قانون أرحم من البشر.. ما هي ضوابط محاكمة الأطفال أمام المحاكم الجنائية؟

الأحد، 10 فبراير 2019 09:00 ص
قانون أرحم من البشر.. ما هي ضوابط محاكمة الأطفال أمام المحاكم الجنائية؟
المعاملة الجنائية للطفل - أرشيفية
علاء رضوان

«أنا أرملة عمرى 45 سنة، توفي زوجي وترك لي 5 أبناء، ومعاش بسيط لا يكاد يكفي للإنفاق عليهم، واضطريت إلي تحويل ابنى الأكبر 14 سنة إلي الدراسة (منازل) علي أن يقوم بالعمل صباحاً لدي أحد المحلات بالمنطقة التي نسكن بها، بغرض مساعدتى في الإنفاق علي باقي أشقائه الأصغر منه».. بهذه الكلمات بدأت السيدة «نعمات. خ. س»، محافظة قنا، حديثها لـ«صوت الأمة» للسؤال حول ما هي ضوابط محاكمة الأطفال أمام المحاكم الجنائية، وهل يتساوي بالبالغين؟ 

معاناة أُم 

ومنذ أيام – وفقا لـ«السيدة نعمات» - «حدثت واقعة سرقة مبلغ مالي كبير من المحل الذي يعمل ابنى به، وقام صاحب المحل بتوجيه الاتهام للعاملين بالمحل وهم 4 أشخاص بخلاف ابني، وبناء عليه تم إلقاء القبض علي ابنى و3 من العاملين بالمحل والعامل الخامس هارب حتي الآن، ياتري هل يتساوي ابنى مع باقي العاملين في ظل أنه مازال طفلا صغيرا ولا علاقة له بواقعة السرقة بشهادة صاحب العمل الذى أخبرنى بأنه مضطر للبلاغ ضد كافة العاملين، وأن المباحث والتحقيقات هي التي ستكشف عن الجاني، يا تري إيه حقوق ابنى الطفل بمراحل التحقيق، أنا خايفة عليه لأنه مازال طفلا صغيرا ومحتجز بقسم الشرطة مع باقي المتهمين منذ أيام، ياتري الحل إيه؟».   

16-10

وللرد على هذا السؤال، يُجيب المستشار القانوني محمود البدوي المحامي بالنقض والدستورية العليا، ورئيس الجمعية المصرية لمساعـدة الأحداث وحقوق الإنسان، أنه لما كان من المتعارف عليه وما يعلمه الجميع من أن احتجاز الأطفال بعـد الحكم عليهم، وأيضا أثناء التحقيقات وبعد قرار النيابة بتجديد حبس بعضهم على ذمة التحقيقات التي تتم في الجرائم التي ترتكب من قبل الأطفال اللذين لم يبلغوا السن القانوني «الأطفال دون سن 18 عام».

ولا يجوز – بحسب «البدوى» فى تصريح لـ«صوت الأمة» - أن يتم هذا الحبس الاحتياطي أو غيره في أماكن احتجاز عتاة الإجرام والبالغين، مما يمكن أن يكسب الطفل مهارات جديدة في ارتكاب الجريمة، ويتعلم ويتدرب على وسائل لارتكاب الجرائم لم يكن يعرفها من قبل، ولما كانت اتفاقية حقوق الطفل، والتي اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 44/25 المؤرخ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1989، وتاريخ بدء نفاذها في : 2 أيلول/سبتمبر 1990، وفقا للمادة 49 :

أولا: تنص المادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل والتي صدقت عليها مصر علي أنه

elsadaegyptlaw

تكفل الدول الأطراف:

أ- ألا يعرض أي طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ولا تفرض عقوبة الإعدام أو السجن مدي الحياة بسبب جرائم يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن ثماني عشرة سنة دون وجود إمكانية للإفراج عنهم.

ب- ألا يحرم أي طفل من حريته بصورة غير قانونية أو تعسفية، ويجب أن يجرى اعتقال الطفل أو احتجازه أو سجنه وفقا للقانون ولا يجوز ممارسته إلا كملجأ أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة.

ج- يعامل كل طفل محروم من حريته بإنسانية واحترام للكرامة المتأصلة في الإنسان، وبطريقة تراعى احتياجات الأشخاص الذين بلغوا سنه، وبوجه خاص، يفصل كل طفل محروم من حريته عن البالغين، ما لم يعتبر أن مصلحة الطفل تقتضي خلاف ذلك، ويكون له الحق في البقاء على اتصال مع أسرته عن طريق المراسلات والزيارات، إلا في الظروف الاستثنائية.

د- يكون لكل طفل محروم من حريته الحق في الحصول بسرعة على مساعدة قانونية وغيرها من المساعدة المناسبة، فضلا عن الحق في الطعن في شرعية حرمانه من الحرية أمام محكمة أو سلطة مختصة مستقلة ومحايدة أخرى، وفى أن يجرى البت بسرعة في أي إجراء من هذا القبيل

28-12-2018_08_33_49_GomhuriaOnline_1545978829

ثانيا: ينص قانون الطفل المصري على الأتي:-

مادة «107»: يكون ايداع الطفل في أحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية للأحداث التابعة للوزارة المختصة بالشئون الاجتماعية او المعترف بها منها فإذا كان الطفل معاقا يكون الإيداع في معهد مناسب لتأهيله ولا تحدد المحكمة في حكمها مدة للإيداع ويجب على المحكمة متابعة أمر الحدث عن طريق تقرير تقدمة المؤسسة التي اودع بها الطفل كل شهرين على الأكثر لتقرر المحكمة إنهاء التدبير فوراً أو ابداله حسب الاقتضاء على أن تراعى أن يكون الإيداع الأقصر فترة ممكنة وفى جميع الأحوال يتعين الا تقضى المحكمة بتدبير الإيداع إلا كملاذ أخير فوراً أو ابداله حسب الاقتضاء على أن تراعى أن يكون الإيداع الأقصر فترة ممكنة وفى جميع الأحوال يتعين الا تقضى المحكمة بتدبير الإيداع إلا كملاذ أخير.

وفى جميع الأحوال يجب ألا تزيد مدة الإيداع على عشرة سنوات في الجنايات وخمس سنوات في الجنح .

مادة «112»: لا يجوز احتجاز الأطفال أو حبسهم أو سجنهم مع غيرهم من البالغين في مكان واحد ويراعى في تنفيذ الاحتجاز تصنيف الأطفال بحسب السن والجنس ونوع الجريمة، ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة ألاف جنيه أو بأحدي هاتين العقوبتين كل موظف عام أو مكلف بخدمة عامة احتجز أو حبس أو سجن طفلاً مع بالغ أو أكثر في مكان واحد .

كما نصت المادة 122 فقرة 2 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126  لسنة 2008 على: «تختص محكمة الطفل دون غيرها بالنظر في أمر الطفل عند اتهامه في إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف، كما تختص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في المواد من113 إلى 116 والمادة 119 من هذا القانون.

-واستثناء من حكم الفقرة السابقة يكون الاختصاص لمحكمة الجنايات أو لمحكمة أمن الدولة العليا بحسب الأحوال - بنظر قضايا الجنايات التي يتهم فيها طفل جاوز سنة خمس عشرة عام، وقت ارتكابه الجريمة متى أسهم في الجريمة غير طفل واقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية عليه مع الطفل.

ولما كان الأصل هو انعقاد الاختصاص لمحكمة الطفل المستبدلة بمحكمة الطفل ، إلا أن هناك استثناءان:

الأول: هو جواز مُحاكمة الطفل أمام محكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا بحسب الأحوال شريطة توافر أربعة شروط لا استثناء فيهم أو قياس عليهم أو تقريب إليهم:

1- أن تكون الواقعة جناية «شرط الجريمة».

2- أن يُجاوز سن الطفل خمسة عشرة سنة وقت ارتكاب الجريمة «شرط الســــــن».

3- أن يُساهم الطفل مع بالغ فى ارتكاب الجناية «شرط المُساهمة».

4- أن يقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية على البالغ مع الطفل «شرط الاقتضاء». 

dd

ويُضيف «البدوى»: فإذا كان هناك مع الطفل الحدث آخرين بلغ أقتضى الحال إقامة الدعوى عليه بتهمة القتل العمد فإن محكمة الجنايات تكون مختصة بنظر الدعوى المتهم فيها الطفل الحدث والآخر البالغ المتهمين فيها ويحكمهم فى ذلك نصوص قانون العقوبات المصري في المادة230 وما بعدها، وهى موضحة للعقوبة المستوجب تطبيقها، وتكون العقوبة في حدها الأقصى السجن المؤبد وحق للقاضي إعمال نص المادة17 من قانون العقوبات بالتخفيف عن المتهم، أما إذا كان المتهم حدث فيكون اختصاص نظر موضوع الدعوى باتهام القتل العمد من اختصاص محكمة الأحداث «شريطة أن لا يكون الحدث قد تم عمره خمسة عشر سنة وقت ارتكاب الواقعة» وتحدد بذلك مدة العقوبة طبقا لما هو ثابت بقانون الاحداث التي قد تصل إلى تسليم الحدث أحد دور الرعاية أو إلى ذويه أو حبسه، وعلى كل حال هذا الموضوع محكوم بنصوص  المواد227 ،228 ،229 ،230 من قانون الإجراءات الجنائية .

ومن ثم فإنه يتوجب هنا علي دفاع هذا الطفل أن يتقدم بوثيقة الميلاد الخاصة بهذا الطفل، وحتي يتم إثبات سنه القانوني، ومن ثم اتخاذ الإجراءات القانونية الصحيحة في معاملته جنائياً ونفاذا لأحكام قانون الطفل 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون 126 لسنة 2008، واحالتة الي نيابة الطفل، وكذا الفصل بينه وبين البالغين في مكان الاحتجاز.   

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق