شارك واعمل الصح.. التعديلات الدستورية بين سيطرة الحركات الراديكالية والأمن القومى

الإثنين، 22 أبريل 2019 11:00 ص
شارك واعمل الصح.. التعديلات الدستورية بين سيطرة الحركات الراديكالية والأمن القومى
التعديلات الدستورية - أرشيفية
علاء رضوان

ينتهى المصريون اليوم من تحديد مصير التعديلات الدستورية، عقب انتهاء اليوم الثالث لعملية الاستفتاء، المزمع إعلان نتيجتها بعد غدٍ الأربعاء، الموافق 24 أبريل، وبذلك تنتهى فترة المخاض السياسي التي أعقبت أحداث عام 2011، وما صاحبها من عدم استقرار سياسي، أدى في نهاية المطاف لقيام ثورة الثلاثين من يونيو 2013، وكان من أهم أهدافها وضع خارطة طريق لتصحيح مسار الدولة المصرية.

فى التقرير التالى، «صوت الأمة» رصد مسألة التعديلات الدستورية، التى تُعد بمثابة ضرورة مجتمعية، لتثبيت دعائم الدولة المصرية ولمواجهة والتصدى لأصحاب الأفكار الراديكالية، التى تعمل ليل نهار على إسقاط الدولة– بحسب الخبير القانونى والمحامى محمد الشهير.

سيطرة الجماعات الراديكالية

الدستور بمثابة الوثيقة الأساسية التي توضح المبادئ العليا للدولة، ومقوماتها الاجتماعية والثقافية والسياسية والإقتصادية، وبمعنى أدق الوثيقة التي تبرز هوية الدولة واتجاهها المحلي والإقليمي والدولى، فكان لا بد من أن تتطلع الدولة إلى تعديل الدستور وحذف ما شابه من عوار الصياغة، في بعض المواد التي تم إقرارها في وسط حالة احتقان مجتمعي، كان السبب فيها سيطرة الجماعات الراديكالية على مقاليد السلطة في مصر، ومحاولتها إقصاء كافة التيارات الوطنية لصالح أجندة جمعت بين دعم الإرهاب وطمس الهوية المصرية– هكذا يقول «الشهير». 

الاخوان-1

وفقا للشهير، فإن التعديلات الدستورية أصبحت ضرورة حاضرة؛ لتأكيد وحدة النسيج الوطني وشمول الحماية الدستورية لكافة قطاعات الشعب المصري دون تمييز بين أبناءه، فعلى سبيل المثال طرح التعديل الدستوري فكرة التمكين النيابي للمرأة عن طريق تخصيص عدد محدد من مقاعد المجلس لا يقل عن ربع عدد المقاعد، بما معناه ضمان تمثيل نصف المجتمع المصري بعدد نائبات لا يقل عن 112 نائبة، وهي سابقة دستورية لم تحدث في تاريخ مصر وتبرز الحماية التشريعية للمراة بإعتبارها أحد اوجه التقدم الحضاري الذي تقاس به الدول المعاصرة.

تعديل الدستور لصالح العمال والفلاحين

وفى السياق ذاته - فإن التعديلات الدستورية المقترحة ترمم شرخاً دستورياً هاماً في نصوص المواد 242 و244 من الدستور، حيث كان نص المادة 242 مجحفاً بحق العمال والفلاحين في استمرار تمثيلهم العادل بمجلس النواب، وجار على حقهم النيابي، حين أوقف النص السابق على حدود أول مجلس برلماني منتخب بعد إقرار الدستور، وكذلك كان نص المادة 244 قاصر في ضمان تمثيل فئات الشباب والأقباط وذوي الاحتياجات الخاصة على المجلس الحالي فقط، وبمفهوم المخالفة فإن هذه الضمانة كانت ستنتهي بإنتهاء فترة المجلس، ولكن أتت التعديلات المقترحة لتنير الطريق أمام هذه الفئات التي عانت من سنوات طويلة من عدم وجود تمثيل حقيقي تحت قبة البرلمان بما يتناسب، مع دورهم المحوري في المجتمع المصري– الكلام لـ«الشهير».

 

15555813760

 

علاقة تعديل الدستور بالأمن القومى

وعلى صعيد الأمن القومي، يضيف الشهير: فقد وضح من التعديلات المنتظرة أنها تهدف لحماية مقومات الدولة العليا ونظامها العام، ولأول مرة في التاريخ الدستوري المصري يتم إقتراح نص صريح يوفر الحماية الواقعية لمقومات الدولة ومدنيتها وحقوق وحريات مواطنيها، وهو النص الذي طال انتظاره منذ دستور 1956 وما تلاه من دساتير، ليتم تأكيد الدور المحوري للقوات المسلحة في حماية الوطن من اخطار الداخل والخارج على حد سواء، بأن تكون حامية وضامنة لإستقرار دعائم الديموقراطية في الدولة المصرية الحديثة، بالإضافة إلى دورها التاريخي في حماية حدود مصر والحفاظ على سلامة أراضيها التي إرتوت بدماء شهداء القوات المسلحة البواسل.

ويظهر من التعديلات المطروحة أنها تعالج بعض المواد التي فرضت الأوضاع المعاصرة لوضع الدستور خروجها بهذا الشكل- بحسب الشهير- ومنها على سبيل المثال التعديل المقترح للمادة 234 من الدستور بشأن حذف الفقرة الخاصة بسريان تعيين وزير الدفاع لفترتين رئاسيتين كاملتين، وذلك لانتهاء دواعي إقرار هذه المادة وخروج الدولة المصرية من حالة المخاض إلى حالة الاستقرار السياسي والدستوري، مما تنتفي معه الحكمة من وضع هذه الفقرة في النص الدستوري.

 57214-53113402_484196228779933_7399925134259126272_n

 

علاقة التعديل الدستورى بالهيئات القضائية

وفضلاً عما سبق، فقد اتجهت التعديلات الدستورية إلى تنظيم إختصاصات الهيئات القضائية بما يضمن التوازن بين السلطات الثلاثة ومنع حجب السلطة القضائية لدور السلطتين التشريعة والتنفيذية أو التغول عليهما، حيث قننت التعديلات المقترحة الدور القضائي لمجلس الدولة وفرغه لممارسة إختصاصاته الأصيلة بعد حذف الإختصاصات الاخرى التي نالت من جهد ووقت هذه الجهة القضائية دون مردود حقيقي، كما أعادت هذه التعديلات آلية إختيار رؤساء الهيئات القضائية إلى وضعها الأنسب الذي يضمن وجود علاقة متبادلة بين السلطات الدستورية وتأكيد مبدأ التعاون والرقابة المتبادلة ضمن نظام الفصل المرن بين السلطات، وهو من الانظمة الدستورية السائدة في معظم بلدان العالم.

وعلى طريق الديمقراطية فإن التعديلات المقترحة أنبأت عن إتجاه الدولة للسير نحو بناء كيان رئاسي متكامل يضمن تواصل تدفق الدماء والخبرات في أروقتها، حيث إستحدثت التعديلات المقترحة منصب نائب رئيس الجمهورية كمنصب حيوي تكتمل به منظومة العمل الرئاسي ضمن إطار مؤسسي ديمقراطي رائد، مع وضع ضوابط صارمة تحول دون تخطي حدود شاغل المنصب للإختصاصات الدستورية المنصوص عليها، وتاكيداً على السير في إتجاه الإستقرار المؤسسي فقد إتجهت التعديلات إلى المناداة بإستمرار مسيرة التنمية ووضع مدة رئاسية ملائمة تتوافق مع طبيعة المرحلة القادمة التي لا تسمح بإختصار مدة الرئاسة في أربع سنوات، بل كان لازماً أن يتم تحديد مدة تتوافق مع خطط البناء طويلة الامد التي تنتهجها الحكومة المصرية والتي تتطلب إستقراراً سياسياً لا توفره نصوص الدستور الحالي. 

 

181814-القضاء

 

نظام الغرفتين البرلمانيتين

ولم تخلو هذه التعديلات التاريخية من النظر في النظام البرلماني الانسب للدولة المصرية، ومنهنا كان إقتراح التحول من نظام الغرفة البرلمانية الواحدة «مجلس النواب» إى نظام الغرفتين البرلمانيتين «مجلس النواب ومجلس الشيوخ» وهو ما يحقق عدة مزايا وطنية لا غنى عنها للمجتمع المصري، حيث يساعد نظام المجلسين على ضمان مقاربة مبنية على روح التشاور في مجال التشريع، تحول دون تمرير تشريعات غير مسئولة.

كما تتيح فرصة إضافية لمتابعة أو مراقبة الجهاز التنفيذي. واخيراً فإن التعديلات المرجوة يظهر منها دون شك إتجاه الإرادة الوطنية إلى النص على سيادة القانون كمبدأ عام وإعتبار القانون الدستور هو السلطة العليا في الدولة والسمو به موضوعاً وشكلاً بجعله المصدر الوحيد لوضع القواعد المحددة لشكل الدولة وشكل نظامها الحاكم، وبيان كيفية ممارسة السلطات لدورها وعلاقتها فيما بينها، فهذه التعديلات ـ وبحق ـ خطوة نحو تثبيت دعائم الدولة المصرية الحديثة.

417742-image
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق