مطار «صبيحة كوكجن» بوابتهم.. «صوت الأمة» تكشف تورط قيادات إخوانية في مافيا بيع الجنسية التركية والنصب على هاربين (الحلقة الأولى)

الثلاثاء، 09 يوليو 2019 10:00 ص
مطار «صبيحة كوكجن» بوابتهم.. «صوت الأمة» تكشف تورط قيادات إخوانية في مافيا بيع الجنسية التركية والنصب على هاربين (الحلقة الأولى)
مطار صبيحة كوكجن
هشام السروجي

 
 
في رائعة الزعيم عادل إمام «حنفي الأبهة»، كان مشهد التعارك بين اللصوص فارقاً في الحبكة الدرامية ونقطة تحول في الفيلم الأكثر شهرة في تسعينات القرن الماضي، من هنا ضعفت عصبتهم، وتفرقت مراكز قوتهم، ودب الشك بين نفوسهم، وباتوا كأوراق الخريف، تنتظر الريح للتساقط، كما هو الحال تماماً داخل الجماعة الإرهابية، التي يتعارك شبابها الهارب إلى تركيا، بعد حصول بعضهم على الجنسية، فيما يبكي البعض الآخر على استبعاده وتجاهله كما لو كانوا "جُرب".
 
القصة بتفاصيلها وأسمائها نقلها لنا مصدر مطلع على هذا الصراع بكافة جوانبه، وننقلها لكم خلال السطور المقبلة..
 
ما يقرب من 200 عضو بجماعة الإخوان حصلوا على الجنسية التركية بعد واقعة ترحيل الهارب محمد عبد الحفيظ بمعرفة الأمن التركي إلى مصر على مجموعتين، المجموعة الأولى كانت أكثر من 60 عضوا، والمجموعة الثانية بعدها بأسابيع معدودة أكثر من 130 عضوا، بحسب مصادر مقيمة في تركيا تحدثت مع «صوت الأمة» عن تفاصيل الخلاف القائم داخل صفوف الجماعة وبين الجماعة وحلفائها المقيمين في تركيا، بسبب تسهيلات الحصول على الجنسية للهاربين من أحكام جنائية، التي تحولت إلى سبوبة لبيع الجنسية.
 
ويؤكد ذلك أن المساحة التي وفرها الأمن التركي للحصول على الجنسية سرعان ما تحولت إلى سبوبة تدر عائد مالي ضخم من المتواصلين مع الأمن التركي، بعد أن كان التواصل في هذا الصدد يقتصر على صابر أبو الفتوح مسئول إخوان تركيا المفوض من محمود عزت، بعد أن كلف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مستشاره ياسين أقطاي بتولي مهمة تسهيل الحصول على الجنسية للإخوان وحلفائهم.
 
إلا أن الملفت في الأمر ظهور نصابين من شباب الإخوان، يتحصلون على مبالغ مالية من هاربين مقابل الدخول الآمن إلى تركيا، في الوقت لا يملكون فيه أي خطوات تواصل مع الجهات الرسمية المسئولة في تركيا، وكان أشهر ضحاياهم محمد عبد الحفيظ المطلوب أمنيًا على ذمة قضايا إرهابية.
 
قالت المصادر أن السبب في انتشار النصابين بعد ظهور سبوبة الجنسية، يعود إلى تخلي قيادات الإخوان عن الشباب، الأمر الذي تسبب في تمزق الجماعة وانفراط عقدها بلا أي أمل في الرجعة، حتى وصل الأمر حرفيًا إلى عدم قدرة الشباب في الحصول على خبز «حاف» ولا مأوى فتحولوا إلى زومبي يأكل ويسرق كل ما تصل إليه يده، ووصل الأمر إلى عمل بعضهم في تجارة المخدرات والبارات بل وفي تسهيل الدعارة، ومنهم من نجح في ترتيب أموره مع عناصر قيادية داخل الجماعة لتمرير دخول أشخاص بدون علم مكتب الإخوان في تركيا مقابل تقسيم المبلغ بينهما بالتساوي، وفي كل الأحوال من الممكن تشبيه الوضع الحالي بأن جماعة الإخوان في تركيا تحولت إلى مافيا، تشبه المافيا الإيطالية داخل أمريكا كما صورها فيلم god father «الأب الروحي».
 

 
في البداية كانت «رابعة»

سبوبة الجنسية التركية، كانت تتم فى البداية عبر جمعية «رابعة » الإخوانية التي أسسها عناصر الجماعة، وكانت مهمتها إعداد قوائم من يرونه مستحقين للحصول على الجنسية، لكن مع مرور الوقت، دخلت الأموال والرشاوى خط الحصول على الجنسية، بعدما بدأت الجمعية والقائمين عليها في ترشيح اشخاص لا يستحقون من وجهة نظر الفريق الأخر للحصول على الجنسية التركية، بعد أن حصل إخوان مقيمون في السودان وقطر على الجنسية التركية، مقابل فشل إخوان مقيمون في تركيا في الحصول عليها، وكذلك فشل حلفاء الإرهابية، بل وصل الأمر إلى وضع شروط للحصول على الجنسية في مقدمتها تنفيذ كل القرارات والتعليمات الصادرة من قيادات الجماعة، وهو أمر يراه كثيرون يصب في مصلحة قيادات الجماعة الشخصية دون النظر إلى الصالح العام للأعضاء، ما تسبب في خروج المئات عن الصف الإخواني، والتمرد على القيادات، لكن جاء القرار الأردوغاني، ليضع سلاح ردع جديد في يد محمود عزت ورفقائه، يطوعون به المتمردين.
 
الخصوصية التي وفرها أردوغان للإخوان على أراضيه، بحسب المصادر أغضبت التيارات الأخري المتواجدة والخارجة عن طاعة محمود عزت ومجموعته، وبدأت في التواصل مع المسئولين الأتراك ليكون لهم نصيب في "كوتة" الجنسية، وبالفعل نجحوا في اقتناص جزء كافي لتحقيق أهدافهم، لكن سرعان ما تكالبت الأطراف على الكعكة وخرجت الفضائح إلى العلن.
 
الإخوان والحلفاء استغلوا المساحات الآمنة التي وفرها لهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد توصياته للأجهزة الأمنية، في تحقيق مكاسب مختلفة ومتنوعة بين مالية ومعنوية من خلال تسهيل دخول مصريين إلى تركيا، وحصولهم على تأشيرات وإقامات وجنسية على أساس أنهم عناصر تابعة للجماعة وهاربة من الملاحقات الأمنية في مصر، الأمر الذي تكشف وسقط معه قناع مزيف جديد من أقنعة الجماعة ومؤيديها في الخارج.
 
كانت البداية معركة تلاسن على صفحات مواقع الإجتماعي بين عدد من النشطاء المنتمين إلى جماعة الإخوان،هم هيثم غنيم وعبد الرحمن صالح وعمر مجدي، تبادلوا فيها اتهامات تحقيق المكاسب الشخصية من خلال مساعدة أشخاص في الحصول على الجنسية، بخلاف إتهامات بالنصب على الراغبين في الحصول على تأشيرة دخول إلى تركيا وكذلك الجنسية، من خلال استغلال علاقات المراكز الحقوقية التي تدعم جماعة الإخوان في تركيا بالأجهزة الأمنية في النظام الأردوغاني، وكانت أخر هذه الوقائع الفضائحية، ما تم الكشف عنه حينما حاول قيادات في الجماعة الإرهابية إدخال 15 شاب إلى تركيا بدعوى أنهم مطاردين ومطلوبين أمنيًا في مصر، لكن بعد الكشف عليهم من جانب الأمن التركى والتحقيق معهم أكتشف الأمن التركي أنهم غير مطلوبين، لكنهم دفعوا مبالغ مالية لشباب ينتمون للجماعة مقابل أن يسهلوا عليهم الدخول إلى الأراضى التركية والحصول على إقامة ثم الجنسية، ومن ثم تم ترحليهم مرة آخرى إلى مصر، وعادوا إلى منازلهم دون أن يتم القبض عليهم كما كان يدعي من وعدوهم بتسهيل دخولهم.

 
3 فرق تتاجر فى الجنسية التركية

مصادر مقيمة في تركيا أكدت أن هناك 3 فرق من الهاربين إلى تركيا، يتاجرون في تسهيل الدخول إلى تركيا والحصول على الفيزا والإقامة والجنسية للراغبين في ذلك، ويتحصلون من هذه التجارة على مبالغ مالية طائلة، مستغلون في ذلك خطوط التواصل بينهم وبين القيادات الأمنية التركية، وبالتحديد المسؤولين عن إدارة ملف مصر وجماعة الإخوان.
 
الفريق الأول هو مجموعة الإخوان المقيمين في تركيا والتابعين لجناح محمود عزت، أما المجموعة الثانية هي أعضاء الجماعة الإسلامية بقيادة طارق الزمر والمسؤولة عن استقدام الشباب المنتمي للتيار السلفي من مؤيدي الإخوان، أما المجموعة الثالثة والتي كانت السبب فى الكشف عن فضائل وتفاصيل الإتجار فى الجنسية التركية من جانب قيادات الجماعة الإرهابية، وتضم هذه المجموعة نشطاء من بينهم شباب الإخوان المعارضين لعزت وجناحه ونشطاء من أيدلوجيات مختلفة مؤيدين للجماعة.
 
كل مجموعة من المجموعات الثلاثة لديها خطوط اتصال مع مسؤولين أمنيين أتراك رفيعي المستوى، وهو ما يؤكد أن المخابرات التركية على علم بتفاصيل الخلاف القائم بينهم، وكذلك بكافة تحركات قيادات الجماعة وتجارتهم فى الجنسية التركية، وأن المخابرات التركية شريك فى هذه اللعبة، لتحقيق مكاسب مادية لعدد من قيادات المخابرات التركية، وأيضاً لقيادات فى حزب العدالة والتنمية الذى يترأسه أردوغان، وإذا ربطنا ذلك بالوقائع التى تم الكشف عنها مؤخراً من تورط قيادات فى الحزب والمخابرات التركية فى منح الجنسية والإقامة لأعضاء فى تنظيم داعش الإرهابى.
 

مساحات آمنة وفرها أردوغان لتلاعب الإخوان فى الجنسية

وفق المعلومات الموثقة التى حصلت عليها "صوت الأمة"، فإن التنسيق بشأن استقدام الأشخاص المحسوبين على التيار المؤيد للإخوان إلى تركيا يتم من خلال المجموعات الثلاثة، حيث يتم التنسيق مع المستقدمين على أن يأتوا إلى تركيا في رحلة جوية، تكون فيها تركيا مجرد محطة «ترانزيت» وبمجرد النزول إلى المطارات التركية تبدأ الإتصالات بين المجموعة والجمعيات الحقوقية الداعمة للجماعة، وفي نفس التوقيت يطلب المستقدم من السلطات التركية أن تسمح له بالدخول إلى أراضيها بناء على التوصيات التركية التي أطلقها أردوغان، والتي تسمح له بإيواء المطلوبين أمنيًا على قوائم الإنتربول والإرهابيين، تحت مظلة حقوقية مزيفة تحفظ ماء الوجه أمام المجتمع الدولي، حيث أوصى أردوغان بألا يتم ترحيل أي معارض سياسي لبلد يواجه فيها أحكام قد تشكل خطر على حياته، وهي التوصية التي أطلقها خصيصًا لينتفع منها أعضاء ومؤيدي الإخوان.

هنا يبرز دور الجمعيات الحقوقية التي تعطي المشروعية لعملية الدخول، في محاولة لإخراج النظام التركي من المشهد، وأن يتم توصيف الهاربين من الملاحقات الأمنية المصرية، على أنهم لاجئين بحسب توصيات أردوغان، حيث تقوم الجمعيات بتقديم توصيات للأمن التركي للسماح بتقديم تأشيرة للمستقدم، فتكون في النهاية التأشيرة بناء على توصيات حقوقية.

 

لعبة الفيزا الإلكترونية

الدخول إلى الأراضي التركية يستلزم الحصول على فيزا، وينص القانون التركي أن الحاصلين على تأشيرة دخول سارية للإتحاد الأوروبي، واليابانيين والأوروبين والأمريكان وبعض الدول الآخرى يستطيعون الدخول إلى تركيا باستصدار فيزا إلكترونية، وغير هؤلاء لا يمكنهم التعامل بهذه الفيزا.

الراغبين في الدخول إلى تركيا يحجزون رحلة جوية يكون فيها أحد المطارات التركية "ترانزيت" ويستصدرون فيزا إلكترونية، وبحسب المصادر فمن المفترض أن تدقق شرطة المطار في أن كان الشخص مستوفي لشروط صدورها من عدمه، وفي حالة الهاربين الإخوان أو من دفع المبالغ المالية للقادرين على تسهيل الدخول، يتم التغاضي عن مطابقتها للشروط ويتم تمرير الهارب إلى الداخل التركي، وهناك من يحاول التحايل بالراهن على أن المسؤولين قد يغيب عنهم التدقيق ويمر بالمصادفة، كحالة محمد عبد الحفيظ، التي فجرت الأزمة وعلى أثرها بدأت التسهيلات التي أثارت قضية سبوبة الجنسية.

 

 مطار «صبيحة كوكجن»

المصادر أكدت أن البوابة الخفية التي يستخدمها القادمين إلى تركيا هي مطار "صبيحة" الدولي في إسطنبول، سواء كان القادمين قد نسقوا مع جماعة الإخوان، أو وقعوا ضحية لنصابين يدعون قدرتهم على إدخالهم إلى الأراضي التركية، خاصة وأنه مطار في مكان نائي ولا يتم التدقيق في سبب الحصول على الفيزا الإلكترونية.

في حالة التنسيق مع الإخوان يكون هناك من ينتظر القادم في المطار، ويتم تسهيل جميع الاجراءات، أما النصابين فيحصلون من الضحية على نصف المبلغ، ويتفقوا على سداد الباقي بعد نجاح الأمر، وهنا الرهان = على الصدفة، فإن خدمتهم ولم يدقق الأمن في مطابقة الفيزا للشروط القانونية ومر الضحية الى الداخل التركي، حصل على باقي المبلغ، وأن فشل في المرور يكتفي النصاب بما حصله منه، ويطلب منه التواصل مع الجمعيات الحقوقية لأنه حصل خطأ في توقيت الدخول وأن أفراد الأمن المتواجدين غير الذين تم الإتفاق معهم ثم يتلاشى في الظلام.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق