«الحركة المدنية الإخوانية».. إرهابيون في رداء الليبراليين والناصريين

الخميس، 18 أبريل 2019 08:21 م
«الحركة المدنية الإخوانية».. إرهابيون في رداء الليبراليين والناصريين

 
في (2011)، استغل العديد من قيادات حزب الكرامة، جماعة الإخوان ليتسلقوا على اكتافها، ويحصدون مما كان يبدو نجاحا - إلا أنه في مضمونه الفشل- وبعد سقوط الإرهابية واتباعها، بدأت المفارقات حين وقوف أحد قيادات حزب الكرامة داخل القاعة الرئيسية في مقر حزبه، معلنا أنه لا علاقة له ولا للحزب، والحركة التى يقف فى مؤتمرها ويتحدث باسمها، بجماعة الإخوان الإرهابية، بينما تكشف العودة السريعة بالذاكرة إلى الوراء أن هذا القيادى، وقائده، وأصدقاءه، وحزبه، وحركته بكاملها، نسقوا مع الجماعة فى انتخابات البرلمان 2011، وفاز عدد من أعضائهم بمقاعد على قوائم «الحرية والعدالة»، حزب الإخوان الساقط عقب ثورة 30 يونيو.
 
 
كان حزب الكرامة، استضاف (الخميس)، مؤتمر الحركة المدنية الديمقراطية، والذي شهد العديد من المفارقات، التي تدعو إلى المضحكة والمُبكية فى آن واحد، بدءًا من غياب رموز الحركة ووجوهها المعروفة، وقيادة عدّة شخصيات هامشية لا يعرفها أحد للمؤتمر، وصولا إلى المشاجرات والأصوات العالية وتوزيع الاتهامات، والأهم العجز عن نفى العلاقة الثابتة تاريخيا وواقعيا مع جماعة الإخوان، أو القدرة على التماس براءة حقيقية من اتهامات التمويل والتربح والعمل وفق أجندات خارجية، فى وقت تسيطر فيه على الحركة أحزاب ووجوه مرتبطة بالجماعة الإرهابية بعشرات الوشائج والصلات، واشتمال تشكيلها على عشرات الأسماء المعروفة فى مجال استقطاب التمويلات، ليس استقبالها وتلقيها وإدخالها حساباتهم الشخصية فقط، وإنما يمثل بعضهم بوابات ومعابر ذهبية وسماسرة معتبرين لدى منظمات المجتمع المدنى المحلية، والجهات والمؤسسات المانحة دوليا.
 
من رحم المشهد المرتبك والملىء بالثغرات والمفارقات، كان مؤتمر الحركة المدنية الديمقراطية، كما تُسمّى نفسها، فضيحة مكتملة الأركان ومُوجبة للخجل - لو كان فى الوجوه دم وفى الروح قدر من كرامة - فضيحة ربما أثبتت الاتهامات والشبهات المحيطة بأحزاب الحركة وأعضائها أكثر مما بدّدتها أو نفت جانبًا منها، خاصة بعدما تصدّرته عدة شخصيات مُحاطة بالشبهات والاعتراض والرفض، لا فى الساحة السياسية على اتساعها فقط، وإنما داخل التيار المدنى نفسه، وبعدما تورّطت تلك الشخصيات فى الدفاع عن متهمين ثبتت إدانتهم داخل مؤسسات معتبرة وفق آليات وإجراءات قانونية واضحة ومعلنة، أو يواصل القضاء نظر ملفاتهم بالتزامن مع إجراءات احترازية ماسّة بشرفهم وسمعتهم ونظافة يدهم وصحيفتهم الوطنية.. كان المشهد بكامله مُثيرًا للشكّ وباعثًا على تقصى الحقائق والتفاصيل، وبينما تقود كل المؤشرات فى اتجاه الانتصار للريبة والتفتيش عن المصالح، كان قادة المؤتمر «الفاضح» يرفعون أصواتهم ويُطلقون حناجرهم بما لا منطق فيه ولا شرف، ويُوزِّعون الاتهامات المخجلة التى تلتصق بأثوابهم غير النظيفة محاولين إلصاقها بغيرهم، بمنطق «رمتنى بدائها وانسلّت».

وجوه مشوهة ومؤتمر فاضحكان مقررا أن يحضر المؤتمر عدد من أبرز كوادر «الحركة المدنية» ورموزها، وربما بسبب تلك الأسماء ذهب الصحفيون إلى مقر حزب الكرامة، حليف الإخوان السابق، آملين فى لقاء شخصيات لها حيثية حتى لو كانت محاطة بالشبهات، لكن مع انطلاق المؤتمر فوجئ الصحفيون بتصدر خالد داود، رئيس حزب الدستور السابق وحليف الإخوان وضيف قنواتهم الدائم، وجورج إسحاق الذى يتولى التنسيق مع الجماعة وإدارة قنوات الاتصال مع رموزها فى الخارج وحلفائها فى الداخل، وعبد العزيز الحسينى القيادى فى حزب تيار الكرامة وأحد مهندسى صفقة التحالف مع الإخوان فى انتخابات 2011.
 
الثلاثة الذين لا تحمل ملفاتهم السياسية فى السنوات الثمانى منذ ثورة 25 يناير أية علامة بيضاء، تصدروا مؤتمر الحركة التى تضم 8 أحزاب و150 شخصية سياسية، بحسب ما أعلنته عن نفسها، بينما غاب المرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى، وقيادات الحركة السياسية والحزبية البارزة فريد زهران وخالد على وأحمد فوزى وهالة شكر الله وجميلة إسماعيل وسعد عبود وعبد الحميد فرج وحسام مؤنس وكريمة كمال وإلهامى الميرغنى وزهدى الشامى وإيهاب الخراط وباسم كامل وتيسير فهمى، وغاب عبد الجليل مصطفى وهانى شكر الله وإبراهيم عبد المجيد وطارق نجيدة وجمال فهمى وخالد البلشى ويحيى قلاش وطلال شكر وطلعت فهمى وسليمان الحكيم وعلاء الأسوانى وعمار على حسن والوزيران السابقان أحمد البرعى وعمرو حلمى.. باختصار تقف الشبهات شامخة حول الحركة بكل أحزابها ومنتسبيها، ولكن رموزها اختاروا الاختفاء وعدم مواجهة الشبهات المخجلة، ومخاطبة الناس بالتابعين والصف العاشر. غاب أصحاب الحصة الأكبر من الملاحظات، وحضر الأنصاف والأرباع.
 
إلى جانب خريطة الحضور الغريبة، حاول خالد داود، الذى يتهمه أعضاء حزب الدستور أنفسهم بإفساد الحزب وتفتيته بمعاونة رئيسته السابقة هالة شكر الله، الظهور كسياسى متمرس ورجل دولة ومتحدث مثالى باسم الحركة المدنية، وبقدر من الركاكة والضحالة اللتين لا تغيبان عن أدائها بدت وقائع المؤتمر مشاجرة وضيعة فى خرائب إحدى العشوائيات، بينما وقف عبد العزيز الحسينى وجورج إسحاق ليلعبا دور الفتوة أو «البلطجى» الذى يتولى «تقفيل الخناقة» وتكسير عظام الخصوم، حتى لو كان الخصم مجرد صحفى يحمل شكًّا وشبهة وملاحظات ويترجمها فى سؤال ينتظر إجابة!
 
12
 
السقوط فى وحل الإخوانكان الملمح الحاضر طوال المؤتمر وخلال الرد على أسئلة الصحفيين، اللجوء إلى أسهل الطرق التى طالما راهن عليها الناصريون وسياسيو الشارع الهواة، فتقدمت الغوغائية والخطابات الشعبوية وتوزيع الاتهامات، مع نفى الشبهات بدون تفنيد أو دليل، وبينما حاول خالد داود وعبدالعزيز الحسينى إدارة الحوار ظاهريا، عمل جورج إسحاق وكريمة الحفناوى وعدد من شباب حزب الكرامة وبعض من ساعدوا «داود» فى تخريب حزب الدستور، على إثارة الفوضى والضوضاء لإرهاب المتحدثين وتصفية الأمر على طريقة «شجارات المقاهى».
 
نفى «الحسينى» علاقة الحركة بالإخوان بجملة واحدة «لا علاقة لنا بالإخوان».. لكنه للأسف تجاهل تحالف حزبه مع الجماعة فى انتخابات 2011، وتنسيق حزب الدستور ومؤسسه محمد البرادعى معها سابقا وحاليا، وتجاهل أنها تضم حزبا محسوبا على الجماعة بشكل مباشر، وأكثر من 18 شخصيا يرتبطون بها بصور مختلفة. كما لم يبرر ظهور عشرات من أعضاء الحركة على شاشات القنوات التابعة للإخوان (العربى - مكملين - الشرق) أو عبر إصدارات شبكة الجزيرة المختلفة، وتلقيهم مقابلا ماديا ضخما عن هذا الظهور، أو ارتباط بعض أعضاء الحركة ومؤسسى أحزابها بالجماعة إما بالانتماء المباشر أو القرابة والمصاهرة، أو تنسيق أحد كوادرها الحاليين مع حلفاء الإخوان فى الخارج من أباطرة وبوابات التمويل والعبور المالى، وفى مقدمتهم «ب.ح» المقيم فى فرنسا، الذى يتولى إعداد التقارير الحقوقية الملونة وتقارير الرصد الإعلامى، بالتنسيق بين أجنحة الجماعة فى لندن وباريس وستراسبورج وواشنطن، وعدد من المنظمات والجمعيات بالداخل، ويُؤمّن عبور التدفقات المالية لتلك الأنشطة، ومقابل جهد العناصر العاملة فيها، وأرباح وحصص المنظمات المنفذة لها. 
 
بحسب المسار الذى اختاره داود وإسحاق والحسينى، يبدو ظاهريا أنهم عبروا بالمؤتمر إلى بر الأمان بدون إثبات الاتهامات التى تساءل عنها الصحفيون، لكن فى حقيقة انطوى أداؤهم على قدر من البلطجة والغوغائية واتهام الصحفيين والتشكيك فيهم، وحمل أدلة إدانة دامغة تقطع بعلاقة الحركة بالإخوان، خاصة مع غياب التبرير الكافى لوجود حزب منتمٍ للجماعة بشكل قاطع ضمن هيكلها، إلى جانب وزير سابق وثيق الصلة بها، وأكثر من 18 نقابيا وأكاديميا محسوبين عليها، وصهر أحد أبرز إعلاميى الإخوان بالخارج، وعدد من شركاء الجماعة فى مؤتمر فيرمونت الذى سبق إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية 2012 بغرض الضغط على الدولة واللجنة العليا للانتخابات لتسريع إعلان فوز محمد مرسى، فى وقت حشدت فيه الجماعة أعضاءها فى ميدان التحرير وهددت بإحراق مصر ما لم تخرج النتيجة كما يرضيها.
 
133

ذئاب التمويلات يدعون النظافةيُعرف خالد داود داخل حزب الدستور وفى دوائر السياسة المصرية بأنه أحد أبرز الحاضرين فى ملف التمويلات الخارجية، تحت عناوين سياسية واجتماعية، وبينما لا نشكك فى قانونية عبور تلك التمويلات من عدمها، ونترك الأمر لأصحاب الحق الحصرى فى تقييم تلك الأمور من الجهات المعنية، إلا أن جسارة «داود» وتبجحه فى نفى تلقى تمويلات أو العمل وفق أجندات خارجية، كانت من الأمور الملفتة فى المؤتمر إلى درجة الكوميديا السوداء والتعجب من انعدام الحياء وانكشاف الوجه.

 
كان «داود» مقربا خلال السنوات الأخيرة من قيادية الحزب ورئيسته السابقة «هـ. ش» المعروفة بأنها هى وشقيقها «هـ.ش» وزوجته السابقة «ف.ف» من أبرز بوابات التمويلات والعبور المالى فى مصر، وإلى جانب هذا المسار فإن علاقته بعدد من رموز حزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى خاصة «ف. ز» و«أ. ف»، وقياديى حزب العيش والحرية قيد التأسيس خاصة «خ. ع» و«م. ع».
 
ونجوم المجتمع المدنى «ح. ب» و«ن. ب» و«ج. ع» و«م. ز»، شكلت تجمعا واسعا من محترفى استقطاب التمويلات الخارجية تحت لافتات مشروعات التنمية الاجتماعية والسياسية والقانونية التى تُعد جيدا بما يُغرى الجهات الدولية والمؤسسات المانحة، لكنها لا تُنفذ على أرض الواقع. وبحسب مصدر مطلع داخل «المصرى الديمقراطى» فإن أحد كوادره السابقين والحاليين مرر بمفرده وبمعاونة أصدقائه فى مجتمع المنظمات أكثر من 30 مليون دولار بين 2011 و2013، وواصل نشاطه عقب ثورة 30 يونيو حتى ضاق الخناق عليه، وانحصرت المنافذ فى القنوات التى فتحها «ب. ح» بمعاونة عناصر الإخوان وعدد من المنظمات الحقوقية المنشأة وفق قانون الشركات بما يسمح لها بتحويل وتلقى الأموال خارج رقابة وزارة التضامن الاجتماعى والجهات المعنية بتمويل النشاط المدنى.
 
المفارقة فى الأمر أن علاقة رموز الحركة بالتمويلات الخارجية ليست جديدة، وتسبق تشكل الحركة وأغلب أحزابها، وربما تسبق نشاط نجومها السياسى، فمنذ ثمانينيات القرن الماضى تدور فى الأوساط الصحفية حكايات وأحاديث عن علاقة حمدين صباحى بالنظامين الحاكمين فى العراق وليبيا، وتلقيه تمويلات من صدام حسين ومعمر القذافى تحت لافتة القومية والعمل العربى المشترك والتضامن مع القضية الفلسطينية، وهى الأموال التى يقول بعض الصحفيين المنتمين إلى جيل الثمانينيات إنها كانت النواة التى أسس بها صباحى مؤسساته الإعلامية «صاعد» لتتزايد تدفقات الأموال لصالح دعم الوكالة الإخبارية الناشئة بنكهة عروبية قومية، والأمر نفسه مع الوزير السابق «أ. ب» المعروف بعلاقته بملف التمويلات والنشاط الاستشارى للجهات المانحة، و«م. ب» عضو الحركة الناشط فى الملف، وتتسع القائمة لتشمل قرابة 50 اسما من أحزاب المصرى الديمقراطى والكرامة والعيش والحرية والإصلاح والتنمية والدستور والعدل ومصر الحرية، ومن حركة 6 أبريل، ترتبط أسماؤهم بتلقى تمويلات ضخمة بين 2011 و2014، إضافة إلى رحلات وبرامج تدريبية ومعسكرات فى عدد من الدول.
 
المشهد الأكثر مفارقة فى ملف التمويلات، أن خالد داود الذى كان يُفترض أن يُفتش عن أدلة على براءته من التربح وتلقى أموالا من الخارج، تجاهل صفحته التى تحتاج إلى غسيل وإثبات لبياضها، وانخرط فى وصلة دفاع محمومة عن محمد أنور السادات، الذى أدانته محكمة القيم مع والده وأشقائه فى العام 1982 بتهم تتصل بالفساد والتربح واستغلال النفوذ، وصادرت عشرات ملايين الجنيهات من الأسرة ذات الأصول بالغة التواضع.
 
بينما يملك الآن ثروة تُقدر بعشرة مليارات جنيه تضم عشرات الفنادق والأراضى والشركات التى تحيط بعملية حصوله عليها شبهات تربح من النظام السابق، إلى جانب طرده من البرلمان مرتين، فى منتصف العقد الماضى بعدما أشهر إفلاسه للتهرب من دفع شيكات بأقل من نصف المليون يورو لإحدى الشركات الأوروبية، وقبل سنتين بعد إثبات تحقيقات مجلس النواب إدانته بتسريب أوراق ووثائق تخص المجلس وأعماله لجهات خارجية وسفارات دول أجنبية، وقالت وزيرة التضامن غادة والى تحت قبة البرلمان إن جمعيته الأهلية «السادات للتنمية والرعاية الاجتماعية» تلقت تمويلات بمئات الآلاف من الدولارات من جهات خارجية.
 
وإن الوزارة لديها شكوك بشأن مصادر تلك الأموال ومسارات إنفاقها، وفى النهاية طرده المجلس بدون رد اعتبار أو إثبات براءته وفق المسارات القانونية المعتبرة. وإلى جانب ذلك واصل «داود» دفاعه عن زملائه فى مافيا التمويلات بادعاء براءة رموز الجمعيات الحقوقية الخاضعين للمحاكمة فى إحدى القضايا، بينما ما زالوا جمعيا ممنوعين من السفر وأموالهم قيد التحفظ على خلفية اتهامات قوية بالتربح وتلقى تمويلات والعمل وفق أجندات خارجية واختراق المسارات القانونية لعبور الأموال إلى البلاد، وهو ما يبدو أنه كان محاولة من خالد داود لتسخير مؤتمر ذى طبيعة سياسية، تحت اسم حركة تدعى أنها تجمع للأحزاب والسياسيين بغرض إدارة الشأن العام وجبهة المعارضة السياسية، فى الدفاع عن نفسه وشركائه فى ملف التمويلات، والتماس براءة من الشبهات بالسباب والضوضاء وتوزيع الاتهامات، فى وقت يعجز فيه هو ورفاقه متضخمى الثروات وأصحاب العقارات والحسابات البنكية المتضخمة عن إثبات تلك البراءة بأدلة أكثر ثبوتا وأقل إضحاكا وادعاء للبطولة الوهمية.
 
13

رؤوس عديدة فى حظيرة الإخوان تعود قصة الحركة المدنية الديمقراطية إلى ديسمبر قبل الماضى، عندما التقى عدد من مسؤولى الأحزاب والشخصيات السياسية داخل مقر حزب الكرامة فى 13 ديسمبر 2017، ووقعوا وثيقة لتأسيس الحركة، بدون تحديد إطار فكرى أو أيديولوجى جامع لتلك الأشتات المتعارضة، أو تحديد موقف واضح من جماعة الإخوان واليمين الدينى، على الأقل لإثبات أنها حركة مدنية وديمقراطية فعلا.
 
كان نتيجة هذا التلفيق أن تسرب إلى عضوية الجماعة حزب تابع للإخوان بشكل مباشر، وكان واحدا من محاولاتها لزيادة حصتها ضمن الخريطة السياسية عقب ثورة 25 يناير 2011، وقتها دفعت بعدد من كوادرها وأعضائها لتأسيس عدة أحزاب جديدة تُضاف إلى «الحرية والعدالة» بما يمنحها حضورا أكبر ضمن النسيج السياسى. حدثت تلك الخطة مع حزب الوسط الذى أسسه أبو العلا ماضى وعصام سلطان، ومع حزب مصر القوية الذى أسسه عبد المنعم أبو الفتوح، ومع حزب «العدل» الذى أسسه عضو الجماعة مصطفى النجار بمشاركة عبد الرحمن يوسف نجل فقيه الإخوان ومفتيها الأشهر يوسف القرضاوى.
 
وإلى جانب هذا الحزب انضم عدد من الأكاديميين والنقابيين المنتمين إلى الجماعة أو المرتبطين بها إلى عضوية الحركة، أبرزهم الممثل المباشر للجماعة بالحركة هشام جنينة صاحب الانتماءات الإخوانية وخطوط الاتصال المباشرة مع كوادر الجماعة بالخارج وأعضاء حركة حماس الفلسطينية، قبل تورطه فى قضية ماسّة بالأمن الوطنى، وسليمان الحكيم والد زوجة الإعلامى الإخوانى سامى كمال الدين، ورئيس إحدى نقابات الأطباء الفرعية المنتمى للجماعة و«م. ج» المقرب من مسؤول المحافظة السابق ومسؤول مكتب الجماعة بتركيا الحالى، و«ع. إ» قيادى حزب العدل العضو بالجماعة، و«ع. م» الأستاذ بجامعة الأزهر، و«ع. م» و«إ. ع» و«ع. ح» و«ز. ع» و«م. ع» و«م. ك» و«و. م» الأساتذة الجامعيون، و«م. ح» القيادى فى نقابة المهندسين، وعدد آخر من حلفاء الجماعة فى النقابات المهنية والتجمعات العمالية وداخل ائتلافات شباب الثورة وحركة 6 أبريل.
 
وإلى جانب ملفى الارتباط بالإخوان وشبهات التمويل المحيطة بقرابة نصف أعضاء الحركة، فقد ضمت حزبا تحت التأسيس تورط وكيل مؤسسيه فى قضايا أخلاقية مُخلة، وتستر على اغتصاب عضو الحزب «م. ب» لإحدى العضوات، إلى جانب ثبوت تحرشه هو نفسه بإحدى العاملات فى المركز الحقوقى الذى يملكه، ونشاطه الواسع فى ملف التمويلات، سواء من خلال مركزه وحزبه، أو العمل كاستشارى لعدد من الجمعيات والمنظمات الحقوقية فى القاهرة والمحافظات.
 
المفارقة فى الأمر أن الحركة تضم 3 وزراء سابقين فى حكومتى عصام شرف وحازم الببلاوى، أحدهم محسوب على التيار الناصرى، ورغم أن الاثنين الآخرين معروفان بارتباط أحدهما بملف التمويلات وتقديم خدمات استشارية فيه للمنظمات المحلية والدولية، والآخر تجمعه روابط وثيقة بعدد من قيادات الإخوان إلى حد قول البعض إنه عضو خامل فى الجماعة، فإن الأمر رغم تلك الشبهات والملاحظات يستدعى السؤال عن بواعث انضمام ثلاثة مسؤولين سياسيين وتنفيذيين سابقين لحركة تحيط بها الشبهات الأخلاقية والأيديولوجية والمالية، وتدعى ارتباطها بالمدنية والديمقراطية بينما تضم إخوانا وأصحاب مصالح شخصية وثروات متضخمة ضمن هيكلها!
 

المشهد الذى انتهى إليه المؤتمر ربما يكون كافيا لكشف كثير من خفايا التجمع الذى تأسس قبل 18 شهرا ولم يمارس نشاطا واضحا طوال تلك الفترة، بينما تواصل أحزابه وأعضاؤه تحركاتهم المثيرة على الأصعدة نفسه، إما بتعميق وتوطيد قنوات الاتصال مع الجماعة، أو استقطاب التمويلات الخارجية ومراكمة المكاسب والثروات.

لكن رغم وضوح الصورة فى المؤتمر، وفضح الصحفيين للثلاثة الذين أداروه بمنطق العصابات وخناقات الشوارع، فإن الأمر يستدعى إثارة للسؤال لدى شباب التيار المدنى وقواعده حول صمتهم على الشبهات المحيطة بالتجمع الذى يدعى تمثيلهم والحديث باسمهم، خاصة أنهم يشمون الروائح المشينة بالتأكيد، ويرون الأباطرة وأغنياء الحرب الذين يتصدرون واجهة الحركة رافعين لافتة المدنية والديمقراطية.

بينما يقنعون تماما بالتمدد تحت أحذية الإخوان، وتقاضى مقابل ما يتصورون أنه الوطنية من جهات خارجية، يرى أغلبهم فى العمق ووفق انتماءاته الأيديولوجية أنها جهات استعمارية ورأسمالية تسحق العمال والفقراء وتفكك الدول والمجتمعات، لكنهم يقبضون منها رغم ذلك، ولا يشعرون بأى تناقض مُخجل أو مهين للكرامة، بل على العكس يأخذهم التبجح إلى المدى الأقصى لينظموا مؤتمرا فى حزب اسمه «الكرامة» ويدعوا القطيعة مع الإخوان رغم أن الحزب نفسه الذى يقفون تحت لافتته كان خادما من خادمى الجماعة الإرهابية قبل سنوات لم تعبرها الذاكرة بعد.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق