المعاملات الإلكترونية: المحررات بين اكتساب صفة الرسمية و «البطلان» (4)

الخميس، 20 ديسمبر 2018 03:00 م
المعاملات الإلكترونية: المحررات بين اكتساب صفة الرسمية و «البطلان» (4)
المعاملات الإليكترونية
علاء رضوان

 

في ظل عصر العولمة التكنولوجية الذي نعيش فيه، إتجهت كثير من الدول إلى إتمام المعاملات الرسمية بإستخدام وسائل التقنية الحديثة، ونشئت بناء على هذا التطور التقني ما تم التعارف عليه بإسم المحررات الرسمية الإليكترونية، وهي تلك المحررات الصادرة عن موظف حكومي في حدود اختصاصه الوظيفي.

فى التقرير التالى «صوت الأمة» ترصد ما يتبادر من تساؤلات عن كيفية حيازة المحرر الإليكتروني لصفة الرسمية دون وجود الشروط الشكلية المتعارف عليها للورقة الحكومية وأهمها «خاتم شعار الدولة»؟  

يقول محمد أحمد الشهير، الخبير القانونى والمحامى، إن الإجابة على هذا التساؤل نجدها فيما نصت عليه التشريعات العربية المقننة للمعاملات الإليكترونية من اعتبار السجل الإليكتروني الخاص بالجهة الحكومية، منتجاً لكافة الآثار القانونية التي قد تترتب على الوثائق والمستندات الخطية، سواء من حيث صلاحيتها في الإثبات أو من حيث قوتها الإلزامية.

 

07df763ceec90cc249afb45cb282485f

 

ويلاحظ مما سبق –وفقا لـ«الشهير»- أن المحرر الرسمي هو كل محرر صدر من موظف حكومي مختص بإصداره وفق الأوضاع القانونية المقررة، فلا يفرق بعد ذلك أن يكون صادراً في صورة ورقية أو في صورة إليكترونية، ولذا فإنه حتى يمكن نسب صفة الرسمية للمحرر الصادر فيجب أن تتوافر به ثلاثة شروط أساسية:

1ـ فيجب أن يكون المحرر صادراً من موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة سواء كان يتقاضى اجراً أو على سبيل التطوع، وسواء كان المحرر مكتوباً بخط يده أو مذيل بتوقيعه بعد إثبات الوقائع المراد إثباتها بالمحرر الرسمي، ويلاحظ هنا أن إثبات الوقائع التي يباشرها الموظف المختص بنفسه يحتلف عن إثبات الموظف لما يتلقاه عن ذوي الشأن من إقرارات أو بيانات، فهذا الأمر يسمى «بالتصديق» ولا يحوز القوة المطلقة الممنوحة للمحرر الرسمي.

2ـ ويجب أن يكون ذلك الموظف مختصاً بإخراج هذا المحرر، من حيث الموضوع ومن حيث المكان، فلا يحق للموظف العام مباشرة إجراء يخرج عن نطاق إختصاصه الموضوعي، كما أنه يمتنع عليه تحرير أو التصديق على أي محرر خارج نطاق إختصاصه الجغرافي.

3ـ وأخيراً فإنه يجب مراعاة الأوضاع القانونية لتحرير السند الرسمي، بمعنى أنه إذا تطلب القانون إفراغ المحرر في شكل معين فلا بد من مراعاة هذا الشكل حتى يكتسب المحرر صفة الرسمية، وكذلك لا يحوز المحرر صفة الرسمية إذا لم يتم سداد الرسم المستحق للدولة قبل تحريره، حيث يحق للموظف العام الإمتناع عن تحرير السند إذا ما لم يتم سداد الرسوم المقررة. 

alternativa-corporativa-para-compartilhamento-de-documentos-jpg-4278054634093189

ويُضيف «الشهير» - إذا ما تخلف أي من هذه الشروط السابقة فإن المحرر يفتقد صفة الرسمية ويتحول إلى محرر عرفي ذو قوة محدودة في الإثبات، وتوجد ملاحظتين في هذا الشأن:

الملاحظة الأولى:  هي أن المحرر العرفي لا يكتسب حجيته إلا من خلال  توقيع ذوي الشأن عليه.

الملاحظة الثانية: هي أنه يشترط أن يكون الشرط الذي ترتب عليه بطلان المحرر الرسمي شرطاً جوهرياً، فلا يؤثر في صحة المحرر الرسمي وجود كشط أو تحشير غير مقصود.

وللمحررات الرسمية التي إكتملت لها الشروط الموضوعية والإجرائية حجية مطلقة في الإثبات ولا يجوز الطعن عليها إلا بالتزوير، ولا تقبل الطعن بإنكار التوقيع، مع ملاحظة أن للمحكمة سلطة إسقاط السند الرسمي إذا ما إحتوى على عيب مادي ظاهر أو تحريف منظور بالعين المجردة أو كشط ومحو دون سبب، كما يجوز للمحكمة أن تستجوب الموظف الذي حرر السند المعيب للإستيضاح منه عن حقيقة التعديلات والعيوب المادية الواردة به – الكلام لـ«الشهير».

وجميع ما سبق القول به عن المحررات الرسمية الورقية يمكن توصيفه على المحررات الرسمية الإليكترونية، فإذا ما صدر المحرر الإليكتروني عن موظف عام مختص ومن خلال سجل إليكتروني قانوني ووفق الأوضاع المقررة قانوناً فإنه يضحى حجة على الغير من لحظة إستيفائه للشروط الثلاثة سالفة الذكر. 

 

images

وجدير بالذكر أن المادة «56» من قانون المرافعات البحريني قد نصت على أنه «يجب أن يحضر مع القاضي في الجلسات وفي جميع إجراءات الإثبات كاتب يحرِّر المحضر بخط اليد أو بواسطة أجهزة الحاسوب أو بالأجهزة الإلكترونية السمعية منها أو البصرية أو كلتيهما معاً، ويوقِّع القاضي أو رئيس المحكمة على المحضر بخط اليد أو بواسطة التوقيع الإلكتروني بحسب الأحوال، ويكون للمحضر المحرَّر إلكترونياً ذات الحجيَّة المقرَّرة للمستند الرسمي».

وقد أشارت المادة صراحة إلى جواز إصدار المحرر الرسمي بالوسائل الإليكترونية، وقد سبق أن قررت محكمة التمييز في أحد أحكامها بأن الرسالة النصية الصادرة من إحدى الهيئات الحكومية تحوز صفة المحرر الرسمي لثبوت صدورها من الموظف العام المختص بإصدارها في حدود سلطته القانونية ومن خلال السجل الإليكتروني المنتظم الثابت لهذه الجهة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة