الشيخ "عصفور".. وزيرٌ بـ 25 دولاراً!!

الأربعاء، 21 أغسطس 2019 02:17 م
الشيخ "عصفور".. وزيرٌ بـ 25 دولاراً!!
مختار محمود يكتب:

قبلَ أعوامٍ قليلةٍ "جداً".. كانَ الشيخ "عصفور" وزيراً لـ "وزارةٍ مُهمةٍ"، فلم يفعلْ شيئاً مذكوراً، ولا يذكرُ الناسُ له سوى أنه اعتصمَ بمكتبه؛ عندما علم بأمر إقالته، فكانتْ واقعة تجمعُ بين الطرافة والألم، ولا يزالُ القومُ يتندرونَ عليه بها، ويتحاكى بها الرُّكبانُ. أمَّا ما لا يذكرونه لهذا الوزير "الخفيف" أنه فور استوزاره، وقبلَ أن يصلَ إلى مكتبه الجديد، تواصل مع مسؤولى الصُّحف والمجلات التى كانت تسكتتبُه "يومئذ"؛ طالباً زيادة أجره. وكان "معالى الوزير" يحصلُ من " مجلةٍ خليجيةٍ" على مائتى دولار؛ نظيرَ المقال الواحد، فلمَّا صار وزيراً، ألحَّ على زيادتها ولو خمسين دولاراً أخرى، فرفض مسؤولو المجلة فى بادئ الأمر، خاصة أنهم كانوا يفكرونَ جديَّاً فى تخفيض أجره وليس زيادته، إلا أنهم خشوا من استغلال نفوذه ضد مجلتهم والتضييق عليها داخلَ مصرَ بعد استوزاره، فوافقوا صاغرينَ على خمسة وعشرين دولاراً فقط، ولم يمانعْ الرجلُ، علماً بأن هذه الواقعة برمتها وقعتْ قبل "تعويم الجنيه"، وما أصابَ الدولارَ من جنونٍ وشططٍ، وأطرافَها لا يزالون أحياءً يُرزقونَ، وأتحدى  بطلها الأساسى أن ينفيَها أو يُكذِّبَ بعضاً من تفاصيلها!
 
كنتُ قطعتُ عهداً على نفسى، بألا أعاودَ الكتابة عن الشيخ "عصفور" مُجدداً، وأنْ أغمدَ قلمى دونَه؛ ظناً منى أنه سوفَ يبتلعُ لسانَه، بعدَ ما حققَ مرادَه الغائبَ باقتناص "جائزة النيل"، بقيمتيها الماديَّةِ والمعنويَّةِ، والتى أجمعَ القاصى والدانى على عدم جدارته بها، إلا أنه لم يفعلْ، وعادَ إلى سيرته الأولى فى إساءةِ الأدبِ بحقِّ الإسلام وثوابته وقيمِه النبيلة، وبحقِّ الأزهر الشريف وشيخِه الجليل، لذا وجبَ النكوصُ على ما عاهدتُ به نفسى، والعودة إلى الردِّ عليه، وكشفِ تهافُتِ منطقِه الواهى، وسوءاتِ حديثِه الذى لا يردده سوى مُتسكعى مقاهى "وسط البلد"، ومُتسكعاتها!!
 
فى يوم وقفة "عرفات"، وقبلَ عيد الأضحى بساعاتٍ، خصَّصتْ صحيفةٌ "حكوميةٌ" صفحة كاملة لحوارٍ مُطوَّلٍ مع الشيخ "عصفور"، فلم يأتِ بجديدٍ على الصعيد الثقافى والأدبى والنقدى، وإنما جدَّدَ افتراءاتِه وأكاذيبَه بحقِّ الإسلام، وكشفَ عن نَفْسٍ أمَّارة بالسوء وكارهةٍ للدين الخاتم، حتى وإن ادَّعى غير ذلك، فالمرءُ مخبوءٌ تحتَ لسانِه، والمذكورُ يفضحُ نفسه دائماً كلما تكلمَ.
 
عمدَ الشيخ "عصفور"، دونَ دليلٍ أو برهانٍ، إلى شيطنة "الأزهر الشريف"، والتحريض عليه، وإظهاره فى صورة الكاره للحياة، المُعادى للحضارة، المُتخاصم مع المدنية، الرافض للحوار مع الآخر، وجميعُها افتراءاتُ يُكذبها الدورُ الإيجابىُّ المشهودُ للأزهر الشريف محلياً وخارجياً، خلال السنوات القليلة الماضية.
 
 ولو كانَ الشيخ "عصفور" مُنصفاً، ومثله لا يهوى الإنصافَ، لطالعَ التقاريرَ الصحفية الأجنبية التى تناولتْ لقاءات الإمام الدكتور "أحمد الطيب" مع القادة الدينيين فى أوروبا، وكيفَ يتمُّ استقبالُه واستقبالُ كلماته بحفاوةٍ وتقديرٍ بالغين، لا يحلمُ بهما المذكورُ، وقتَ أنْ كان وزيراً، أو بعدَ شلحِه من الوزارة.
 
وكان مما قاله "الطيبُ" فى كلمتِه الموصوفةِ بـ"التاريخية" أمامَ "مؤتمر السلام العالمى"، الذى استضافته "ألمانيا" قبل عامين: "إنَّ عالمَنا المُعاصرَ في حاجةٍ إلى أخلاقٍ إنسانيةٍ عامةٍ عابرةٍ للقاراتِ، تسودُه وتحكمُ مسيرتَه، وتكونُ بديلاً للأخلاق المُتناقضة المُتضاربة.. تعاونُ الأزهر الشريف مع المؤسسات الدينية الكبرى في أوروبا هو من أجل تحقيق خطوة على طريق السلام الذي تدعو إليه جميعُ الأديان، ونمدُّ أيدينا لكلِّ مُحبٍّ للسلام كائناً ما كان دينُه، وكائناً ما كان عِرقه"...
 
فهل ترى فى مثل هذه الكلماتِ الجامعةِ المانعةِ يا شيخ "عصفور"، رفضاً للآخر، وخصومة مع المدنية، وانقلاباً على الحضارة؟!
 
أمْ لمْ يسمعْ الشيخ "عصفور" عن وثيقة "الإخوة الإنسانية"، التى تم توقيعُها مطلع العام الجارى، فى دولة الإماراتِ العربيةِ المُتحدة، بحضور الإمام الأكبر، وبابا الفاتيكان، والتى نصَّتْ على "نشر ثقافة السلام والعدالة واحترام الغير والرفاهية للبشريَّةِ جمعاء، بديلًا من ثقافة الكراهية والظلم والعُنف والدِّماء"؟
 
ألم يأتكَ يا شيخ "عصفور" نبأ الوثيقة التاريخية التى دعتْ إلى "وقفِ اسـتخدام الأديان والمذاهبِ فى تأجيج الكراهيةِ والعنفِ والتعصُّبِ الأعمى.. والكفِّ عن استخدام اسم الله لتبرير أعمال القتل والتشريد والإرهاب والبطش"، والتى شددت أيضاً على أن "الأديانَ الإلهيَّة بريئة كلَّ البراءة من الحركاتِ والجماعاتِ المُسلَّحةِ ، كائنًا ما كان دينها أو عقيدتها أو فكرُه أو ضحاياها أو الأرض التى تُمارِس عليها جرائمَها المنكرة"؟
 
وما رأىُ الشيخ "عصفور" فى دعوة الإمام الأكبر لمسلمى الشرق فى "أن يستمروا فى احتضان إخوتهم من المواطنينَ المسيحيينَ فى كل مكان، فهم شركاؤنا فى الوطن، وإخوتُنا الذين يُذكِّرُنا قرآننا الكريمُ بأنَّهم أقربُ الناس مودَّة إلينا"؟ وما رأيه فى تأكيد الإمام الأكبر لمسيحيى الشرق: "أنتم جزءٌ من هذه الأُمَّة، وأرجوكم أن تتخلصوا من ثقافة مصطلح الأقليَّة الكريه، فأنتم مواطنون كاملو الحقوق والواجبات"؟
 
وما رأىُ الشيخ "عصفور" فى نصيحة شيخ الأزهر الشريف لمُسلمى الغرب بأن  يندمجوا فى مجتمعاتهم اندماجًا إيجابيًّا، يحافظون فيها على هويتهم الدِّينيَّة، كما يحافظون على احترام قوانين هذه المجتمعات"؟
 
أبعدَ هذا كلِّه يا شيخ "عصفور".. لا تزالُ تغمزُ الأزهرَ الشريفَ، وتصمُه بما ليس فيه، وتزايد على شيخه الجليل، وترددُ ما يرددُه الروبيضاتُ والصغارُ وناقصاتُ العقل والدين؟
 
أمَّا حديثكَ عن النقاب والحجاب وصحيح "البخارى"، وطعنُك فيهم، مع كلِّ إطلالةٍ لك، فهذا، وأيمِ اللهِ، بضاعةُ المُفلسين دينياً وأخلاقياً وفكرياً، ويعكس حالة الخواء التى يعانيها بعض كبار المثقفين المصريين، الذين يرون فى خصومة الدين ومناطحته، تفرُّداً يُميزهم عن العوام من البشر.
 
وأخيراً.. فإنى أعظك يا شيخ "عصفور" ألا تكون ممن قال فيهم القرآن الكريم:الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ، يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ، نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ، إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ".

 

تعليقات (1)
حي الله صاحب القلم
بواسطة: دكتور محمد خليفة
بتاريخ: الجمعة، 30 أغسطس 2019 10:27 م

مقال أكثر من رائع ويجب أن يحاسب عصفور قضائيا على إهانته لمنصب وزير حيث إنه تاجر بمنصبه وتشبه بالتجار ويذكر معلومات مغلوطة ومضللة عن الأزهر وشيخه

اضف تعليق