عدوى الثأر تنتقل إلى القاهرة الكبرى: القبلية تسيطر على مقاليد الأمور

الجمعة، 04 يناير 2019 06:00 م
عدوى الثأر تنتقل إلى القاهرة الكبرى: القبلية تسيطر على مقاليد الأمور
السجن

 
رغم تراجع معدلاتها بشكل ملحوظ، لا زالت جرائم الثأر في محافظات صعيد مصر تحصد أرواح الأبرياء، وتلقي بآخرين خلف القضبان أو تصل بهم إلى لقاء «عشماوي»، في ظل استمرار روح العصبية والقبلية في السيطرة على مقاليد الأمور، بيد أن اللافت وصول هذه الظاهرة إلى بعض محافظات الوجه البحري.
  
في إحدى قرى «أطفيح» التابعة لمحافظة الجيزة، أطلق عامل النار على آخر، ما أسفر عن مقتله، بسبب خصومة ثأرية بين عائلتي المجني عليه والمتهم، وبإجراء التحريات تبين أن المجني عليه «رجب. س» أثناء سيره بالشارع أطلق عامل يدعى «ر. ش» النار عليه ما أسفر عن مفارقته الحياة في الحال.
 
وفي قضية «ثأر أوسيم» بالجيزة، تنظر محكمة جنايات القاهرة، في جلسة 13 يناير الجاري، إعادة محاكمة 7 متهمين في القضية، بعد أن ألغت محكمة النقض حكم محكمة جنايات الجيزة، بالإعدام شنقا لـ12 متهما، لقيامهم بقتل المجني عليه «يحيى عبد المنعم» عمدًا مع سبق الإصرار، وشرعوا في قتل اثنين آخرين من بينهم طفل لوجود «خصومة ثأرية» بينهم.
 
«هناك بعض القرى والمدن في محافظات الوجه البحري لا تختلف العادات بها عن الصعيد، كما أن الكثير من أهالي الصعيد انتقلوا من بلادهم للعمل والإقامة في محافظات الوجه البحري مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية وغيرها».. يقول اللواء مجدي البسيوني، مساعد وزير الداخلية الأسبق.
 
ويرى البسيوني، أن الأشخاص انتقلوا إلى الوجه البحري بعاداتهم وتقاليدهم، وهذا من بين أسباب وجود جرائم ثأر في الوجه البحري، مؤكدا أن الفروق الفردية بين العائلات وبعضها تضاءلت كثيرًا، فالجميع الآن لديه أموال وأبناء على قدر من العلم وما إلى ذلك.
 
ويضيف: «كان في الماضي إذا ما تم قتل أحد من عائلة فقيرة قد لا تتحرك هذه العائلة لأخذ الثأر وتترك الأمر للقضاء، خشية الفتك بها من العائلة الأقوى، ولكن كما قلت فالفجوات بين العائلات تكاد تكون اندثرت تمامًا، وبالتالي لن يخشى الفقير الأخذ بالثأر من أي شخص».
 
وبحسب مساعد وزير الداخلية الأسبق، فإنه لم يعد هناك أيضًا حاجزًا للخوف من العقوبة، خاصة في ظل معانة المجتمع من أزمة أخلاقية، إذ أصبح الكثير من الناس الذين يسيرون في الشوارع لديهم قدر قليل من الأخلاق أو عدم القدرة على تدارك المواقف والأمور وحلها بطرق عقلانية.
 
«فمثلا لو أن أحدا اصطدم بسيارته في سيارة آخر، سريعًا ما تندلع مشاجرة قد تتطور لوجود قتلى أو جرحى على الأقل، وهنا يحاول عائلة المجني عليه أخذ الثأر، على العكس قديما كان من السهل إذابة وإنهاء الخلافات بين الأشخاص في لحظتها قبل تطورها للشجار والإصابة والقتلى، فنحن الآن بحاجة لثورة على الأخلاق».. يقول البسيوني.
 
في الوقت نفسه، يؤكد اللواء مجدي البسيوني، تراجع جرائم الثأر بشكل كبير، بسبب ارتفاع نسبة التعليم وتراجع الأمية، ما ساهم في محو ظلمة العقول، فأصبح الآباء يخشون على أبنائهم ومستقبلهم، وكذلك الموظفين يخشون على وظائفهم، بالإضافة إلى جهود وزارة الداخلية ولجان المصالحات.
 
وتسببت الهجرة الداخلية في انتشار جرائم الثأر في الوجه البحري على غرار محافظات الصعيد، التي تشهد أكثر الجرائم اتساعا، إذ ينتقل سكان الصعيد إلى محافظات الوجه البحري محملين بعاداتهم وتقاليدهم، وهو ما تقول عنه الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إنه يحتاج إلى تنمية هذه المحافظات للحد من الهجرة الداخلية.
 
وتضيف: «يمكن القول بأن من بين أسباب انتشار جرائم الثأر في الوجه البحري الهجرة الداخلية من محافظات الصعيد إلى محافظات الوجه البحري، غير أنه في الوقت نفسه بدأت خلال الفترة الماضية تتراجع معدلات جرائم الأخذ بالثأر، بفضل جهود الدولة وتراجع عادات مثل الإقامة في منزل العائلة، وغيرها».
 
منطقة الصف بمحافظة الجيزة، هي الأخرى شهدت قتل شاب على يد آخر رميا بالرصاص بسبب قيامه بقتل نجل عمه، وفى الجيزة أيضًا تم القبض على 6 متهمين قتلوا شابًا من أبناء عمومتهم وألقوا بجثته في نهر النيل بمنطقة البدرشين، وتبين أنهم خططوا لجريمتهم أخذا بالثأر لقيام شقيقه بقتل ابن عمه وقطع رقبته لسرقته، بمنطقة الشوبك الشرقي بمدينة الصف.
 
وفي القاهرة قتل 10 متهمين 5 مواطنين أخذًا بالثأر في منطقة القاهرة الجديدة، وقضت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بالتجمع الخامس، بإعدام خمسة متهمين شنقًا، وبالسجن المؤبد على متهم واحد، والمشدد 15 عامًا لرجل وابنه، والحبس سنة مع الشغل لاثنين آخرين.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق