لماذا تخاف فرنسا وأعوانها على حقوق المدونيين ومن هم المدونيين؟

الثلاثاء، 19 فبراير 2019 11:37 ص
لماذا تخاف فرنسا وأعوانها على حقوق المدونيين ومن هم المدونيين؟
رشا شكر تكتب:

لخص بعض صحفيى فرنسا وممثلي منظمات حقوق الإنسان ملف حقوق الإنسان في مصر خلال زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للقاهرة يناير الماضي عند ملف حقوق الرأي والتعبير وحقوق المدونيين وهو أمر لابد وأن يثير الريبة والشك. فقد تناسى هؤلاء الصحفيون الفرنسيون أن إعلان حقوق الإنسان مكون من ٣٠ مادة بالإضافة إلى الديباجة وأن كانت مصر من الدول التي لها السبق التوقيع على إعلان حقوق الإنسان الذي أقرته الأمم المتحدة عام  ١٩٤٨ وكانت مصر ضمن الدول الثمانية والأربعين الُأول الذين صوتوا لصالح إعلان حقوق الإنسان... قادت مصر التصويت في قارة إفريقيا فكانت الدولة الإفريقية الوحيدة ومعاها إيثوبيا ليقروا الإعلان في القارة السمراء كما كانت مصر وسوريا والعراق ولبنان علي رأس الدول العربية التي صوتت لصالح إعلان حقوق الإنسان. سجل التاريخ وعي الدولة المصرية وإدراكها لمقومات الحياة الكريمة لمواطنيها منذ فجر التاريخ على مر السنوات في مواقف عدى بغض النظر عن الظرف السياسي الذي تمر به البلاد تاريخياً. نضوج مقومات الدول المصرية وتاريخها كان مؤهلاً لها لاتخاذ القرارات السليمة والسديدة كاعترافها واقرارها لإعلان حقوق الإنسان ضمن منظومة المجتمع الدولي.
 
ولن أخوض كثيراً في مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فهو متاح في كل الوسائل، ولكن يكفي أن أقول لك أن أبسط الحقوق التي يحملها أي مواطن مصري والتي تضمنها لك الدولة المصرية وربما إجبارياً هي أحد مواد حقوق الإنسان مثل البطاقة الشخصية أو جواز السفر والتي قد يعتبرها البعض وثيقتان مقيدتان ولكن بدونهما أي مواطن ساقط من حسابات المجتمع الدولي ساقط لعدم وجود حق التعرف عليك كإنسان وهو حق من حقوق الإنسان وساقط لإن ليس لك حق الحركة وهو حق ضمن إعلان حقوق الإنسان وغيرهما وغيرهما من الأمور التي أصبحت في عداد الأمور المعتادة التي لا نشعر بها ولكنها في حقيقة الأمر ثمار يجنيها المواطنيين المصريين نظراً لوجود وعي ونضج للدولة المصرية وقرارتها.
 
الآن إلى إلى حقوق المدونيين أو البلوجرز كما يطلق عليهم عالمياً والتي تندرج تحت بند حق التعبير في المادة ١٩... وقصة التدوين
 
 التدوين المكتوب المرئي أو المسموع هي طريقة للتعبير عن اهتمامات عدى وليست مقتصرة على التدوين السياسي ظهرت في أوائل عام ٢٠٠٣ من خلال منصات أنشأتها جوجل تسمح لأي شخص الكتابة عن أيه موضوعات قد تكون عن الاهتمامات بالموضة أو حتي البستنة ولكنها أخذت منحنى سياسي وبدأت حركة المدونيين المهتمين بالأحداث السياسية تأخذ الصدارة خاصة بين الشباب لأنهم هم طاقة التعبير لأي مجتمع خاصة عندما لا يجد هؤلاء الشباب منصات للتعبير داخل مجتمعهم أو حتى أسرهم للتعبير فيصبح استقطاب هؤلاء الشباب وإغرائهم من أسهل ما يكون في مجتمعات يزداد فيها أعداد الشباب ولا تزداد أنشتطهم الطبيعية. أنضمت مجتمعات التدوين السياسي في مصر إلي حركات مجتمعية بدأت تثور على الأوضاع السياسية في مصر مثل حركة كفاية و٦ أبريل. بدأت في ظاهرها كحركات تبدو عادية ثم انقلبت لتتنمر ولتنقلب إلى سرطان مجتمعي خبيث يقتل ويدمر عقول شباب لأنهم يلتفوا حول الغضب وليس لأيه قيم انتماء لوطن فيصبح الغضب والخراب بإسم الوطنية كما شهدت مصر في السنوات الماضية.
 
 إسرائيل كانت من أوائل الدول التي أدركت خطورة وضع التدوين أو البلوجرز في مجتمعها ولم تسمح بالمد التدويني دون احتواء أو إشراف. فأنشأت أول بلوج قومي تناقش فيه قضايا المجتمع، تعلم إسرائيل جيداً كدولة أمنية  خطورة شق الصف أو استقطاب جماعات رأي خارج حدودها. فمنحت حق التعبير ولكن بإشراف... ولم تتنظر حتى يتفحل الأمر ويدخل شباب التدوين على أي حركات سياسية داخل أو خارج حدودها.
 
أما بالنسبة للولايات المتحدة بالرغم من إنها تعطي انطباعاً بإنها الدولة الأكثر انفتاحاً وإنها المرشد الأكبر لدول العالم لتطبيق الانفتاح ولكن ما تقوله عكس ما تطبقه ومن خلال تجربتي في الإقامة في الولايات المتحدة لبضع سنوات فرأيي إنها من الدول الأكثر انغلاقاً إعلامياً فمجالها الهوائي لا يدخله أيه قنوات إلا بموافقتها فهي لا تسمح باستقبال قنوات عابرة للمحيطات ويرجع ذلك لبنيها الأساسية وأيضاً للبعد الأمني ونجد إنه عند خروج بث أو محتوى قناة منها يتغير المحتوى فا ما يُبث بالداخل لا يمت بصلة بما تبثه قنواتها للخارج حتى مواقعها الالكترونية تضع محظورات على بعض الدول للإطلاع على المحتوى.. عندما تحاول مشاهدة الكثير من الفيديوهات تجدها محظورة ليس فقط للحفاظ على الملكية الفكرية وهي تُحترم  دون شك ولكن حتى لا تعطي فرصة أن تكون الأحداث اليومية هناك ومع تنوعها مسار للجدل في بلدان أخرى أو للمناقشة. فا ما يحدث بالداخل لا يتابعة بنسبة ١٠٠ في المائة غير الداخل. الاختراق الاجتماعي للمجتمع له حدود.
 
كلما زاد تقدم الدول كما زاد وعييها بخطورة الانفتاح الثقافي وسأعطي مثلاً أخيراً من خلال خبرتي العملية في مجال العمل الإعلامي وكنت بصدد الحديث مع بعض شركات اقتناء المحتوى في سنغافورة في أحد المعارض الآسيوية وبالأخص في حديث بعض الشركات اليابانية وبالرغم من غزارة الانتاج هذا البلد في الانتاج وتنوع المحتوي كانت المفاجأة المتوقعة وهي الاصطدام بفقاعة الانفتاح الثقافي. اصطدمت بكم من العقبات والمحظورات لاستخدام المحتوى القادم من اليابان والتي قد تنتهي بتقديم أوراق يوقعها أبطال العمل وهو أمر يقترب من المستحيل...بالإضافة إلى تنميط أنواع الانتاج المحتوى التليفزيوني فمعظمه غير قابل للتجريب. يوجد بعض الاتجاهات التي  تعود عليها المجتمع وتطورت شكلاً ومضموناً. وبالرغم من تطوره وتقدمه الشديد فهو كلاسيكي في لبه ومحافظ على تقاليده الثقافية.
 
ودولاً مثل الولايات المتحدة واليابان تعطي العالم ما تريده ولا تفتح جبهات لديها لاستقطاب الجديد من الخارج أو للتعليق على الاحداث اليومية أو الاقتراب الزائد من المناقشات المجتمعية فهي دول مجتمعاتها مثل البيوت تعطي العالم الصورة التي تود أن تقدمها عن هذا البيت وبحدود. كلاهما يعلم خطورة فتح الأبواب على مصرعيها وهم يعلمون خطورة أدوات الانترنت التي صنعوها في الوصول إلي المجتمعات واختراقها وفهمها وهم يدركون أيضاً أن المجتمع يجب أن يبقى متماسكاً دون اختراقات أو إغراءات لأفراد هذا المجتمع.
 
وعودة لمصر في بداية ال ٢٠٠٠
 
 ...فمع تأخر وتراجع منصات مشهد الإعلام في مصر وتجمده عند أعمال بعض الصحفيين من أصحاب الثقة في بداية هذه العشرية والثبات على هذا المبدأ وعدم خلق منصات موازية لأجيال شابة بدأت تكبر وتخرج للنور وتريد التعبير عن نفسها ظهرت ثقافة التدوين وبزغت صفوف من الشباب المدون الغاضب مواكباً لصناعة المحتوى الجديدة عن طريق البلوج أو التدوين الديجيتال التي خلقتها جوجول وتكّون تياراً سياسياً من المدونيين وفي ظل تركيز الدولة على المنصات التقليدية وعلى بعض الشخصيات لتصدر المشهد الإعلامي بدأت الفجوة وغابت الرؤى الإعلامية لمواكبة المنصات الجديدة وكان على الدولة في بداية ظهور الظاهرة مواكبة التطور الإعلامي واحتواء الموقف كما فعلت بعض الدول وقامت باحتوائها وهي في مهدها ..  في مصر وبشكل موازي مع تيارات الإعلام المعتادة التي تظهر على الساحة الإعلامية وانغماسها مع كام اسم شهير وكام برنامج تليفزيوني كان ينمو تيار من الشباب يحاول أن يثبت ذاته إعلامياً وقدرته السياسية وساعده في ذلك ظهور منصة إعلامية جديدة إسمها التدوين وأصبحت شبه موضة في عام  ٢٠٠٤ بعد أن قامت جوجول بشراء هذه المنصة ولأن الشباب متطور وطموح ويلتقط بسهولة كانت هذه المنصة ملاذاً له ولأفكاره وطموحاته في التغيير.. منهم من كان يكتب بصدق دون أغراض ومنهم كان له أغراضه وأهدافه ومنهم من ابتلعته مؤسسات وأجهزة استخبارتية خارجية اعتمدت عليهم في رصد ما يحدث في مصر بدقة من خلال كتابتهم وتطور الأمر إلى أن وصل إلى تأجيج بعض القضايا وخاصة ما يخص قضايا الرأي والمسجونين والرموز السياسية إلخ وبدأ التصعيد مع الدولة المصرية كأنها عدو وبدأ التعامل الأمني وليس الإعلامي...
 
 شهدت أوج بزوغ حركة التدوين خلال عملي في البنك الدولي في واشنطن العاصمة وللعلم الولايات المتحدة هي من قادت الإعلام البديل وهي من شجعت المدونيين في البلدان الأخرى مثل مصر ولكنها لم تكتوي بنار التدوين نظراً لحاجز اللغة وحاجز فهم مجريات الأحداث السياسية هناك وهي مختلفة تماماً عما يحدث في أي بلد بالإضافة إلى وضع توجيهات وقوانيين واضحة للتعبير عن الرأي مع كل عقد عمل أو الانتماء إلي جهات فهناك لا يوجد عبث فوضى التدوين كما قلت بلد الانفتاح الأول ليست كما تبدو الكل يخضع للقوانين. وفي مصر أخذت تنمو تيارات للتدوين السياسي دون فرض أى قوانيين أو تعليمات توجيهة كما حدث في الولايات المتحدة.. اعتمدت علي هذه التيارات منظمات مؤسسات ووزارت خارجية على الساحة الدولية في رصد ما يحدث في مصر منذ ٢٠٠٤ بينما اعتمدت مصر أو اعتقدت إنها يمكنها الاعتماد على صحفيو وإعلامي الدولة أو تقارير موظفين حكوميين مثل موظفي الخارجية لإرسالها للخارج وهم في نظر الجهات الأجنبية لا يتمتعوا بحرية الرأي هم يكتبون ما يُملى عليهم من توجهات حكومية. ومن هنا أكتسب بعض المدونيين الأهمية القصوى في توجيه الرأي بالنسبة لما يحدث في مصر. وأصبحو شبه مصادر موثوقة للعديد من الجهات الخارجية للأحداث السياسية وقد شارك أغلبهم في أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ والبعض منهم شارك في أعمال حرق وتخريب .. والبعض منهم تم القبض عليه في قضايا جنائية وليس قضايا رأي كما يدعون. تحولت طاقة تأجيج الغضب إلى قوة تدميرية خارجة عن القانون وعن النظام العام للمجتمع وبعيدة كل البعد عن الحوار المجتمعي أو القدرة على التعبير.
 
 
ولأن مؤسسات كبيرة مثل البنك الدولي كانت تدرك ظهور التيارات الجديدة للتدوين وإنها منصة لا يمكن تجنبها أنشأ البنك أول بلوج أو مدونة للموظفين داخلياً وكنت أول من كتب فيها نظراً لعملي بالقسم الإعلامي في ذلك الوقت.. فكان القرار تدرب الموظفين على الثقافة الجديدة وقولبتهم لصالحه ووضع القواعد والشروط لأنه يعلم إن له مساحة من المنصة يجب أن يملؤها بدلاً من انتظار القصف. وثم تطورت هذه المدونة لتصبح عامة وأصبحت مصدراً للمعلومات.
 
وفي الولايات المتحدة وجدت أن هؤلاء المدونيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي كانوا دائما يتراشقون الكتابات في الحملات الانتخابية والانتخابات الرئاسية ونظراً لوجود أساس قوي للمعايير الصحفية هناك ونظراً للمتابعة الحثيثة لوضع الأطر كلما ظهرت خلايا التدوين مثل موضع قوانيين للتدوين عن أماكن العمل والسماح بذلك من عدمه لأن عدم اتباع التعليمات معناه فقدان مصدر الرزق ومن الذي يريد ذلك في بلد مثل الولايات المتحدة؟ نعم يتراشق الصحفيين والمدونيين الحزبيين في أمريكا  بالآراء والتي في تعصبها تشبه التعصب الرياضي للأندية ولكنها لم تكن كالواقع التدويني في مصر في ذلك الوقت. ما حدث في مصر فوضى تدوينية أشبه بالمأسوية أسفرت عن الكثير من التشويه والتزوير للحقائق لاسقاط دولة وفي ظل غياب تام للوعي الإعلامي ومنصاته الجديدة وكيفية التعامل معاها وكان التعامل الأمني مع هذه التيارات له السبق والتي أعطت هؤلاء المدنويين الفرصة للحديث عن القمع الأمني والتشدق بقمع حرية الرأي مما أدى إلى تفاقم  الأزمة في مصر حتى الوصول إلي أحداث ٢٠١١ وحتى أخذ الأمر شكل انتقاماً من الداخلية مع ظهور العديد من الاختراقات الخارجية و أصبح الموضوع ليس له صلة على الإطلاق بوسيط إعلامي للتعبير عن الرأى وحريته. أصبحنا بصدد تيارات وجبهات وإئتلافات لاسقاط الدولة يتزعمها بعض الاشخاص يدعون حق حرية التعبيير عن الرأي..
 
تم استقطاب المدونيين المصريين في منصات عالمية مبهرة أعطتهم مكانة جديدة في المجتمعات الداعمة لحرية الرأي بكل ما في كتابتهم من تهويل وتشويه وتزوير حيث لم يوجد بالداخل منصات للاستقطاب الإعلامي لهم كما حدث بالخارج معهم. ومرحلة الشباب هي من أخطر المراحل لأي إنسان ليس فقط لأنها مرحلة تكوين الشخصية والتحول لإنسان ناضج بل لأنها مرحلة العزم والطاقة والاستعداد لتحقيق أي شئ حتى ولو كان مدمراً وتخريبياً.. الشاب أو الشابة لا يمكن أن يجلس قابعاً في هذه المرحلة دون حلم أو طموح أو تحقيق هدف وإلا انزلق نحو مسارات غير معلومة وفي عالم الانفتاح الشديد هو يرى ما يفعله الشباب الأخر في مجتمعات أخرى.  دور الأسرة أحد العوامل الأخرى لتوجيه الشباب نحو ايجابيات الحياة وغياب دورها كارثي... الحياة ليست بمدونه شهيرة .. الشهرة ليست بحياة... الحياة كفاح وجد واجتهاد وقيم نتعلمها ونمارسهاع على الأسرة غرسها وعدم انتظار طعماً للشهرة من مصادر مجهولة المصدر
 
التدوين ليس بالإعلام سئ السمعة كما حدث في مصر بالعكس فهو بالشئ الإيجابي الذي ينقل خبرات مباشرة مفيدة فهناك مدوني الهوايات المتعددة ومدوني اللايف ستايل والتدوين حالياً أصبح مكتوباً أو مرئياً على يوتيوب وأنا شخصياً لي قناة على يوتيوب أدون فيها بعض زيارات لأماكن تستهوني. واعتبرها هواية أشارك بها أصدقائي الأماكن من خلال هواتي للتصوير. كما إنني اتابع كثير من المدونيين الذين استفيد من خبراتهم الحياتية والشخصية وأجدها أكثر نفعاً من الوسائل التقليدية التي أصبح معظمها عقيماً..
 
التدوين السياسي الذي ولد في مصر في ٢٠٠٣ أو ٢٠٠٤ ووضع يده في يد المدونيين في أمريكا وأوروبا ولد دون ضوابط أو حضانات لاحتواء الظاهرة داخلياً التي تضخمت حتي وصلنا إلي أحداث ٢٠١١ وقد أصبح بعض المدونيين أشهر من النار على العلم في الخارج في غياب تام لأية أدوات ووسائط موازية تنم عن فهم الظاهرة كما حدث بالخارج منذ أكثر من عشر سنوات وكلما زاد التعامل الأمني كلما تعالت الأصوات في الخارج عن مدي قمع مصر لحرية الرأي بينما في الحقيقة لا يوجد الرأي والرآي الآخر مع هؤلاء المدونيين كما إنه لا يوجد أية ضوابط  أو ثقافة صحفية للتدوين تذكر في مصر كما هو الوضع في الخارج...
 
والحقيقة أن البيئة السياسية قبل ٢٠١١ كانت بيئة مواتية جداً لانتعاش هذا التيار مع وجود حركات مثل كفاية و٦ إبريل وحركة القضاة وأي حركة كانت تقف في وجه النظام في هذا الوقت فقد كان المدونيين في ظهرهم ينقلون الصورة للعالم الخارجي كما يريدون وقد أصبحوا أهم المصادر التي لها مصداقية في ظل وجود إعلام مازال لا يعترف بإنه يجب أن يكون مصدراً موثوق منه وهو ما نجح فيه بعض المدونيين وفالمشهد الإعلامي لم يعترف مسبقاً بوسائط إعلامية مثل التدوين والتي اجتاحت العالم ولم يقدر حجم تأثير هذا الظاهرة عليه إعلامياً حتى اصبحت سلاحاً يستخدم ضده
 
ومع اقتراب موعد انطلاق الربيع العربي في ٢٠١٠ و٢٠١١  أصبح المدونيين المصريين بمثابة الحركات السياسية  المنظمة للتظاهرات والحملات والتي بدأت مع حملات خالد سعيد ومع كل سبب لتأجيج المجتمع ضد الدولة أو مع تأجيج العالم الخارجي ضد مصر فيما يخص قضايا الرأي وتعذيب المسجونيين.
 
نجح المدونين قبل ٢٠١١ نظراً لترهل الظروف السياسية للبلاد وانشغال قيادتها في ملفات معينة وعدم وجود الوعي الإعلامي الكافي لمواكبة اهتمامات الشباب. نعم يمر بعض الشباب بمراحل غضب أو ميل إلى المعارضة للمعارضة كعرض من أعراض النمو... وقد يظل هذا الشاب الثائر بداخلنا بالرغم من مرور السنوات فهذه الروح الثائرة جزء من روح الشباب ولكن الدول الواعية تدرك وتشكل هذه الروح في اتجاهات تخدم بها مجتمعاتها ولا تترك شبابها لقمة سائغة هنية لبعض المنصات الإعلامية أو الجهات الخارجية حتى يتوحشوا علي المجتمع لدرجة التخريب والحرق والهدم.
 
 وكان سؤالي الدائم من أين يصرف هؤلاء الشباب وكلنا نعلم أن ليس لهم عمل فعلي...فالتدوين ليس مهنة ولا تدر الدخل الكافي للعيش للأسف تلقى منهم الكثير الدعم من الخارج ليكتب أسؤ ما يمكن أن يكتب عن مصر تلبية لرغبة البعض في الخارج  لتظل مصر في مربع غياب حقوق الرأى والإنسان وتظل هذه ورقة ضغط على مصر.
 
ثم تغيرت الأوضاع بعد ٢٠١١ وحتى الوصول إلى ٢٠١٣ وحتي يومنا هذا
 
الحديث عن الاستقرار المرتبط بحرية المدونين هي عبارة معكوسة حرية رأي المدونيين مرتبطة بعدم استقرار مصر لأنهم يغذوا العالم الخارجي بتدوينات عن الأوضاع غير المستقرة في مصر كما هو كان الوضع منذ ٢٠٠٣ وحتى ٢٠١١ والتي لم تعد موجودة. الوضع تغير والمناخ السياسي تحول بدرجة ٣٦٠ درجة  فتم تحجيم ظاهرة التدوين السياسي تلقائياً أو انتهى  أشهر المدونيين في اتجاهات أخرى بينما أنتهوا في مصر في قضايا حرق وتخريب وانتهت حياتهم في السجون في قضايا جنائية يدعوا إنها قضايا رأي وتعبير.
 
 وقوف بعض الصحفيين في مؤتمر صحفي يتهم مصر بالتقصير فيما يخص المدونيين هو في رأيي طريقة تنعي بها منظمات حقوق الإنسان ومنظمات حريات الرأي وأجهزة الاستخبارات لعملائها الكرام الذين تربوا في أحضانهم لسنوات وقد اعتقدوا إنهم باقون للأبد في المشهد السياسي المصري. فعدم استيعابهم لما حدث في ٣٠ يونيو هو نفس سبب عدم فهم عدم بقاء المخربين في ساحة التدوين.٣٠ يونيو كانت بمثابة التسونامي الذي لم يبقي على أسباب تلوث المجتمع سياسياً. أخذ الشعب بزمام أموره وقام بتطهير الساحة من أمور عدى منها ارتباط المناخ السياسي بالفوضوي التدونية وسرطانات الحركات التي لا تمثله. التسونامي كان عنيفاً فكان صعب تصديقه على البعض ممن ينعون حرية المدونيين
 
نحيب وبكاء ممثلي الصحافة الفرنسية ومنظمات حقوق الإنسان على المدونيين في مؤتمر الرئيسين السيسي وماكرون يناير الماضي ما هو إلا انتصار للدولة المصرية وسيادتها.ما هو إلا إشارة إلى تغير المشهد السياسي وإشارة من المجتمع المصري على ثباته واستقراره وإشارة إلي توجه الدولة للإهتمانم بالشباب ومناصتهم المتعددة في مناحي وطنية مفيدة قد يصعب على الخارج استقطابهم.. المنظمات تسأل ماذا حدث لذيولها الأوفياء ما الذي اعترض واعاق تقارير الأوضاع السياسية التي اعتادوا عليها منذ ٢٠٠٤ وربما لم يجدوا البديل لتيارات ترعرعت وتربت علي أيديهم استغلوها لسنوات لرسم صورة معينة عن مصر تضع مصر دائمة تحت طائلة القانون الدولي فيما يخص حقوق الإنسان... انتهت الثغرات .. وتحررت مصر من فوضى التدوين والمدونيين من المدعين ومن أشكال عدى للفوضى بشكل عام بفضل تغير المناخ السياسي للأفضل وليس العكس كما يحاول أن يصوره البعض.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق