«إردوغان يلهيك».. الأتراك يتحملون قرارات ديكتاتور تركيا: قطاع البناء ينهار

الخميس، 09 مايو 2019 09:00 ص
«إردوغان يلهيك».. الأتراك يتحملون قرارات ديكتاتور تركيا: قطاع البناء ينهار
البنك المركزى التركى

في ظل تخبط حكومة العدالة والتنمية وتدخلاتها الخاطئة لا يبشر المستقبل إلا بمزيد من الأزمات، ولا يلوح في الأفق حل للأزمة الاقتصادية الطاحنة التي ضربت تركيا أغسطس الماضي، ومازالت تلقي بظلالها السيئة على المشهد في جميع أنحاء البلاد. 
 
في تقرير موسع نُشر (الثلاثاء)، وقف موقع «المونيتور» الأمريكي على تداعيات الأزمة الاقتصادية على قطاع التشييد في تركيا، كاشفًا عن جملة من السياسات الخاطئة التي كبدت القطاع خسائر فادحة تحملها دافعو الضرائب الأتراك.
 
دافعو الضرائب الأتراك عادة ما يقعون تحت ظلم مجحف خلال فترات الأزمات الاقتصادية، يتحملون وحدهم الكلفة الكاملة للتعافي بإجبارهم على التضحية وتحمل عبء السياسات المتخبطة لحكومة العدالة والتنمية، وفق المونيتور.
 
لإزاحة الحُطام الذي خلّفته الأزمة الاقتصادية العاصفة التي تئن منها تركيا منذ أغسطس الماضي، تدخلت الحكومة - بصورة مباشرة أو غير مباشرة - ما تسبب  في توسيع الفجوات المالية العامة، وتكبيد دافعي الضرائب ثمنًا باهظًا.
 
بأوامر من نظام إردوغان، استُخدمت المصارف العامة في الجهود المبذولة لكبح أسعار صرف العملات الأجنبية، باعت العملات الأجنبية بأقل من أسعار السوق، كما كُلفت بتمويل المشاريع، بما في ذلك غير المجدية منها.
 
قدّم بنك زراعات وبنك خلق  (مملوكان للحكومة التركية)  القروض اللازمة لبناء مطار إسطنبول الجديد، بعد أن عجزت الجهات المسؤولة عن تشييده بالحصول على الأموال من الدائنين الأجانب، واستحوذت على أكبر مجموعة إعلامية في تركيا، «دوغان»، من قبل مجموعة «دمير أورين» الموالية للحكومة، والتي مُوّلت من قرض بنك زراعات.
 
الموقع الأمريكي قال إنه في ظل التأثيرات متفاقمة الضرر للأزمة الاقتصادية، تتزايد صعوبة تحصيل مثل هذه القروض التي صدرت بناءً على تعليمات من جهات عليا، حيث يتعذر على البنوك العامة ، يشملها صندوق الثروة السيادية برئاسة إردوغان، منح قروض، بسبب عجز ميزانياتها العمومية.
 
الخطة البديلة تمثلت  في التزود برؤوس أموال جديدة، عن طريق صندوق البطالة، ومن خلال ضخ وزارة الخزانة نحو 3.7 مليار يورو، وهي إجراءات تهدف إلى إنقاذ قطاع البناء.
 
تم طرح الخطة لأول مرة في 10 أبريل من قبل وزير الخزانة والمالية التركي عندما أعلن عن اتخاذ تدابير لمعالجة الأزمة الاقتصادية. 
 
آلبيراق أعلن إنشاء صندوقين منفصلين لقطاعي الطاقة والتشييد المثقلين بالديون بهدف «تصفية الأصول الهالكة عن طريق مقايضة الديون بالأسهم وتحسين الميزانيات العمومية للبنوك».
 
فيما بعد، أعلن مجلس أسواق رأس المال (CMB) في تركيا، في 18 أبريل، موافقته على إنشاء صندوق للاستثمارات العقارية بواسطة «محفظة زراعات» التابعة لبنك زراعات.
 
صحيفة «ديلي صباح» المؤيدة للحكومة، قالت في 29 أبريل الماضي، إن رأس مال الصندوق يبلغ 5 مليارات ليرة تركية (ما يعادل 836.7 مليون دولار) ويستحوذ على ممتلكات سكنية وتجارية غير مباعة ما زالت في أيدي شركات من جمعية المطورين العقاريين والمستثمرين في قطاع الإسكان، والتي تنتج مشاريع جديدة.
 
الإجراءات الحكومية الجديدة تأتي في محاولة لإنقاذ قطاع البناء -يهيمن عليه سوق الإسكان- الذي مثل القوة الرافعة للاقتصاد التركي منذ وصول العدالة والتنمية لسدة الحكم عام 2002، والذي كان من أوائل الأسواق التي غرقت في الاضطرابات في خضم الركود الاقتصادي الذي دخلته البلاد منذ أغسطس الماضي.
 
نموذج تراكم رأس المال من خلال سوق الإسكان، الذي اعتمد على الطلب المحلي والتمويل الخارجي، بدأ يفقد زخمه ابتداءً من عام 2013 فصاعدًا، قبل أن يدخل في حالة جمود بعد فترة ذروة استمرت 15 عامًا.
 
الشركات العاملة في السوق واجهت صعوبات بالغة في سداد القروض الأجنبية مع ارتفاع أسعار العملات الصعبة وزيادة تكلفة الاقتراض الخارجي، وسط زيادة متزامنة في التضخم ومعدلات الفائدة على الليرة التركية، ما أدى إلى انهيار الطلب على الإسكان، تاركًا الشركات مع كمية ضخمة من المساكن غير المباعة.
 
على سبيل المثال، تشير التقديرات إلى زيادة «مخزون» الشقق السكنية بأكثر من مليون وحدة في الأعوام الستة الماضية وحدها، حيث وقف عدد تصاريح الإشغال الصادرة للشقق الجديدة من يناير 2013 إلى ديسمبر 2018 عند 4.7 ملايين وحدة، فيما بيعت 3.6 مليون شقة جديدة فقط خلال الفترة نفسها.
 
الشركات المثقلة بأعباء الوحدات السكنية غير المباعة لن تستفيد من خطة الإنقاذ، فيما تُغطي الخطة ما يسمى بـ«مشاريع العلامات التجارية» أو العقارات السكنية والتجارية التي طورتها الشركات الكبرى مثل «أغا أوغلو، وسور يابي، وداب DAP، وسينباش، وكوزو، ونف Nef، وتورونلار»، والتي تعاونت مع مؤسسة الإسكان التركية (TOKİ) والشركة التابعة لها «املاك كونوت». 
 
الشركات المنتفعة، التي نُظمت تحت مظلة جمعية المطورين العقاريين والمستثمرين في قطاع الإسكان، تقوم بتسليم مخزوناتها العقارية إلى صندوق «محفظة زراعات»، فيما تحدد شركات إعادة التثمين التي وافق عليها مجلس أسواق رأس المال (CMB) القيمة الإجمالية للممتلكات العقارية، والتي تشمل مراكز تسوق وأبراجا مكتبية ومستشفيات لمدارس إلى جانب المباني السكنية، وفي أعقاب التسليم، سيتم طرح ديون الشركات المستحقة من المبالغ مستحقة القبض من الصندوق. 
 
البنوك تحصل على حصص من الصندوق مقابل قروضها المستحقة، وبالتالي، سيتم مقايضة الديون بالأسهم، ما يقلل من نسبة القروض المتعثرة المستحقة للبنوك، الأمر الذي «يزيل الانسدادات» التي وضعها البناة المثقلون بالديون في طريق قنوات الإقراض. 
 
الشركات، من جانبها، ستتخلص من ضغوط البنوك، وتُفرغ مخزوناتها العقارية، حتى لو كان ذلك بأسعار مخفضة، وتصلح بيانات ميزانياتها لتصبح مؤهلة للاقتراض مرة أخرى.
 
ليس معلوما إلى الآن الكيفية التي سوف يبيع بها صندوق «محفظة زراعات» الممتلكات العقارية ويوفر الأرباح، في خضم تراجع الطلب، وانخفاض أسعار المنازل، وعوائد شراكات الاستثمار العقاري بشدة.
 
وفقا لبيانات البنك المركزي التركي، انخفضت أسعار المساكن في إسطنبول بنسبة 1.7٪ في فبراير مقارنة بالشهر نفسه في العام الماضي، مع أخذ التضخم في الحسبان، فإن الانخفاض الحقيقي يبلغ تقريبًا 18٪، وبالنسبة لتركيا بشكل عام، فإن نسبة الانخفاض 13.3٪.
 
تكهنات تشير إلى أن الحصص العقارية المتراكمة في الصندوق يمكن بيعها بأقل من قيمتها لبعض الصناديق الفرعية المقربة من الحكومة التركية، وبالتالي، قد تتحول الخسائر العامة أيضًا إلى مكاسب لبعض «المحاسيب» من أتباع المسؤولين الأتراك.
 
في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، يبدو أن الصندوق متجه نحو الوقوع في الديون، وبعبارة أخرى، فإن بنك زراعات هو من سيتكبد الخسائر، حسب الموقع الأمريكي. 
 
بالرغم من المساعدات التي سيحصل عليها الصندوق وبنك زراعات من وزارة الخزانة عبر ضخ رأس المال، لكن في النهاية، كل هذه العمليات ستؤدي إلى تضخم الدين العام وتزيد من تكلفة إعادة تداوله، ما يُقرّب من احتمال أن تضطر تركيا إلى اللجوء لصندوق النقد الدولي.
 
تكاليف معدلات الفائدة المتزايدة التي تقررها الحكومة تنتقص من حصص التعليم والرعاية الصحية في الميزانية، ما يُحمّل أعباء السياسات الطائشة لدافعي الضرائب في نهاية الأمر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق