انسحاب قطر من "أوبك".. بين الاعتراف بضآلتها والدفاع عن مصالح تركيا وإيران

الإثنين، 03 ديسمبر 2018 01:03 م
انسحاب قطر من "أوبك".. بين الاعتراف بضآلتها والدفاع عن مصالح تركيا وإيران
الرئيس التركي أردوغان وأمير قطر تميم بن حمد والرئيس الإيراني حسن روحاني
شيريهان المنيري

قرارات تُعلن عنها قطر الحمدين لتؤكد يوم بعد يوم على ابتعادها عن محيطها العربي ولاسيما الخليجي وارتماءها في أحضان تركيا وإيران، اللتان أصبحتا شغلها الشاغل ومحل اهتمامها الأول والأخير.

وفي ظل ما تشعر به قطر من عزلة بين أشقاءها إثر إعلان الدول الأربعة الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) مقاطعتها تجاريًا ودبلوماسيًا منذ 5 يونيو من العام الماضي (2017) أصبحت تتخذ قرارات تعكس تخبط سياساتها في بعض الأحيان إلى جانب معاناتها الاقتصادية حيث ما تحققه من خسائر في كثير من القطاعات مثل السياحة والطيران وغيرهما من المجالات الاقتصادية.

اعلان قطر
 

وأعلن وزير الطاقة القطري، سعد الكعبي صباح اليوم عن شروع قطر الإنسحاب من منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» بدءًا من يناير العام المقبل (2019) على أن يكون الإجتماع المقبل المقرر الشهر الجاري هو الأخير الذي تحضره قطر، وذلك بعد أن استمرت عضويتها 57 عامًا في المنظمة النفطية، معللًا ذلك بأنه يرجع إلى أسباب فنية واستراتيجية بعيدًا عن السياسة، مشيرًا إلى أن قطر ستُركز على بيع سلعتها الأولية ألا وهي الغاز الطبيعي.

ربما يأتي القرار القطري بعد التحركات السعودية الأخيرة، وما أسفرت عنه من تفاهمات بشأن أسعار النفط. فعلى هامش مجموعة قمة العشرين التي انتهت فعالياتها الأحد، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن الإتفاق بين موسكو والرياض بشأن تمديد اتفاقيتهما حول تخفيض إنتاج النفط، ولكن دون تحديد الحجم.

وكان اتفاق الدول الأعضاء والغير أعضاء بالأوبك بشأن تخفيض الإنتاج قد دخل حيز التنفيذ منذ بداية العام الماضي (2017) فيما تم تمديده حتى نهاية العام الجاري (2018)، بحسب موقع «روسيا اليوم».

تبتعد عن مجلس التعاون

البعض يرى أن القرار القطري يأتي في محاولة لضرب جهود عدد من الدول الأعضاء والغير أعضاء في الأوبك للحفاظ على استقرار الأسعار في السوق النفطي، فجميع التصريحات المُعلنة من قبل بعضهم خلال الفترة السابقة تعكس توافقًا على سياسات تهدف إلى الصالح العام، وفي مؤتمر صحفي اليوم ذكر وزير النفط العماني بحسب «سبوتنيك» أن هناك توافقًا بين أعضاء الدول في الأوبك على ضرورة خفض إنتاج النفط، لافتًا إلى أن سلطنة عمان تستعد للإنضام إلى أي خفض تقرره الأوبك وحفاؤها خلال الإجتماع الأخير لهذا العام، والمقرر الخميس المقبل في فيينا.

القرار ليس مفاجئًا

هذا وقد اعترفت قطر من قبل أنها دولة (صغيرة جدًا) غير مؤثرة في منظمة الأوبك، محاولة التمهيد لهذا القرار بشكل غير مباشر، وقال وزير خارجية قطر، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في سبتمبر الماضي بحسب «الجزيرة» قائلًا: «نثمن شراكتنا مع الولايات المتحدة ولسنا بلدًا مؤثرًا في منظمة الأوبك»، وهو الأمر ذاته الذي أشار له «الكعبي» اليوم قائلًا: «نحن لاعب صغير في منظمة أوبك، وانا رجل أعمال، لا معنى لي أن أركز على أشياء ليست قوتنا، والغاز هو قوتنا، ولهذا إتخذنا هذا القرار».

غير مؤثرة
 

صغيرة جدًا

من جانبه يرى الأكاديمي الإماراتي، الدكتور عبدالخالق عبدالله أن وجود قطر من عدمه في أوبك لن يؤثر على أداء المنظمة النفطية، وقال في تصريحات خاصة لـ«صوت الأمة»: « قطر طرف ضعيف وهامشي في دنيا النفط، فهي ليست دولة نفطية بل هي منتجة للغاز الطبيعي، وسبق لقطر عندما كانت في قمة تمددها أن حاولت تأسيس منظمة للدول المنتجة والمصدرة للغاز وتحويل الدوحة لعاصمة الغاز في العالم، لكنها فشلت في مسعاها، ولم يتجاوب معها الكبار بعد أن إتضح أن غاياتها سياسية وليست اقتصادية».

الحلفاء الجدد

وأضاف أن «المؤكد أن قرار الانسحاب من أوبك يشير إلى تراجع نفوذ قطر السياسي والدبلوماسي يومًا بعد يوم وخاصة بعد قرار دول الرباعي العربي واستمرار المقاطعة إلى أجل غير مسمى، فقطر التي كانت تتصرف كعملاق في فترة سابقة أصبحت اليوم قزم في المعادلة الإقليمية، لا تأثير ولا نفوذ ولم يبقى لها من حليف سوى أردوغان وجماعة الإخوان الإرهابية وتحريضات قناة الجزيرة التي لا تخشى الله».

وعن التوافق الروسي السعودي السابق الذكر، وتزامن القرار القطري معه، قال «عبدالله»: «روسيا والسعودية أهم لاعبين في عالم النفط اليوم والتنسيق بينهما يؤسس لحالة جديدة ويبدو أن أرضيته قوية، مما تجلى في لقاء الرئيس بوتين بالأمير محمد بن سلمان على هامش قمة مجموعة العشرين»، مشيرًا إلى أن إيران في ظل تلك التوافقات أصبحت أكثر تهميشًا، مؤكدًا على أنه مهما كان التوقيت والدافع فإن قرار انسحاب قطر لا يُقدم ولا يؤخر، على حد تعبيره.

الغاز ساحة حرب جديدة

وبحسب «يورو نيوز» فقطر لا تعتبر من كبرى الدول المصدرة للنفط في المنظمة النفطية، ولا يتعدى إنتاجها الـ600 ألف برميل يوميًا. هذا وقد سجل سعر النفط إرتفاعًا بنسبة 5% فور إعلان قطر إنسحابها من أوبك.

قطر تُعد من أكبر المصادر للغاز الطبيعي المسال في العالم، وهي تخطط لبناء 4 وحدات إضافية لإنتاج الغاز الطبيعي المسال بحلول منتصف عام 2019، كما سيُعلن عن شركاءها في بناء أكبر وحدة لتكسير الإيثان في العالم في الشهور الأولى للعام المقبل.

حماية محور الشرّ

ولعل تلك الخطوات القطرية تأتي بالتنسيق مع تركيا وإيران (محور الشرّ الثلاثي) في مجال الغاز، وهو ما يصب في صالح اقتصاد حلفاء قطر الذين يعانين من الإنهيار الاقتصادي والعقوبات الإقتصادية التي تؤثر إلى حد كبير على اقتصادها.

وفي سبتمبر الماضي اتفقت الدوحة وطهران على إضافة خط رابع لإنتاج العاز الطبيعي المسال بهدف زيادة الطاقة الإنتاجية من حقل الشمال، ما يزيد إنتاجه المشترك مع إيران. هذا إلى جانب اتفاقات مشابهة مع تركيا التي وقعت مع قطر عدد من الاتفاقيات في مجال الغاز، من بينها استيراد الغاز الطبيعي المسال من قطر على المدى الطويل.

بوابة للتقرب من روسيا

الجدير بالذكر أن روسيا وتركيا احتفت الشهر الماضي بإستكمال الجزء البحري من مشروع «السيل التركي» وهو عبارة عن مد أنبوبين من الغاز من روسيا إلى تركيا ومنها إلى أوروبا عبر البحر الأسود، على أن يغذي الأول تركيا والثاني جنوب شرقي وجنوبي أوروبا. وبالتالي فهناك إحتمالية بأن قطر تتود إلى روسيا من خلال تركيا عبر مجال الغاز المسال وخاصة بعد ما شهدناه من تقارب روسي سعودي كبير خلال الشهور الأخيرة.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة