دور المرأة في مواجهة التحديات.. اتفاقية «سيداو» بين الواقع والقانون والشريعة

الثلاثاء، 22 يناير 2019 10:00 ص
دور المرأة في مواجهة التحديات.. اتفاقية «سيداو» بين الواقع والقانون والشريعة
دور المرأة في مواجهة التحديات- تعبيرية
علاء رضوان

مؤتمرات تعقد هنا وهناك من أجل النهوض بحقوق المرأة العربية ولرأب الصدع الواقع عليها من خلال قصور القوانيين فى مكافحة التمييز ضد المرأة حيث كان من أبرز الإتفاقيات التى سعت لهذا الأمر هى إتفاقية «سيداو».

وفى هذا الإطار جاءت فاعليات المؤتمر الدولي تحت عنوان «دور المرأة في مواجهة تحديات العصر»، الذى ناقش وتحدث عن إتفافية «سيداو» التى يبلغ عدد الدول الموقعة على الاتفاقية 46 دولة وبدأ العمل فعليا بالاتفاقية في عام 1981.   

50975194_2000233383602457_746463512158535680_n

من جانبه، قال المستشار والخبير القانونى رجب السيد قاسم، فى محاضرة بعنوان «المرأة في القوانيين العربية» أن اتفاقية سيداو تعد من أكبر الاتفاقيات التي تعمل على مكافحة التمييز ضد المرأة برغم التحفظات الكثيرة علي بعض بنودها التي لا توافق بعض أعراف وتقاليد المجتمعات العربية وهو ما تمخض عنه الكثير من التحفظات التي أبدتها عده دول برغم توقيعها على الاتفاقبه ومنها مصر.

وفقا لما سبق - أكد «قاسم» خلال المحاضرة-  فانه يحق للدول التي انضمت أو صادقت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بالانجليزية CEDAW أن تتقدم ببعض التحفظات على بنودها أو على بعض مما ورد في بنودها، حيث تعتبر بعض الدول أن الحقوق التي نصت عليها الاتفاقية تتعارض مع تشريعاتها الوطنية وفي حال الدول العربية والاسلامية تتعارض هذه الحقوق مع قيم ومبادئ الشريعة الاسلامية أو تخالف الخصوصية الثقافية والدينية للدولة. 

50274336_1878300595600832_6466169217992359936_n

السودان والصومال

عام 2016 – بحسب «قاسم» - كانت السودان والصومال هما الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان لم توقعا أو تنضما لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، اضافة إلى السودان والصومال، لم تنضم الولايات المتحدة الأمريكية للاتفاقية لاعتبارها تتدخل في شؤون الدولة الداخلية خاصة فيا يتعلق بقضايا تحديد النسل، كذلك لم تنضم إيران والفاتيكان للاتفاقية.

وتعدّ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة «سيداو» منذ اعتمادها في العام 1979، والعمل بها في 1881 الورقة الحقوقية العالمية الأكثر شمولاً لمفاهيم حقوق المرأة الحديثة برغم التحفظات، وقد أصدرت جامعة الدول العربية ومنظمة الدول الإسلامية أوراقاً مماثلة توضح وجهتَي نظرهما في حقوق المرأة، ودافعتا فيها عن فكرة نسبية حقوق المرأة، في كل ثقافة، وعدم عالمية كل مفهوم، إلا أن وثيقة الأمم المتحدة المعروفة لا تزال الوثيقة العالمية لحقوق المرأة على الصعيد الدولي – هكذا يقول «قاسم». 

c78a4-women-empowerment-quotes-hd-wallpaper-17-1

إما فيما يخص المرأة في القوانين العربيه لا تمنح المرأة العربية أولادها جنسيتها العربية التي تحملها إذا تزوجت من رجل أجنبي، وفي المقابل يمنح الرجل العربي الجنسية لأبنائه في حال زواجه من أجنبية، وحفاظاً على هذا التمييز بين الرجل العربي والمرأة العربية في حق الجنسية اعترضت السعودية، والعراق، ومصر، ولبنان، وسورية على المادة التاسعة من اتفاقية حقوق المرأة، التي تنص على المساواة بين الرجل والمرأة في منح الجنسية للأولاد – الكلام لـ«قاسم».

وتتشابه قوانين الدول العربية المتعلقة بالحضانة، ففي غالبية هذه الدول تنتهي حضانة النساء للذكور في عمر أقل منه للإناث، باستثناء الأردن والمغرب ولبنان، وفي لبنان توحيد سن الحضانة لكل من الذكر والأنثى ورفعه إلى عمر 12 سنة، في حين كان 7 سنوات للصبي و9 للفتاة، أما الأردن فعدّلت قانون الأحوال الشخصية عام 2010، ليوحّد سن حضانة الأم لطفلها أو طفلتها ويرفعه إلى سن الـ 15- وفقا للخبير القانونى. 

IMG-20190119-WA0025-780x405

قراءة فى الزواج

علماً أن زواج الأم في جميع الدول العربية يسقط حق حضانتها ما عدا المغرب التي يمنح قانون الأحوال الشخصية فيها الأم حضانة أبنائها بعد زواجها الثاني إلى أن يبلغوا عمر السابعة، في المقابل، لا يسقط حق الحضانة عن الأب في حالة زواجه ثانية.

في الزواج والطلاق تميّز قوانين الأحوال الشخصية العربية الذكر عن الأنثى في قدرته على الزواج بأكثر من امرأة، 4 نساء حسب قوانين غالبية البلدان العربية، لذلك تعترض الدول العربية على المادة 16 في اتفاقية سيداو، المتعلقة بالمساواة بين الرجل والمرأة في معاملات الزواج وعقوده علما بأن الزواج من اخري يوقع الزوج تحت طائلة القانون في تونس تستمد العديد من التشريعات العربية موادها القانونية المنظمة للأحوال الشخصية من التشريع الديني، الذي ينص على أنه للذكر من الورثة مثل حظ الأنثيين – بحسب «قاسم». 

1487844551

قراءة فى المساواة

بينما صدر اخيرا اقرارا للمساواة بين المراة والرجل في القانون التونسي بشأن المساواه في الميراث، بينما يطبّق في بلدان مثل لبنان وسوريا، مبدأ أن: «لكل طائفة دينية مرجعيتها الخاصة في مجال الأحوال الشخصية، وفي الميراث يُطبق على كل امرأة قانون الطائفة التي تتبع لها»، وفي الحالتين تعدّ هذه الأحكام تمييزية في حق المرأة، وتكرس عوامل اللامساواه في تنظيم الأسرة، وعلاقات القوى داخل مؤسسة العائلة.

تعترض بعض من الدول العربية على الحق الذي تمنحه الاتفاقية للمرأة في حرية التنقل وحرية اختيار المسكن، إذ تشترط قوانين الأحوال الشخصية العربية إقامة الزوجة في مسكن الزوجية، بينما تشترط موافقة ولي أو وصي على المرأة للحصول على جواز سفرها، أو في حال سفرها مع الأولاد خارج البلاد.

قراءة فى القتل

تبقى من أخطر مظاهر اللامساواة في المجتمعات العربية، هي جريمة «تحت ذريعة الشرف»، في القانون الجزائي، إذ تسمح قوانين مثل القانون السوري واللبناني والأردني والعراقي، بتخفيف العقوبة عن الرجل الذي يرتكب جرم القتل أو ما دونه في حق امرأة من أفراد أسرته، بذريعة الحفاظ على سمعة العائلة ومكانتها الموروثة، ويخفف القانون العقوبة على الرجل بذريعة أنه وجد قريبته في وضعية جعلته يدخل في «سورة من الغضب».   

50499676_748941942143504_1564764716029444096_n

بعد مراجعة التحفظات التي أبدتها الدول العربية المنضمة إلى الاتفاقية، يلاحظ أن هذه التحفظات استندت إلى ذريعتين: الأولى «تعارض المواد المتحفظ عليها مع أحكام الشريعة الإسلامية»، والثانية «مخالفة هذه المواد لأحكام القوانين الوطنية» مصر من أول الدول التي وقعت على الاتفاقية وذلك بتاريخ 16 يوليو 1980، وتم التصديق عليها بتاريخ 18 سبتمبر 1981.

جاءت تحفظات مصر على 4 مواد وهي  المادة 2 تنص المادة (2) من الاتفاقية على أن «تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتتفق على أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة»، وقد سجلت مصر تحفظ عام على هذه المادة: جاء نصه كالتالي: «إن جمهورية مصر العربية على استعداد لتنفيذ ما جاء في فقرات هذه المادة بشرط ألا يتعارض ذلك مع الشريعة الإسلامية».

المادة 9

تحفظت مصر على نص الفقرة (2) من المادة (9) التي تمنح المرأة حقوقا متساوية لحقوق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما، دون إخلال باكتساب الطفل المولود من زواج لجنسية أبيه. وأٌلغي هذا التحفظ بعد أن أصبح من حق الأم المصرية منح جنسيتها لأبنائها حسب الدستور والقانون.

المادة 16

تحفظت مصر على هذه المادة التي تعطي الرجل والمرأة نفس الحقوق كافة الأمور المتعلقة بالزواج وعلاقات الأسرة أثناء الزواج وعند فسخه وما يخص حضانة الأطفال. حيث تتعارض المادة مع قانون الأحوال الشخصية في مصر والذي يطبق الشريعة الاسلامية وبالتالي هناك فرق بين الرجل والمرأة في الحضانة وأيضا في الزواج من غير المسلم، حيث يحق للرجل الزواج من غير مسلمة ولا يحق للمرأة الزواج من رجل غير مسلم.

المادة 29

التحفظ على الفقرة (2) من المادة (29) والتي تنص على عرض أي خلاف بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف حول تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية على هيئة تحكيم، وتم تبرير الاعتراض بمحاولة تفادي التقيد بنظام التحكيم في هذا المجال.

مجمل تحفظات الدول العربية

يتعلق بتنظيم تشريعات الأسرة كالحضانة والوصاية والولاية والقوامة والإرث وجنسية الأطفال وزواج الأطفال وتعدد الزوجات والحق في الطلاق والنفقة وزواج المسلمة من غير المسلم وتمثلها المواد 2، 9، 15، 16، 29 في الاتفاقية. رفعت تونس والمغرب جميع التحفظات على الاتفاقية مؤكدين بذلك دعم مسارات التحديث والمساواة بين الجنسين.

قراءة فى الخلع

دائما أن أصل «قضية المرأة» في العالم العربي ليس في التشريعات والقوانين بقدر ما هي ثقافة اجتماعية سائدة على تطبيق تلك القوانين؟ فمثلا فالنصوص القانونية في مجال الأحوال الشخصية، تعترف بحقوق المرأة الشخصية وتقرّها، لكنها، رغم ذلك، لا تشفع لها بممارسة حقها في الزواج ثم حقها في الطلاق إن أرادت، بصورة طبيعية ففي «حق الخُلع» مثلاً، تتردد المرأة ألف مرة قبل أن تجهر برغبتها في الانفصال عن «زوجها»، رغم أن القانون يتيح لها هذا إن كرهته؛ ذلك أنها تخشى نظرة المجتمع لها، وتعامل أهلها معها إزاء طلاقها بهذه الطريقة.  

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق