ماذا ينقص أسوان حتى تصبح «ترانزيت» لتجارة أفريقيا إلى أوروبا وآسيا؟

الإثنين، 01 أبريل 2019 06:26 م
ماذا ينقص أسوان حتى تصبح «ترانزيت» لتجارة أفريقيا إلى أوروبا وآسيا؟
عادل السنهورى يكتب:

سألت نفسى هذا السؤال وأنا أقف- ولأول مرة- عند «رمز الصداقة» المصرية السوفيتية القريب جدا من السد العالى، أثناء حضور ملتقى الشباب العربى والأفريقى الأسبوع قبل الماضى.
 
فإذا كان الرمز شاهدا على قوة العلاقات المصرية الروسية فى عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وتم التفكير فى بنائه عام 67 وتم إنشاؤه عام ٧4 كرمز يجسد روح التحدى والإرادة وقوة العلاقات بين البلدين بعدما تخلت العديد من الدول عن مصر لتعطيل العمل فى أضخم مشروع هندسى فى القرن العشرين.
 
فهل تصبح أسوان رمزا وأيقونة لقوة ومتانة العلاقات بين مصر وأفريقيا فى عهد الرئيس السيسى؟ وهل يمكن أن تكون عاصمة التجارة والسياحة الأفريقية فى مصر؟ فأسوان هى عاصمة الجنوب وأهم مدن النوبة، المنطقة الحضارية التى طالما ظلت البوابة الجنوبية لمصر، تقع المدينة على الضفة الشرقية لنهر النيل عند الشلال الأول، يصلها بالقاهرة خط سكة حديد وطرق برية صحراوية وزراعية ومراكب نيلية ورحلات جوية محلية، وترتبط بوادى حلفا برا عبر معبر قسطل الذى افتتح سنة 2014. وكانت فى عصور المصريين القدماء مركزا تجاريا للقوافل القادمة من وإلى النوبة. 
 
كما ازدهرت أسوان فى العصر الإسلامى فى القرن العاشر الميلادى، فكانت طريقاً إلى «عيذاب» على ساحل البحر الأحمر، حيث تبحر السفن منها إلى الحجاز، واليمن، والهند، كما كانت مركزًا ثقافيًا مهمًا فى القرن السادس والسابع الهجرى، وكانت بها ثلاث مدارس أقدمها مدرسة أسوان، والمدرسة السيفية، والمدرسة النجمية فى أسوان، وأنشأ فيها محمد على أول مدرسة حربية فى مصر عام 1837 م.
 
وتعد مدينة أسوان ومحيطها منطقة سياحية وأثرية، حيث يزداد بها عدد السياح الأجانب وخاصة من أوروبا وشرق آسيا، لازدحامها بالمعالم السياحية مثل جزيرة ومعبد فيلة وضريح أغا خان وحديقة النباتات ومتحف النوبة والسد العالى.
 
إذن الأمر ليس جديدا ولا مستحدثا، وأسوان مهيأة لذلك بالبنية الأساسية ومطارها الدولى أو بثرواتها ومعالمها السياحية.
 
والدلالة على اختيار أسوان لعقد الملتقى كانت واضحة، وبالتالى الحكومة المصرية عليها دور مهم للعمل على اقتناص حصة من حجم تجارة الترانزيت الأفريقية مع العالم الخارجى فحسب ستيفان كار ينجى، مدير قسم التكامل الإقليمى والتجارة باللجنة الاقتصادية لأفريقيا، فإن حجم التجارة الخارجية للدول الأفريقية مع العالم الخارجى أكبر من حجم التجارة البينية الأفريقية، ويستحوذ الاتحاد الأوروبى على النسبة الأكبر من صادرات أفريقيا بمتوسط 31 % خلال الفترة من عام 2010 إلى عام 2017.
 
وتشير اللجنة الاقتصادية لأفريقيا إلى أن القارة تواصل تحقيق تقدم فيما يتعلق بحرية حركة الأفراد، كما أطلق الاتحاد الأفريقى فى يوليو 2016 مشروع جواز السفر الأفريقى الإلكترونى الموحد، وحتى ديسمبر الماضى، فإن 11 دولة أفريقية فقط تتيح للمواطنين الأفارقة دخول أراضيها دون تأشيرة أو تتيح لهم الحصول على التأشيرة عند الوصول.
 
وتشير اللجنة الاقتصادية لأفريقيا إلى أن 20 دولة- من إجمالى 52 وقعت على اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية- صدقت عليها، بينما تحتاج الاتفاقية إلى تصديق 22 دولة أفريقية للدخول إلى حيز التنفيذ.
 
الفرصة متاحة مع تولى مصر رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى، من المتوقع أن يتم تفعيل اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية خلال العام الجارى، وهى الاتفاقية التى تم توقيعها من جانب 49 دولة أفريقية، وصدقت 18 فقط عليها.
 
وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز التجارة البينية بين الدول الأعضاء، فحسب آخر الأرقام فقد بلغت الواردات البينية عام 2016 قيمة  60.4 مليار دولار بنسبة 11.5% فقط من إجمالى الواردات من العالم الخارجى والصادرات البينية بقيمة 75.4 مليار دولار بنسبة 19.4% فقط من إجمالى الصادرات للعالم الخارجى.
 
وتهدف أيضا إلى تعزيز القدرة التنافسية للصناعة فى أفريقيا فالصناعة تسهم بما يُعادل 700 دولار بالناتج المحلى الإجمالى للفرد الأفريقى، وهو ما يُعادل ثُلث نصيب نظيره فى أمريكا اللاتينية، وخُمس نصيب نظيره فى آسيا، وخلق سوق قارية لكل السلع والخدمات داخل القارة السمراء بما يشكل أكبر منطقة تجارة حرة فى العالم من حيث عدد الدول الأعضاء المستهدف -55 دولة أفريقية-تضم أكثر من 1٫2 مليار نسمة، وبناتج محلى إجمالى 2 تريليون دولار.
 
ورغم أن مصر وقعت خلال السنوات القليلة الماضية عدة اتفاقات مع التجمعات الاقتصادية الأفريقية فإن حجم التبادل التجارى مع أفريقيا حسب آخر الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزى للإحصاء ما زال محدودا، حيث يبلغ 6.2 مليار دولار منها 4.2 مليار دولار حجم الصادرات المصرية للدول الأفريقية. وحجم الواردات حوالى 2 مليار دولار.
 
وتستحوذ الصادرات المصرية لدول أفريقيا على نسبة تتراوح من 5- 8% سنوياً من إجمالى صادرات مصر، كما تستحوذ واردات مصر من القارة السمراء على نسبة تتراوح من 1.5- 4% سنويا من إجمالى الواردات المصرية.
 
وتتركز أعلى القيم التصديرية من مصر لدول أفريقيا فى 4 دول أفريقية، تتمثل فى كينيا، وجنوب إفريقيا، وإثيوبيا، ونيجيريا، وعلى مستوى الواردات، تتركز أعلى قيم استيراد مصر من الدول الأفريقية فى زامبيا، وكينيا، وجنوب أفريقيا.
 
هى فرصة ذهبية جديدة لإقامة رمز صداقة مصرية- أفريقية جديد على أرض الواقع عبر تحويل أسوان إلى مركز ترانزيت للتجارة والسياحة الأفريقية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق