صفعة جديدة لأنقرة.. ترامب يعمق جراح تركيا الاقتصادية

الأربعاء، 06 مارس 2019 01:00 م
صفعة جديدة لأنقرة.. ترامب يعمق جراح تركيا الاقتصادية
ترامب

تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتدمير الاقتصاد التركي حال استهداف الأكراد السوريين يناير الماضي لم يكن هفوة أو زلة لسان، الرجل قصد ما قاله، بدليل الصفعات المتلاحقة التي يتلقاها رجب إردوغان من سيده الأمريكي، فضلا عن دور العقوبات السابقة في تعميق الأزمة الاقتصادية.

إردوغان وغلمانه حاولوا تجميل الصورة القاتمة بادعاء تحسن العلاقات مع واشنطن، لكن الصفعات الأمريكية لم تسعفه لخداع شعبه والمجتمع الدولي بأكاذيبه، خاصة بعد دور إدارة ترامب في تركيع الليرة وخسف قيمتها بنحو (40%) أمام الدولار ردا على احتجاز القس أندرو برانسون.

ترامب قرر (الاثنين) إلغاء مزايا تجارية تستفيد منها تركيا بموجب برنامج لدعم الدول النامية، ما يمثل ضربة جديدة لتجارة أنقرة الخارجية، ويؤكد توقعات صندوق النقد الدولي بشأن مستقبل أسود للاقتصاد، في ظل انخفاض معدل النمو وزيادة الانكماش بشكل أعمق من جميع التوقعات.

برنامج الدعم التجاري كان يتيح للدول المستفيدة منه مثل تركيا إعفاء بعض صادراتها من الرسوم الجمركية الأمريكية شريطة تلبية معايير معينة مثل: «مكافحة عمالة الأطفال واحترام حقوق العمال المعترف بها دوليا واحترام الملكية الفكرية وإتاحة الوصول العادل للصادرات الأمريكية».


ترامب برر قراره بالإشارة إلى أن «تركيا لم تعد دولة نامية»، مشيرا إلى زيادة نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي، وتراجع معدلات الفقر وتنوع الصادرات، ومن شأن تلك الحجج، غير المطابقة للوقائع، الإضرار بالصادرات التركية وزيادة الأعباء على اقتصادها المتهالك.

النظام الشامل للأفضليات التجارية يسمح بإعفاء تركيا من الرسوم الجمركية لألفي منتج صادر إلى الولايات المتحدة، وتأتي أنقرة في المركز الخامس على قائمة السلع المعفاة من الرسوم الجمركية الأمريكية بإجمالي 1.7 مليار دولار.

شروط الإعفاء الجمركي تتضمن احترام حقوق العمال، وهو ما لا يفعله إردوغان، سياساته الاقتصادية الفاشلة تسببت في جنون الأسعار، ما أثر سلبا على ملايين العمال والأسر التي تعاني من ضعف الحد الأدنى للأجور.

حزب الشعب الجمهوري أكد في تقرير سابق أن العمال تحت حكم إردوغان يشتهون الكفاف، وينبشون صناديق القمامة بحثا عن بقايا الطعام، بينما خصصت الحكومة 537.7 مليون ليرة لسيارات الوزراء عام 2018.


القرار الأمريكي جاء بعد ساعات من تصريحات إردوغان المتفائلة بشأن الوضع الاقتصادي المتردي، إذ قال: «تمكنا إلى حد كبير من السيطرة على آثار التقلبات الاقتصادية، وسنعمل على خفض التضخم، فلا يليق بنا معدل يبلغ 20%».

تصريحات ترامب جاءت لتنسف وعود إردوغان وأحلامه، كما أكدت وزيرة التجارة روهصار بيكجان أن العجز التجاري بلغ 2 مليار دولار خلال فبراير الماضي، مع استمرار زيادة الواردات عن الصادرات، ما يعني استمرار الأزمة الاقتصادية.

العلاقات الأمريكية التركية يشوبها التوتر بسبب الموقف من الأزمة السورية، واشنطن ترفض نهائيا الاحتلال التركي لشمال الجارة العربية، وترفض إصرار إردوغان على إتمام صفقة شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400».

القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي باتريك شاناهان هدد تركيا رسميا حال مضيها قدما في الصفقة الروسية، مؤكدا أن الخطوة تضرب التحالف والصداقة العسكرية بين أنقرة وواشنطن، وخيرها «البنتاجون» بين منظومة «باتريوت، أو إس 400».

شاناهان أكد في تصريحات نقلتها وكالة «رويترز» أنه تحدث مع نظيره التركي خلوصي أكار 5 مرات، وانتهى إلى أن أنقرة لن تتنازل عن الصفقة رغم علمها بأن ذلك يضرب التحالف القديم مع أمريكا، في خطوة تجلب إلى أنقرة متاعب جمة.

مركز أبحاث الكونجرس الأمريكي أكد في تقرير حديث أن حلفاء أنقرة الغربيين باتوا متشككين في نوايا إردوغان العسكرية، في إشارة إلى وقوفه بجانب روسيا ضد مصالحهم في الشرق الأوسط، وأنه يدرس جديا تقليل وجود «الناتو» في بلاده.

التقرير أشار إلى أن الغرب يستعد لتلك السيناريوهات بجملة من الإجراءات العقابية، بينها فرض عقوبات على تركيا تبدأ بعدم إمدادها بطائرات «إف 35»، وغيرها من الأسلحة، وقد تصل إلى تحجيم التعاون الصناعي الدفاعي الثنائي، بل وتجميده.


معهد إدارة المشروعات التركي أكد في تقرير يناير الماضي تراجع الصناعات التحويلية للشهر العاشر على التوالي، إذ سجل 44.2 نقطة فقط، وينبغي أن يتجاوز 50 نقطة لدخول دائرة بدء التعافي أو النمو.

إنتاج الصناعات التحويلية تراجع 7% عام 2018، وانخفضت الصناعات المكملة لقطاع البناء «السيراميك والأسمنت والزجاج والطوب» بأكثر من 21%، وفي قطاعي منتجات الأخشاب والمعادن 16%، والصلب بأكثر من 12%.

معدل التضخم السنوي لم يكن في أفضل حال، وأعلن مركز الإحصاء التركي أمس الاثنين وصوله إلى 19.67% فبراير الماضي، بسبب الارتفاع السنوي في الأسعار، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية 29.25%.

الليرة هبطت أمام العملات الأجنبية بنحو 1% أثناء تعاملات الجمعة الماضي، متضررة من مخاوف بشأن بيانات التضخم وقروض مصرفية رخيصة، إضافة إلى تراجع أوسع لعملات الأسواق الناشئة مع ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية.

دار الاستثمار الكندية «تي دي سكيورتيز» تتوقع انتكاسة جديدة لليرة، مشيرة إلى أن الدولار سيسجل 8.90 ليرة، ما يعني تراجع الأخيرة 40%، وهو أدنى مستوى لها على الإطلاق، ما يعد ضربة لحكومة إردوغان التي تصر على تجاهل الأزمة.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق