صحوة للجنيه المصري في مواجهة الدولار الأمريكي

السبت، 04 مايو 2019 02:00 م
صحوة للجنيه المصري في مواجهة الدولار الأمريكي
الجنيه المصري
هبة جعفر

خبراء اقتصاد: استمرار الصحوة مرهون بالاستثمارات الأجنبية المباشرة وتدفقات العاملين بالخارج وتقليل الاستيراد

«تحرير سعر العملة» قرار اتخذه طارق عامر، محافظ البنك المركزى فى ظل أجواء اقتصادية متخبطة، وارتفاع متواصل للعملة الأجنبية أمام الجنيه المصرى، وأثار هذا القرار الكثير من اللغط حينها، وانتشرت التأويلات المغرضة حول انهيار سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، لكن الرجل قرر أن يتخذ القرار وكله ثقة فى قدرة الاقتصاد المصرى على النهوض والتعافى، ومواصلة مسيرة الارتفاع لتمر الأيام العجاف، ويبدأ الجنيه المصرى مرحلة استعادة قوته مرة أخرى.

الأربعة أشهر الأخيرة شهدت تراجع سعر الدولار أمام الجنيه، منذ بداية العام، بنحو 75 قرشًا، ليسجل سعر صرف الدولار مقابل الجنيه 17.12 للشراء، مقارنة بـ17.87 جنيه للدولار، بداية العام الجارى فى يناير الماضى، لكن السؤال الأهم من ارتفاع سعر الجنيه، هو كيف يمكن الحفاظ على هذا الارتفاع، مع عدم التراجع مرة أخرى؟ وهو ما نجيب عنه من خلال هذا التقرير وبخطوات من خبراء الاقتصاد.

فى البداية يقول الدكتور محمد راشد، أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها، إن سعر الصرف فى البنوك المصرية يتحدد وفقًا لآلية العرض والطلب، وكلما زاد المعروض الدولارى وتراجع الطلب عليه، انخفض سعر الدولار، لكن هناك عدة عوامل أسهمت فى ارتفاع قيمة الجنيه، منها ما هو خارجى ومنها ما هو داخلى، فمن العوامل الخارجية المهمة قيام البنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى بتثبيت سعر الفائدة على الدولار بعد عدة جلسات من رفع الفائدة، ما دفع العديد من المستثمرين للتحول إلى الاستثمار فى أدوات الدين بالأسواق الناشئة، وتعد مصر من أهم الدول الناشئة الجاذبة لهذا النوع من الاستثمار لسببين رئيسيين، أولهما ارتفاع سعر الفائدة الذى يقارب 16% على شهادات الإيداع بالبنوك ويقارب 19% على أذون الخزانة، وهو معدل عائد جيد للغاية، لا سيما فى ظل اتجاه سعر صرف الجنيه للارتفاع أمام الدولار وبقية العملات الأخرى، ما يبشر بمكسب رأسمالى عند الخروج من السوق فى المستقبل، إذا ظلت حركة الجنيه على هذا النحو فى الارتفاع.
 
ثانيهما، ارتفاع التصنيف الائتمانى لمصر وفقًا لوكالات التصنيف الدولية، ما يعطى إشارة جيدة على انخفاض مخاطر الاستثمار فى مصر، بما يسهم فى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة فى ظل ما تشهده مصر من استقرار اقتصادى فى ضوء تنفيذ صارم لبرنامج الإصلاح الاقتصادى بالتعاون مع صندوق النقد الدولى.  وأضاف الخبير الاقتصادى، «بالنسبة للعوامل الداخلية التى أسهمت بقوة فى ارتفاع قيمة الجنيه، فمن أهمها القرار الذى اتخذه البنك المركزى بإلغاء آلية تحويل المستثمرين الأجانب، بحيث تنعكس إيجابًا عند دخولها (وسلبًا عند خروجها) على السيولة بين البنوك، وكذلك التحسن الذى طرأ على الصادرات والسياحة وتحويلات العاملين فى الخارج كقطاعات مهمة مولدة للنقد الأجنبى مع بعض الانخفاض فى فاتورة الواردات، خاصة فى مجال الغاز، فتوقفت الواردات منه التى كانت تقدر بـ 2 مليار دولار سنويا بسبب تحقق الاكتفاء الذاتى فى هذا المجال».
 
واستطرد «راشد» قائلا: «إذا أردنا استمرار التحسن فى قيمة الجنيه خلال الفترة المقبلة يتعين العمل على خفض المزيد من فاتورة الواردات، من خلال الاتجاه لسياسة الإحلال محل الواردات، والتحسين المستمر لمناخ الاستثمار والترويج الجيد لما تم إنشاؤه من بنى تحتية وإجراءات لتسهيل الاستثمار خلال الفترة الماضية، كما يتعين استغلال العلاقات الجيدة مع روسيا والضغط عليها لإعادة السياحة الروسية مرة أخرى، فى ظل عدم وجود أى هواجس تقلق السائحين فى الوقت الحالى، وكذلك فى ظل الإجراءات الاحترازية التى اتخذتها الحكومة المصرية لتأمين الطائرات والمطارات المصرية، وهو ما يمكن أن يمثل إضافة قوية لموارد النقد الأجنبى فى هذا القطاع الحيوى، يمكنه أن يدعم مزيدا من التحسن فى قيمة الجنيه خلال الفترة المقبلة».
 
من جانبه قال سعيد توفيق، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة عين شمس، إن الحفاظ على ارتفاع سعر الجنيه المصرى يستلزم فى البداية زيادة الصادرات، خاصة الصناعات المهمة كالقطن، والزراعات الموجودة فى مصر فقط، والتركيز على زيادة جودة المنتج المصرى المصدر للخارج بحيث يساعد على فتح أسواق جديدة بأسيا وأوروبا، وترويج المنتج المصرى بشكل جيد، لافتا إلى أن الخطوة الثانية تكمن فى العمل على تقليل الواردات، خاصة منتجات الرفاهية لتقليل العملة الصعبة، فضلا عن الاستمرار فى تشجيع العاملين بالخارج على إيداع اموالهم بالبنوك المصرية وتحويلها إلى جنيه مصرى، وذلك من خلال زيادة سعر الفائدة المرتفع الآن، الذى يعد أكبر جاذب للمستثمرين، ما يسهم فى توفير العملة الأجنبية.
 
وأوضح أستاذ التمويل، أن مصر أصبح ينقصها التقليل من الأعباء الإدارية على المستثمرين الأجانب، فلابد من تعديل الآليات لبدء المشروعات كفكرة الشباك الواحد لتقديم كافة الخدمات فى الوقت ذاته، وتقديم الدراسات الكافية عن المجالات الأكثر ربحا فى الصناعة والتجارة لمساعدته على اختيار المجال المناسب للاستثمار، وكذلك لابد أن يشعر بالأمان الاقتصادى، وأن أمواله ليست عرضه للمصادرة أو التأميم ولا يتم منعه من تحويل أرباحه للخارج، وهذه أهم العوامل التى لابد من توفير لجذب الاستثمارات الأجنبية والمنافسة.
 
أما دكتور أحمد العيسوى، الخبير الاقتصادى، فقد أوضح أن من أهم أسباب ارتفاع الجنيه المصرى، إنهاء العمل بآلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب، ما ساعد فى تدفق العملة الأجنبية، والتى تمت خلال ديسمبر الماضى بما دعم السيولة الدولارية لدى البنوك المصرية، إلى جانب رفع أسعار الفائدة وكذلك زيادة تدفقات أموال العاملين بالخارج، فضلا عن زيادة الاستثمار الأجنبى فى قطاع الطاقة وتقليل حجم الواردات، مشيرا إلى أن الاستمرار فى التحسن مرهون بعدة عوامل أهمها استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة بشكل كبير وزيادة إيرادات السياحة فقد سجلت إيرادات القطاع أكثر من 11 مليار دولار، فى عام 2018، وهى أعلى زيادة منذ 2010، مدفوعة بحالة الاستقرار الأمنى، والاهتمام بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالمنطقة الصناعية بقناة السويس مع العمل على تدريب العاملين بالقطاعات الصناعية لتطوير الصناعة وزيادة التصدير والاهتمام بقطاع التعليم الفنى.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة