سائق قطار الكارثة والإرهاب الكامن في مصر!

الخميس، 28 فبراير 2019 04:19 م
سائق قطار الكارثة والإرهاب الكامن في مصر!
أيمن عبد التواب يكتب :

خلال حوار الإعلامي وائل الإبراشي مع سائق قطار حادث محطة مصر، علاء فتحي، لم أتفاجأ بإجابات الأخير، ولم أتفاجأ بالبسمة البلهاء المرسومة على وجهه البارد.. ولم أتفاجأ برد فعله الخالي من أي إحساس أو شعور بالمسؤولية، إزاء الكارثة التي تسبب فيها، وحصدت أكثر من عشرين روحًا بريئة، وإصابة أكثر من أربعين آخرين، بعضهم في حالة حرجة، وبحاجة إلى دعاء المخلصين.
 
سائق القطار هو النموذج الكامن المُغلف المُعلب في كل قطاعات الدولة.. في كل مؤسسة أو هيئة، أو مصلحة ستجد نموذجًا لهذا السائق الأبله، لكنه نموذج لا يقود فطارًا، بل يقود ما هو أخطر.. علاء فتحي هو الوجه الحقيقي للاستهتار واللامبالاة للموظفين والعمال الذين يزوغون قبل أن يذهبوا إلى العمل.. هو الوجه الحقيقي للفساد.. هو الوجه الآخر للإرهاب الكامن في كل ربوع الوطن.
 
في مصر أكثر من خمسة ملايين شخص يمثلون قنابل موقوتة تنتظر الانفجار في أي لحظة، ولا يقلون خطورة عن الإرهابيين.. أقصد بهؤلا «الموظفين» في أجهزة الدولة المختلفة.. فرغم أنهم لم يحملوا سلاحًا أو لم يقتلوا أحدًا، إلا أنهم- من وجهة نظري- أخطر من الإرهابيين التقليديين الذين يحملون السلاح، ويقطعون الرقاب، ويحرقون المركبات والمؤسسات.
 
 
لدينا أكثر من ستة ملايين موظف، معظمهم يعبدون «الروتين» ويعتنقون «البيروقراطية»، وكل رسالتهم ومهمتهم في الحياة «تعطيل المراكب السايرة»، والتفنن في إذلال الناس.. وقديمًا قالوا: «إللي يعقدها موظف مايحلهاش رئيس وزرا»، بمعنى إذا وضع الموظف «عقدة» في أحد الأوراق أو الطلبات، فلن يستطيع رئيس الوزراء «حل» تلك العقدة، ما يتسبب في هروب الاستثمار والمستثمرين من البلاد، وإصابة المتعاملين مع هؤلاء الموظفين بالعديد من الأمراض التي تعجل بنهايته.
 
 
وقطعًا هذه القاعدة لا تنطبق على جميع موظفي الحكومة، ففي 2014 صرح الدكتور محمد بهي العيسوي، مستشار الرئيس السيسي، بأن الحكومة لديها «6 ملايين» موظف، لا يعمل منهم بصورة فعلية سوى «مليون» فقط، والباقي عالة على الدولة.. والأكثر خطورة أن أكثر من نصف هؤلاء الموظفين «مرتشون».. نعم «مرتشون»، بحسب تقرير لمركز الأرض لحقوق الإنسان.
 
 
معنى ذلك أن لدينا أكثر من «5 ملايين» موظف، مهمتهم كما ذكرت «تعطيل المراكب السايرة» وعرقلة مسيرة التنمية.. فإذا كان الإرهابيون المسلحون يستهدفون إسقاط «النظام»، فإن الـ«5 ملايين» موظف «العالة» على الدولة هم الوقود الأسرع اشتعالًا لإحراق أي نظام والقضاء عليه، وهم أيضا أشد خطورة على الأجيال القادمة!
 
 
فالمدرس «العالة» يقتل الإبداع والابتكار في عقول تلاميذه.. والموظف «العالة» لن يُنجز لك طلبًا، ولن يحقق لك مصلحة.. والطبيب «العالة» سيقضي على حياتك، بدلًا من يساعدك على الشفاء.. والشيخ «العالة» سيجعلك تفكر في الإلحاد، أكثر ما تفكر في الله.. والصحفي «العالة» لن يبحث عن الحقيقة ليقدمها لك.. والضابط «العالة» لن يوفر لك الأمن والأمان.. والقاضي «العالة» لن يحقق لك العدل.. ما يجعلك تموت بدلًا من المرة الواحدة عشرات المرات.. فأيهما أخطر.. إرهاب المسلحين أم إرهاب الموظفين «العالة» و«الفاسدين»؟!

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق