استغل انقسام الجمهوريين لمصلتحة.. قصة تشكيل «ترامب» كيان مواز لحزبه

الأربعاء، 06 فبراير 2019 07:00 م
استغل انقسام الجمهوريين لمصلتحة.. قصة تشكيل «ترامب» كيان مواز لحزبه
ترامب - ماكين

كشف خلاف كان قد اندلع حول تمويل الجدار العازل الذى يسعى البيت الأبيض لبنائه على الحدود مع المكسيك لاحتواء التدفق الكبير للمهاجرين غير الشرعيين القادمين من المكسيك، التحديات التى يواجهها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالداخل الأمريكى.

التحديات الت يواجهها " ترامب" لم تعد تقتصر على صراعه الكبير مع الأغلبية الديمقراطية فى مجلس النواب، حيث امتدت كذلك إلى مجلس الشيوخ، والذى يحظى بأغلبية جمهورية، وهو ما بدا واضحا فى قيامه بإصدار تشريع من شأنه معارضة خطط الإدارة بالانسحاب من سوريا وأفغانستان.

دخول مجلس الشيوخ على خط الصدام مع " ترامب" يراه مراقبون يضع المزيد من الضغوط على كاهل الرئيس ترامب فى المرحلة الراهنة.

ويمثل التشريع الأخير انعكاسا صريحا لحالة من الانقسام حول القرارات الأمريكية الأخيرة بالانسحاب العسكرى، خاصة من سوريا.
 
الانسحاب من سوريا كان قد أثار حالة كبيرة من الجدل بين العديد من المتابعين للمشهد السياسى الأمريكى، خاصة وأن القرار لا يروق لجناح الصقور داخل الحزب الجمهورى، بقيادة السيناتور الجمهورى البارز ليندسى جراهام.
 
 الموقف السياسى للرئيس الأمريكى يبدو حرجا للغاية فى ظل صراعه المتنامى مع الديمقراطيين فى المرحلة الراهنة، وغياب أى بادرة أمل للوصول إلى حل وسط حول تمويل الجدار العازل، والذى يراه ترامب بمثابة أولوية قصوى لحماية أمن البلاد من جانب، وانقسام أنصاره حول قراراته الأخيرة من جانب أخر، ليثير التساؤلات حول ماهية الرهان الذى يقدم عليه البيت الأبيض لتجاوز دائرة التحديات السياسية التى تشهد اتساعا كبيرا فى الآونة الأخيرة.
 
 
 ليندسى جراهام يؤمن بأهمية الوجود الأمريكى فى العديد من المناطق المشتعلة فى العالم، لحماية المصالح والنفوذ الأمريكى بها، حيث اعتبر هذا التيار القرار الأمريكى بمثابة إعلان هزيمة أمام روسيا، التى قد ترى فى الانسحاب الأمريكى فرصة نادرة للاستئثار بالنفوذ فى سوريا، كما أنه يساهم كذلك بدعم الوجود الإيرانى هناك وهو ما يمثل تهديدا صارخا لإسرائيل فى المرحلة المقبلة.
 
وفق مراقبون فإن الانسحاب العسكرى الأمريكى من سوريا وأفغانستان، ربما ليس السبب الوحيد وراء حالة الانقسام الراهنة فى المعسكر الجمهورى، حيث كان قرار ترامب بإنهاء حالة الإغلاق الحكومى فى الولايات المتحدة رغم عدم التوصل إلى اتفاق مع الديمقراطيين حول تمويل الجدار العازل كان أخر حلقات الخلاف بين الرئيس وحلفائه، حيث أن قطاعا منهم يرى أن تراجع ترامب يمثل هزيمة جديدة للإدارة الحالية أمام الأغلبية الديمقراطية بالكونجرس، وهو الأمر الذى ربما يساهم فى تقويض شعبيته أمام قطاع كبير من مؤيديه.
 
قرار الانسحاب الأمريكى من سوريا أثار جدلا كبيرا
 
 

اللافت أن حالة الانقسام الراهنة داخل المعسكر الجمهورى ربما ليست الأولى من نوعها، فقد سبق وأن شهد حزب الفيل حالات مشابهة من التشرذم، منذ ما قبل صعود الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض قبل عامين، ففى خلال حملته الانتخابية، أعلن قطاع كبير من قيادات الحزب عن نيتهم عدم التصويت له خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كما أن علاقته بعدد من أعضائه البارزين، وعلى رأسهم السيناتور الراحل جون ماكين، ورئيس مجلس النواب السابق بول رايان، وغيرهم بحالة من التوتر الدائم، إلا أنه فى النهاية كان يخرج فى معاركه مع المعارضين له من داخل دائرته الحزبية منتصرا فى النهاية.

الأمريكيون انحازوا لترامب رغم خلافه مع ماكين
 
يبدو أن الرئيس ترامب نجح فى استغلال حالة الانقسام داخل الحزب الجمهورى، ليصنع من نفسه كيانا ربما يضاهى كيان المؤسسة الحزبية التى يمثلها، وهو الأمر الذى بدا واضحا فى استطلاع للرأى نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" فى شهر مايو، حيث وجدت أن 54% من المشاركين باتوا يؤيدون الرئيس أكثر من الحزب نفسه، وهو القطاع الذى يرى أن الرئيس ينبغى أن يقوم بصياغة السياسات وإدارتها، فى حين أن 40% فقط أكدوا انتمائهم للحزب أكثر من الرئيس، معتبرين أن صياغة السياسات تبقى مسئولية المؤسسة الحزبية.

 الرئيس ترامب تمكن من صياغة حالة سياسية جديدة فى الداخل الأمريكى سمحت له بالاستئثار بولاء قطاع يبدو كبيرا بين أعضاء حزبه على حساب التوجهات والمبادئ الحزبية، بالإضافة إلى القيادات التاريخية ذات الخبرات الواسعة فى المجال السياسى على غرار بول رايان، والذى رفض الترشح فى انتخابات التجديد النصفى الأخيرة اعتراضا على سياسات الرئيس الأمريكى، وهو الأمر الذى ربما يسمح له بأن يخوض معاركه بشكل شخصى بعيدا عن النهج المؤسساتى الحزبى الذى تبناه مختلف الرؤساء السابقين.

وهنا يصبح حالة الانقسام الراهنة داخل الحزب الجمهورى فرصة جديدة للرئيس الأمريكى لتوسيع قاعدته الشعبية لتتجاوز الجانب الحزبى الضيق، لتشمل قطاعات أخرى من المواطنين الأمريكيين الذين يرون سياساته، والتى صاغها فى شعاره الانتخابى "أمريكا أولا"، بمثابة الملاذ الأخير الذى يقدم لهم الحماية من الأخطار التى طالما شعروا بها لسنوات طويلة جراء سياسات الحدود المفتوحة، والتى فتحت الباب أمام تقويض العديد من الفرص الاقتصادية الخاصة بهم، لصالح الأجانب، بالإضافة إلى التهديدات الأمنية التى تفرضها مثل هذه السياسات.

الرئيس ترامب سعى لتوسيع قاعدته الشعبية على حساب الحزب الجمهورى
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق