من قتل 3 رؤساء لـ«الاستيطان».. كيف نشأت دولة الخلافة المزعومة؟

الأحد، 24 فبراير 2019 01:00 م
من قتل 3 رؤساء لـ«الاستيطان».. كيف نشأت دولة الخلافة المزعومة؟
دولة الخلافة المزعومة
علاء رضوان

تعتبر فكرة إحياء دولة الخلافة من أبرز أدبيات جماعات الإسلام السياسي على مختلف ألوانها، حتى وإن إختلفت الوسائل الرامية لإحياء هذه الفكرة، ويشهد التاريخ الحديث أنه تم إستخدام هذه الفكرة كستار لأبشع عمليات الإرهاب المادي والفكري على حد سواء. 

وسائل التكفير والقتل العشوائى

فى التقرير التالى «صوت الأمة» رصد فكرة إحياء دولة الخلافة التى تبنتها  جماعات الإسلام السياسي وإنتهجت وسائل التكفير والقتل العشوائي بدعوى الردة تحت زعم الهدف على إعادة ما يسمى بدولة الخلافة، ومنها من إنتهج سب تزييف التاريخ وتغييب العقول عن تاريخ دول الخالفة التي تعاقبت على ولاية أمر مساحة شاسعة من الأراضي إمتدت من شواطئ المحيط الاطلسي إلى حدود الصين الحالية – بحسب محمد الشهير، الخبير القانونى والمحامى.

لذلك كان لازماً إلقاء الضوء على التاريخ السياسي للدول المزعوم أنها دول الخلافة، ووضعها في ميزان التحليل الموضوعي وصولاً لحقيقة الفكرة التي كانت أحد أسباب إنتشار الأعمال الإرهابية في دول الشرق الأوسط الكبير – وفقا لـ«الشهير».  

5D4F35F2-060F-426E-8063-CD3275298B72_cx1_cy0_cw85_w1200_r1_s

حقيقة صورة الخلافة

ويمكن تصنيف دولة الخلافة بأنها تلك الدولة التي نشأت بعد توحيد القبائل العربية المتواجدة في شبه الجزيرة العربية في كيان سياسي واحد، وحسب ما تعارف عليه هذا الزمان فقد لجأت الدولة الوليدة إلى التوسع على حساب الإمبراطوريات المجاورة لها في ذلك «الفرس والروم»، وفي خلال سنين معدودة تمكنت جيوش قبائل العرب من الإجهاز على إمبراطورية الفرس وإستقطاع أكثر من نصف مساحة الإمبراطورية البيزنطية – طبقا لـ«الشهير».

وغالباً ما تحفل الأدبيات الخاصة بجماعات الإسلام السياسي بصور عن عظمة وريادة دولة الخلافة وتميزها عن غيرها من الممالك والدول المعاصرة لها، لكن هل كانت هذه الصورة هي الصورة الحقيقية فعلاً؟

إن التاريخ يجيب على هذا السؤال بصورة قاطعة أن دولة الخلافة لم تكن يوماً نموذجاً مغايراً لغيرها من ممالك العالم القديم، بل إنها مارست من الخطايا التاريخية ما تسجنه اليوم شعوب العالم كافة.  

2017-03-22T114458Z_2028695930_RC1347B1C7F0_RTRMADP_3_MIDEAST-CRISIS-ISLAMIC-STATE-SABOTAGE

إغتيال 3 رؤساء 

فمن حيث الإستقرار السياسي، فإن الثلاثين سنة الأولى لدولة الخلافة شهدت إغتيال ثلاثة من رؤساءها، وإذا إستبعدنا واقعة الإغتيال الأولى التي كانت على يد أحد جنود الدولة الفارسية المهزومة، فإن الواقعتين التاليتين كانتا على يد مواطني هذه الدولة وبتدبير من بعض قادتها السياسيين والعسكريين الذين سمحوا بإقتحام بيت الخليفة الثالث وذبحه أمام زوجته، والذين إستخدموا لغة الخطاب الديني في خداع الخليفة الرابع، مما كان سبباً مباشراً في إغتياله بعد ذلك – هكذا يقول «الشهير».

ويضاف لذلك أن الثلاثين سنة الاولى شهدت ثورة شاملة إشترك فيها أهالي مصر والعراق والشام ضد السياسات الإقصائية التي إتبعتها الدولة الوليدة، وقبل إنتهاء المرحلة الاولى من دولة الخلافة إندلعت حرب أهلية قادها بعض أمراء القبائل العربية ضد بعضهم البعض لتأكيد النفوذ والسيطرة على ثروات البلاد المحتلة، وإنهت هذه الحرب بتأسيس مملكة جديدة لا تختلف عن الممالك المعاصرة في شيء إلا في قيامها على أساس فاشي إعتمد بدوره على التمييز العنصري من ناحيتي الجنس والعقيدة.  

lkhlyflbgddy

الخلافة والإستيطان

أما من الناحية التوسعية فإن مسمى دولة الخلافة، لم يكن سوى نموذج تكرر عدة مرات في الحقب التاريخية، فبداية من توحد قبائل اليونان وغزو فارس، مروراً بتوحد قبائل الجرمان وإسقاط روما، وتوحد قبائل التتار وتكوينها إمبراطورية جديدة على أنقاض دولة الخلافة، وتوحد قبائل القوط والسيطرة على نصف أوروبا.

غير أن دولة الخلافة تميزت عن غيرها بتنفيذ سياسة إستيطانية منتظمة تمثلت في تهجير قبائل عربية كاملة وتسكينها في البلاد المحتلة، وإعتماد اللغة العربية دون غيرها مما ساهم في تغيير التركيبة الديموغرافية لقطاع جغرافي إمتد من شمال غرب إفريقيا حتى شرق نهر الفرات، وهو ما ادى بدوره لإندثار لغات عديدة مثل اللغة القبطية والأرامية والأمازيغية بكل ما إرتبط بهذه اللغات من هوية ثقافية.

إن التاريخ لا يعترف بالمجاملات ولا بمحاولات التغييب الفكري، لذلك صار من الصعب إستمرار إخفاء المثالب والعيوب المقترنة بفكرة إحياء الخلافة، ولم تعد الخطب العاطفية تجدي نفعاً في طمس حقائق تاريخية ثابتة حول مساهمة الإمبراطوريات المتعاقبة ـ التي كانت تعرف بإسم دولة الخلافة ـ في تخلف شعوب الشرق الأوسط عن ركب التقدم الحضاري، وأكبر مثال على ذلك سياسات الإمبراطورية العثمانية التي جثمت على أنفاس شعوب المنطقة لاكثر من أربعمائة عام كانت جميعها سنوات عجاف مظلمة لم تشهد أي بادرة تقدم علمي، وهو ما كان سبباً في سقوط المنطقة بأسرها تحت يد الدول الأقوى المتسلحة وقتها بسلاح الفكر والعلم.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق