منذ اكتشاف فحم الكوك وحتى الآن.. نرصد تاريخ التعدين المصري الحديث

الجمعة، 04 يناير 2019 10:00 ص
منذ اكتشاف فحم الكوك وحتى الآن.. نرصد تاريخ التعدين المصري الحديث
صورة أرشيفية
مروة الغول

على الرغم من أن الاستخدمات المبكرة للثروة المعدنية في مصر كانت واسعة الانتشار نسبيا في العصور التاريخية المختلفة، إلا أن التطور الحقيقي للتعدين  المصرى قد بدأ مع الثورة الصناعية، وازدادت أهميته بعد اكتشاف فحم "الكوك" وقوة البخار في تشغيل المعدات والآلات، حيث بدأت النهضة التعدينية الحديثة  مع قدوم الحملة الفرنسية علي مصر في عام 1798، حيث صاحب الحملة العديد من العلماء بدراسة مصر من أوجه علمية كثيرة، ولكن سبب قصر مدة الحملة الفرنسية، والتى استمرت خلال الفترة من عام 1798 إلى عام 1801، لم يمكن تنفيذ خطة طويلة المدى.

التعدين وتولى محمد على باشا الحكم عام 1805

أعقب انتهاء الحملة الفرنسية تولي محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة الحكم فى عام 1805، والذى نجح بقيادته في وضع مصر علي عتبة الحضارة الحديثة، حيث شهدت مصر خلال فترة حكمه نهضة كبيرة في مختلف المجالات، كالتعليم والترجمة والزراعة والصناعة، وبدأ محمد على في إرسال البعثات الجيولوجية، لتوفير الخامات المعدنية اللازمة، لتحقيق وبناء الدولة الحديثة، كما أنشاء مدرسة المعادن في مصر القديمة عام 1834 م، وأعاد اكتشاف مكامن الخامات التعدينية، واستعان في ذلك بعلماء من مختلف الجنسيات، ما أضفي روح المنافسة بين الجميع، والتى أسهمت في النهاية بشكل كبير في إحداث الثورة الصناعية والحضارية لمصر الحديثة.

1 (1)

هيئة المساحة الجيولوجية

أنشأت الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية "هيئة المساحة الجيولوجية" في عام 1896، وكان الهدف من إنشائها القيام بأعمال المسح الجيولوجي للأراضى المصرية بهدف إعداد الخرائط الجيولوجية بالمقاييس المختلفة، بالإضافة إلى استكشاف وتقييم الخامات المعدنية، تمهيدا لاستغلالها، مع تطبيق أحدث الطرق والأساليب التكنولوجية، لتنمية الموارد التعدينية بجمهورية مصر العربية.

مصلحة المناجم والمحاجر المصرية

تغير اسم الهيئة أكثر من مرة خلال الفترة الزمنية الماضية، حيث كان اسمها في البداية "مصلحة المساحة"، ثم تغير الاسم وأصبح "مصلحة المناجم والمحاجر المصرية"، وذلك في عام 1905، ثم تغير اسمها مرة إلى مؤسسة التعدين، ثم هيئة الأبحاث الجيولوجية، ثم هيئة المساحة الجيولوجية، وأخيرأ اسمها الموجودة عليه حاليا "الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية" فى 2005 .

1 (2)

بدايات النشاط التعدينى بمصر فى الفترة من 1896 : 1927

تمثل هذه الفترة بدايات النشاط التعدينى في مصر، حيث تم تغطية مساحات شاسعة من الصحراء، وقد تبلور ذلك وأسفر عن إعداد أول خريطة جيولوجية  حديثة لمصر، والتى نشرت في عام 1928، بالإضافة إلي إعداد كتاب جيولوجية مصر، وقد ساعد ذلك في تنشيط عمليات الاستكشاف والبحث عن الخامات المعدنية فيما بعد.

إعادة فتح وتشغيل مناجم الذهب بجبل السكرى 1928: 1939

تميزت هذه الفترة الزمنية بقيام الهيئة تحت اسم "مصلحة المناجم والمحاجر" في ذلك  الوقت، ببعض العمليات التعدينية، والتى كان أبرزها:

1- إعادة فتح وتشغيل مناجم الذهب بجبل  السكرى.

2- استخراج خام البازلت من محاجر أبو زعبل شمال القاهرة.

1 (3)

ثورة يوليو وزيادة معدلات الطلب علي الموارد والخامات المعدنية

شهدت تلك الفترة نشاطا ملحوظا في مجال الاستكشاف والبحث عن الخامات المعدنية تزامنا مع قيام ثورة 23 يوليو 1952، حيث بدأت الدولة في وضع وتنفيذ  برامج لإقامة الصناعات الكبرى في مصر، مثل صناعة الحديد والصلب وصناعة الأسمدة والصناعات الكيميائية، ما أدى إلي زيادة معدلات الطلب علي مختلف الموارد والخامات المعدنية التى تتطلبها هذه الصناعة  الناشئة، وعليه فقد تركزت جهود وأبحاث الهيئة من أجل توفير هذه المواد والخامات اللازمة لهذه الصناعات، وقد تم بالفعل اكتشاف وتقييم خامات كثيرة ثبت صلاحيتها للاستغلال الاقتصادى، وكان من أبرز تلك الخامات المعدنية، خام الحدديد في الواحات البحرية بالصحراء الغربية وبعض المناطق الأخرى بالصحراء الشرقية، وخام الفوسفات بهضبة أبو طرطور بالوادى الجديد ومنطقة وادى النيل والفحم، الذي تم اكتشافة لأول مرة  في منطقة المغارة بشبة جزيرة سيناء، وخام ألولوميت والأحجار الجيرية، والرخام وأحجار الزينة وخام الإلمنيت بأبو غلقة "أبو غصون"، وخام الزنك بمنطقة أم غيج "القصير".

التوسع في أنشطة الهيئة التعدينية فى الفترة من 1965: 1984 م

تميزت هذه الفترة بالتوسع في أنشطة الهيئة التعدينية، ووضع خطة خمسية مطورة للبحث عن الخامات  المعدنية، بالإضافة إلى إخال طرق حديثة للاستكشاف التعدينى، وقد أدى ذلك إلى اكتشاف تعدينية جديدة أضافت إلى الثروة القومية إضافة كبيرة تقدر قيمتها بآلاف الملايين من الجنيهات في ذلك الوقت، وأهم هذه الاكتشافا بداية استغلال خام الفوسفات هضبة أبو طرطور، والذى يعتبر واحد من أكبر الاكتشافات الجيولوجية لمصر في العصر الحديث.

1 (4)

الثمانينيات من أخصب فترات النشاط التعديني بمصر

وتعتبر فترة الثمانينيات من أخصب فترات النشاط  التعديني في مصر لما ساد خلال تلك الفترة من مناخ متمتز بالاستقرار الذى شجع علي بذل المزيد من العطاء والجهد في مجال  البحث والتنقيب عن الخامات المعدنية واستغلالها بأفضل الطرق الممكنة، وإضافة موارد تعدينية جديدة تضاف للثروة القومية، وتساعد على التوسع فى إقامة المشروعات التعدينية الكبرى، ومن  أهم الخامات المعدنية الجديدة التى تم إضافتها أو زيادة الاحتياطى التعدينى منها خلال هذه الفترة الزمنية، الطفلة الكربونية والفحم، والقصدير، والرمال السوداء، وخامات صناعة الأسمنت، والذهب، والرمال البيضاء لصناعة الزجاج، والحجر الجيرى، والبنتونيت، والكبريت وأملاح البوتاسيوم، والزيركون والمونازيت، والكاولين، والكووارتز والفلسبار.

طفرة كبيرة في مجال البحث والتنقيب عن الخامات المعدنية 1985 :2006م

شهدت هذه الفترة  طفرة كبيرة  في مجال البحث والتنقيب عن الخامات  المعدنية وتطور سريع في الطرق  والوسائل التكنولوجية المستخدمة  في نفس الغرض ، ما أدى لزيادة معدلات الإنتاج والتصدير لبعض هذه المعادن والخامات، والتى كان من أبرزها خامات "الفوسفات، والكوارتز، والفلسبار، والكاولين، والتلك، والإلنيت، وأكاسيد الحديد، والفلور سبار، والباريت، ورمال الزجاج، والحجر الجيري، والرخام، وأشباه الرخام ......).

1 (5)

استراتيجية جديدة لتنمية الثروة المعدنية

كما أدى ذلك لقيام الهيئة بوضع استراتيجية جديدة لتنمية الثروة المعدنية في مصر، وإعادة تشغيل واستغلال المناجم القديمة التى توقف العمل بها في فترات سابقة لأسباب مختلفة، وخير مثال علي ذلك مناجم الذهب في (السكرى _ حمش) بالصحراء الشرقية، بالإضافة إلى إدخال نظام طرح المزايدات في البحث والاستغلال عن المعادن والخامات، حيث تم عمل أول مزايدة عالمية للبحث عن الذهب والمعادن المصاحبة، حظيت بها 6 شركات متخصصة مختلفة الجنسيات، ما أدى إلى زيادة معدلات الاستثمار في قطاع التعدين المصرى خلال تلك الفترة.

الفترة من عام 2007 إلى عام 2013 م

شهدت هذه الفترة استمرار الهيئة في اتباع نفس استراتيجيتها لتنمية الثروة  المعدنية في مصر عن طريق طرح الخامات والمعادن المختلفة، للبحث واستغلالها في مزايدات عامة، فبعد نجاح المزايدة العالمية الأولى التى طرحتها الهيئة في عام 2006 للبحث عن الذهب في صحراء مصر الشرقية، قامت الهيئة في شهر يونيو عام 2009 بطرح ثانى مزايدة عالمية للبحث عن الذهب والمعادن  المصاحبة واستغلالها  في مصر بنظام المشاركة  في الإنتاج.

وقد أسفرت هذه المزايدة عن " 5 " إتفاقيات جديدة  للبحث عن الذهب والمعادن المصاحبة في مناطق "وادى جاسوس _ أم الروس _ أم سمرا _ بوكاري _ البرامية _ حماطة _ الشاذلى"، وحظيت بها 3 شركات متخصصة مختلفة الجنسيات، تعمل حالياً لتأكيد إحتياطيات الذهب في هذه المناطق تمهيداً لاستغلاله اقتصادياً في المرحلة المقبلة.

1 (6)

الإنتاج التجارى للذهب في مصر

كما شهدت نفس الفترة الإنتاج التجارى للذهب في مصر بعد توقف استمر أكثر من خمسون عاما، وتحديدا منذ عام 1958م، أخر إنتاج تجارى للذهب في مصر نحو 56.4 كجم، حيثأنتجت شركة حمش مصر للذهب أول سبيكة ذهبية "تجريبية" مصرية  في العصر الحديث في شهر أبريل من عام 2007، ثم قامت الشركة بالإنتاج التجارى للذهب من منطقة حمش مع مطلع عام 2008، وبلغ الإنتاج حتى نهاية عام 2013 م نحو 125.3 كجم.

بينما يعتبر الإنتاج الحقيقي للذهب في مصرمن منطقة جبل السكرى، حيث نجحت شركة  السكرى لمناجم الذهب صاحبة امتياز استغلال الذهب في هذه المنطقة،  في الإنتاج التجارى للذهب في نهاية عام 2009 م، الأمر الذى أعاد مصر مرة أخرى ضمن صفوف الدول المنتجة للذهب علي مستوى العالم بعد فترة طويلة، وكذلك تصنيف منجم السكرى ضمن أكثر عشر مناجم رئيسية لإنتاج الذهب علي مستوى العالم، خاصة إذا علمنا أن إحتياطيات الذهب في معظم هذه المناجم قد بدءت بالنفاذ.

خام الفوسفات المنتج من مشروع فوسفات أبوطرطور 

كما شهدت الفترة من عام 2007 م إلى  عام 2013م، طفرة ملحوظة في مجال البحث والتنقيب عن باقى الخامات المعدنية الأخرى، وتطور سريع في الطرق والوسائل التكنولوجية المستخدمة في نفس الغرض، ما أدى الي زيادة معدلات الإنتاج والتصدير لبعض هذه المعادن والخامات، والتى من أبرزها خام الفوسفات المنتج من مشروع فوسفات أبوطرطور الذى ظل منذ إنشائه يواجه مجموعة من المشاكل والمعوقات منه، حتى تم نقل تبعتيه إلي وزارة البترول، ممثلة في الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية، والتى قامت بدورها بمحاولات جادة لإعادة تقييمه وإيجاد الحلول المناسبة من أجل إعادة تأهيله وتشغيله بشكل اقتصادى  والحفاظ على العمالة، وتحديث إدارته وتنفيذ سياسة اقتصادية متوازنة بين تصدير الفوسفات للخارج والاستهلاك المحلى.

وقد أتت هذه الجهود ثمارها بعد النجاح في تأسيس وإنشاء "شركة فوسفات مصر"، وهى شركة استثمارية رأس مالها مملوك لوزارة البترول بنسبة 50% موزعة بين (هيئة الثروة المعدنية + الهيئة العامة للبترول + شركة جنوب الوادى القابضة للبترول) ووزارة المالية بنسبة 50% ممثلة في بنك الاستثمار  القومى، ليكون ذلك أول كيان  قانونى لمشروع فوسفات أبوطرطور منذ التفكير فيه نهاية التسنيات من القرن الماضى.
1 (7)

 

 

 

1 (8)
 

 

 

1 (9)
 

 

 

1 (10)
 

 

 

1 (11)
 

 

 

1 (12)
 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة