حزب الوفد.. 100 عام تحت حكم «المحامين»

الجمعة، 08 مارس 2019 03:00 م
حزب الوفد.. 100 عام تحت حكم «المحامين»
سعد زغلول ومصطفى النحاس وبهاء ابو شقه
علاء رضوان

يحتفل حزب الوفد المصري خلال هذه الأيام بمرور 100 عام على ثورة الشعب المصري في 1919، وذلك من خلال الإعلان عن الانتهاء من إصدار أول كتاب تذكاري عن تاريخ حزب الوفد منذ تأسيسه وحتى حركة 23 يوليو 1952.

وفي الحقيقة أن حزب الوفد المصري يحتل مساحة كبيرة على الساحة السياسية منذ تشكيله عام 1918 ميلادية حيث كان حزب الأغلبية قبل ثورة 23 يوليو المصرية، التي بدورها أنهت عهد الملكية، وحولت البلاد إلى النظام الجمهوري، ولم يعد الحزب إلى نشاطه السياسي إلا في عهد الرئيس أنور السادات، بعد سماحه للتعددية الحزبية، وقد اتخذ لنفسه اسم حزب الوفد الجديد سنة 1987م. 

53196622_10155861652236744_328746413267615744_n

ومن الملاحظ أنه خلال متابعة الحزب منذ تشكيله فإن حزب الوفد تعدد رؤساءه على مدار السنوات الماضية ولعل العامل المشترك بين كافة الشخصيات الذين تولوا رئاسة حزب الوفد هو عملهم بمهنة المحاماة وتخرجهم من كلية الحقوق إبتداءَ من سعد باشا زغلول أول رئيس أو إن صح التعبير أول زعيم للوفد حتى الوصول إلى المستشار بهاء أبو شقة أخر رؤساء الحزب.

سعد زغلول

تولى سعد باشا زغلول رئاسة حزب الوفد عام 1919، وهو المؤسس الأول للحزب، حيث ولد في قرية إبيأنة التابعة لمركز فوة سابقا «مطوبس حاليا» مديرية الغربية سابقا «محافظة كفر الشيخ حاليا» وتلقى تعليمه في الكتاب ثم التحق بالأزهر عام 1873. 

11594-20461840741522419761

تعلم سعد زغلول على يد السيد جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده، ومثله مثل الآخرين في زمانه فقد إلتف حول جمال الدين الأفغأني، ثم عمل معه في الوقائع المصرية، ثم انتقل إلى وظيفة معاون بوزارة الداخلية لكنه فصل منها لاشتراكه في ثورة عرابي ثم اشتغل بالمحاماة لكنه قبض عليه عام 1883 بتهمة الاشتراك في التنظيم الوطني المعروف بـ «جمعية الانتقام». 

مصطفى النحاس

مصطفى باشا النحاس تخرج من كلية الحقوق عام 1900 ميلادية، واحتل مناصب سياسية عدة وشارك فى تأسيس حزب الوفد، وفي أغسطس 1927 خسرت مصر زعيماً وطنياً مخلصاً بوفاة سعد وخلفه في زعامة الجماعة الوطنية مصطفي النحاس الذي ناضل نضالاً عظيماً. 

images

وقّع مصطفى باشا النحاس اتفاقية 1936 التي كان من اهم نتائجها انتهاء احتلال مصر عسكرياً وانضمام مصر إلي عصبة الأمم باعتبارها دولة مستقلة ذات سيادة، وإلغاء الامتيازات الاجنبية وفقاً لمؤتمر منترو عام 1937 وتقوية الجيش المصري واعادته إلي السودان وحرية مصر في عقد المعاهدات السياسية، وفي اكتوبر 1951 أعلن النحاس إلغاء معاهدة 1936 واطلق الحرية للشعب للنضال المسلح ضد القوات البريطانية في القناة.

فؤاد سراج الدين

فؤاد باشا سراج الدين عمل وكيلا للنائب العام ومحاميًا في الفترة من 1930 ـ 1935، وانضم للهيئة الوفدية عام 1935 والهيئة البرلمانية في عام 1936 وأصبح عضوا في الوفد المصري عام 1946 ثم سكرتيرًا عامًا للوفد عام 1949، حيث جُمد الحزب عقب ثورة 1952، ولكن سراج الدين أعاد النشاط للحزب بحكم محكمة، وتولى رئاسته في عام 1978 وأصبح رئيسا له حتى  أغسطس 2000. 

18534-6156325781522419909

نعمان جمعة

وبعد رحيل الزعيم سراج الدين، تولي رئاسة الوفد الدكتور نعمان جمعة، والذى التحق بكلية الحقوق وبعد التخرج عمل وكيلاً للنائب العام، وتنقل بين نيابات جنوب القاهرة، وباب الشعرية.

وانتقل نعمان جمعة إلى فرنسا في بعثة لنيل درجة الدكتوراه من جامعة باريس، وحصل نعمان جمعة على الدكتوراه في القانون المدني بتفوق، وحرصت جامعة باريس على أن تضمه إلى صفوف هيئة التدريس للاستفادة من كفاءته، وهناك أيضاً عمل بالمحاماة، وبعد عشر سنوات قضاها في باريس قرر نعمان العودة إلى مصر، ليدرس لأجيالها القانون، والتحق للعمل بالتدريس في حقوق القاهرة، وتدرج أستاذ الجامعة في المناصب حتى انتخب عميداً لكلية الحقوق مرتين متتاليتين من عام 1988 إلى عام 1994 ورئيس قسم القانون المدني لمدة سبع سنوات. 

21507-12732218721516968917

وظل رجال الوفد منذ عام 1978 في صراع مع السلطة داخل أروقة المحاكم، وتمكن الدكتور نعمان جمعة من الحصول على حكم تاريخي بعودة الوفد إلى الحياة السياسية عام  1984 وفي 9 أغسطس عام 2000 رحل فؤاد سراج الدين وكان الدكتور نعمان هو النائب الأول لرئيس الوفد، وحسب نص لائحة الحزب، يتولي النائب الأول الرئاسة لحين انتخاب الرئيس الجديد، وهذا ما فعله الدكتور نعمان. 

مصطفى الطويل

وفي 11 فبراير 2006 انعقدت الجمعية العمومية لحزب الوفد أقرت بفصل نعمان جمعة من الحزب واختارت المستشار مصطفى الطويل رئيساً مؤقتاً لمدة شهرين و20 يومًا.

وتخرج «الطويل» في كلية الحقوق 1957 وتم ترشيحه للعمل بالنيابة العامة غير أن الجهات الأمنية رفضت هذا التعيين باعتباره أحد الناشطين السياسيين أثناء دراسته بالجامعة وتم اعتقاله أكثر من مرة، واضطر للعمل في المحاماة، إلى أن أصبح المستشار فتحي الشرقاوي وزيرًا للعدل وحصل له على قرار من الرئيس جمال عبد الناصر 1962 بتعيينه في النيابة، ثم عاد ليترك النيابة قسراً عام 1969 في مذبحة القضاة التي تم خلالها الاستغناء عن عدد كبير من القضاة والمستشارين. 

مصطفى الطويل

رحل «الطويل» إلى دولة الكويت وعمل في وزارة العدل الكويتية وظل هناك حتى تولى الرئيس الراحل أنور السادات الحكم فعاد إلى مصر أوائل السبعينات ومن ثم إلى عمله بوزارة العدل في محكمة جنوب القاهرة ثم رئيساً للمحكمة بمدينة شبين الكوم، وتم اختياره بعد ذلك للعمل بديوان عام وزارة العدل وترقيته إلى درجة مستشار ثم وكيلاً عاماً للمحاكم بوزارة العدل.

محمود أباظة

وهو من تولى رئاسة حزب الوفد بعد عصر نعمان جمعة، وولد محمود أحمد اباظة يوم 16 يوليه 1948 بمحافظة الشرقية وحصل على ليسانس حقوق جامعة القاهرة 1970 ودبلوم الدراسات العليا في القانون الدولي العام من جامعة باريس 1972 واشتغل بالمحاماة. 

37409-15153486701522420083

بهاء الدين أبو شقة

لعب الفقيه الدستورى والقانونى محمد بهاء الدين أبو شقة العديد من الأدوار الهامة على الساحة السياسية ولعل آخرها فوزه برئاسة حزب الوفد، ولد أبو شقة سنة 1938 فى محافظة أسيوط وينتمى لعائلة لها جذور قانونية فى الدفاع الجنائى، وتخرج فكلية الحقوق جامعة القاهرة سنة 1959، وكان وقتها فى مصر 3 كليات حقوق فقط بجامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية ولأنه كان من أوائل دفعته تم تعيينه ضمن 42 كوكيلاً للنيابة فى 1959، رافضا العمل معيدا بالكلية أو موظفا فى مجلس الدولة، وبدأ حياته وكيلاً لنيابة شمال القاهرة فى أكتوبر 1959.

عمل «أبو شقة» فى النيابة إلى أن بدأ العمل فى القضاء عام 1968 ووصل إلى درجة رئيس محكمة إلى أن استقال فى عام 1975 بعدما أصدر العديد من الأحكام، وأرسى عدة مبادئ قانونية وصلت إلى محكمة النقض، وبعد استقالته عمل محاميا فى القضاء الجنائى وآثار ضجة من خلال قضاياه المهمة أثارت اهتمام الرأى العام وحصل فيها على براءة موكليه، وكان من أفضل المحاميين فى مصر على مدار سنوات طويلة.

وحاليا يتولى الفقيه الدستورى منصب رئيس حزب الوفد بعد انتهاء ولاية الدكتور السيد البدوى، والتى استمرت قرابة 10 سنوات، وذلك بعد منافسة مع 3 من المرشحين على المنصب. 

49900-بهاء-أبو-شقة

سيطرة المحامين والقضاة على الحزب

وعن سبب سيطرة المحامين على مقعد زعيم الأمة سعد زغلول فى رئاسة حزب الوفد، يقول يقول المحامى محمد أبو العينين، عضو اللجنة الدستورية والتشريعية بحزب الوفد،  أن كلية الحقوق كانوا يطلقوا عليها كلية الزعماء وحتى وقتنا هذا يعتبر خريجى كلية الحقوق هم من أكثر الدارسين للمراحل السياسية وعلى درجة كبيرة من الوعى فى الأمور والنواحى السياسية وهو ما يسعى إليه حزب الوفد ومن المفترض باقى الأحزاب فى أن يكون رئيسها على دراية وخبرة سياسية وقانونية.

إن الوفد – وفقا لـ«أبو العينين» فى تصريح لـ«صوت الأمة» - لم يكن حزباً سياسياً في نشأته الأولى إنما كان الأمة المصرية نفسها، وسعد زغلول لم يكن شخصية ألقت بها الأقدار في طريق الجماهير وإنما نستطيع القول بأن لولا سعد ما قامت ثورة ١٩١٩ بذلك العنفوان ولا أكتسبت ذلك الزخم الأسطوري المدوي في العالم كله، حيث أنه رغم تلك الهالة القدسية التي سبغها المصريون على سعد ورفاقه من بعده لم تقتصر ثورة ١٩ على مجرد زعامات تاريخية كبرى تحركها دوافعها الخاصة وأهوائها، وإنما شكلت تلك الزعامات حزباً مؤسسياً ليبرالياً جماهيرياً - كأول أثر مباشر للثورة - يؤمن إيماناً مطلقاً بالديمقراطية وحقوق المرأة والإنسان والمواطنة. 

54255364_331467130820462_6516916223689621504_n

ويُضيف «أبو العينين» كتب مؤرخو العراق عن الهام ١٩١٩ لثورتهم في العام التالي، وكتب غاندي عن إتخاذه سعد زغلول قدوةً له ورمزاً ومصدراً لإلهامه وقام غاندى بمراسلة صفية زغلول بعد رحيل سعد يسألها زيارة مصر وقبر الزعيم سعد فقد أحدثت ثورة ١٩ صدى عملاق الأثر على مسيرة الدولة المصرية واستقلالها والاعتراف بسيادتها المستقلة ونزع الحماية البريطانية المقيتة عنها ونشأة أول وأعظم دساتيرها .

كان سعد يؤمن إيماناً مطلقاً بالعمل المؤسسي الجماعي المنظم، ولم تغلبه نزعات فردية، فقد أسس سعد قبل الثورة ببضع سنين نقابة المحامين دون أن ينصب نفسه نقيباً عليها وهو ما أكسب الثورة حين اشتعل فتيلها بدايةً بعداً نخبوياً من خلال طلبة مدرسة الحقوق الخديوية ومن المحامين، وألقى ذلك الحدث بظلاله على زعامات الحزب على مر تاريخه إلى اليوم – بحسب «أبو العينين». 

53528441_10155860685826744_8083469084928245760_n

مر على الوفد سبع من أصل ثماني رؤساء كانوا جميعهم من أعلام الفكر القانوني والمحاماة، سعد زغلول ومصطفى النحاس وفؤاد سراج الدين ونعمان جمعة ومصطفى الطويل ومحمود أباظة وبهاء أبو شقة حيث إن نقابة المحامين وحزب الوفد شكلا حقيقةً معقل الحركة الوطنية وتوأمة قرن من الزمان، فقد تولى نقابة المحامين إثنين وعشرين نقيباً وفدياً من أصل أربع وعشرين نقيباً، وقدم الوفد من خلال نخبته القانونية كافة التشريعات والقوانين التي تحكم الدولة والناس أجمعين إلى يومنا هذا وكان الخروج الطاغي للمرأة المصرية في تلك الثورة سبباً مباشراً في صدور أول تشريع متعلق بالأحوال الشخصية – هكذا يقول «أبو العينين» .

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق