الجولان والقدس عربيتان.. ماذا لو كان «هرتزل» أسس الوطن القومي لليهود في الأرجنتين أو أوغندا؟

الثلاثاء، 26 مارس 2019 07:00 م
الجولان والقدس عربيتان.. ماذا لو كان «هرتزل» أسس الوطن القومي لليهود في الأرجنتين أو أوغندا؟
ترامب خلال اعترافه بالسيادة الإسرائيلية على الجولان وهرتزل في المؤتمر الصهيوني الأول
محمود علي

خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس ليوقع على قرار الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان المحتل، ضاربًا القوانين الدولية عرض الحائط، مخالفًا قرارات مجلس الأمن، المطالبة الاحتلال الإسرائيلي منذ عقود بالانسحاب من الهضبة السورية، زاعمًا بأن  إسرائيل لها حق السيادة عليها، متغاضيًا عن تاريخ تأسيس الكيان المحتل الذي إذا كان اطلع عليه سيكتشف أنه كان من الممكن نشأته في مكانًا آخر بعيدًا عن الشرق الأوسط بأكمله. 

فيكفينا فقط أن نراجع التاريخ الصهيوني في تسعينات القرن قبل الماضي، وخاصة بعد مؤتمرهرتزل الأول في أغسطس 1897، لنعلم أن إسرائيل كان من الممكن أن تنشأ (كيانها المحتل) وطنها القومي كما تدعي في أوغندا أو الأرجنتين بدلًا من فلسطين، ففي عام 1886 قام تيودور هرتزل مؤسس الصهيونية بوضع اقتراحات قدمتها بريطانيا والباروني اليهودي الألماني مورس دي هيرش، لحل المشكلة بتأسيس وطن قومي لليهود في الأرجنتين أو أوغندا أو فلسطين.

ووقع في النهاية الاختيار على فلسطين، وذلك بناء على خزعبلات تاريخية تم الترويج لها من قبل الصهيونية بوجود دلالة على ذلك في «التوراة» وطابقوا زورًا اسم (فلشتيم التي ذكرت في الكتاب) مع اسم فلسطين، للمناداة بها كأرض ميعاد.

تيودر-هرتزل-في-المؤتمر-الصهيوني-الأول-


الأرجنتين

انقسمت الحركة الصهيونية في مؤتمر بازل على الاختيار بين الأرجنتين وفلسطين لتأسيس وطنهم المزعوم، حيث كانوا أثرياء يهود بريطانيا يروا أن الأرجنتين هي الأفضل ليؤسسوا فيها وطنهم، وكانوا غير متحمسين كفاية لتمويل المشروع في فلسطين، ربما لإدراكهم بالتعقيدات السياسية، لذلك تبلور تياران داخل المؤتمر، أحدهما يرى أن أرض الميعاد قصة دينية، يمكن أن تتجسد في أي (وطن)، وبالتالي فقد طرح هذا التيار خيار الأرجنتين وأوغندا، أما التيار الثاني الرافض للفكرة، فهو الذي تشبث بإقامة دولة في فلسطين، خصوصًا أن اختيار الأخيرة كان منسجمًا مع المخططات الاستراتيجية للقوى الاستعمارية في المنطقة العربية، لذلك قرر برلمان الحركة الصهيونية في العام 1906 أن يكون الوطن القومي لليهود في فلسطين.‏‏

«الوجود اليهودي في فلسطين نشأ بشكل قوي قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية» هكذا يقول يقول الدكتور أيمن الرقب السياسي الفلسطيني، على اعتبار أن أمريكا لم تكن تستطع تغير ذلك الأمر، مؤكدًا أنه لو وجدت دولة لليهود في أمريكا اللاتينية قبل الحرب العالمية الثانية لكان الأمر صعب على الولايات المتحدة الأمريكية الدفاع عنها، معللًا بذلك بأن وتيرة زيادة الهجرة على فلسطين بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة وإثنائها كان هدفه واضح عدم وجود خيارات لليهود سوى فلسطين.

خريطة الارجنتين

وأضاف الرقب أن المؤتمر الصهيوني الأول بسويسرا عام ١٨٩٧، قررت فيه الحركة الصهيونية بناء وطن قومي لليهود في فلسطين كدولة دينية خاصة، مؤكدًا أنه في ذلك الحين لم تكن الحرب العالمية الأولى قد بدأت ولم يكن نجم الولايات المتحدة الأمريكية قد برز كأكبر دولة استعمارية في العالم، ولكن كانت حاجة المستعمرين بريطانيا وفرنسا بوجود دولة لليهود تساعدهم في تنفيذ مخططاتهم، قائلًا: «هذا سيدفعنا للتساؤل لو أنشأ اليهود وطنهم في الأرجنتين.. هل كانت ستنجح؟، وهل سيكون موقف الولايات المتحدة كما هو الآن تجاه الاحتلال؟ أم سيكون الموقف ضد هذا الكيان الديني خاصة أن أمريكا اللاتينية تمثل إزعاج دائم للولايات المتحدة الأمريكية»، وأكد أنه عندما ورثت الولايات المتحدة الأمريكية ملف الاستعمار في العالم بعد الحرب العالمية الثانية قبلت بهذا الميراث خاصة أن معظم سكانها حينها من أصول بريطانية استعمارية».


أوغندا

أيضًا طرح اسم أوغندا هى الأخرى لينشأ بداخلها وطن قومي لليهود في هذه الفترة من التاريخ، بعد تزايد الضغوطات اليهودية علي بريطانيا حيث عرضت الحكومة البريطانية على المنظمة الصهيونية ستة آلاف ميل مربع من أراضي أوغندا لإقامة الوطن القومي اليهودي، لكن «منظمة الأرض اليهودية»، التي كانت تشكل أحد أذرع الصهيونية، رفضت العرض، وأصرت على أن يكون في فلسطين، وفق رؤية دينية لفقتها الحركة الصهيونية لخداع العالم أنهم لهم جذور تاريخية ودينية.

صورة تجمع رئيس الوزراء الإسرائيلي مع الرئيس الأوغندي

ويتابع الرقب، «أنه في حالة أوغندا كان الوضع مختلف فبالطبع لو أقام اليهود وطنهم في هذا البلد كان سيطرح سؤال .. هل ستزدهر الحركة الصهيونية وتكون رديفا ومساعدًا للمستعمرين؟... مجاوبًا بالطبع سيكون هناك سيطرة على خيرات أفريقيا ولكن لم تنعم بهذا الهدوء كما هو حالها الآن مع توسع نفوذ اليهود بداخلها».

وقال إن أوروبا التي حاربت الدولة الدينية في العصور الوسطى وحكم الكنيسة ساعدت في إنشاء دولة دينية لليهود للخلاص منهم ولتحقيق أهداف كثيرة لهم فوجدوا فلسطين أفضل مكان لوجود هذه الدولة وهذا ما يفسر تغير موقف الحركة الصهيونية في المؤتمر الصهيوني السادس عام ١٩٠٦ وإقرار فلسطين كوطنهم القادم واستغلال الحرب العالمية الأولى لانتزاع وعد بلفور المشئوم، وبذلك منح من لا يملك أرضا لمن لا يستحق وقد كان اليهود في فلسطين لا يزيدون عن ٥ % من سكان فلسطين حينها حتى أجبروا الأهالي الفلسطينية على النزوج ويختصبوا الأخضر واليابس طيلة هذه الفترة حتى وقتنا هذا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق