من التلبس للتنازل.. كل ما تريد معرفته عن جريمة الزنا في القانون المصري

الأربعاء، 09 يناير 2019 04:00 م
من التلبس للتنازل.. كل ما تريد معرفته عن جريمة الزنا في القانون المصري
الزنا
علاء رضوان

مئات القضايا التى تُنظر فى المحاكم بشأن وقائع «الزنا»، بينما هناك حزمة من المشكلات تواجه صاحب دعوى الزنا عديدة وعلى رأسها معوقات إثبات الجريمة ضد الزوجة، باعتبار أن الزوج هو الشخص الوحيد المخول له تحريك دعوى الزنا ضد زوجته.

فى التقرير التالى رصد «صوت الأمة» دعوى الزنا من حيث الأدلة والتنازل عن الدعوي، وإثبات الجريمة، وذلك فى الوقت الذى تشترط فيه دعوى الزنا أن يكون هناك شكوي مقدمة من المجني عليه أو وكيله حيث إن عقوبة الزنا فى قانون العقوبات المصرى، مواد من رقم 273 وحتى المادة 276، عقوبات. 

زنة-٩٨٩١٨

فى هذا الشأن، يقول محمد الصادق، الخبير القانونى والمحامى، أن المادة رقم 276 من قانون العقوبات المصرى، حدد عقوبة جريمة الزنا بالحبس 6 شهور للزوج وسنتين للزوجة، وحال تنازل الزوج، يتم وقف تنفيذ العقوبة حتى لو كان الحكم نهائيًا.

أما عن الادلة علي جريمة الزنا – يؤكد «الصادق» فى تصريح لـ«صوت الأمة» - أن المادة 276 من قانون العقوبات المصرى، ذكرت بعض الأدلة، مثل:

١-التلبس

القبض على المتهم حين تلبسه بالفعل، والتلبس هنا ليس معناه مشاهدة المتهم وهو يرتكب الفعل ذاته بل يكفى أن يكون فى حاله تدل على ذلك.

٢-ووجود أوراق مكتوبة من المتهم تثبت عليه.

٣-وجوده فى المحل المخصص للحريم في منزل مسلم.

٤- الاعتراف.

فإذا لم يوجد أى دليل من الأدلة السابقة برئ الرجل، مما هو منسوب إليه من جريمة الاشتراك في زنا الزوجة.

صدور الاعتراف من الشريك

ويُضيف «الصادق» - يجب أن يكون الاعتراف صادرا من ذات شخص الشريك المتهم بالاشتراك فى جريمة زنا الزوجة، أما أن كان الاعتراف صادرا من الزوجة نفسها أو من الزوج المجنى عليه أو من أي شخص آخر فإن هذا لا يعد اعترافا قانونيا يؤخذ به ويحاسب على أساسه.

أن يكون الاعتراف أمام القضاء:

فيجب أن يتم اعتراف الشريك المتهم بالاشتراك فى زنا الزوجة أمام القضاء، أى أمام هيئة المحكمة التى تنظر الدعوى لتفصل فى الاتهام أما بالإدانة أو البراءة، أما أن كان الاعتراف أمام أهل الزوجة أو الأصدقاء أو أمام جهات الشرطة أو حتى أمام النيابة التى تباشر التحقيقات فانه لا يعد اعترافا قانونيا لآن هذه الجهات تختلف عن هيئة المحكمة التى تنظر الدعوى – هكذا يقول «الصادق».

94dcd47057184b597736594a2b047245

يلاحظ بادئ ذي بدء أن الرجل يمكن أن يكون متهما بالزنا وباشتراكه بتلك الجريمة مع امراة متزوجة في نفس الوقت، ونفس الأمر ينطبق على المرأة التي يمكن أن تكون متهمة بالزنا واعتبارها شريكة رجل آخر بالزنا في نفس الوقت، والمادة 276 من قانون العقوبات وأن جاءت بأن الأدلة التي تقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا، إلا أن المقصود هنا ليس هو الرجل باعتباره زانيا ولكن هو الرجل باعتباره شريكا للزوجة الزانية – الكلام لـ«الصادق».

الأدلة المطلوبة

والمشرع هنا وضع تفرقة بين الأدلة المطلوبة وتكون حجة على شريك الزوجة الزانية وبين كل من زنا الزوج وزنا الزوجة وشريكة الزوج في الزنا، فهو وإن كان وضع أدلة على سبيل الحصر بالنسبة لشريك الزوجة الزانية بحيث يبرأ المتهم من اشتراكه مع الزوجة الزانية في الزنا إذا لم يستطع إثبات أي دليل من الأدلة الواردة حصرا، إلا انه من ناحية أخري قد اخضع إثبات زنا الزوج وكذلك شريكته في الزنا لكافة طرق الإثبات القانونية، وبالنسبة للزوجة الزانية فتخضع أيضا للقواعد العامة من حيث جواز إثبات زناها بكافة طرق الإثبات وبأى وسيلة

التنازل عن الدعوي

وعن التنازل عن الدعوي، يقول «الصادق» أن القانون يعطي حق للزوج الذي ارتكبت زوجته هذه الجريمة أن يتنازل عن الدعوى في أي حالة وتكون عليها الدعوى وله أيضًا أن يوقف تنفيذ العقوبة حتى لو كان الحكم نهائيًا، بشرط أن يرضى معاشرتها له كما كان وللزوجة مثل هذا الحق، ويجب أن نشير أن هناك دعوي قد اقيمت رقم 37 لسنة 39 دستورية والتى طالب فيها بعدم دستورية نص المادة 276 من قانون العقوبات والتى تنص على أن: «الأدلة التى تقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا هى القبض عليه حين تلبسه بالفعل أو اعترافه أو وجود مكاتيب أو أوراق أخرى مكتوبة منه أو وجوده فى منزل مسلم فى المحل المخصص للحريم».

17639320381439902824

ويجب التأكيد – وفقا لـ«الصادق» - على أن محكمة النقض ترى أن تنازل الزوج عن شكواه ضد زوجته الزانية ينتج أثره بالنسبة لشريكها نظرا للطبيعة الخاصة لجريمة «الزنا»، ولأن ادانة الشريك يعني بطريقه غير مباشرة ادانة الزوجة التي انقضت دعوي الزنا ضدها بالتنازل فضلا عن أن إجرام الشريك فرع من إجرام الفاعل فإذا تم محو إجرام الأخير وجب بالتبعية محو إجرام الأول.

 

يسقط حق الزوج في تقديم الشكوى ضد زوجته الزانية إذا كان قد سبق له ارتكاب الزنا في منزل الزوجية مادة ٢٧٣ عقوبات، وفي هذه الحالة يكون للزوجة أن تدفع بعدم جواز محاكمتها عن جريمة الزنا لسبق ارتكاب زوجها لجريمة الزنا، وهذا حق مقرر للزوجة دون الزوجة، وعن قتل الرجل لزوجته فى حال تلبسها يخفف قانون العقوبات كذلك عقاب الزوج الذي يفاجئ زوجته حال تلبسها بالزنا فيقتلها هي وشريكها، إذ لا تطاله العقوبات المقررة للقتل العمد أو للضرب المفضي إلى الموت، وإنما يعاقب بالحبس مدة ٢٤ ساعة فقط وعلة التخفيف هنا حالة الغضب والاستفزاز اللذين يسيطران على الزوج – طبقا للخبير القانونى .

إثبات جريمة الزنا

وعن إثبات جريمة الزنا، يقول أشرف فرحات، الخبير القانونى والمحامى بالنقض، أنه يمكن تعريف إثبات جريمة الزنا بصفة خاصة على أنه إقامة الدليل لدى السلطات المختصة بالإجراءات الجنائية على تحقيق واقعة ارتكاب الزنا، وذلك بالطرق التي حددها القانون، ويذهب البعض بأن الإثبات القانوني بصفة عامة هو تنقيب عن الدليل وتقديمه وتقديره، فالإثبات هنا يقع على واقعات الجريمة المادية باعتبارها ذات أهمية قانونية.

سجن

بحسب «فرحات» - تنص المادة 276 من قانون العقوبات على أن: «الأدلة التي تقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا هي القبض عليه حين تلبسه بالفعل أو اعترافه أو وجود مكاتيب أو أوراق أخري بخطه أو وجوده في منزل مسلم في المحل المخصص للحريم»، ويلاحظ أن الرجل يمكن أن يكون متهما بالزنا وباشتراكه بتلك الجريمة مع امراة متزوجة في نفس الوقت، ونفس الأمر ينطبق على المرأة التي يمكن أن تكون متهمة بالزنا واعتبارها شريكة رجل آخر بالزنا في نفس الوقت، والمادة 276 من قانون العقوبات، وإن جاءت بأن الأدلة التي تقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا، إلا أن المقصود هنا ليس هو الرجل باعتباره زانيا ولكن هو الرجل باعتباره شريكا للزوجة الزانية.

ويُضيف «فرحات» - المشرع هنا وضع تفرقة بين الأدلة المطلوبة وتكون حجة على شريك الزوجة الزانية وبين كل من زنا الزوج وزنا الزوجة وشريكة الزوج في الزنا، فهو وإن كان وضع أدلة على سبيل الحصر بالنسبة لشريك الزوجة الزانية بحيث يبرأ المتهم من اشتراكه مع الزوجة الزانية في الزنا إذا لم يستطع إثبات أي دليل من الأدلة الواردة حصرا، إلا انه من ناحية أخري قد اخضع إثبات زنا الزوج وكذلك شريكته في الزنا لكافة طرق الإثبات القانونية، وبالنسبة للزوجة الزانية فتخضع أيضا للقواعد العامة من حيث جواز إثبات زناها بكافة طرق الإثبات وبأى وسيلة.

على هذا الأساس فاننا سوف نحذو حذو المشرع ونقسم هذا المبحث الى فرعين، احدهما نخصصه للأدلة المتطلبة ضد شريك الزوجة الزانية، والأخر لتلك الأدلة التي يمكن الأخذ بها ضد زنا الزوج وزنا الزوجة وشريكة الزوج في الزنا. 

_103604428_hi049579230

الفرع الأول

أدلة الإثبات ضد شريك الزوجة الزانية

حصر هذه الأدلة : ــ

حاول المشرع أن يضيق بقدر الإمكان عن الأدلة التي يمكن أن تدين الرجل في جريمة الزنا باعتباره شريكا حتى يتفادى موضوع الدعاوى الكيدية في موضوع يتصل بالسمعة هذا، ولا يمكن إدانة الرجل باشتراكه في الزنا الا بتوافر أي دليل من الأدلة الأربعة الآتية :

أولا : التلبس.

ثانيا : الاعتراف.

ثالثا : الأوراق المكتوبة.

رابعا : وجوده في المحل المخصص للحريم في منزل مسلم.

فإذا لم يوجد أي دليل من الأدلة السابقة برئ الرجل مما هو منسوب إليه من جريمة الاشتراك في زنا الزوجة، بيد أنه ووفقا لمبدأ الاقتناع القضائي فانه حتى وإن توفرت هذه الأدلة كلها أو بعضها فإنها لا تكفى وحدها لإدانة الرجل بالاشتراك في الزنا، ولكن يلزم فضلا عن ذلك أن تطمئن المحكمة إلي ثبوت قيام الجريمة في حق المتهم وكونت المحكمة عقيدتها وانتهت إلي أن الجريمة ثابتة في حق الرجل دون شك، فإذا استند الاتهام إلي أي دليل من هذه الأدلة فليس على المتهم إلا أن يثبت بكافة طرق الإثبات عكس ما جاء بهذه الأدلة، والآن ننتقل إلي شرح كل دليل من هذه الأدلة الأربعة:

أولا ــ التلبس :

نصت المادة 276 عقوبات على أن التلبس يعد دليلا ضد شريك الزوجة الزانية، بيد أنه يجب التفرقة بين التلبس الوارد في المادة 276 عقوبات وبيت التلبس الوارد في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية، وتنص المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية على: «تكون الجريمة متلبسا بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة» .

وتعتبر الجريمة متلبسا بها إذا اتبع المجني عليه مرتكبها أو تبعته العامة مع الصياح أثر وقوعها أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملا آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقا أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك فالهدف من التلبس الوارد في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية هو تحديد سلطة مأموري الضبط القضائي.

أما التلبس في المادة 276 عقوبات فالهدف منه تحديد دليل إثبات يتميز بقوة خاصة لتفادى الدعاوى الكيدية في موضوع يتصل بالسمعة، إذن فالمقصود من التلبس في المادة 276 عقوبات هو أن يشاهد الشريك في ظروف لا تدع مجالا للشك عقلا أن الفعل الذي تقوم به الجريمة قد وقع فعلا ، بمعنى انه يجب أن يرى الشريك في حالة يستحيل على العقل والمنطق أن يسلم أن الفعل الذي تقوم به الجريمة لـم يرتكب – هكذا يقول «فرحات».

 

ويمكن أن يعد من قبيل التلبس بالزنا أن تضبط الزوجة وعشيقها وهما راقدان في فراش واحد، أو أن تضبط الزوجة في منزل عشيقها في ساعة متأخرة من الليل وملابسها غير منتظمة، أو مفاجأة الزوجة وعشيقها في حجرة أغلقاها من الداخل وامتنعا عن فتح بابها عندما طلب منها ذلك، وضبط الزوجة شبه عارية في غرفة النوم في حين كان عشيقها بملابس النوم راقدا في فراشها، وضبط العشيق ليلا في منزل الزوجية مختبئا تحت السرير خالعا حذاءه في حين لم يكن يستر الزوجة شئ غير ملابس النوم، وضبط الزوجة وعشيقها وهما بغير سراويل وقد وضعت ملابسهما الداخلية بعضهما بجوار بعض، وضبط الشريك مختبئا تحت السرير ونصفه الأسفل عار وهو يمسك بملابسه، وضبطه في غرفة النوم المخصصة للأبناء يحاول ارتداء بنطلونه، وضبطه مع الزوجة بملابسهما الداخلية في حجرة واحدة بفندق في وقت متأخر من الليل.

 

وإذا كان يجب أن يشاهد الشريك في حالة لا تدع مجالا للشك عقلا أن الفعل الذي تقوم به الجريمة قد وقع فعلا، فانه من ناحية أخري ليس من الضروري أن يشاهد الزوج واقعة الزنا بنفسه، بل يجوز أن يشاهدها أي شخص آخر، ومن باب أولي زوجها، ويعتبر من قبيل المشاهدة سماع أقوال أو أصوات من الزوجة أو شريكها تقطع بارتكاب الفعل.

20170318020433433

وإذا شوهد الشريك في حالة لا تدع مجالا للشك عقلا أن الفعل الذي تقوم به الجريمة قد وقع فعلا، إلا انه من باب العدالة القول انهما ربما كانا على أهبة الاستعداد للقيام بها الفعل وانهما لم يرتكباه فعلا، وعلى هذا، فعلى كل من يهمه الأمر إثبات أن الشريك لم يواطىء الزوجة فعلا وعليه إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات، فإذا ما افلح في إثباتها حكمت المحكمة ببراءة المتهم مما هو منسوب إليه من تهمة الاشتراك في زنا الزوجة.

 

وإذ نصت المادة 276 عقوبات على أن من بين الأدلة التي تتخذ ضد الشريك في الزنا هــي «القبض عليه حين تلبسه بالفعل»، فليس معنى هذا هو القبض كما عرفته محكمة النقض بأنه : «هو الذي يعنى تقييد حرية الإنسان والتعرض له بإمساكه وحجزه ولو لفترة يسيرة تمهيدا لاتخاذ بعض الإجراءات ضده»، فالمشرع لم يقصد من التلبس في المادة 276 عقوبات إلا أن يشاهد الشريك في حالة لا تدع مجالا للشك عقلا أن الفعل الذي تقوم به الجريمة قد وقع فعلا.

 

ولمحكمة النقض في هذا الشأن حكم جاء فيه: «وإن كان النص العربي للمادة 276 من قانون العقوبات قد جاء به في صدد إيراد الأدلة التي تقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا «القبــــــض على المتهم حين تلبسه بالفعل»، إلا أن هذه العبارة في ظاهرها غير مطابقة للمعنى المقصود فيها، فان مراد الشارع كما هو المستفاد من النص الفرنسى ليس إلا مشاهدة المتهم فقط لا القبض عليه، وإذن فيجوز إثبات حالة التلبس بشهادة شهود الرؤية ولو لم يكن قد قبض على المتهم، ثم إنه لا يشترط أن يكون شريك الزانية قد شوهد معها في ظروف لا تترك مجالا للشك عقلا في أن الزنا قد وقع، فإذا شهد شاهد بأنه دخل على المتهمة وشريكها فجأة في منزل المتهمة فإذا هما بغير سراويل وقد وضعت ملابسهما الداخلية بعضهما بجوار بعض وحاول الشريك الهرب عندما أصر الشاهد على ضبطه ثم توسلت الزوجة له أن يصفح عنهما وتعهدت له بالتوبة فتأثر بذلك وأخلى سبيلهما واستخلصت المحكمة من ذلك قيام حالة التلبس بالزنا فان استخلاصها هذا لا يصح مراجعتها فيه».

2017_8_2_15_29_49_978

على أنه يجب في كل الأحوال أن يضبط الشريك وهو في حالة التلبس المنصوص عليها في المادة 276 عقوبات، بحيث تكون المشاهدة قد جاءت عن طريق قانوني ومشروع، فإذا ثبت أن المشاهدة إنما كانت بناء على أمر لا يقره القانون بات التلبس غير معترف به ولا يجوز إدانة الشريك بناء على هذه المشاهدة غير المشروعة، فيجب أن تكون حالة التلبس وليدة إجراءات مشروعة ما لم يكن الزنا وقع في منزل الزوجية فيكون من حقه أن يشاهد ما يدور بداخله بكافة الوسائل

ثانيا ــ الاعتراف :

يختلف الاعتراف في قانون الإجراءات الجنائية عن الاعتراف في القانون المدني ، فالاعتراف في هذا القانون الأخير هو اعتراف الخصم بواقعة قانونية مدعى عليه بها وذلك اثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة (1)، أما الاعتراف في قانون الإجراءات الجنائية فهو كما يعرفه بعض الفقه بأنه إقرار المتهم على نفسه بصدور الواقعة الإجرامية عنه، على هذا فإنه يجب أن يصدر الاعتراف عن ذات شخص المتهم، أما ما يصدر عن غيره فانه يعد شهادة ، ويجب أن يقرر المتهم انه اقترف الواقعة الإجرامية – طبقا لـ«فرحات».

 

وبالتالي فإنه يمكن القول أن الاعتراف باعتباره دليلا ضد شريك الزوجة الزانية هو إقرار الشريك على نفسه بارتكاب الواقعة التي تقوم بها الجريمة، فلا اعتداد اذن باعتراف الزوجة بالزنا وإسنادها تهمة الاشتراك إلي رجل آخر، بل يجب أن يصدر هذا الاعتراف من الشريك نفسه. 

ما_هي_أنواع_الزنا

 

والاعتراف يعتبر دليلا هاما جدا ويمكن بناء حكم الإدانة عليه وحده، ولكن يشترط لذلك عدة أمور : ــ

أولا ــ أن يكون الاعتراف صريحا : ــ

 

فلا يستشف الاعتراف من مجرد أقوال قد تجرى على لسان المتهم ولا يمكن اعتبارها إلا سوء دفاع منه عنه نفسه.

 

ثانيا ــ يجب أن يكون هذا الاعتراف صحيحا باعتباره إجراء قانونيا : ــ

 

ويلزم لأي إجراء قانوني أن يكون صحيحا وإلا أهمل ولا يعتد به، والاعتراف الصحيح هو الذي يصدر عن إرادة مميزة وحرة، فلا عبرة باعتراف صادر عن شخص سكران أو مريض مرض الموت أو كان مجنونا لا يعي ما يقول أو يفعل، كذلك لا قيمة باعتراف جاء نتيجة إكراه أو ضغط ، فأي أقوال تصدر من شخص تحت وطأة الإكراه أو التهديد يهدر ولا يعول عليه

 

ثالثا ــ أن ينصب على ذات الواقعة المادية للجريمة : ــ

 

فيلزم أن يكون الاعتراف منصبا على ارتكاب الواقعة المادية التي تكون الفعل المجرم قانونا، فان كان اعترافه منصبا على أمور أخري غير تلك الواقعة المادية فان اعترافه يهدر ولا يعول عليه

 

رابعا ــ صدور الاعتراف من الشريك : ــ

 

يجب أن يكون الاعتراف صادرا من ذات شخص الشريك المتهم بالاشتراك في جريمة زنا الزوجة، أما أن كان الاعتراف صادرا من الزوجة نفسها أو من الزوج المجني عليه أو من أي شخص آخر فان هذا لا يعد اعترافا قانونيا يؤخذ به ويحاسب على أساسه الشريك في الزنا

 

خامسا ــ أن يكون الاعتراف أمام القضاء : ــ

 

فيجب أن يتم اعتراف الشريك المتهم بالاشتراك في زنا الزوجة أمام القضاء، أي أمام هيئة المحكمة التي تنظر الدعوى لتفصل في الاتهام اما بالإدانة أو البراءة، أما أن كان الاعتراف أمام أهل الزوجة أو الأصدقاء أو أمام جهات الشرطة أو حتى أمام النيابة التي تباشر التحقيقات فانه لا يعد اعترافا قانونيا لأن هذه الجهات تختلف عن هيئة المحكمة التي تنظر الدعوى.

 

وإذا قام المتهم بالاعتراف أمام المحكمة التي تنظر الدعوى وتم إثبات هذا الاعتراف في محاضر الجلسات وأوراق الدعوى، فإنه يعتبر اعترافا قانونيا صحيحا طالما توافرت سائر الشروط الأخري المطلوبة، ولا يغير من صحة الاعتراف إحالة الدعوى إلي محكمة أخري لنظر الدعوى، إذ يظل الاعتراف منتجا لآثاره حتى ولو يعترف المتهم مرة أخري أمام المحكمة المحال إليها الدعوى.

d3e759833d11dd3873d77d3975eea952c3c5883eba238b784d390d2b81cf1f61

فإذا توافرت هذه الشروط كان للاعتراف قوته وحجيته ويجوز للمحكمة حينئذ أن تقضى بالإدانة على هذا الاعتراف وحده دون سماع الشهود، وفى مثل هذا الاعتراف نصت المادة 271 إجراءات جنائية على أن: «يبدأ التحقيق فى الجلسة بالمناداة على الخصوم والشهود ويسال المتهم عن اسمه ولقبه وسنه وصناعته ومحل إقامته ومولده وتتلى التهمة الموجهة اليه بأمر الإحالة أو بورقة التكليف بالحضور على حسب الأحوال ثم تقدم النيابة العامة والمدعى بالحقوق المدنية إن وجد طلباتهما.

 

وبعد ذلك يسأل المتهم عما إذا كان معترفا بارتكاب الفعل المسند إليه فان اعترف جاز للمحكمة الاكتفاء باعترافه والحكم عليه بغير سماع الشهود وإلا فتسمع شهادة شهود الإثبات، وينبغى الاشارة إلي أن الاعتراف الصادر عن الشريك والذي توافرت جميع الشروط المطلوبة فيه للحكم عليه دون سماع الشهود، وهو أن كان يكفى وحده بالإدانة الا أن المحكمة هنا غير ملزمة بالإدانة تأسيسا على هذا الاعتراف وحده، ولكن يمكن لها وفقا لمبدأ الاقتناع القضائي أن ترفض الاعتراف وتأخذ بدليل آخر من الأدلة المنصوص عليها في المادة 276 عقوبات، ولها أن تسمع شهود إثبات بالإضافة إلي اعتراف المتهم وتدينه بعد سماع الشهود واعتراف، أو تبرئه إذا اقتنعت ببراءته – وفقا لـ«فرحات».

 

ولكن إذا كان للاعتراف هذا الدور الفعال والذي يكاد يكون هو صاحب الدور الحاسم والكلمة الأخيرة في جريمة الاشتراك في زنا الزوجة الا انه قد يصدر هذا الاعتراف على غير الحقيقة لسبب ما، كأن يصدر الاعتراف عن باعث إنقاذ المجرم الحقيقي كما لو اعترف فرد في عائلة أو عضو في حزب أو جمعية بجريمة ارتكبها رب عائلته أو زعيم حزبه أو رئيس جمعيته كي ينقذه من عقوبة جريمته فيتاح له الاستمرار في أداء رسالته ودوره، لأجل ذلك فإن على المحكمة قبل أن تنطق بحكم الإدانة عليها أن تتوخى الحذر في تقدير قيمة الاعتراف وتحول دون إضفاء قيمة وحجية مطلقة عليه.

T1467129709c21e5d73ec12e8761424a8f697d9da44image.jpg&w=700&h=394&q=90&

هذا بالنسبة للاعتراف الصادر عن الشريك والذي يمكن أن تستند إليه المحكمة وتحكم بالإدانة بناء عليه دون سماع شهود، ونرى أنه لا يجوز للمحكمة إدانة الشريك تأسيسا على اعترافه فقط إذا لم يكن الاعتراف صدر أمام المحكمة، كأن يصدر الاعتراف أمام الشرطة أو النيابة أو أمام شخص عادى، ومع ذلك نرى انه وفقا لمبدأ الاقتناع القضائي يجوز للمحكمة الإدانة بناء على الاعتراف رغم انه لم يصدر في مجلس القضاء إذا رأت أن الفعل المجرم قانونا قد وقع فعلا من المتهم، وكما يرى البعض بأنه يعد دليلا الإقرار الذي يصدر أمام شخص عادى إذا اقتنعت المحكمة من شهادة هذا الشخص بصدور ذلك الإقرار – بحسب «فرحات».

 

ثالثا ــ الأوراق المكتوبة الصادرة من الشريك :

الدليل الثالث الذي يؤخذ به في مواجهة الشريك في زنا الزوجة هو صدور أوراق مكتوبة منه، ويعنى بهذا تلك الأوراق والمحررات التي يكتبها الشريك بخط يده، وقد تطلب المشرع أن تكون هذه الأوراق مكتوبة بخط يد الشريك ذاته، ونحن نرى انه يعد من باب الأوراق المكتوبة الصادرة من الشريك تلك الأوراق التي وان لم تكتب بيد الشريك الا أنها موقعة عليها منه، يستوي أن يكون التوقيع كتابة أو بصمة أو ختما، ولكن يشترط أن يكون عالما بما يحتويه هذا المحرر، ونرى أيضا انه يستوي أن يكون المحرر مكتوبا أو موقعا باللغة العربية أو أي لغة أخري

 

وطالما كان الشرط هو أن يكون المحرر مكتوبا بيد الشريك أو موقعا عليه منه وان لم يكن المحرر مكتوبا بخطه فاننا نرى انه إذا دفع الشريك أن المحرر مكتوب بيد غيره أو كان التوقيع مزورا فان هذا الدفع يكون دفعا جوهريا ينبغي على المحكمة أن ترد عليه ردا كافيا وسائغا والا كان الحكم معيبا ويتعين نقضه لمخالفته القانون

إذن فالشرط الأساسي هنا هو أن يكون المحرر مكتوبا بخط يد الشريك أو موقعا عليه منه

إملاء الشريك المحرر على شخص اخر :

ولكن هل يمكن مساءلة الشريك أن هو أملى المحرر على شخص آخر فقام هذا الأخير بتحرير ما يملى عليه ؟

الفرض هنا أن الشريك لم يوقع المحرر ولم يبصمه أو يختمه بخاتمه ، والواقع أن المشرع تشدد دا في الدليل الذي يجب أن يقام ضد الشريك في زنا الزوجة حفاظا على السمعة ، والشريعة الإسلامية الغراء هي أيضا قبل المشرع الوضعي قد ضيقت إلي ابعد الحدود الأدلة التي تقام على الزانى أو الزانية.

وإذا كان المشرع قد نص صراحة على أن الأدلة التي تقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا وجود مكاتيب أو أوراق أخري مكتوبة ، فاننا نرى انه لا يجوز عقاب الشريك الذي يملى كلمات على آخر فيقوم هذا الأخير بتحرير ما يملى عليه ، خاصة انه قد يتعمد البعض الكذب والافتراء فينسبون إلي برئ ظلما وعدوانا ما لم يقله أو يمله ويدبرون كل التدابير في شان إقناع القاضي بأن المتهم هو الذي أملى عليهم هذا المحرر ، وقد يقتنع القاضي فيدين المتهم وهو من الاتهام براء

التسجيلات الصوتية الصادرة عن الشريك :

قد يقوم الشريك في الزنا بتسجيل ما يريده تسجيلا صوتيا بحيث يفهم منه انه قارف الفعل المجرم قانونا، أو أن يكون ثمة جهاز تسجيل موجودا ويسجل كل صوت أو صراخات صادرة من الشريك أو الزوجة أثناء قيامهما بالفعل المكون للجريمة، فهل يعتبر هذا التسجيل الصوتي دليلا ضد الشريك في زنا الزوجة ؟

يجب أن نعلم أن بعض الناس قد حباهم الله عز وجل بموهبة تقليد الأصوات، فهم على استعداد بتقليد أصوات أي إنسان أو حيوان أو غير ذلك، وإذا أضفنا إلي ذلك أن التسجيل قد يكون غير نقى، وأيضا فبعض الناس يكون لديهم إلي درجة كبيرة جدا صوتا متشابها مع بعض الناس الآخرين بحيث لا يمكن التمييز بينهما إلا بصعوبة.

إذا وضعنا كل ذلك في حسباننا فإننا يمكن أن نجد أن الصوت الذي هو مسجل هو غير صوت المتهم بالاشتراك في زنا الزوجة، فالأمر إذن لا يقوم على أساس من اليقين، والإدانة في الأحكام الجنائية تبنى على اليقين وليس على الشك، بناء عليه، فإننا نرى أنه لا يكفى أن يكون ثمة تسجيل صوتي صادر عن المتهم لكي تدينه المحكمة خاصة وأن المادة 276 عقوبات قد نصت صراحة كما سبق على صدور مكاتيب أو أوراق أخري مكتوبة منه، وليس التسجيل الصوتي من قبيل الأوراق أو المكاتب المنصوص عليها في المادة 276 عقوبات – هكذا يقول «فرحات».

الصور الفوتوغرافية :

أولا يجب أن نميز بين ما إذا كانت هذه الصور الفوتوغرافية هي صور لتلك المكاتيب والأوراق الأخري الصادرة من الشريك أو هي صور تجمع بين كل من الشريك والزوجة والتي يتبين منها أنهما في وضع مريب، فإذا كانت هذه الصور من قبيل النوع الأول فإنها تعتبر حجة طالما ثبت للقاضى أنها صور طبق الأصل للمحرر الصادر عن الشريك وبالتالي فإنه يمكن إدانة الشريك بناء على هذه الصور الفوتوغرافية لهذه الأوراق والمحررات الصادرة عن هذا الشريك.

أما إذا كانت الصور تجمع بين كل من الشريك والزوجة في وضع مريب، فقد ذهب البعض إلي أنها تعتبر في الواقع دليلا على التلبس بالزنا، إذ أن الصورة التي يظهر فيها المتهمان وهما يرتكبان ذات الفعل المجرم تنبئ بذاتها عن سبق حالة التلبس، ولكن يجب على المحكمة أن تتأكد من سلامة الصورة عن طريق الاستعانة بأهل الخبرة.

ولكن علينا أن نعلم أن الكثير من الكاميرات الفوتوغرافية هذه الأيام تعمل أوتوماتيكيا بحيث يعدها من يريد التصوير بها فتلتقط هي الصورة بنفسها أوتوماتيكيا دون أن يقربها شخص، ولذلك فإنه من الممكن أن يقوم شخص بتصوير نفسه بواسطة هذه الكاميرات الأتوماتيكية دون أن يكون معه أحد غيره.

ولذلك فحالة التلبس التي يشير إليها هذا الرأي السالف بيانه قد تكون فعلا موجودة إذا ما كان ثمة شخص ثالث يلتقط صورا للشريك مع الزوجة، أما إذا كانت الكاميرات تعمل أوتوماتيكيا ولا تحتاج لشخص ثالث ليصور الشريك والزوجة فإنه لا يمكن أن تكون ثمة حالة تلبس موجودة، فضلا عن ذلك فان الفن والعلم قد تطور تطورا كبيرا جدا بحيث يمكن لنا أن نجد بمكان صورة قد أبدعها صاحبها تبين وجود رجل وامرأة في وضع مريب دون أن يحدث ذلك فعلا.

لذلك فنحن نذهب إلي ما ذهب إليه جمهور الفقه والقضاء على اعتبار عدم جواز قياس الصور الفوتوغرافية التي تبين المتهم في وضع مريب مع الزوجة على تلك الأوراق الصادرة من الشريك، لأن المكاتيب التي تعنيها المادة 276 عقوبات يشترط مع دلالتها أن تكون محررة من المتهم نفسه.

عدم اشتراط صراحة الأوراق : ــ

سبق أن قلنا أنه يشترط أن توجد أوراق أو مكاتيب صادرة من الشريك تفيد اقترافه للفعل المؤثم قانونا مع الزوجة، ولكن بقى أن نقول لأنه لا يشترط أن تكون هذه الأوراق تحتوى على اعتراف صريح من الشريك باقترافه الفعل المؤثم قانونا، بمعنى آخر أنه لا يشترط في الأوراق أن تكون صريحة أو ضمنية بحيث لا تدع مجالا للشك عقلا في أن الشريك ارتكب الفعل، فالأوراق والمكاتيب التي يجوز الإثبات بها لا يشترط فيها أن تكون قاطعة بوقوع الفعل المعاقب عليه، بل يكفى أن يكون المحصل الذي يستخرجه القاضي منها مؤديا إلي إثبات وقوع الفعل المذكور.

الحصول على المحرر بالقوة : ــ

يجب على كل من يريد أن يحصل على دليل أن يستمده بطريقة مشروعة وقانونية، وبالتالي فمؤدى القواعد العامة انه إذا استولى زوج على متاع خاص بزوجته لكي يحصل منه على دليل كتابي صادر من عشيقها إليها ، خاصة إذا كان هذا الاستيلاء بالقوة، فإن هذا الدليل ــ المحرر الكتابي ــ لا يجوز الأخذ به كدليل إدانة، إذ انه جاء نتيجة الاستيلاء والاغتصاب والقوة، أي انه جاء بطريقة غير مشروعة.

غير أن محكمة النقض قد جاءت بحكم هام جدا وقالت : أن الزوج في علاقته مع زوجته ليس على الإطلاق من الغير في حدود سرية المكاتبات، فان عشرتهما وسكون كل منهما إلي الآخر وما يفرضه عقد الزواج عليهما من تكاليف لصيانة الأسرة في كيانها وسمعتها، فذلك يخول لكل منهما ما لا يباح للغير من مراقبة زميله في سلوكه وفى سيرته وغير ذلك مما يتصل بالحياة الزوجية كي يكون كل على بينة من عشيره، وهذا يسمح له عند الاقتضاء أن يتقصى ما عساه يساوره من الظنون أو شكوك ليتنبه فيهدأ باله أو ليتثبت منه فيقرر ما يرتئيه، وإذن فإذا كانت الزوجة قد حامت حولها الشبهات وتقوت إلي الحد الذي تحدث عنه الحكم يكون للزوج وهو ممتلئ اقتناعا بأن حقيبة زوجته الموجودة في بيته وتحت بصره بها رسائل من عشيق، أن يستولي على هذه الرسائل ولو خلسة ثم يستشهد بها على زوجته إذا ما رأي محاكمتها لإخلالها بعقد الزواج.

ومقتضى هذا الحكم أن للزوج أن يفتش حقائب زوجته وأمتعتها إذا ما ساوره الشك أنها تحوى رسائل ومحررات صادرة من عشيق لها، غير أن هذه الرخصة لا يملكها إلا إذا كانت هذه الحقائب أو الأمتعة موجودة فى منزل الزوجية، أما إذا كانت الأمتعة في منزل عشيقها أو منزل أبيها أو أي منزل آخر فلا يجوز للزوج أن يستولي عليها أو يفتشها بحثا عما فيها.

لذلك نرى أن الدفع بأن الحقيبة أو المتاع الذي به المحرر الصادر عن الشريك في زنا الزوجة كان موجودا في غير منزل الزوجية يعتبر دفعا جوهريا ويجب على المحكمة الرد عليه ردا كافيا والا كان الحكم معيبا ووجب نقضه

رابعا : وجود الشريك في منزل مسلم في المحل المخصص للحريم

الشرط الرابع والأخير الذي يشترطه المشرع هو وجود الشريك في منزل مسلم في المحـــــل المخصص للحريم، فيجب أولا تواجد الشريك في منزل مسلم في المحل المخصص للحريم، هذا ونرى انه لا يشترط ولا ضرورة في مشاهدة الشريك موجودا فعلا في هذا المكان، فكل ما يشترطه المشرع هو تواجد الشريك في المحل المخصص للحريم، ولذلك نرى أنه لو استطاع صاحب الشان أن يثبت أن الشريك كان موجودا فعلا في المنزل فانه يمكن مساءلة الشريك عما اقترفه من فعل بالرغم من أن أحدا لم يره عندما كان موجودا في المنزل، على أنه يجب في الرجل الغريب هذا أن يكون غير ذي رحم محرم، فلا مساءلة إذا ما كان المتواجد من ذي رحم محرم.

واشترط المشرع في هذا المنزل أن يكون منزلا لرجل مسلم، وبالتالي لا يجوز القياس ونجعل منزل سيدة مسلمة دليلا ضد الشريك ، إذ النصوص الجنائية غير قابلة للقياس عليها، فإذا كان صاحب المنزل مسلما فلا يهم بعد ذلك أن تكون زوجته مسلمة أم لا، وعلى هذا النحو فلا يجوز مساءلة رجل على وجوده في منزل غير مسلم في المكان المخصص للحريم.

ودخول الرجل الغريب في هذه الحالة يجب أن يكون بناء على سبب غير مشروع، فإذا كان السبب مشروعا فلا مساءلة للرجل باعتباره شريكا في زنا الزوجة، ومثال السبب المشروع دخول الخادم على مخدومته لخدمتها إذا طلبت منه ذلك، أو إحضار الطبيب لإسعاف المرأة ودخوله عليها لطبيبها، فإذا حدث طلاق رجعى أو استأجرت منزلا خاصا بها واستقلت به عن منزل زوجها فان دخول الرجل الغريب عليها في هذا المنزل المخصص لها والمستقل عن منزل زوجها لا يوفر هذا الدليل المنصوص عليه في المادة 276 عقوبات.

ويلاحظ أن محكمة النقض أرست مبدأ هاما في هذا الصدد وقالت فى حكم لها: أن وجود رجل أجنبي في دورة المياه من الشقة بسكن شخص مسلم متزوج ووجود زوجة هذا الأخير في الشقة وعدم وجود ثالث معهما وعدم وجود المبرر بوجود هذا الشخص يكفى لتكوين القرينة القانونية المقررة في المادة 38 عقوبات «المادة 276 من القانون الحالي»، وهى وجود المتهم في منزل مسلم في المحل المخصص للحريم.

وفى هذا الحكم فرقت محكمة النقض بين ما إذا كان المنزل لا يوجد فيه أحد وبين ما إذا كان ثمة أشخاص موجودين به ، فإذا كان المنزل به أشخاص موجودين بخلاف الزوجة فانه يجب لتوفر الدليل أن يتواجد الشريك في المنزل المخصص للحريم، وأما إذا كان المنزل ليس فيه أحد سوى هذه الزوجة والرجل الغريب فان المسكن كله يعتبر في حكم المحل المخصص للحريم ، وبالتالي فان مجرد وجود الشريك في المنزل بصرف النظر عن أي مكان يتواجد به في هذا المنزل فانه يعتبر في حكم الموجود في المكان المخصص للحريم.

ونحن نرى أنه يعتبر في حكم المسكن الذي لا يتواجد فيه أحد ذلك المسكن الذي يتواجد به أطفال صغار لم يبلغوا بعد سن التمييز، وكذلك المجنون الذي لا يستطيع التمييز مطلقا، وكذلك الغائب عن وعيه لسكر أو غيره، فإذا تواجد الشريك في المحل المخصص للحريم فان هذا لا يعتبر في حد ذاته دليلا علــى ارتكاب الفعل غير المشروع، ولكنه يعتبر دليلا يتيح للقاضى البحث فيما إذا كان الزنا قد تم ارتكابه أم لا.

فوجود الشريك في هذا المكان لا يعتبر دليلا بذاته على الزنا، ولكنها يمكن أن تعتبر قرينة قانونية، ولكن هذه القرينة ليست مطلقة بل يجوز للشريك أن يثبت بكافة طرق الإثبات انه رغم وجوده في هذا المنزل الا انه لم يقارف الفعل المؤثم قانونا.

الفرع الثانى

أما عن إثبات زنا الزوجة وزنا الزوج وشريكة الزوج الزانى، يقول ياسر سيد أحمد، الخبير القانونى والمحامى بالنقض - أن هناك تمهيد وتقسيم ذهبت إليه محكمة النقض المصرية فى هذا الشأن وهو أن: «الأدلة الواردة في المادة 238 عقوبات هي التي يقتضيها القانون في حق شريك الزوجة المتهمة بالزنا، وأما الزوجة أو الزوج أو الشريكة فلم يشترط القانون بشأنهم أدلة خاصة»، وبذلك يمكن القول أن الأدلة العامة في الإثبات هي التي تسرى ضد الزوج والزوجة وشريكة الزوج في الزنا.

ويمكن القول – وفقا لـ«أحمد » - في هذا الصدد أن أهم دليل إثبات يكون القرائن، فهى الدليل العملي الذي يتبع إثباته، وذلك لأن الزنا يقتضي ارتكاب فعل الوطء وهو أمر يكاد لا يمكن مشاهدته، بالإضافة للقرائن فإنه يمكن الأخذ بالاعتراف كدليل، وكذلك يمكن الاعتماد على الشهادة بارتكاب فعل الزنا، بالإضافة إلي كل هذا فانه يمكن الآخذ بأي دليل آخر يقدم للمحكمة وتطمئن إليه هذه الأخيرة للحكم على المتهم بالإدانة.

ونبحث الآن أدلة الإثبات في كل من القرائن والاعتراف والشهادة – الكلام لـ«أحمد ».

أولا القرائن : ــ

تعتبر القرائن من أدلة الإثبات غير المباشرة، بمعنى أنها ليست تلك التي تنصب على واقعة الزنا نفسها ولكن تقع على واقعة أخري تكون ذات صلة وثيقة بفعل الزنا، والقرائن إما قانونية أو قضائية، فالقرائن القانونية وضعها المشرع بنصوص قانونية، فإذا ما وجدت هذه القرائن أعفي صاحب الشان من تقديم الإثبات بصحة ما يدعى.

والقرائن القانونية كذلك إما قاطعة وهى تلك التي لا يجوز بطلانها أو إثبات عكسها، وإما قرائن قانونية بسيطة يجوز إثبات عكسها بكافة طرق الإثبات، أما القرينة القضائية فإن فحواها أن يعمل القاضي ذهنه وعقله كي يستنتج من واقعة ما ثابتة ما يدل يقينا على توافر قيام جريمة الزنا، ونظرا لأن جريمة الزنا تتطلب الوطء فإنه من الصعوبة بمكان لن يثبت هذا الوطء نظرا لان المرأ سرعان ما ينهى عملية الوطء إذا ما أحس أن شخصا سوف يقدم عليهما، ولذلك فان القرائن تكاد تكون هي الدليل الأساسي والأوحد في إثبات جريمة الزنا – بحسب «أحمد».

وهذه القرائن ليست محصورة قانونا ولا يمكن أن تحصر، ولكن تقدير هذه القرائن متروك لقاضى الموضوع طالما كانت هذه القرائن لا يمكن أن ينكرها عقل أو منطق، ويصلح في تقديرنا أن يعتبر قرينة قانونية على قيام الزنا التسجيلات الصوتية الصادرة من الزوجة وعشيقها وتفيد ارتكاب الجريمة، وكذلك تصلح التسجيلات المرئية التي تجمع بين الزوجة وعشيقها في موضع مريب – هكذا يقول الخبير القانونى.

فإذا توافرت قرينة من القرائن على أن فعل الزنا قد حدث فإنها تصلح أن تكون دليلا قويا كاملا، ويجوز الاعتماد عليها وحدها في الإدانة، ولذلك ذهبت محكمة النقض إلي أن " القرائن من طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية، فللقاضي أن يعتمد عليها دون غيرها، ولا يصح الاعتراض على الرأي الصادر منها مادام سائغا مقبولا.

ثانيا الاعتراف : ــ

سبق أن قلنا أن الاعتراف إقرار شخص بارتكاب واقعة مجرمة قانونا، وبالتالي يجب في الاعتراف هنا لكي يكون دليلا ضد الزوجة الزانية والزوج الزانى وشريكة الزوج في الزنا أن يقر المتهم بأنه اقتراف واقعة الوطء فعلا مع غير زوجه، وكما سبق أن قلنا فإنه يجب أن يصدر الاعتراف من ذات شخص المتهم بأنه هو الذي ارتكب الفعل المؤثم قانونا فلا عبرة باعتراف صدر من شريكة الزوج في الزنا وقررت أن رجلا غير زوجها هو الذي باشر معها الوطء.

ويجب أن يكون هذا الاعتراف صريحا وصحيحا ، فلا عبرة باعتراف ضمني أو صادر عن إرادة معيبة، ويستوي أن يكون الاعتراف شفويا أو كتابة أو أمام شخص عادى أو أمام الشرطة أو النيابة، ومن باب أولي أمام القاضي، كما يستوي أن الاعتراف يكون محررا في ورقة رسمية أو عرفية.

ثالثا الشهادة : ــ

يمكن تعريف الشهادة بأنها تقرير يصدر عن شخص في شان واقعة عاينها بحاسة مـن حواسه (5)

فيجب على الشاهد الذي يشهد على واقعة الزنا أن يقرر انه عاين بحاسة من حواسه واقعة بحيث يستنتج منها القاضي أن فعل الزنا قد وقع فعلا، ويجب على الشاهد أن يكون بالغا من العمر أربعة عشر عاما على الاقل وان لا تلحقه حالة من حالات عدم الصلاحية للشهادة، وأن يكون حر الاختيار غير مكره على الشهادة، وعلى الشاهد بطبيعة الحال أن يحلف اليمين القانونية قبل أداء الشهادة، وما لم يقرر القانون جواز اكتفاء المحكمة بشهادة الشهود المدونة في محضر التحقيق الابتدائي فانه يجب على المحكمة أن تسمع أقوال الشاهد شفاهة بنفسها

أدلة إثبات أخري : ــ

نرى أن من الأدلة التي يجب الاعتماد عليها ما نصت عليه المادة 276 عقوبات، فهى وأن كانت حصرت الأدلة ضد شريك الزوجة الزانية، إلا أنه لا مانع في رأينا للأخذ بها كدليل ضد الزوج والزوجة وكذلك شريكة الزوج في الزنا، فيمكن أن يدان الزوج إذا شوهد في حالة لا تدع مجالا للشك عقلا أن فعل الوقاع قد حدث فعلا، ويجوز أن تعاقب الزوجة الزانية إذا وجد معها أوراق أو مكاتيب مكتوبة بخط يدها أو عليها إمضاءها أو توقيعها.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق