قراءة فيما بعد القمة العربية بتونس.. عن الجولان وسوريا وانسحاب قطر

السبت، 06 أبريل 2019 04:00 م
قراءة فيما بعد القمة العربية بتونس.. عن الجولان وسوريا وانسحاب قطر
عادل السنهورى
يكتبها: عادل السنهورى

القمة أوفت بوعودها.. ويبقى السؤال: هل تعود سوريا إلى قمة القاهرة القادمة؟
 

حضر الجميع وغابت سوريا، فرضت قضية الجولان حضورها فى القمة العربية الأخيرة فى تونس، وظل المقعد السورى شاغرا، كلمات الزعماء العرب فى القمة الثلاثين يوم الأحد الماضى تناولت الأوضاع فى سوريا، وطالبت بضرورة الحفاظ على الدولة الوطنية ضد التقسيم، وأكدت على عروبة الجولان، وظلت الأصوات المطالبة بضرورة عودة سوريا- بأى شكل تمثيلى- فى القمة تصيح فى البرية.

تساؤلات عديدة قبل وأثناء القمة فرضت نفسها بشأن الحضور السورى، كيف لدولة تحارب الارهاب وتعانى من ويلاته وتحاول بشتى السبل- من خلال جيشها العربى- الحفاظ على وحدة أراضيها، ونجحت إلى حد كبير- حتى الآن- فى هزيمة الإرهاب ومطاردة فلوله، أن تبقى خارج الجامعة العربية ومحرومة من حضور القمة؟! فى حين أن هناك دولة معروفة ويشار إليها فى كل مرة فى كلمات زعماء الدول العربية الكبرى بمساندتها ودعمها للتنظيمات والجماعات الإرهابية بالمال والسلاح والعتاد، تبقى حاضرة داخل القمة ولا تعترف بقرارات القمة بمحاربة الإرهاب وتجفيف منابعه ومتابعة قادته حول العالم، بل وتستضيف قادته ورموزه؟!
 
مفارقة غريبة ومدهشة بل محزنة لمن يتابع القمم العربية منذ إبعاد سوريا عن الجامعة فى عام 2012 وبإصرار غريب من الدولة القطرية على ضرورة إبعاد واحدة من ركائز النظام العربى الإقليمى فى اجتماعات وزراء الخارجية العرب.
 
المراقبون قبل انعقاد القمة سادهم بعض التفاؤل والأمل فى أن تكون قمة تونس هى قمة عودة دمشق إلى الحضن العربى، وما تردد أن القيادة التونسية بذلت مجهودا كبيرا من أجل إقناع جميع الأطراف العربية، إلا أن أوان العودة لم يحن بعد فى هذه القمة، رغم أن الشقيقة الكبرى مصر والتى بذلت مجهودا مهولا نحو الحل السياسى السلمى للأزمة السورية لم تكن لديها أى تحفظات على عودة سوريا.
 
وعلى الرغم من غياب سوريا عن حضور القمة العربية فى تونس، نظرا لاستمرار العمل بقرار تجميد عضويتها فى الجامعة العربية، فإن الأزمة السورية والإعلان الأمريكى المفاجئ بشأن السيادة الإسرائيلية على الجولان، جعلت دمشق حاضرة بقوة فى القمة التى انعقدت، وقد حقق الجيش العربى السورى انتصارات مذهلة على التنظيمات الإرهابية، وتم إنهاء السيطرة المكانية لـ«داعش» على الأرض بتحرير الباغوز، آخر معاقل التنظيم فى شمال شرق سوريا.
 
الحضور السورى فى القمة تمثل فى رفض عربى من القادة والزعماء لإعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشأن الجولان السورى المحتل، وأكد مسئولون بالجامعة العربية ووزارة الخارجية التونسية أنه لا يزال هناك غياب التوافق العربى حول عودة سوريا إلى مقعدها بالجامعة العربية.
 
واختتم وزراء الخارجية العرب- قبل القمة بيومين- مشاوراتهم حول الاعتراف الأمريكى بسيادة إسرائيل على الجولان السورى العربى المحتل، وأدان مشروع المشروع القرار الأمريكى الصادر فى 25 مارس 2019 بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، ويعتبره انتهاكا خطيرا لميثاق الأمم المتحدة الذى لا يقر بالاستيلاء على أراضى الغير بالقوة ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
 
وتضمن مشروع القرار العربى خطة عمل عربية للتعامل مع الاعتراف الأمريكى ومنع تكراره من دول أخرى.
 
كان موضوع اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على الجولان فى صلب خطابات الزعماء، وهو ما ترجم إلى بيان خاص، تلاه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط فى ختام القمة، وأعرب فيه عن رفض وإدانة الدول العربية القرار الأمريكى «الباطل شكلا ومضمونا»، مشددا على أنه يمثل انتهاكا خطيرا لميثاق الأمم المتحدة، كما أكد أن «شرعنة الاحتلال» أمر مرفوض كليا ويقوض تحقيق السلام فى الشرق الأوسط. 
 
وتحدث البيان و شدد على ضرورة إيجاد حل سياسى ينهى الأزمة السورية، بما يحقق طموحات الشعب السورى الذى يئن تحت وطأة العدوان، وبما يحفظ وحدة سوريا، ويحمى سيادتها واستقلالها، وينهى وجود جميع القوات الخارجية والجماعات الإرهابية الطائفية فيها، استنادا إلى مخرجات جنيف (1) وبيانات مجموعة الدعم الدولية لسوريا، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وخاصة القرار رقم 2254، فلا سبيل لوقف نزيف الدم إلا بالتوصل إلى تسوية سلمية، وأعلن القادة العرب فى بيانهم الالتزام  بتهيئة الوسائل الممكنة وتكريس كافة الجهود اللازمة للقضاء على العصابات الإرهابية وهزيمة الإرهابيين فى جميع ميادين المواجهة العسكرية والأمنية والفكرية، والاستمرار فى محاربة الإرهاب وإزالة أسبابه والقضاء على داعميه ومنظميه ومموليه فى الداخل والخارج، خاصة فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، آملين فى وقوف العالم الحر لمساندتنا ودعمنا لننعم جميعا بالسلام والأمن والنماء.
 
إذن من يقرأ البيان الختامى للقمة العربية سوف يندهش من عدم القدرة على اتخاذ قرار واحد بعودة سوريا إذا كانت حاضرة بهذا الشكل فى حين أن داعمى الإرهاب انسحبوا من القمة بشكل مثير للتقزز والغضب.
 
فهل تعود سوريا إلى القمة القادمة فى مصر؟
المستشار أحمد حافظ، المتحدث باسم الخارجية، أشار إلى أن وزير الخارجية سامح شكرى، أكد خلال تصريحاته لوكالة الأنباء العمانية، مؤخرا، أهمية تفاعل الحكومة السورية مع مسار العملية السياسية فى جنيف، ومسار جهود المبعوث الأممى لسوريا، وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254، بحيث يتم الانخراط مع مساعى استعادة سوريا لاستقرارها ووحدة أراضيها وتحقيق تطلعات شعبها الشقيق، وبما يتيح بحث عودة سوريا إلى الحاضنة العربية.
 
الأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير حسام زكى، قال إنه إذا كان هناك توافق يسمح بعودة النظام فى سوريا لشغل المقعد فسوف يتحقق ذلك، أما إذا غاب هذا التوافق فلن يتحقق ذلك.
 
وأوضح أن غياب التوافق أو وجوده «مرتبط برؤية الدول تجاه موقف النظام السورى فيما يتعلق بالتسوية السياسية والعلاقة مع إيران»، وأنه «إذا كان هناك ارتياح تجاه هذه المواقف، فسوف يحدث هذا التوافق، وإذا لم يكن هناك ارتياح فلن يحدث التوافق».
 
عموما وبمقاييس النجاح فقد أوفت قمة تونس بوعودها من حيث حضور عدد الزعماء العرب، ومن حيث بيانها الختامى الموسع والشامل، ونجحت القمة من حيث التنظيم والإعداد والمواضيع السياسية التى نوقشت.. خاصة موضوع الجولان الذى كان محسوما وكان القرار بشأنه موحدا من طرف كل الدول، عموما سوريا سوف تعود. 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة