أزرق دافي

السبت، 08 ديسمبر 2018 02:03 م
أزرق دافي
هبة العدوى تكتب :

عن مشاعر الحزن المتشابكة مع الشجن والإحباط والدموع و الآهات وربما الفرح وهذا الأنين الذي  قد لا يفارقك ليل نهار, رغم إبتسامة تملأ شفتيك يراها الجميع إلا قلة ممن خبروك فعلموا أنك تنسج بها سورا عاليا, تخفي خلفه آلامك التي أعتدتها ..

تتشابه كثيرا مع بكرة صوفك يا امي في غزلها ..تلك التي تشتبكين معها، حتى تُتمي تشابك غزل خيوطك المختلفة, صانعة نسيج من شيء أنت فقط من تملكين صورته في مخيلتك ..

تشتبك معي أحاسيسي, فتتداخل خيوطها الإنسانية التي صورها الله فأبدع صورتها..لكني يا أمي لا أملك صورة لها مثلما تملكينها ..وفي كل مرة أظن بنفسي أملك طرف الخيط في يدي, يفلت مني رغما عني..

تفلت مني لحظة حزن, تلوني بزرقتها..تلك التي أوجعتني كثيرا, فيبدأ الخيط في الكر ولا أملك منه أن أفر.. بلا حول مني ولا قوة وأنا التي ظننت بها أملكها في يدي..ولكني أعترف  أني  أعيتني المواجهة, فدفنتها في صندوقي الاسود داخل أعماق أعماقي.. فصارت مني وصرت منها ..رغم مطالبتي لها مرارا بالرحيل قبل تجاهل وجودها..أقسم لك أني بحثت عن بهجة أحاسيسي لأهزمها بها فلم أجدها وبقيت أنا في مواجهة أنا, بضعفي و لمحات افكار تنطق بداخلي متحدثة عن يأسي ..أحقا أيأس من رحمته ؟!

منذ صغري, أؤمن أن مواجهة الوحوش تخفيهم ..لم أكن طفلة تنكمش في سريرها خوفا من أصوات تسمعها في عتمة الليل داخل الصالة المبتعدة بطرقة طويلة عن غرفة نومها ..كنت أقوم بشجاعة المرتعدين خوفا لكي أواجه هذا المتسلل صوته لمنزلنا مهما كانت العواقب التي لا يُعيني التفكير بها ..ولكني لم أقوي علي طرف خيط مشاعري المتسلل, هل أجبن في مواجهته ؟! ..هل يغلب ألمنا المتراكم من مرات كثيرة فشلنا فيها في إصلاح آلامنا, قدرتنا علي المواجهه ؟؟

لن أستسلم لها, وكلما نسجت هي شباكها الصوفية المعقدة المحزنة المؤلمة فوق ابتسامتي فأخفتها أو أخافتها, سأنسج لها من جديد بكرات صوف جديدة من البهجة..سأبدأ بها فورا وقبل أن أنفض أحزاني عني, سأغلبها برقصاتٍ طفولية .. وضحكات ملأتها ذكريات جنونية .. و عطاء أظن بنفسي أملك طرف خيطه, من دفء حضني ..أقول لك أمي, أتدرين ؟ سأفقد صدق براءة حضني الذي بداخله أدفيء حتي نفسي ويسكن فيه كل من أعيته قسوة الزمان والحزن والآلام والوجع والآهات ..

أسمع صوتك تتسائلين :أكل ذلك يسكن بحضن ؟

نعم أمي كل  ذلك يسكن في حضن ..وأنت خير من تعلمين !!

أتدرين ؟

عاهدت ربي رغم تشابك بكرات الصوف الكئيبة السوادء, رغم تكاثرها, رغم بلوغها عنان سماء جوفي, رغم قلقي, رغم همي, رغم كل شيء, عاهدته أن لا أفقد الأمل أبدا في إيماني بأن كل حلم بريء حلمته, سيكون ..وكل سعي سعيته, إنما أجلّه هو فقط لكي أكون اقوي عندما يأتيني..

عاهدت نفسي أن العجز فقط سيتمكن من قلبي يوم أن اقول (أيام وبنعيشها والسلام ) ومن بعدها أرفع الراية البيضا لكي تلتهمني أحزاني او يأكل اليأس بعضي فيفت من عضدي .. لن ارفع الراية البيضا أبدا فأستستلم ..

ستلكمني, فألكمها .. وتضربني فأضربها .. وأن وقعت ارضا, سأسكن لحضن سجدة .. أطيلها مع ربي فأقوم منها أقوي ومن جديد أبدأ بطريقة جديدة لحل وإصلاح كل ما أفسده الزمن فيّ وفي كل خطوة يخطوها قدمي ..

وكيف من له مثلك، أن يشقي يوما بحزنه !

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق