ذكرى اغتيال الإمام بن حميد الـ 71 على يد الإخوان: المسدس هو الحل

الإثنين، 18 فبراير 2019 09:00 ص
ذكرى اغتيال الإمام بن حميد الـ 71 على يد الإخوان: المسدس هو الحل
عناصر الإخوان- أرشيفية
أمل غريب

تحل اليوم الذكري الـ 71 لاغتيال إمام اليمن «يحيى بن حميد الدين»، الذي استشهد في 17 فبراير 1948 على يد جماعة الإخوان الإرهابية، بسبب موقفه الرافض من خضوع بلاده لسيطرة الدولة العثمانية، التي لم تعترف بإمامته على اليمن، مما أدى إلى نشوب حرب كبيرة بين الأتراك وقوات الإمام انتهت في 1911 بجلائهم عن بلاده.

يذخر تاريخ جماعة الإخوان الإرهابية منذ نشأتها على يد مؤسسها حسن البنا، بالعديد من حوادث الاغتيالات التي هو حلها الأول والأخير في صراعها الدموي مع أي سلطة، حيث تتخذ من الخطاب السياسي الديني ايديولوجية لها، وتعارض الدولة المدنية سعيا لإقامة دولة دينية، إذ دعا مؤسس الجماعة منذ إنشائها في عشرينات قرن الماضي، إلى محاربة من لا يقبل دعوة الإخوان المسلمين.

وذكر ذلك في كتابه «مذكرات الدعوة والداعية»، قائلا: «نحن حرب على كل زعيم أو رئيس حزب أو هيئة لا تعمل على نصرة الإسلام، ولا تسير في استعادة حكم الإسلام ومجد الإسلام، سنعلنها خصومة، لا سلم فيها ولا هوادة حتى يفتح الله بيننا وبين قومنا بالحق، وهو خير الفاتحين»، فقد سعى البنا منذ نشأة الجماعة في سنواتها الأولى إلى تكوين تشكيلات عسكرية، منها «كتائب أنصار الله»، التي بدأت منذ عام 1940، واعتمدت شعار «أمر وطاعة»، تمهيداً لتقرب الجماعة من هدفها نحو السلطة، من خلال الجهاز السري الذي مارس عمليات إرهاب وقتل، بدأها بتدرج الفكر التنظيمي في سلاسة.

كانت البداية بإنشاء «الجوالة»؛ لتعويد الإخوان على النظام شبه العسكري، وتدريبهم على الطاعة والتفاني المطلق، ثم «كتائب أنصار الله»، وهي مجموعات تضم كل منها 40 عضواً من الأعضاء النشطين في الجماعة، يلتقون معا اسبوعيا، حيث يقضون الليل في العبادة وتلاوة القرأن، تراقبهم عيون والعيون لتفرز منهم من يصلحون للجهاز الخاص، إذ قال في كتابه: «في الوقت الذي يكون فيه منكم معشر الإخوان المسلمين، 300 كتيبة جهزت كل منها نفسياً وروحياً بالإيمان والعقيدة، وفكرياً بالعلم والثقافة، وجسمياً بالتدريب والرياضة، في هذا الوقت، طالبوني بأن أخوض بكم لجج البحار.

واقتحم بكم عنان السماء، وأغزو بكم كل عنيد جبار، فإني فاعل إن شاء الله»، وهي العقيدة ذاتها التي نقلها عن والده أحمد عبد الرحمن البنا، الذي تحدث في مقال نشر في العدد الأول لمجلة «النذير» التي أصدرتها جماعة الإخوان المسلمين، عن ضرورة لغة العنف داخل الجماعة، بعنوان «استعدوا يا جنود»، قال فيه: «استعدوا يا جنود، وليأخذ كل منكم أهبته، ويعد سلاحه، ولا يلتفت منكم أحد، امضوا إلى حيث تؤمرون، خذوا هذه الأمة برفق فما أحوجها إلى العناية والتدليل، وصفوا لها الدواء فكم على ضفاف النيل من قلب يعاني وجسم عليل، أعكفوا على إعداده في صيدليتكم ولتقم على إعطائه فرقة لإنقاذها منكم، فإذا الأمة أبت فأوثقوا يديها بالقيود، وأثقلوا ظهرها بالحديد، وجرعوها الدواء بالقوة، وإن وجدتم في جسمها عضواً خبيثاً فاقطعوه، وسرطاناً خطيراً فأزيلوه، استعدوا يا جنود فكثير من أبناء هذا الشعب في آذانهم وقر، وفي عيونهم عمى».

منذ نشأة جماعة الإخوان الإرهابية، دخلت في صراع مع القصر الملكي، لأول مرة بعد انكشاف معالم التنظيم الخاص وتلقي عناصره أو «الجهاز السري»، تدريبات بدنية قاسية إلى جانب تعويد عضو هذا التنظيم الخاص بالطاعة التامة والاستعداد للتضحية والهيمنة عليه عقائدياً، بحيث تسيطر عليه فكرة الجهاد ثم قَسم يمين البيعة الذي يتم على مصحف ومسدس، وهو ما جاء في مذكرات المرشد السابق محمد حامد أبو النصر، إذ قال: «كنت في ذاك الوقت متوشحاً بمسدسي الذي لا يفارقني في مثل استقبال ذلك الزائر الكريم حسن البنا، الذي أحببته قبل أن أراه، فقلت له إن الوسيلة الوحيدة للرجوع بالأمانة إلى أمجادها السالفة هو هذا، وأشرت على مسدسي، فانبسطت أساريره كأنما لقي بغيته وعثر على مطلبه، وقال ثم ماذا؟ فأخرج المصحف من حقيبته قائلاً: هل تعطي العهد على هذين؟ مشيراً إلى المصحف والمسدس، فقلت: نعم، وبعد إتمام البيعة بهذه الصورة، ارتبطت بالرجل ارتباطاً خاصاً وثيقاً»، وتؤكد الشهادة التي أوردها أبو النصر في مذكراته، أن جماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها، اتخذت العنف المسلح أسلوباً للعمل الإسلامي، وأعتبرت «المسدس هو الحل» وترسيخ فكرة أن الاغتيال السياسي سنة من سنن الإسلام.

بدأ الصراع دموي الحقيقي بين الإخوان وسلطة القصر في مصر، عندما وضعت الجماعة قائمة لاغتيال كبار رجال الدولة، بدأت باغتيال «أحمد باشا ماهر» رئيس وزراء مصر في 1945، بسبب موقفه المؤيد لدخول مصر الحرب العالمية الثانية إلى جانب الإنجليزي، حيث كان يرى من وجهة نظره أن هذه الخطوة ستعطي الجيش المصري خبرة ميدانية يفتقدها، بسبب عدم خوضه لأي حرب منذ عهد محمد علي، مما جعله غير قادر على حماية مصر وقناة السويس من أي اعتداء.

عقد البرلمان المصري في 24 فبراير 1945 جلسة لتقرير إعلان الحرب على المحور والوقوف بجانب الحلفاء وانضمام مصر للأمم المتحدة، إلا أن ارتفاع حدة المعارضة بين مؤيد لدول المحور ومساند لدول حلفاء، أضطر أحمد ماهر إلى عقد جلسة سرية مع مجلس النواب لشرح المكاسب التي ستحصل عليها مصر في حال الإعلان الرسمي للحرب ضد المحور ودعمها للحلفاء، وأستطاع الحصول على تأييد شبه جماعي لإعلان الحرب على المحور، بعدها توجه مباشرة إلى مجلس الشيوخ لطرح حجته عليهم، لكنه أثناء مروره بالبهو الفرعوني، أطلق عليه شاب يدعى محمود العيسوي، الرصاص وقتله.

أحمد الخازندار

كان المستشار أحمد باشا الخازندار، ينظر قضية كبرى تورط جماعة الإخوان المسلمين في تفجير سينما مترو، وأصدر أحكاما مشددة بالسجن المؤبد على المتهمين بالقضية، وفي صباح 22 مارس 1948، نفذت الجماعة الإرهابية عملية اغتيال الخازندار باشا أمام منزله في حلوان، حينما كان متجها إلى عمله، على يد شابين من أعضاء في 4 ديسمبر 1948 هما الإخوان «محمود زينهم، وحسن عبدالحافظ» .

وفي 8 ديسمبر 1948 خرجت إحدي المظاهرات بجامعة فؤاد «القاهرة»، تصدت لها قوات الأمن بقيادة اللواء سليم زكي، حكيمدار العاصمة، لفض المظاهرة، إلا أن قنبلة سقطت من الدور الرابع بالكلية في محيط تمركز اللواء سليم، أردته قتيلا في الحال، وعلى إثر هذا الحادث اتخذت السلطات المصرية إجراءات عنيفة تجاه الجماعة بدأتها بإصدار أمر بإغلاق صحيفتها «الإخوان المسلمون».

محمود فهمى النقراشي

في 1948 نفذت جماعة الإخوان الإرهابية عملية اغتيال محمود باشا فهمي النقراشي، رئيس وزراء مصر إنذاك، بسبب إصداره قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين، على خلفية القبض على بعض أعضاء الجماعة كان بحوزتهم سيارة نقل محملة بأوراق خاصة بالتنظيم السري وأسلحة ومتفجرات، مما كان السبب في انكشاف أمر التنظيم السري الخاص بالجماعة الإرهابية المسؤل عن تنفيذ عمليات الاغتيالات، مما كان السبب في إصدار النقراشي باشا، أمرا عسكريا بحل جماعة الإخوان المسلمين واعتقال أعضائها وتأميم ممتلكاتها وفصل موظفي الدولة والطلبة المنتمين لها.

بعد حادث اغتيال النقراشي باشا، وتحديدا في يونيه 1949 اقدمت جماعة الإخوان الإرهابية، على محاولة اغتيال إبراهيم عبدالهادي باشا، الذي تولى رئاسة الوزارة خلفا للنقراشي باشا، إلا أنه لم يحالفهم الحظ وفشلت هذه المحاولة. بدأت خطورة الجماعة تظهر جلية أمام السلطة، وهو ما جعلها تغير موقفها من الجماعة برمتها، والذي كان قد أتاح لها في ما سبق النمو والتغلغل في الحياة السياسية والاجتماعية المصرية، والذي تحول بعد ذلك إلى صراع دموي مع السلطة.

شعارها مقدس «المسدس هو الحل»

تزامن ظهور الأفكار القطبية التي وضعها الأب الروحي لجماعة الإخوان الإرهابية «سيد قطب»، مع محاولات الجماعة لفرض الدولة الدينية من خلال شعار قسمها «المسدس هو الحل» بعد قيام ثورة 1952، ففي عام 1954 حاولت الجماعة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر في ميدان المنشية، نجى منها بأعجوبة إلا أنه أصيب برصاصة في الكتف وتمكّنت الأجهزة الأمنية من كشف مخطط إرهابي حاولت الجماعة تنفيذه يهدف للقضاء على الثورة والسيطرة على الدولة وإنشاء الدولة الدينية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق