بعد استقالة تيريزا ماي.. هل تشهد الساحة البريطانية عودة الساسة القدماء؟

الثلاثاء، 28 مايو 2019 09:00 ص
بعد استقالة تيريزا ماي.. هل تشهد الساحة البريطانية عودة الساسة القدماء؟
ماى وترامب

فتح خروج رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى، من المشهد السياسى، الباب أمام منافسة كبيرة ومحتدمة بين الساسة الطامحين للصعود على قمة هرم السلطة فى العاصمة البريطانية لندن.
 
ولن تفتصر المنافسة المرتقبة على الساسة المتواجدين فى الملعب السياسى، وإنما قد تمتد كذلك إلى المتقاعدين، الذين خرجوا من عالم السياسة قبل أعوام، بعد أن اعتلوا القمة لسنوات، وعلى رأسهم رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون، وسلفه تونى بلير، بينما يتوقون إلى العودة من جديد.
 
وتحدثت تقارير صحفية عن نية كاميرون العودة من جديد عبر الترشح لعضوية مجلس العموم البريطانى، بينما تبقى خطط بلير للعودة ليست بالأمر الجديد تماما، حيث أنه يحاول أن يجد له دور فيما يتعلق بالعمل السياسى، من بوابة موقفه الرافض للخروج من الاتحاد الأوروبى، وهجومه المتواتر على رئيسة الوزراء المستقيلة، فى العديد من المواقف التى تبنتها حكومتها.
 
تقول تقارير إن الساسة الذين تخلت عنهم أحزابهم ثلاثة، وهم ماى وكاميرون، وهما من حزب المحافظين، وكذلك بلير، والذى ينتمى لحزب العمال، قد خرجوا من السلطة إثر تخلى أحزابهم عنهم فى المواقف التى تبنوها، مع اختلاف القضايا الجدلية، التى واجهها كل منهم، وذلك للتضحية بالمسئول من أجل الحفاظ على بقاء الحزب فى السلطة.
 
فلو نظرنا إلى رئيسة الوزراء المستقيلة تيريزا ماى، وسلفها ديفيد كاميرون، نجد أن قضية الخروج من الاتحاد الأوروبى كانت القشة التى أنهت الدعم الذى يحظيان به داخل حزب المحافظين، فى ضوء موقفهما الذى بدا داعما لبقاء بريطانيا فى التكتل القارى، وهو ما بدا واضحا فى الحملة التى أطلقها كاميرون قبل الاستفتاء الذى عقد فى عام 2016، حول "بريكست"، لدعم خيار البقاء، بينما لاحقت الاتهامات ماى بمحاولة الالتفاف على نتيجة الاستفتاء عبر التوصل إلى اتفاق مع أوروبا، وهو الاتفاق الذى قوبل بالرفض من البرلمان عدة مرات، مما أجبرهما على الاستقالة.
 
أما تونى بلير فقد واجه هو الأخر تمردا داخل حزب العمال الذى ينتمى إليه فى أواخر فترته، بسبب انخفاض شعبيته بين المواطنين البريطانيين على خلفية توريط بلاده فى الحرب التى شنتها الولايات المتحدة فى الحرب على العراق، لإسقاط نظام الرئيس العراقى السابق صدام حسين، باستخدام ادعاءات كاذبة حول امتلاك بغداد لأسلحة دمار شامل، وهو الأمر الذى اعتذر عنه بلير فى وقت لاحق دون جدوى، مما دفعه إلى التنحى لصالح وزير خزانته جوردون براون.

المتتبع للموقف البريطاني يقول إن الأحزاب اعتادت فى السنوات الماضية على تقديم الساسة المنتمين إليها كقرابين، عبر التضحية بهم، مع ازدياد الضغوط التى يواجهونها فى الشارع، حيث أنها لا تتبنى خطا واضحا تجاه القضايا الكبيرة.
 
ومن غير المنطقى أن يتبنى المسئولين الحكوميين فى بريطانيا مواقف مغايرة للخط العام للرؤية التى تتبناها الأحزاب التى ينتمون إليها، سواء فى موقف بلير من الحرب على العراق، والذى لا يتعارض مع رؤية حزب العمال فى ذلك الوقت من جانب، أو الموقف الباهت لكلا من كاميرون وماى من قضية الخروج من الاتحاد الأوروبى، والذى لا يتعارض كذلك مع رؤية حزب المحافظين من جانب أخر، وبالتالى فتصبح مواقف الأحزاب البريطانية من مسئولى الحكومة الممثلين لهم بمثابة انقلاب صريح على المواقف التى يتبنوها من أجل البقاء فى السلطة والحفاظ على المقاعد، سواء فى الحكومة أو البرلمان، عبر استقراء نبض الشارع وموقفه من تلك القضايا.
 
وهنا تصبح عودة الساسة القدماء إلى صدارة المشهد بمثابة الأمل الأخير للتيارات الليبرالية، خاصة وأنهم مواقفهم أصبحت مخالفة إلى حد كبير تجاه أحزابهم، وهو ما يمنحهم قدرا من المصداقية فى مواجهة التيارات اليمينية، إذا ما قرروا تأسيس أحزاب جديدة فى المرحلة المقبلة، وهو ما يبدو واضحا فى انتقادات تونى بلير المتواترة لحزب العمال فى السنوات الماضية، بسبب موقفهم من الخروج من الاتحاد الأوروبى، بينما يواجه حزب المحافظين ما يمكننا تسميته بـ"الانشقاقات" الكبيرة فى ظل رفض قطاع كبير من الساسة الطامحين فى السلطة، وعلى رأسهم وزير الخارجية البريطانى بوريس جونسون لسياسة الالتفاف على إرادة الشعب البريطانى فى الاستفتاء، عبر الوصول إلى اتفاقات مع الاتحاد الأوروبى، وهو الخط الذى قد يتبناه ديفيد كاميرون فى طريق العودة إلى السلطة من جديد.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق