مصير قصر الأميرة شويكار ينتظر نقل مجلس الوزراء للعاصمة الإدارية

الأحد، 27 يناير 2019 01:00 م
مصير قصر الأميرة شويكار ينتظر نقل مجلس الوزراء للعاصمة الإدارية
زينب وهبة

حفيدة إبراهيم باشا تزوجت الملك فؤاد وهو مفلس ومقامر وأسست أول مجلة نسائية 

القصر تم بناؤه عام 1907 على الطراز الفرنسى والإيطالى

يقع قصر الأميرة شويكار (مقر مجلس الوزراء حاليا) بشارع مجلس الشعب ناصية شارع قصر العينى، والذى يعد أحد أشهر شوارع القاهرة فى منطقة تضم العديد من المبانى الهامة مثل البرلمان وبالرغم من أنه غير معروف تحديدا تاريخ بناء القصر، إلا أنه بنى غالبا فى أوائل القرن العشرين ما بين الفترتين (1900 - 1907) وبناه على باشا جلال زوج السيدة عفت أحد الأفراد العائلة المالكة وابن الأميرة زبيدة ومنكلى باشا.

بنى القصر على الطراز الفرنسى الإيطالى حيث كان هذا السائد فى بناء قصور مصر فى أوائل القرن التاسع عشر وحتى القرن العشرين الميلادى، إلا أنه احتفظ فى زخارفه بالطراز التركى فى الواجهة الرئيسية المتمثلة فى وجود فسيسفاء من القيشانى أعلى الواجهة واستخدام الزخارف النباتية العثمانية الملونة والمذهبة فى زخرفة هذا الفسيسفاء ويعد هذا طرازا نادرا وفريدا فى زخرفة القصور الملكية بمصر، وألحقت حمامات كبيرة ببعض حجرات القصر المصنوعة من الرخام ومزخرفة بزخارف نباتية وهندسية وتابلوهات فنية تمثل أشكالا آدمية وحيوانية، وأرضية القصر مغطاة بالخشب الباركيه والمزخرف بزخارف هندسية.
 
والأميرة شويكار هى الزوجة الأولى للملك فؤاد وابنة الأمير إبراهيم فهمى باشا ووالدتها هى الأميرة نجوان، حفيدة أحمد رفعت باشا الابن الأكبر لإبراهيم باشا بن محمد على باشا وولدت الأميرة شويكار سنة 1847 وتوفيت فى 17 فبراير سنة 1947 ودفنت بالمدفن المعروف باسمها بصحراء المماليك والذى يطلق عليه حاليا اسم مقابر الغفير ويقع أمام مدفن الخديو توفيق المعروف باسم أفندينا.
سكنت الأميرة شويكار هذا القصر وأجرت به عدة تعديلات حيث أضافت زخارف ورخاما وصنعت حديقة كبيرة له، وتعتبر سيدة مجتمع من الطراز الأول وكان لها العديد من الأعمال الخيرية وترأست جمعية مبرة محمد على مدى الحياة وكانت رئيس شرف لمؤسسة مدينة فاروق الأول الجامعية وأسست أول جريدة نسائية مصرية سنة 1945 باسم المرأة الجديدة وكانت مجلة ثقافية وأدبية وكان قصرها يستقبل العديد من الشخصيات الهامة فيوم الأحد من كل أسبوع كان ما يعرف باسم صالون الأحد وكان يضم العديد من رجال الدولة وبعضاً من أفراد أسرة محمد على وكان يقام حفلتين سنوياً الأولى فى رأس السنة الميلادية والثانية يوم عيد ميلاد فاروق فى 11 فبراير.
 
وفى عصر الملك فاروق اشترت الحكومة المصرية من الأميرة شويكار هذا القصر بمبلغ كبير من المال لتجعله مقرا لرئاسة مجلس الوزراء ويكون بجوار البرلمان المصرى وانتقلت الأميرة شويكار للسكن فى القصر الذى بناه ابنها الأمير محمد وحيد الدين بالمطرية وهو معروف أيضاً بقصر الأميرة شويكار وظل يحتفظ- حتى مصادرة القصر بعد تأميمه- بمقتنياتها التى ضمها إليه ابنها الأمير وحيد الدين وظلت تقيم بهذا القصر حتى وفاتها سنة 1947.
 
السؤال الآن المطروح هو ما مصير القصر بعد نقل مجلس الوزراء وباقى الوزارات إلى العاصمة الإدارية الجديدة؟ هل سيتحول هذا القصر الجميل الذى يعتبر من كنوز مصر إلى متحف يمكن زيارته؟ وما هى الخطط التى تنتظره من وزارة الآثار ومحافظة القاهرة ؟
 
المهندس محمد أبو سعدة رئيس جهاز التنسيق الحضارى يقول إن المرحلة الحالية هى مرحلة حصر وتصنيف المبانى الحكومية فى منطقة وسط البلد فتوجد بعض المبانى مسجلة آثار وبالتالى التعامل مع الآثار يخضع لقوانين وضوابط يتم التعامل معها.
 
وأشار أبو سعدة إلى أن هناك مبانى مسجلة على قوائم المبانى ذات الطابع المعمارى المتميز، وبالتالى فى جميع الحالات يتم الآن الحصر وهناك مبان غير مسجلة سيتم التعامل معها كاستخدامها كمساحات مفتوحة أو أى عناصر أخرى موضحا أن المرحلة الحالية مرحلة الحصر والتصنيف وبعد الانتهاء من الدراسات اللازمة لكل مبنى حسب حالته وتحديد نوع النشاط لكى يعاد استخدامه وذلك ضمن رؤية كاملة فيكون هناك «ماستر بلان» تعيد توظيف هذه المبانى سياحيا وثقافيا حسب استخدامات كل مبنى وطبيعة التعامل معه.
 
القصص والحكايات الملكية المأساوية فى حياة الأميرة شويكار لا تنتهى، فسليلة الملوك والأمراء فى البيت العلوى قبلت أن تكون زوجة لأمير مفلس بمهر مؤجل لحين ميسرة، أما البرنس أحمد فؤاد المقامر الذى لا ترحب به أنديه القمار، والذى ضاقت الدنيا أمامه فوجد ضالته فى الأميرة الثرية، وكانت النتيجة الطبيعية، للبداية غير المنطقية، رواية واقعية، امتلأت صفحاتها بالعنف والخيانة والتآمر والاغتيال! 
 
الحكاية بدأت عندما فكر الأمير أحمد فؤاد بن الخديو إسماعيل فى عام 1895 أن يتزوج من البرنسيسة شويكار هانم شقيقة أحمد سيف الدين، وكان معروفا فى أوساط العائلة المالكة بأنه شاب مفلس كثير الاقتراض مقامر سكير وهى شهرة تعدت الأوساط الملكية لتصل إلى رجل الشارع، وعبر عن حاله المرحوم بيرم التونسى بلقب «مقامر لا ترحب به أندية القمار» لأنه مفلس، فقد كان يركب الحنطور ولا يدفع للسائق أجرته كما كان يذهب إلى منازل أصدقائه ليلا ويطلب بكل جرأة العشاء، فوجد أن الحل الوحيد هو البحث عن زوجة ثرية يعيش على حسابها ولأن الثراء وحده غير كافٍ فقد كان ضروريا أن تكون من سلالة ملوك وسلاطين مثله. 
 
كانت الأميرة شويكار حفيدة إبراهيم باشا قد ورثت ثروة كبيرة من أموال وعقارات وأطيان وبالرغم من أنها لم تكن على درجة كبيرة من الجمال فإنها كانت الصفقة المناسبة للأمير المفلس البرنس فؤاد الذى تقدم لخطبتها، وبالتحديد فى عام 1895 حيث كان فى السابعة والعشرين من عمره ولم يتطلب الأمر منه مجهودا بل وافقت الأميرة شويكار على عرض الزواج الذى تقدم به الأمير المفلس، كما وافقت على شرطه بأن يؤجل سداد مهرها البالغ عشرة آلاف جنيه لحين ميسرة. 
 
فى 14 فبراير 1895 زفت الأميرة «شويكار» إلى الأمير «أحمد فؤاد» فى احتفال بسيط أقيم فى «قصر الزعفران» الذى كان يشهد كل يوم فصلا من فصول مهزلة الزواج، لم يكن البرنس فؤاد يكتفى بعدم الإنفاق على زوجته وتحميلها تكاليف الحياة فى القصر ومرتبات الخدم والحشم بل كان يأخذ كل يوم منها مبلغا ثم ينطلق إلى القاهرة فيمضى أيامه هناك فى قصر البستان الذى يملكه فى باب اللوق، ومعظم وقته ضائع فى «الكلوب الخديوى» يحاول أن يربح ولكن للأسف كان يخسر الكثير من أموال الأميرة شويكار على طاولة القمار مع عشيقته اليهودية «مدام سواريف» غير مبال بزوجته الحزينة التى أخذ يبدد أموالها على القمار والخمر وتركها حبيسة جدران قصر الزعفران مع أمه الأميرة فريال التركية المتعجرفة سليطة اللسان والتى كانت تسىء معاملتها وهو ما لم تحتمله الأميرة شويكار حفيدة إبراهيم باشا.
 
وكانت الحالة فى قصر الزغفران فى غاية السوء حيث وصلت الأمور إلى إقدام أحمد فؤاد على ضرب زوجته شويكار تحت سمع وبصر أخيها الأمير «سيف الدين» وبعد فترة تمكنت «شويكار» من الهرب إلى القاهرة بعد أن نجحت فى الخروج من قصر الزعفران فى فترة غياب زوجها الأمير فؤاد وتوجهت إلى قصر والدها بالدوبارة وعندما تدخل أخوها الأمير سيف الدين ضربه الأمير فؤاد وسحب زوجته من شعرها على سلم القصر وقادها بالقوة إلى العربة التى كانت فى انتظاره لنقلها إلى قصر الزعفران وفى داخل هذا القصر أمر الأمير أحمد فؤاد بسجنها ووضع أمام أبواب هذا السجن حراسا شداداً كما منعها من الاتصال بأحد سواء داخل القصر أو خارجه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق