شيخ الأزهر: لم نطالب بتطبيق الحد على الملحدين والبعض يحاول تحويل الأزهر إلى متحف

الأربعاء، 30 يناير 2019 12:10 م
شيخ الأزهر: لم نطالب بتطبيق الحد على الملحدين والبعض يحاول تحويل الأزهر إلى متحف
الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر

 
أكد الشيخ الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر أن ماكينة التكفير والإقصاء والجدل الكريه لم تترك لمفكرى العرب ومثقفيهم وعلمائهم فرصة هادئة تمكنهم الانكباب على ترسيخ ثقافة تدفع بأوطانهم إلى مكانة لائقة.
 
وأوضح أن المسلمون اتصلوا بالغرب منذ أكثر من قرنين من الزمان، وكانت هذه الفترة كافية ليقظتهم ويقظة العرب والمسلمين، ولوقوفهم الآن فى مصاف دول كاليابان وغيرها من الدول التى نهضت بعد نهضة العامل العربى، ولكن ماكينة التكفير والإقصاء والجدل الكريه لم تترك لمفكرى العرب ومثقفيهم وعلمائهم فرصة هادئة تمكنهم الانكباب على ترسيخ ثقافة تدفع بأوطانهم إلى مكانة لائقة بأمة تختزن أراضيها ثروات يحسدها عليها العالم، وتمتلك من الطاقة البشرية ما يمكنها - لو أرادت - من استثمار هذه الثروات.
 
وأكد أن هناك من يبعثون المعارك من بطون الكتب للتهجم على التراث يصدرون للناس أشباح لا أثر لها فى الواقع. والدليل حديثهم عن حد الردة والفضائيات تعرض ملحدين يجهرون بإلحادهم فهل طالبنا يوماً بتطبيق أى حد عليهم؟
 
واستطرد في مقال له منشور في جريدة صوت الأزهر الصادرة عن المشيخة، انه يزداد موضوع «تجديد الفكر الديني»، أو: «تجديد الخطاب الدينى» الذى يدور على ألسنة الكثير وأقلامهم فى الآونة الأخيرة وعلى شاشات الفضائيات وصفحات الجرائد، غموضاً وإبهاماً والتباساً من كثرة ما تناولته وسائل الإعلام، بغير إعداد علمى كاف لبيان مفهوم التجديد، وتحديد ما هو الخطاب الذى يراد له التجديد، وهل صحيح أن ما سموه بالخطاب الدينى كان هو وحدة أصل الأزمات التى يعانى منها العالم العربى أمنياً وسياسياً وكذلك التحديات التى تقف عائقاً أمام نهضته وتقدمه.
 
ويكفى دليلاً على هذا التخبط فى تناول تجديد الخطاب الدينى أنك تسمع بعض الأصوات التى تنادى بإلغاء الخطاب الدينى جملة وتفصيلاً، وتراه جزءا من الأزمة، أو تراه هو الأزمة نفسها، وليس حلا لها.
 
وتسائل فضيلته، فى أى كتاب من كتب تاريخ المسلمين أقرأ هذا التهويل، ومعركة حد الردة التى تبعث من بطون الكتب للتهجم على التراث؟
ألم يشاهد هؤلاء المتهجمون البرامج الفضائية التى يظهر فيها شباب مصرى ملحد، يتباهون بإلحادهم، ويجادلون ما شاء لهم الجدل والحوار ويكاثرون بجمعياتهم وأعدادهم؟!
 
من من هؤلاء الملحدين أقيم عليه حد الردة أو مسه أحد بسوء، وأنا شخصياً تحدثت فى حلقات عدة عن الإلحاد والملحدين، هل صدرت كلمة واحدة تطالب بتطبيق حد الردة على هؤلاء؟!
 
وأضاف "إن هذه البرامج التى تقتل أوقات المصريين، وتعبث بوحدة صفهم وبتركيزهم وانتباههم لما يدبر لبلدهم، هذه البرامج تتعامل مع «أشباح» لا وجود لها على أرض الواقع فى بلاد المسلمين، ومن المضحك أن يزعم لنا هؤلاء أنهم إنما جاءوا لتجديد الخطاب الدينى، وأن العناية الإلهية بعثتهم ليجددوا لنا أمر ديننا، هكذا فى ثقة يحسدون عليها؟"
 
وهؤلاء لا يفصحون عن مقتضى دعوتهم هذه، وهو تحويل مؤسسة الأزهر إلى متحف من متاحف التاريخ، بكل تجلياتها العلمية والروحية والثقافية، وعبر أكثر من عشرة قرون، وبعد أن بات الغرب والشرق يقران بأنها أقدم وأكبر جامعة على ظهر الأرض.
 
وأشار إلى أنه فى المقابل تسمع أصواتاً تنبعث من العدوة القصوى، لا تفهم من تجديد الخطاب الدينى إلا العودة فقط إلى ما كان عليه سالف الأمة وصالح المؤمنين فى القرون الثلاثة الأولى، وهؤلاء أيضاً يحلمون باليوم الذى يضعون فيه أيديهم على مؤسسة الأزهر، ويجمدون برسالته وعلومه ودعوته عند حدود التعبد بمذهب واحد، واعتقاد معين، وأشكال ورسوم يرونها الدين لا دين غيره.
 
وحذر من أن هؤلاء يهددون سماحة هذا الدين الحنيف، وشريعته التى تأسست على التعددية، واختلاف الرأى فى حرية لا نعرف لها نظيراً فى الشرائع الأخرى.
وهؤلاء لا يطيقون أن يتسع الأزهر فى عصره الحديث لما اتسع له عبر عشرة قرون من إجماع واتفاق على الأصول، وقواطع النصوص، وكلات الدين، فإذا تجاوز النظر هذه الأصول والقواطع والكليات، فباب الاختلاف وحرية الرأى والأخذ والرد بين العلماء مفتوح على مصراعيه.
وبوحى من هذا المنهج التعددى اتسعت أروقة الأزهر وكلياته - وما زالت تتسع ليوم الناس هذا - لدراسة المذاهب الفقهية السنية وغير السنية دراسة علمية، لا انتقاص فيها من مذهب، ولا إغضاء من شأنه أو شأن أئمته.
 
وبنفس هذا المنظور الذى يتسع للرأى والرأى الآخر - بل الآراء الأخري - درس الأزهر للدنيا كلها مذاهب علم الكلام والأصول، وكل علوم التراث النقلى والعقلى.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق