النقاط الرئيسية لمشروع اتفاقية الانسحاب «بريكسيت»: الحدود.. والعلاقات التجارية

الثلاثاء، 25 ديسمبر 2018 11:00 ص
النقاط الرئيسية لمشروع اتفاقية الانسحاب «بريكسيت»: الحدود.. والعلاقات التجارية
بريكسيت
ناجي عباس

اقترب موعد الخروج البريطاني تماماً من الاتحاد الأوروبي، واكتمل مشروع اتفاقية  الخروج - والمتعارف على تسميتها بالبريكست، فكيف تبدو الاتفاقية في مشروعها الحالي، وما هي معالمها الرئيسية؟
 
بداية يهدف مشروع اتفاقية Brexit الذي يبلغ 585 صفحة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، إلى تنظيم خروج المملكة المتحدة، مع تخفيف تداعيات ذلك الانسلاخ على كافة الأصعدة، واحتساب عواقبه، ليس فقط على العلاقات التجارية وغيرها بين دول الاتحاد وبريطانيا، بل وربما بالدرجة الأولى على حقوق المواطنين التابعين لدول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، خاصة مواطني دول الاتحاد الأوروبي الذين يعيشون في دول اعتبرت تاريخياً جزء من المملكة المتحدة - مثل أيرلندا واسكتنلدا.. فما هي النقاط الرئيسية في عقد الانسلاخ البريطاني عن أوروبا؟
 
وستغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي في 29 مارس 2019، وستراقب الفترة الانتقالية مركزيا من كلا الطرفين حتى نهاية عام 2020 على الأقل، مع إمكانية تمديدها مرة واحدة لمدة تصل إلى سنتين، حتى آخر عام 2022. وخلال هذا الوقت، ستبقى المملكة المتحدة في السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي وضمن الاتحاد الجمركي بالاتحاد  الأوروبي، ما يعني الالتزام بمواصلة تطبيق  جميع قواعد الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعني أيضا عدم وجود ضوابط جمركية أو قيود على الاستيراد أو السفر والحركة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي - شركات وأفراد على السواء.
 
وبالرغم من ذلك لن يكون من حق بريطانيا- باعتبارها باتت رسمياً دولة «غريبة»، أو منفصلة، المشاركة البرلمانية في بروكسل أو الاستفادة من القوانين التي تمنح امتيازات لدول الاتحاد فقط، كما سيتوجب عليها قبول كل قواعد الاتحاد الأوروبي الجديدة في كل الأحوال دون استثناءات غير منصوص عليها في ذلك العقد، أما المقصود بفترة السماح فهذا يخص العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، وكذلك فترة التفاوض لتوضيح العلاقات الدائمة بين الجانبين مستقبلاً، وخاصة فيما يتعلق حقوق رعايا «الطرفين». ومع ذلك، قد تضطر الحكومة البريطانية بالفعل لطلب استمرارها في اتفاقيات التجارة الدولية - كدولة مستقلة عن الاتحاد الأوروبي، خلال هذه الفترة، بعد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ عقب الفترة الانتقالية.
 
ما الذي يمكن أن يحدث إذا لم يتم التصديق في البرلمان البريطاني على اتفاقية البريكست، وهل هناك مخارج أو خططاً بريطانية بديلة لمواجهة مثل هذا الاحتمال؟ إذا رفض البرلمان البريطاني التصديق على اتفاقية البريكست قبل نهاية مارس فلن يكون هناك فترة انتقالية جديدة، وفي هذه الحالة يتهدد بريطانيا أقدام الاتحاد الأوروبي على تفعيل بنود الاتفاقية من طرف واحد وبشكل منفرد، ما يعني تطبيق قواعد التجارة والتصدير والاستيراد على البضائع والموردين البريطانين، بما في ذلك فترات الانتظار الطويلة في الجمارك وعدم السماح بحرية الحركة التي كانت مضمونة حتى الآن بالنسبة للمواطنين والأعمال التجارية وتأسيس الشركات وخلافه، وذلك وفقا لما أعلنه البرلمان الأوروبي على لسان رئيسه أنطونيو تاجاني.
 
حتى الآن تتسم اتفاقية الانسحاب بضمان استمرار إقامة مواطني الطرفين كلا في مكانه بعد الفترة الانتقالية، وهذا يعني استمرار إقامة أكثر من ثلاثة ملايين مواطن تابعين لدول الاتحاد الأوروبي في المملكة المتحدة، وكذلك استمرار إقامة مليون بريطاني في دول الاتحاد، والاستمرار في أعمالهم بنفس عقود العمل التي كانت سارية من قبل، ويشمل ذلك من بين أمور أخرى الحق  في الإقامة والتوظيف والدراسة ولمّ شمل الأسر.
 
كذلك لن يؤثر عقد الانسحاب على استحقاقات مواطني طرفي الاتفاقية على صناديق الضمان الاجتماعي والاعتراف بالشهادات الدراسية والمؤهلات المهنية، أي أن كل ما يمس حقوق مواطني الطرفين مضمون حتى إذا اضطر أي من رعايا الاتحاد الأوروبي أو بريطانيا لسبب ما الانتقال إلى بلد آخر، مع سريان ذلك أيضاً على كل المواطنين الراغبين في الانتقال إلى المملكة المتحدة أو الاتحاد الأوروبي خلال الفترة الانتقالية- لكن ذلك كله لن يبدأ سريانه إلا بعد التصديق على الاتفاقية في مجلس العموم البريطاني، وإقرار هذا المشروع رسميا، ومع ذلك هناك اتفاق أولي على أن تقوم لندن وبروكسل بإبرام اتفاقات طوارئ بشأن المعاملة بالمثل.

المدفوعات البريطانية إلى الاتحاد الأوروبي
 
تؤكد المملكة المتحدة في مشروع على الاتفاقية تلك على دفع ما عليها من أقساط ورسوم ودفعات مالية متراكمة منذ بداية عضويتها في الاتحاد الأوروبي، كما تلتزم لندن بدفع نصيبها في ميزانية الاتحاد الأوروبي وكل ما عليها حتى نهاية الفترة الانتقالية، بالإضافة إلى ذلك ستضطر المملكة المتحدة إلى تحمل حصة من الأعباء الاجتماعية لفترات طويلة مثل أقساط المعاشات، التي ترتبت عليها لموظفي الاتحاد الأوروبي خلال فترة عضويتها، على أن تفاصيل تلك المبالغ ليست محددة في عقد الانسحاب حتى الآن، واكتفى الطرفان بإيراد عبارة تسديد الالتزامات وفق «طريقة حسابية عادلة»، وتشير التقديرات إلى أن بريطانيا ستضطر لدفع ما بين 40 إلى 45 مليار يورو إلى بروكسل - وذلك وفق توقعات الحكومة البريطانية نفسها، مع الموافقة على إلغاء قرابة 12 مليار يورو من على كاهل بريطانيا.
 
الحدود الأيرلندية الشمالية - الأيرلندية كانت محل نزاع طويل خلال المناقشات التي دارت قبل صياغة ذلك الاتفاق، وبعد التباين الحاد في الآراء جرى تضمين الاتفاقية نصاً  يفيد بقاء حدود دول الاتحاد الأوروبي أيرلندا - أيرلندا الشمالية مفتوحة وعدم استحداث أي حواجز أو ضوابط إدارية جديدة، كذلك - وفقاً لمشروع العقد -  يريد كلا الطرفين إيجاد حل دائم في المرحلة الانتقالية يسري بشكل دائم فيما بعد، وفي حالة عدم التوصل لاتفاق بهذا الخصوص وُضِع شرط بضمان الدعم الجمركي، أي أن بريطانيا ستظل في اتحاد جمركي ما تحكمه معايير مشتركة مع الاتحاد الأوروبي لتجنب مراقبة الحدود.
 
كذلك- ووفقاً لمشروع الاتفاقية،  تخضع أيرلندا الشمالية أيضًا لشروط السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي ، بالإضافة إلى بعض متطلبات التحكم في حركة البضائع من بقية المملكة المتحدة، وإذا لم يجر التصديق على ذلك فسيكون على أيرلندا بالفعل السيطرة على  الحدود الخارجية الجديدة للاتحاد الأوروبي، ومنع البضائع البريطانية من الدخول دون معاملة جمركية عادية. ويرى كثيرون أن هذا التقسيم للجزيرة الأيرلندية سيكون مخالفاً لاتفاق الجمعة الحزينة لعام 1998، الذي أنهى عقودا من العنف في أيرلندا الشمالية، ما قد يعرض السلام الحالي في  الجزيرة للخطر.

مستقبل جبل طارق
 
قضية جبل طارق بنفس حساسية قضية الحدود الأيرلندية الشمالية - الإيرلندية، فأسبانيا يمكنها أيضا إغلاق الطريق أمام بريطانيا في جبل طارق باعتبار أنها باتت دولة غريبة، من أجل ذلك اتفق الاتحاد الأوروبي وبريطانيا الآن على السماح للبريطانين، سواء كانوا من المسافرين أو العاملين بحرية الحركة والعمل في جبل طارق دون أي مشاكل. وينظم العقد أيضا المسائل الضريبية ويوضح حقوق الصيد، كما تضمن الاتفاقية عدم لجوء أي طرف لأية ترتيبات مستقبلية تؤثر على جبل طارق دون موافقة أسبانيا.

التجارة بعد Brexit
 
يجوز أيضًا بيع السلع بموافقة الشركات المنتجة-  بعد انتهاء المرحلة الانتقالية-  دون الحاجة إلى ملصقات خاصة على المنتجات لتحديد بلد الانتاج. ينطبق هذا، على سبيل المثال، على الألعاب والملابس ومستحضرات التجميل، وكذلك على الأدوية والأجهزة الطبية، مع استثناء الحيوانات الحية والمنتجات الحيوانية، حيث  يتوجب بقاء الحقوق  التجارية  على حالها في كلا الجانبين.

حماية منتجات بعينها
 
نص مشروع عقد الانسحاب في صيغته الحالية على حماية منتجات بعينها حماية كاملة مع ضرورة وضع بلد المنشأ، ومن تلك المنتجات مثلاً مجموعة جبن بارما أو الشمبانيا أو جبن الفيتا، مع ضرورة احتفاظ  البيرة البافارية بوضعها كعلامة محمية المنشأ بعد الفترة الانتقالية في المملكة المتحدة. وبشكل عام، ينطبق هذا على أكثر من 3000 منتج سيتم تسويقها بصفتها  الاقليمية - بين الطرفين-  بعد استيفاء الشروط المقرة في تلك الاتفاقية، ومن ذلك مثلاً  احتفاظ لحم الضأن المنتج في ويلز، وغيره من المنتجات البريطانية المحمية بامتيازاتهم الحالية في الاتحاد الأوروبي.
 
مشروع اتفاقية Brexit الحالي يوفر الضمانات القانونية لاستمرار الامتيازات المتبادلة حتى نهاية المرحلة الانتقالية- أما ما سيتم بعد ذلك فسيجري توضيحه في اتفاقية التجارة والشراكة واسعة النطاق، التي اُتفق على سريانها لاحقاً  ولتحقيق تلك الغاية وقع الطرفان على  خطاب نوايا مؤلف من 26 صفحة تمت فيه الموافقة على بدء التفاوض حول تلك الاتفاقية الموسعة المذكورة في القمة الخاصة للاتحاد الأوروبي، والنقطة الجوهرية فيها  ستكون خاصة بـ «منطقة التجارة الحرة ومعايير التعاون الواسع بين الطرفين ومرونة القواعد والأعراف التجارية»- كل ذلك بشرط التصديق على مشروع الاتفاقية الحالي- أما إذا تعثر التصديق- برلمانيا على اتفاقية بريكست، فيمكن اعتبار كل ما تم الاتفاق عليه للمرحلة اللاحقة غير ذي موضوع أي غير موجود.
 
أخيرا، يشترط مشروع اتفاقية الانسحاب في صيغته الحالية اللجوء لحل أي نزاع حول تفسير بنود الاتفاقية إلى لجنة تحكيم، وإحالة الأمر برمته إلى محكمة العدل الأوروبية لفرض غرامات على الطرف المتعسف، وأن قرارات لجنة التحكيم ملزمة - حتى لو انعكست نتيجة قرار المحكمة سلبياً على الامتيازات، التي وفرتها تلك الاتفاقية لكلا الطرفين.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق