معركة " أدلب" لن تكون الأخيرة

الثلاثاء، 20 أغسطس 2019 09:00 م
معركة " أدلب" لن تكون الأخيرة
سعيد محمد أحمد

 
الحديث عن انتهاء الحرب فى سوريا بصفة عامة سابق لآوانه، فلا تزال الحرب دائرة ومستمرة فى أكثر من موقع على مختلف الأراضي السورية، سواء ما يقع منها تحت سيطرة القوات الأمريكية فى بادية الشام، أو ما يقع منها تحت سيطرة القوات التركية فى الشمال السورى، برغم أن دمشق استطاعت فى خضم تلك الحروب المنتشرة فى تحقيق إستراتيجية توسيع دائرة الحماية لتشمل معظم المدن السورية وتمكنها وحلفائها من تطهيرها.
 
دمشق تعيش اليوم منعطفاً تاريخيا فى خضم الصراع الدولى والإقليمي حول الأزمة السورية، ومع أوضاع اقتصادية شديدة الخطورة، وحالة الارتباك فى المواقف الدولية والإقليمية تجاه حل سياسى يسعى كل طرف من أطراف الصراع تحقيق أقصى قدر من المصالح والمنافع على حساب الشعب والأرض، وفرض منطقة ودائرة نفوذ تخدم مصالحة حتى ولو كان الأمر تحت مظلة دولية، وهو ما فعلته وتفعله بعض القوى الإقليمية، خاصة تلك التى تدعم بعض الجبهات منها جبهة تحرير الشام " جبهة النصرة" سابقا  فى معركة القوات الحكومية السورية الجارية فى أدلب، بعد سيطرة الجيش على مدينة "خان شيخون" أبرز مدن ريف بمحافظة إدلب التي سيطر المسلحون على مساحات واسعة فيها منذ منتصف عام 2014 ، والتى انسحبت منها الفصائل المسلحة كما انسحبت من ريف حماه الشمالى تخوفا من الوقوع فى الحصار الكامل، ومع السيطرة الكاملة للقوات الحكومية السورية على المدنية وتطهيرها من الجيوب الإرهابية، لتصبح "خان شيخون" مؤخرا مقدمة للسيطرة السورية على "جسر الشغور" والتى تتحكم فى المدينة.
 
كما تسعى القوات الحكومية السورية للسيطرة على طريق حلب دمشق الدولي وطريق حلب اللاذقية الذي يمر من مدينة إدلب، وذلك على خلفية ما يجري حول مناطق شرق الفرات، مما دفع تركيا لتسليم المدن والبلدات على طريق حلب حماة الدولي، والذى يمثل هدفا استراتيجيا لسوريا لاستعادة فتح الطريق الدولى وما يجرى من معارك حربية فى أدلب لتحريرها من العناصر والتنظيمات الإرهابية وفقا لمقررات سويتشى والأستانة، وهو ما أكده قائد ميداني سورى وفقا لتصريحات صحفيه، بإن هروب فصائل المعارضة امتد إلى ريف حماة الشمالي، الذى وقع بشكل كامل تحت سيطرة الجيش الذي يواصل تقدمة لفرض سيطرته على كل مناطق ريف إدلب الجنوبي.
 
معركة "أدلب" الدائرة حاليا بوصفها معقل قيادات الإرهاب من كافة التنظيمات الإرهابية فى العديد من المناطق السورية، والذين جرى نقلهم من المدن والقرى السورية التى سيطروا عليها تحت ضغط القوات الحكومية السورية فى استمرار  محاصرتهم وتضييق الخناق عليهم وإجبارهم على خيارين لا ثالث لهما، إما الاستمرار فى الحرب أو الموت حتى النهاية، أو الاستسلام والتسليم للقوات الحكومية السورية، وفق منهج المصالحات والانضواء تحت مظلة الدولة السورية، وهو ما رفضته التنظيمات الإرهابية فى السابق بإيعاز من قوى إقليمية تقدم لهم الدعم العسكرى واللوجستى أملا فى استمرار أمد الأزمة السورية .
 
وقامت الحكومة السورية من جانبها بإطلاق مشروعا جهنميا تحت مسمى "المصالحات"، يقضى بالسماح لمن أراد أن ينضوي تحت مظلة الدولة، أو الرحيل بسلاحه الشخصى، وتمكنت بالفعل عبر إجراء "المصالحات" على مدار الأزمة من نقل عشرات المئات من المسلحين من العناصر والتنظيمات الإرهابية وأسرهم وبأسلحتهم الشخصية فقط، تاركين وراؤهم كميات هائلة من العتاد والمعدات العسكرية الثقيلة، وتجميعهم فى محافظ أدلب، التى تقع شمال شرق سوريا تمهيدها للقضاء عليهم حينما تسمح الظروف، وبالرغم من ذلك فإن معركة أدلب لن تكون الأخيرة.
 
وبالرغم من استعادة سوريا لثلثى أراضيها من قبضة تنظيمات القاعدة وداعش ومختلف التنظيمات الإرهابية الممولة إقليميا برعاية دولية، واقتصار وجود تلك التنظيمات فى عدة مناطق بمحافظات فى شمال شرق سوريا " لتماسها من الحدود التركية، لم يرضى صراع الكبار سواء من قبل القوى المتحالفة مع سوريا أو من قبل التحالف الدولى الذى تقوده الولايات المتحدة أو من قبل اتفاق الاستانة، والذي جرى برعاية وضمانات روسية، وتمكن الجيش السورى من تحجيم عملياتها تمهيدا للقضاء عليها عقب وصول قواتها إلى "أدلب" فى السابق لتطهيرها من التنظيمات الإرهابية المسلحة.
 
وبسيطرة القوات الحكومية السورية الكاملة على محافظ أدلب، سقطت معها فكرة إجراء دمشق مصالحات مع تلك التنظيمات الإرهابية المسلحة، بهروبها من مدينة خان شيخون، ولتصبح مسألة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 - 20 كيلومتراً فى مهب الريح .
 
وتخضع عدة مناطق فى أدلب أهمها " جسر الشغور"  لسيطرة ألاف من العناصر الإرهابية، حيث قدر عددهم ب10 ألاف إرهابى وفقا لما أعلنه مبعوث الأمم المتحدة للسلام فى سوريا، إضافة إلى المقاتلين الأجانب والمهاجرين المنتمين لتنظيم القاعدة، علما أن قرابة 80 % من مساحة "محافظة ادلب" المتبقية على الخريطة السورية تخضع للتنظيمات الإرهابية.
 
والمؤكد أن الوقت مازال طويلا كى تودع دمشق سنوات القهر والموت والضياع والتشرد ومشاهد اللاجئين السوريين وتداولها على "السوشيال ميديا"، بعد أن لفظتهم بعضا من دول أوروبا فى سعيها لإعادتهم إلى بلدهم.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق