مطالبات برلمانية بقانون يحمي العملاء..

التجارة الإلكترونية.. سوق كبيرة ورقابة غائبة

السبت، 02 فبراير 2019 06:00 م
التجارة الإلكترونية.. سوق كبيرة ورقابة غائبة
التجارة الالكترونية
أشرف أمين

 
انتشرت فى الفترة الأخيرة التجارة الإلكترونية، وباتت البوابة الأكثر استخداما من جانب المصريين، لشراء احتياجاتهم، لكن فى المقابل لا توجد حتى الآن قوانين تعمل على ضبط هذا النوع من التجارة، وتوفر فى الوقت نفسه الحماية للعملاء خاصة إذا تعرضوا لعمليات نصب، وهو ما دفع كثيرين للمطالبة بقانون يقنن هذه العملية، لحفظ حقوق العملاء، وفى الوقت نفسه يحفظ للدولة حقوقها خاصة فى مسألة فرض الضرائب.
 
التجارة الإلكترونية تمثل واحدة من أشهر مصطلحات عصر تكنولوجيا المعلومات، وتدور فكرتها حول بيع أو شراء أى شىء فى أى وقت بغرض الاتجار فى سوق محلية أو عالمية كنشاط تجارى من خلال موقع إلكترونى وحسابات بنكية، وهذه فكرة عامة عن نشاطها مؤخرا فقد ظهرت آلاف المواقع الإلكترونية التى تعتبر كأسواق بيع وشراء منتجات.
 
وأكدت تقارير اقتصادية عالمية أن قطاع التجارة الالكترونية شهد نموا إجماليا بلغ 22% فى عمليات الدفع إلكترونيا، وأن حجم التجارة فى مصر يقدر الآن بحوالى 1.5 مليار دولار، بما يوازى 27 مليار جنيه، كما أعدت شركة «بيفورت» الأمريكية تقريرا لفت إلى أن هناك 7 دول عربية شهدت تقدما فى مجال التجارة الإلكترونية وهي: «مصر، الأردن، الكويت، لبنان، قطر، السعودية، الإمارات»، موضحًا أن القطاعات التجارية الأربعة التى تشهد أعلى معدلات الدفع إلكترونيا، تتمثل فى حجز تذاكر الطيران والسفر، والسياحة، وصناعة الترفيه، والأنشطة الترويجية.
 
وأكد التقرير أن المنطقة العربية شهدت نموا بنسبة 22% فى عمليات الدفع إلكترونيا عام 2016 و2017، وجاءت المؤتمرات والمعارض وصناعة الترفيه والحفلات والأنشطة الترويحية كأكثر القطاعات نموا فى عمليات الدفع إلكترونيا، حيث بلغت نسبة النمو 33%عام 2016، بالمقارنة مع العام السابق. 
 
وأظهر التقرير، أن إجمالى قيمة السلع والخدمات التى تم شراؤها إلكترونيا فى الدول العربية السبع الرئيسية فى هذا المجال، بلغ 30.4 مليار دولار عام 2016، فى مقابل 24.9 مليار دولار عام 2015، بزيادة قدرها 22%.
 
وجاءت الإمارات فى مقدمة دول المنطقة، سواء من حيث القيمة النقدية للمشتريات التى تمت إلكترونيا، وكذلك بالنسبة لمعدل نمو عمليات الدفع إلكترونيا، وذلك بإجمالى 4.12 مليار دولار، بزيادة سنوية قدرها 21%، فيما سجلت السعودية 3.8 مليار دولار بزيادة سنوية قدرها 27%، أما مصر فقد سجلت 2.6 مليار دولار بزيادة سنوية قدرها 22%.
 
وجاءت مصر فى صدارة الدول التى شهدت معدلات نمو فى مجال التسوق الإلكترونى، حيث بلغ معدل نمو عمليات الدفع الإلكترونية فى هذا المجال 32%، فى الوقت الذى تصدرت فيه السعودية قائمة الأسرع نموا بالنسبة لعمليات الدفع إلكترونيا على مستوى قطاع شركات الطيران بنسبة 21%، وخدمات السفر بنسبة 36%، بينما كانت دولة الإمارات هى الأسرع نموا فى مجال عمليات الدفع الإلكترونى بقطاعات الترفيه والمؤتمرات والحفلات، بنسبة نمو سنوى 36%.
 
واحتلت مصر أيضا مقدمة الدول فى خيار الدفع نقدا عند الاستلام، حيث بلغت نسبة استخدامه فى عمليات التسوق الإلكترونى 70%، تليها لبنان بنسبة 60%.
 
الخبير الاقتصادى وائل النحاس يرى أن حجم التجارة الإلكترونية فى مصر لا يتجاوز حتى الآن من 1 إلى 2% من إجمالى التجارة الداخلية التى تقدر بحوالى 45 مليار دولار سنويا، وفى نفس الوقت توفر شركات التجارة الإلكترونية الآلاف من فرص العمل للشباب سواء بشكل مباشر عن طريق توظيفهم فى منصات التجارة الإلكترونية والوظائف الفرعية التابعة لها، أو بشكل غير مباشر عن طريق تنشيط قطاع الشحن والنقل لتوصيل السلع والخدمات للمستهلكين، ولذلك فإن هذه التجارة من الانشطة المهمة فى الاقتصاد القومى.
 
هذا الحجم من التجارة الذى بدأ ينشط فى السوق المصرية والذى بدأ فى التحول إلى استثمار كبير بحاجة فعلية إلى وضع قوانين للسيطرة عليه، وهنا برزت مطالبات من لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب بتطوير وتقنين التجارة الإلكترونية، ويرى وائل النحاس أن التجارة الإلكترونية من القطاعات التى تضربها العشوائية وبحاجة لمزيد من التقنين والمتابعة والرقابة مع التفريق بين النشاط التجارى المنزلى، والنشاط التجارى للشركات، من خلال دعم المشروعات الناشئة لصغار المستثمرين مثل المشروعات المنزلية، وفرض ضرائب على الكيانات الكبيرة التى تجنى أرباحا كبيرة من التسوق عبر الإنترنت وعدم الخلط بين المستويين للتشجيع على المشروعات الصغيرة.
 
أحدثت التجارة الإلكترونية ثورة فى ثقافة الشراء والبيع، فلم يعد هناك شرط يجعلك مضطرا إلى السفر لمكان ما لعمل صفقة تجارية أو عقد اتفاق تجارى لبيع أو شراء منتج، ولم يعد هناك مشكلة فى التوقيت، فيمكن الشراء فى أى وقت، حيث تلاشت كل تلك المفاهيم فى ظل وجود سوق مفتوحة أربعة وعشرين ساعة يوميا، وأصبح بالإمكان خلق سوق عالمية وليست محلية فقط وبالإمكان المنافسة فيها جميعا لكسب أكبر عدد من المشترين ورفع الأرباح.
 
المهندس طارق سلطان المدير التنفيذى لإحدى شركات التسوق الإلكترونى، أكد أن التجارة الإلكترونية فى مصر تعانى من العديد من المشكلات منها الخدمة السيئة، فالسلعة تصل خلال أسابيع وقد تكون ليس على نفس المستوى المطلوب، وقد تقدم الشركة على إلغاء التعامل وإرجاع الأموال للمستهلك، بعد أن تضعه على الانتظار لأيام دون أدنى حماية لحقوق المستهلك، وذلك نتاج لعدم وجود منظومة للسيطرة على التجارة الإلكترونية فى مصر ومراقبتها تضمن خدمة متميزة للعميل بعيدا عن الاستغلال الذى قد يمارس عليه أو تعرضه للنصب من البعض.
 
وأشار سلطان إلى أن التسوق الإلكترونى المصرى يحتاج لإعادة ترتيب وتهيئة، لضمان معاملات إلكترونية باحترافية ودقة تامة تضمن حقوق العارض أو المسوق للسلع والخدمات، وتوفر الحقوق للمستهلك من الحصول على سلعة أو خدمة بكفاءة وجودة عالية والالتزام بالمواصفات العالمية، لافتا إلى أن مصر ليس لديها رقم واضح لحجم التجارة الإلكترونية بسبب عشوائية بعض مواقع وصفحات التسوق الالكترونى، على الرغم من احتلالنا المركز الثالث من حيث حجم التجارة الإلكترونية فى الدول العربية.
 
ويرى ناصر أبو الفضل المحامى أن إقرار قانون جديد قد يكون مبشرا فى ظل التضارب التشريعى والذى يعد سببا رئيسيا فى منع نمو التجارة الإلكترونية، ويتابع قائلا : «على سبيل المثال فإن اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة على القيمة المضافة، الذى طُبق بديلا عن قانون ضريبة المبيعات منذ سبتمبر ٢٠١٦، اشتمل على مادة للتجارة الإلكترونية، تنص على أنه لرئيس المصلحة بالاتفاق مع الجهات المختصة، وضع نظم وآليات للرقابة على هذه المواقع، وتحصيل الضريبة المستحقة على عمليات التجارة الإلكترونية، غير أن تلك الآليات لم تفعل حتى الان».
 
الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، أكد من جانبه على أهمية وجود قانون يحدد المعاملات والضوابط المنظمة لكل عمليات الشراء والبيع، لافتا إلى أن التجارة الإلكترونية فى طريقها لمزيد من التقنين والتطوير فى مصر، وذلك بعدما أطلقت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الاستراتيجية الوطنية للتجارة الإلكترونية، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد»، وتوقعت الوزارة تضاعف حجم تجارتها الإلكترونية بحلول 2020.
 
وأضاف، تعتمد 18% من الشركات الكبرى و3% من الشركات الصغيرة حاليا على التجارة الإلكترونية، وتهدف الاستراتيجية التى وضعتها الوزارة بالتعاون مع «الأونكتاد»، ووكالات الأمم المتحدة الأخرى، بجانب احدى الشركات الصينية، ومؤسسة ماستر كارد، إلى تحسين تغطية شبكة الإنترنت عالى السرعة، لاسيما فى المناطق الريفية، وتحديث الخدمات البريدية فى مصر، وتعزيز الإطار القانونى والتنظيمى للتجارة الإلكترونية، وبناء الثقة فى الدفع عبر الإنترنت.
 
وبحسب إحصائيات وزارة الاتصالات، فإن حجم تعاملات القطاع بلغ نحو 1.5 مليار دولار «حوالى 27 مليار جنيه» إذ ارتفعت أسهم القطاع بعد زيادة عدد المشتركين فى خدمات الإنترنت، الذى وصل طبقا للإحصائيات ذاتها لنحو 50 مليون جنيه مصرى، وهو رقم دفع وزارة الاتصالات للإعلان عن وضع رؤية للتحول الرقمى، بعد دراسة تجارب الدول المختلفة المتعلقة بهذا المضمار، وجاء ذلك متزامنا مع إعداد وزارة التجارة والصناعة لقانون يستهدف تنمية وتطوير التجارة الإلكترونية بهدف تشجيع وتنظيم المعاملات التجارية، التى تتم عبر الإنترنت فى مصر.
 
فتحى الطحاوى، عضو الغرفة التجارية بالقاهرة ونائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية بغرفة القاهرة التجارية، أكد من جانبه أن التجارة الإلكترونية تسحب البساط بشكل تدريجى من التجارة العادية، لافتا إلى أن معدلات الثقافة والتعليم تجعل التجارة التقليدية لها دور ووجود رغم التقدم فى عمليات التجارة الإلكترونية على الإنترنت، مشيرا إلى أن الطبقات المتعلمة والتى تتعامل مع الإنترنت هى الفئة التى تتردد على الشراء الإلكترونى، بينما هناك فئات ما زالت تفضل التجارة العادية، وقال إن التجارة الإلكترونية أتاحت فرصة تسويق المنتجات على مدار 7 أيام فى الأسبوع، و24 ساعة يوميا، مما يعنى مزيدا من القدرة على العرض والتسويق الجيد.
 
واتساقا مع مطالبات التقنين، جاء قرار الحكومة والبرلمان بأهمية إخضاع الإعلانات عبر منصات التواصل الاجتماعى المختلفة لشبكة الضرائب المصرية من أجل تحصيل ضريبة عنها، ومن هنا بدأت وزارة المالية ومصلحة الضرائب فى دراسة الآلية والكيفية التى يمكن من خلالها تحصيل الضرائب من الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعى وشبكات ومنصات البحث الإلكترونية، وقد وافق البرلمان على إخضاع «جوجل وفيس بوك» لمنظومة الضرائب وذلك ضمن الفصل الثانى المتعلق بـ«مزاولة المؤسسة الإعلامية لنشاطها»، بمشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، وأبرز هذه المواد تلك التى تنص على «ولا يجوز فى جميع الأحوال لأى موقع إلكترونى جلب إعلانات من السوق المصرية، ما لم يكن مقيدا بالمجلس الأعلى، وخاضعا لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1991 بشأن التهرب الضريبى.
 
ونصت مواد القانون على «عدم الإخلال باختصاص الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات فى إصدار تراخيص إنشاء أو تشغيل شبكات الاتصالات أو تقديم خدمات الاتصالات، وأنه لا يجوز إنشاء أو تشغيل أية وسيلة إعلامية، أو موقع إلكترونى، أو الإعلان عن ذلك، قبل الحصول على ترخيص من المجلس الأعلى، ويحدد المجلس الأعلى شروط ومتطلبات الترخيص، ولا يجوز البث من خارج المناطق الإعلامية المعتمدة التى يحددها المجلس الأعلى إلا بتصريح مسبق محدد فيه وقت البث ومكانه.
 
كما تضمنت المادة 60 من القانون أن «يقدم طلب إنشاء أو تشغيل الوسيلة الإعلامية أو الموقع الإلكترونى، إلى المجلس الأعلى على النماذج التى يضعها، مستوفيا البيانات والمستندات التى يحددها، ويبت المجلس فى الطلب فى مدة لا تجاوز تسعين يومًا من تاريخ استيفاء الطلب، وذلك مقابل رسم لا يجاوز 250 ألف جنيه للوسيلة الإعلامية وخمسين ألف جنيه للموقع الإلكترونى.
 
لكن هذه المواد ليست كفيلة بإحكام الرقابة على التجارة الإلكترونية، لانها تقتصر فقط على جانب واحد وهو حق الدولة فى فرض الضرائب على الإعلانات، لكنها لم تتحدث عن الجزئية الأهم، وهى الضرائب على المعاملات التجارية الناتجة عن التجارة الإلكترونية، بالإضافة إلى الجزئية التى تهم المواطن، وهى حمايته من أى عملية نصب قد يتعرض لها جراء التعامل مع المنصات الإلكترونية التى تستهدف بيع المنتجات، وهو ما يعيد التأكيد على أهمية أن يكون هناك قانون واضح ومحدد يوفر الحماية للجميع، فضلا عن أن يكون لجهاز حماية المستهلك دور فى هذا الأمر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة