بالأرقام.. كيف انخفض معدل التضخم لـ 12% والبطالة لـ9٪ سنويا في الشهور الثلاثة الأخيرة؟

الأحد، 25 أغسطس 2019 12:00 ص
بالأرقام.. كيف انخفض معدل التضخم لـ 12% والبطالة لـ9٪ سنويا في الشهور الثلاثة الأخيرة؟
الإحصاء
هبة جعفر

إتاحة فرص عمل لنحو 9 ملايين مشتغل من إجمالى القوى العاملة بما تقارب نسبته 35%

خبراء: مشروع «المليون فدان» القائم على طرق الزراعة الحديثة أسهم فى زيادة السلع والخدمات المعروضة فى الأسواق 

إنشاء أكثر من 12 مدينة جديدة بكل ما تحتاجه من بِنى تحتية
 
يشهد الاقتصاد المصرى قفزة حيوية فى الشهور الثلاث الأخيرة، حيث كشفت الأرقام الرسمية والإحصاءات عن انخفاض معدل التضخم السنوى بمصر فى يوليو، بعد أن ارتفع فى الشهر السابق، بحسب تقرير للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، والذى أشار إلى أن التضخم السنوى لأسعار المستهلكين بالمدن المصرية تباطأ إلى 13.5% فى يوليو من 14.4% فى يونيو، كما بلغ معدل البطالة 7.5% من إجمالى قوة العمل، مقابل 8.1 % فى الربع الأول من عام 2019 بانخفاض قدره 0.6%، وتراجع بلغت نسبته 2.4% عن الربع المماثل من العام السابق، وأرجع الخبراء سبب هذا التراجع إلى زيادة أسعار الوقود التى تم فرضها فى منتصف شهر يوليو الماضى، ما اتضح فى تباطؤ معدل التضخم بقطاع النقل إلى 40.5% فى يوليو، مقارنة بـ 55.1 % فى يونيو 2018، كما شهدت وتيرة زيادة أسعار الأغذية تراجعا إلى 9.6 % مقابل 10.1 % فى يونيو، مع تباطؤ الأسعار العالمية للسلع.
 
وأوضح الخبير الاقتصادى أحمد سعيد، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى، أن ارتفاع الأسعار هو الآفة التى لطالما عانت منها الشعوب، وتزداد حدة خطورة هذه الآفة حينما تكون الزيادة فى الأسعار مطردة وبمعدلات مرتفعة، وهو ما يسمى فى علم الاقتصاد بالتضخم، والسبب المباشر للتضخم هو نقص الكمية المعروضة من السلع والخدمات عن احتياجات الشعوب، وبشكل مباشر فإن التضخم هو نتيجة مباشرة للعجز فى الإنتاج، لذلك فدائما يكون ارتفاع معدلات التضخم مؤشرا لارتفاع معدلات البطالة، مشيرا إلى أن مصر عانت طوال عقود مضت من عجز فى الإنتاج بسبب إهمال تطوير الصناعة والزراعة، والانفتاح الاستيرادى الذى أدى إلى عجز مستمر فى ميزان المدفوعات بسبب ضعف الناتج القومى أمام الاستهلاك القومى، وترتب عليه بلوغ المعدل السنوى للتضخم نسبة 33 % نهاية عام 2016 كما بلغ المعدل السنوى للبطالة نسبة 12.5 % من حجم قوة العمل.
 
وأضاف: جاء الرئيس عبدالفتاح السيسى، بخطة طموحة لعلاج مشكلة التضخم والبطالة تستهدف زيادة الناتج القومى من خلال تطوير الصناعة والزراعة وتشجيع الاستثمار المحلى والأجنبى، وذلك من خلال إصدار قانون الاستثمار الجديد وقانون التراخيص الصناعية، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وحماية الصناعات الوليدة من مخاطر الإغراق الاستيرادى، كما تبنت الدولة المصرية خطة طموحة للتعمير تقوم على إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة فى ربوع وصحارى مصر، وكانت البداية من خلال شبكة طرق تم إنشاؤها وفقا لأعلى المعايير العالمية،  التى تيسر الوصول إلى عمق الصحراء لإنشاء المدن السكنية والصناعية والزراعية، فقامت مصر بإنشاء أكثر من 12 مدنية جديدة بكل ما تحتاجه تلك المدن من بنى تحتية ومحطات  للكهرباء والغاز والمياه والاتصالات، ومع تبنى الرئيس السيسى،  لمشروع زراعى ملهم (مشروع المليون فدان)، بالاعتماد على طرق الزراعة الحديثة وكذلك التوسع فى المزارع السمكية، كل تلك المشروعات كان لها عظيم الأثر فى زيادة كمية السلع والخدمات المعروضة فى السوق المصرية، ما ترتب عليه انخفاض واضح فى المعدلات السنوية للتضخم لتصل حاليا إلى 12% سنويا.
 
وأضاف الخبير الاقتصادى أحمد سعيد: ترتب على هذه الإجراءات والمشروعات انخفاض واضح وملموس فى معدلات زيادة الأسعار، وكذلك ترتب على تلك الخطة تشغيل عدد ضخم من الأيدى العاملة ترتب عليه انخفاض المعدل السنوى للبطالة ليصل إلى 9% سنويا، لذلك فإن الدرس المستفاد مما سبق هو أن رفاهة الشعب المصرى لن تكون إلا من خلال العمل الجاد والمستمر، وما يجب أن نعلمه لأولادنا هو أن المستقبل الأفضل لن يكون إلا من خلال الكفاح والعمل، لافتا إلى أن التضخم انخفض بدعم من الزيادة الطفيفة فى أسعار السلع الغذائية بنحو 9%، مقارنة بـ 10.3 % فى يونيو، نظرا للزيادة الشهرية فى أسعار السلع الغذائية بنسبة 0.8% والتى جاءت وفقا لتوقعاتنا بتأثير طفيف من ارتفاع أسعار الوقود على السلع الاستهلاكية.
 
وتابع: فى الوقت نفسه، شهدت قطاعات الإسكان والمرافق والنقل ارتفاعا بنسبة 9.8% و8.7% على أساس سنوى ليعكس الزيادة الجديدة بمتوسط 18% لأسعار كل من الوقود والكهرباء فى بداية يوليو، ورغم أن القطاعين يشهدان أعلى زيادة على أساس شهرى، فوزنهما المنخفض فى مؤشر أسعار المستهلك (3.3%) أسهم فى ارتفاع طفيف للتضخم العام على أساس شهرى.
 
من جانبه أوضح  محمـــد راشـد، مدرس الاقتصاد بكلية السياسة والاقتصاد جامعة بنى سويف، أن التضخم- وفقا لبيان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء- تراجع على أساس سنوى لعدة أسباب، أهمها التحسن الذى طرأ على قيمة الجنيه المصرى أمام بقية العملات الأجنبية فى الفترة الأخيرة، ما خفض من تكلفة الواردات سواء المواد الخام أو السلع النهائية، بالإضافة إلى التراجع الذى حدث فى الدخول الحقيقية نتيجة الارتفاع الكبير فى أسعار جميع السلع والخدمات، ما أدى إلى انخفاض الإنفاق الاستهلاكى للقطاع العائلى، فضلا عن استمرار البنك المركزى فى الاحتفاظ بأسعار فائدة مرتفعة على الإيداع والإقراض، أسهمت بدورها فى امتصاص السيولة وانخفاض المعروض النقدى، كما أن ارتفاع أسعار الخدمات والاتصالات والدواء والكهرباء والنقل والمواصلات والمحررات الرسمية وخدمات التعليم والصحة أسهم فى دفع جمهور المستهلكين لإعادة توزيع الإنفاق الاستهلاكى بالشكل الذى انعكس فى النهاية على انخفاض الطلب على الاستهلاك، كما أسهمت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وغيرها من الدول إلى استقرار أسعار السلع عالميا بما فيها أسعار البترول وتسببت فى تباطؤ النمو الاقتصادى العالمى.
 
وأضاف محمـــد راشـد- فى نفس السياق أفصح البنك المركزى، عن تراجع معدل التضخم الأساسى الذى يستبعد من حساباته السلع شديدة التقلب أو التى تتغير أسعارها بشكل موسمى كالفاكهة والخضروات على أساس سنوى لنحو 5.9%، وهو ما يعتبر انخفاضا كبيرا وغير متوقع، لم تشهده مصر منذ سنوات، ولا سيما منذ تطبيق إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادى كرفع الدعم وتعويم الجنيه، وهو أمر إيجابى للغاية قد يعطى مؤشرا بأن الزيادة فى مستويات الأسعار تتجه لتكون أقل من الزيادة فى مستويات الدخول، ولو حدث ذلك يستطيع المواطن حينئذ استشعار ثمار الإصلاح الاقتصادى، ومن المعروف أن تراجع معدلات التضخم لا يعنى ارتفاع الأسعار، ولكن يعنى أن مستوى الارتفاع فى الأسعار أصبح أقل من ذى قبل سواء على أساس شهرى أو سنوى.
 
ولفت محمـــد راشـد إلى أن معدل التضخم على أساس شهرى ارتفع بمقدار واحد ونصف فى المائة، وهى زيادة غير كبيرة، نتيجة ارتفاع الأسعار بين يونيو يوليو جراء رفع أسعار الوقود، ما انعكس على ارتفاع أسعار المواصلات والخضروات علاوة على ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز، وكذلك نتيجة ارتفاع الأجور، ومن المتوقع أن تشهد الفترة القادمة استقرار مستويات التضخم بعدما تم الانتهاء من إجراءات رفع الدعم المصاحبة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، وبالنظر إلى نتائج بحث القوى العاملة للربع الثانى (إبريل - يونيو) لعام 2019 والصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، نجد أن معدل البطالة انخفض لنحو7.5٪  يمثلون نحو 2 مليون متعطل من إجمالى قوة العمل البالغ مجموعها نحو 28 مليون، مقابل 8.1٪ فى الربع الأول من عام 2019 بانخفاض قدره 0.6٪، وتراجع بلغت نسبته 2.4٪ عن الربع المماثل من العام السابق، وهو ما يعتبر تغيرا ملموسا فى زيادة نسبة المشتغلين بالنسبة لإجمالى قوة العمل.
 
ويرجع محمـــد راشـد التحسن المستمر فى معدل البطالة على مدار السنوات الثلاث الماضية إلى المشروعات القومية كالمدن الجديدة والطرق والكبارى والمحاور والمصانع والصوبات الزراعية التى تنفذها الدولة فى مختلف أنحاء الجمهورية، علاوة على المناطق اللوجستية على ضفاف قناة السويس، والتى أسهمت بقوة فى الارتقاء بمعدلات التشغيل، بالإضافة إلى مبادرة البنك المركزى لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بسعر فائدة فى حدود 5%، ومن المعروف قدرة المشروعات الصغيرة على توليد فرص عمل بشكل جيد نظرا لأن أغلبها مشروعات كثيفة العمالة، أى أنه يمكن توليد فرصة عمل داخل هذه المشروعات بقدر غير كبير من رأس المال، وهو ما انعكس على ارتفاع معدل النمو الاقتصادى والذى وصل مؤخرا إلى 5.6%، فمزيد من النمو الاقتصادى يعنى المزيد من فرص العمل وخاصة إذا وُجهت أغلب الاستثمارات للصناعات أو القطاعات كثيفة العمالة.
 
وأضاف محمـــد راشـد: يلاحظ من نتائج بحث القوى العاملة أن الزراعة والصيد والتشييد والبناء تتصدر أهم القطاعات المولدة لفرص العمل، حيث يعمل بها  نحو 9 ملايين مشتغل من إجمالى القوى العاملة بما نسبته تقارب 35% أى أنها تستحوذ على أكثر من ثلث القوى العاملة بما يستدعى الاهتمام بضخ المزيد والمزيد من الاستثمارات فيها، وهو النهج الذى اتبعته الدولة فى السنوات الأخيرة، كما تركزت معدلات البطالة بنسبة تقارب 90% فى الفئات ذات التعليم المتوسط وفوق المتوسط والجامعى وما فوقها، ما يستدعى ضرورة حل معضلة عدم التناسب بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل والعمل سريعا من خلال وزارة التعليم العالى على سد هذه الفجوة من خلال دعم وتطوير برامج التعليم الفنى بما يتناسب مع مستهدفات التنمية الاقتصادية خلال المرحلة الراهنة والمقبلة وبالشكل الذى يتواءم مع رؤية «مصر 2030».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة