حزب العدالة والتنمية التركي.. سلسلة ينفرط عقدها

الجمعة، 19 يوليو 2019 09:00 م
حزب العدالة والتنمية التركي.. سلسلة ينفرط عقدها
أردوغان
محمد الشرقاوي

الانشقاقات تضرب حزب أردوغان.. والبرلمان التركي مهدد بالحل
​بدأها أحمد داود أوغلو.. واستقالة «باباجان» مثلت الضربة القاضية للحزب.. و60 نائبا ينتوون تغيير الصفة الحزبية

بات حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة، كسلسلة انفرط عقدها، كل القادة يتساقطون، وكل أصدقاء أردوغان يهربون من حوله. الصراع يحتدم الآن، لكنه بدأ مبكرًا، في أوائل العام الجاري.

يوما تلو الآخر، تتزايد الأخبار عن انشقاقات داخل الحزب الحاكم الذي يترأسه رجب طيب أردوغان، كان آخرها، الحديث عن احتمالية انشقاق 40 نائبا، أعضاء بالكتلة البرلمانية للحزب وانضمامهم لحزب نائب رئيس وزراء تركيا السابق.

إرهاصات تآكل حزب العدالة والتنمية ظهرت في فبراير الماضي، حينما احتدم الجدل حول الانشقاقات داخل حزب العدالة والتنمية، والتي بدأت بأحمد داود أوغلو رئيس الوزراء الأسبق، ونيته عن تأسيسي حزب جديد، وهو ما اعتبره مراقبون: بداية النهاية.

الإعلامي التركي الشهير فاتح ألطايلي، أكد ذلك، ونقل عن أحد أصدقاءه أن الحزب يتبع أحمد داود أوغلو، رئيس فرع حزب العدالة والتنمية بإسطنبول، وأنه أوشك بالفعل على الانتهاء من تشكيل أجهزة الحزب في أكثر من 40 ولاية. أردوغان أيضًا أكد ذلك، في مؤتمر جماهيري، بمدينة طوقات في إطار حملته الانتخابية، بقوله: «لدينا زملاء ينزلون من قطارنا ويركبون في قطار آخر».

وحاول أردوغان تحسين صورته أمام جماهيره، بتوجيه اتهامات لأصدقائه بالخيانة: «كان كل شيء جميلًا عندما أعطيناهم المناصب في بداية المسيرة، ولكن عندما قلنا تعال واسترح أنت أيضًا ولنضع شخصًا آخر لهذه المنصب، وإذ بهم ينزلون من قطارنا ويركبون في قطار آخر»، متابعًا: «هذه ليست وحدة مصير، ولا وحدة قضية.. الذين يخوننا اليوم سوف يخونون المكان الذي سيذهبون إليه غدًا».

الأمر أثار جدلًا على الساحة السياسية-آن ذاك - خاصة بالتزامن مع استعدادات الحزب الحاكم لخوض الانتخابات المحلية، ومحاولات لحصد أكبر عدد من الولايات، وهو الأمر الذي كانت له تداعيات في الانتخابات، حيث خسر أردوغان مدينة اسطنبول، وعدد من ولايات الهامة.

لم يكن أحمد داود أوغلو وحده الذي يريد الانشقاق وحده، بل تزامنت محاولات فبراير مع استعدادات للرئيس التركي السابق عبدالله جول ووزير الدولة لشؤون الاقتصاد السابق علي باباجان، لتأسيس حزب جديد، لكن تقارير أكدت أن داود أوغلو سارع في تأسيس حزبه لضم أصدقاء الأمس.

مرت أشهر وبالفعل تأكدت معاناة الحزب الحاكم على مدار أشهر، وبالفعل باءت كافة المحاولات لإقصاء «باباجان» عن الاستقالة، لكنه استقال بالفعل في 8 يوليو الجاري بعد 18 عامًا من عضويته به، بسبب خلافات عميقة مع سياسات الحزب، الأمر الذي اعتبره مراقبون ضربة في رأس أردوغان، بعد خسارة حزبه بلدية إسطنبول، خاصة وأنه ينوي منافسة أردوغان.

باباجان كان واحدًا من الذين أسسوا حزب العدالة والتنمية، في 14 أغسطس 2001، ومنذ ذلك الحين حتى استقالته، تقلد العديد من المناصب داخل الحزب، وفي عدد من الحكومات التي تعاقبت على السلطة، إذا سبق له أن تولي حقيبتي الخارجية والاقتصاد، فضلًا عن توليه منصب نائب رئيس الوزراء المسؤول عن الشؤون الاقتصادية.

واستقر نائب رئيس وزراء تركيا وزير المالية السابق، على اسم «الأمان» ليكون اسمًا لحزبه الجديد، الذي سيطلقه قريبًا برفقة مجموعة من خصوم رجب طيب أردوغان، وبالفعل تلقت المؤسسة التركية للبراءات والعلامات التجارية، طلبًا بتسجيل براءة الحزب الجديد، بحسب صحيفة (يني جاغ) التركية المعارضة. الطلب تم تقديمه في 18 أبريل الماضي، بعد خسارة الحزب الحاكم الانتخابات المحلية، 31 مارس الماضي، وقد يتم تدشينه في الخريف المقبل، بدعم من غول، دون أن يتولى فيه أي منصب.

استقالة باباجان كانت النقطة الكاشفة لدافع الاستقالات والانشقاقات المتتالية، حيث جاء في نص الاستقالة: إن خلافات عميقة وقعت على مستوى الإجراءات، سواء على الصعيد المحلي أو العالمي، خلال الأعوام الأخيرة، بالإضافة إلى المبادئ والأفكار والمعايير التي أدافع عنها، وبت أشعر بحالة من الانفصال العقلي والوجداني؛ مع تلك الممارسات التي تتم في حزب العدالة والتنمية.

وتابع: «نحتاج إلى رؤية مستقبلية جديدة كليًا لتركيا. يجب وضع استراتيجيات وخطط في جميع المجالات. لابد من بدء جهود جديدة من أجل حاضر ومستقبل أفضل لتركيا».

وعلى وقع انشقاق باباجان، كشفت وسائل إعلام تركية، مؤخرًا، عن نية 40 برلمانيًا منتمين للحزب الحاكم؛ الانضمام إلى الحزب الجديد، إضافة لـ 4 وزراء سابقين منتمين لحزب العدالة والتنمية، دعموا، الأربعاء 10 يوليو، باباجان في خطوته الجديدة.

تقول تقارير صحفية، إن هناك محاولات جادة خلال الـ 3 أشهر الماضية، بعد خسارة أردوغان وحزبه، لإقناع نواب العدالة والتنمية بالانضمام للحزب الجديد، على خلفية سياسات أردوغان التي تسببت في تفاقم الأوضاع السياسية والاقتصادية.

وقد تلجأ تركيا لانتخابات مبكرة، بسبب تغيير الصفة الحزبية لكثير من النواب، ففي الوقت الذي ينتوى فيه 40 نائبا من الحزب الحاكم الانضمام لحزب الأمان، هناك توقعات أخرى بانضمام نحو 20 آخرين من حزب الحركة القومية.

الأمر أكده أردوغان نفسه، فقال في أول تعليق على استقالة باباجان، إن الاستقالات الأخيرة لرفاق دربي كسرت خاطري، وأن باباجان أخبرني عن استقالته بداعي أن شعوره بالانتماء إلى العدالة والتنمية بدأ يتلاشى، وأيضًا اعتراضه على الأوضاع الاقتصادية السائدة في البلاد.

وتابع: «عندما أبلغني بأسباب استقالته، عرضت عليه العمل سوية والاستفادة من برنامجه الاقتصادي، فرفض، وعرضت عليه أيضًا أن يكون مستشارًا للشؤون الاقتصادية في الرئاسة، فرفض أيضًا»، وقال: إن وزير الاقتصاد الأسبق، اضطلع بدور مهم في توجيه اقتصاد البلاد، لكن كان هناك خلاف بيننا بشأن أسعار الفائدة».

ويحافظ أردوغان على وجهة نظر غير تقليدية؛ مفادها أن ارتفاع أسعار الفائدة يتسبب بارتفاع التضخم. وأعلن الرئيس التركي عن نيته لخفض معدل الفائدة الأحد 14 يوليو، ردا على خفض وكالة فيتش تصنيفها للديون السيادية لتركيا من مستوى «BB» إلى «BB-» مع نظرة مستقبلية سلبية.

وقال أردوغان: «لا نعير اهتماما كبيرا لمثل هذه الخطوات، لا سيما أن معدل التضخم في بلادنا تراجع إلى 15.7% ونهدف لخفضه إلى خانة الآحاد حتى نهاية العام، ولدينا أيضا هدف معين فيما يخص سعر الفائدة حتى نهاية العام الحالي. وسنحققه أيضا. وسنخفضها بشكل ملموس. وبعد القيام بذلك سترون أن مستوى التضخم سيتراجع كثيرا».

ويعتبر متخصصون في الشأن التركي، تأسيس حزب جديد، منشق عن العدالة والتنمية برؤية معارضة له تماما، ستكون له تداعيات على الشارع التركي، حيث ستتلاشى الثقة تماما في حزب أردوغان.

معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، قال في عرض بحثي مؤخرا إن قبضة الرئيس التركي على الحكم بدأت تتفكك، حيث بيّن التقرير أن فترة صعبة تواجه أردوغان نتيجة ضعف الاقتصاد المحلي، ومخاوف توسيع العقوبات الاقتصادية الأمريكية، وتزايد الانشقاقات داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم.

وتهاوت الليرة التركية نتيجة قرار أردوغان بعزل محافظ البنك المركزي، الأسبوع الماضي، وقد تتهاوى مجددا مع احتمال فرض الولايات المتحدة عقوبات على أنقرة، بسبب صفقة صواريخ (إس-400) الروسية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق