،كتب بالحبر الصينى ثلاثة جمل اختصرت ما كان يدور فى ذهنه عندما يطوع بنات أفكاره للخروج فى رباعية أو رسم كاريكاتوري:
 
"أكبر قدر من المصرية.. 
أكبر قدر من البراءة.. 
أكبر قدر من البساطة".
 
عندما كان يقدم جاهين على عمل جديد، ينظر لهذا الشعار، ليتذكر دائمًا أن ما شوف يكتب لابد أن يكون مصريًا، لابد ان تكون مصر حاضرة فى ذهنه بيئة.. وشعب.. وتراث، بينما جملة أكبر قدر من البراءة، كانت تجعله يأخذ الاعتبارات الآنسانية بعيدًا عن الابتذال والجنس، أو التشويه، أما التعبير الأخير "أكبر قدر من البساطة"، تعبر عن رغبته فى أن يقدم العمل بالبساطة الممكنة، وعلى حد قول جاهين: "البساطة هى قمة الجمال نفسه".
إذًا لم يكن صلاح جاهين يسلك العشوائية عندما يكتب، الجمل الثلاثة أمام عينيه دومًا، وإذا راجعت جميع أشعاره ورسوماته، وأعماله التى قدمها للسينما، سوف تكتشف وجود الثالوث الجاهينى "مصر.. البساطة.. البراءة".
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق