البيروقراطية نصيرة أهل الشر

الأربعاء، 05 ديسمبر 2018 03:37 م
البيروقراطية نصيرة أهل الشر
د. ماريان جرجس

حاولت الجماعة وأنصارها من تيارات الظلام، التيارات المُتستّرة باسم الدين، تفكيك الدولة المصرية وتدميرها. فالجماعات الدينية لا يمكن أن تحيا في دولة، كالماء والزيت لا يمكن أن يختلطا. فتلك جماعات فوضوية لا تريد القانون ولا الدستور ولا الوطن، ويرون في كل ما سبق أغلالاً تُكبِّل أهواءهم البوهيمية، وإن أُجبروا على العيش تحت نير تلك النُظم والأسس لأية دولة، فإنهم يُحاولون تخريبها بأي شكل، وخلق ثغرات بها حتى تنهار تمامًا.
 
حاولوا بالإرهاب المُسلَّح تارة، وبالإرهاب المعنوي تارة أخرى، حاولوا بنشر الشائعات وتأجيج الرأي العام، لكنهم فشلوا في كل ذلك؛ لأن الدولة تصدَّت لكل ذلك بفكر مؤسَّساتها الأمنية العريقة، وبالطريقة التي تُناسب دولة مُتحضِّرة، فتوطيد فكر المواطنة، ومساواة كل المواطنين في الحقوق والواجبات، وتخصيص خطّ للردّ على الشائعات من قبل مجلس الوزراء، ساهمت جميعًا في إفلاس جماعات الظلام.
 
لكن عندما يُفلس الشرير لا يتوقف، بل يستميت فس الوصول لهدفه الآثم، مُستغلاً أنصاف الحقائق، التي قد نعاني منها بالفعل، وهنا لا يستخدم الشائعة، وإنما يستخدم نصف حقيقة، مثل تشهير قناة الجزيرة بالشُحّ الطبي الذي تشهده بعض مستشفيات مصر، وهجرة بعض الأطباء للخارج، وهي حقيقة في جانب منها، لكنها نصف الحقيقة فقط، فأمام تلك المشكلة يتم الحل على الصعيدين الطبي والإداري:
 
إعادة هيكلة الجهاز الإداري للعاملين بالدولة جميعًا تجري على قدم وساق، وتُعاد صياغة المنظومة للتخلُّص من البيروقراطية والإداريات الرثّّة الموروثة، التي أصابت القطاع الصحي في الكبد، ودفعت حصة من الأطباء للإعراض عن العمل بالقطاع الحكومي، وعلى الصعيد الآخر تُعالج الدولة النقص الطبي عبر الاستعانة بكوادر طبية أخرى، ونذكر عندما ناشد السيد الرئيس في افتتاح مستشفيات جديدة، المنظمات الأهلية للمشاركة بالكادر البشري الذى يستطيع سدّ هذا النقص.
 
استفزاز المصريين وتأجيج مشاعرهم؛ لإنتاج حالة فوضى كالتي تشهدها باريس حاليًا، وهنا أتوقف بُرهة، فالثورة عندما تسرق ثمارها الجماعة وأنصارها  تُسمَّى ثورة في قاموسهم، وعندما تحميها المؤسَّسات الأمنية وتنسبها للشعب ولا تُقسِّم غنائمها بين الجماعة وحلفائها، لا تُسمَّى ثورة شعبية في قاموسهم أيضًا، يا للعجب!
 
لكن علينا أن نشكر وسائل التواصل الاجتماعي، التي أظهرت مدى القُبح والهمجية والضرر الذي حلّ بأجمل عواصم العالم، وكشف أن هذه التحركات أبعد ما تكون عن السلمية، فقط لتُعلِّمنا أن العتاب بين المواطن والحكومة في أي نزاع لا يكون بتلك الطريقة، فإعادة إعمار ما تحطَّم فى فرنسا، وفاتورة توقف السياحة والإضرار بالاقتصاد، لن يدفع ثمنه سوى الفرنسيين.
 
لهذا أُناشد الدولة بالتخلُّص من كل أسقام الجهاز الإداري، وعلى رأسها البيروقراطية، اليوم قبل غد، حتى لا تكون ثغرة يستطيع أهل الشر التسلُّل من خلالها، وتسليط الضوء في الإعلام على ما يحلّ بالدول المجاورة بعد الاستفزاز المُغرض الذي يتعرَّض له المواطن البسيط؛ ليتحوّل إلى وتر تعزف عليه طيور الظلام، لتحقيق أحلامها وغايتها العظمى، وهي طمس الدول وتحطميها!

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة