البلاستيك.. «قنبلة نووية» تهدد العالم

الخميس، 29 أغسطس 2019 07:30 م
البلاستيك.. «قنبلة نووية» تهدد العالم

14 مايو 2019.. وقعت الأمم المتحدة، عدد من الاتفاقيات، لخفض تحويل مخلفات البلاستيك إلى المحيطات. ووفقا لتصريحات الأمم المتحدة، فإن نحو (180) دولة توصلت إلى اتفاق يستهدف تحقيق خفض حاد في كميات مخلفات البلاستيك التي تنتهي رحلتها إلى المحيطات حول العالم.

خاصة وأن إحصائيات إدارة مراقبة البيئة فى أوروبا، اكدت أن تريليون كيس بلاستيك سنويا في مختلف دول العالم، ولفتت الإحصائية، إلى أن من بينهم (12) مليار كيس بلاستيك تستخدمهم مصر سنويا، وفقا لتقرير مركز تكنولوجيا البلاستيك بوزارة الصناعة الصادر فى عام 2016، لكن تلك الأكياس تحولت من وسيلة استخدام عادية إلى قنايل موقوتة وأصبحت مصدر إزعاج كبير، بعد اكتشاف خطورتها وضررها البالغ على الإنسان وعلى البيئة والكائنات الحية التى تتعرض لها.

بدأت الأزمة عندما أدركت المنظمات البيئية فى العالم أن هناك حوالى (5.25) تريليون قطعة من المخلفات البلاستيكية فى المحيط منها حوالى (269) ألف طن تطفو على السطح، والباقى فى أعماق البحار والمحيطات، وأن المتسوقين في جميع أنحاء العالم يستخدمون سنويا ما يقرب من (500) مليون كيس من البلاستيك وأن هذه الأرقام في ارتفاع مستمر، وأن ما يقرب من (100) ألف كائن بحري يموت سنويا من البلاستيك وما يقرب من مليون من الطيور البحرية يموت أيضا كل عام جراء ابتلاع البلاستيك.
 
وكانت (40) دولة من دول العالم وضعت تشريعات تحظر فيها استخدام الأكياس البلاستيكية، وكان آخرها كينيا التى فرضت حسب وكالة رويترز في أغسطس الماضى، غرامة على استخدام الأكياس البلاستيكية، حدها الأدنى (19) ألف دولار وحدها الأقصى (38) ألف دولار، كما قد تصل عقوبة استخدام الأكياس البلاستيكية إلى السجن (4) سنوات، وهو ما وصفته وكالة رويترز بأنه أشد القوانين صرامة فى هذا المجال على مستوى العالم.
 
ولم يتوقف الأمر عند الدول الأوروبية والإفريقية، ففى الدول العربية بدأت السودان التى قررت قبل كينيا حظر استخدام الأكياس البلاستيكية، وكذلك المغرب التى حظرت الاكياس البلاستيكية فى عام (2016)، وبحسب دراسة برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فأول دولة أقرت قانون الحظر كانت الدنمارك عام (1993)، والتى فرضت قانونا بدفع بدل نقدى للحصول على كيس بلاستيك، وهو ما قلل استهلاكها بنسبة (60%).
 
أما الاتحاد الأوروبى فأعلن أنه وبحلول عام (2019) فسيحظر استخدام الأكياس البلاستيكية على أرضه بشكل كامل، بعد ضرائب عدة فرضتها الدول عليها لرفع ثمنها وجعل المواطنين يستخدمون «الحقائب متعددة الاستخدامات».
 
كان البرلمان المصري بدأ طرح الأزمة في دور الانعقاد الرابع، وتقدم النائب محمد فرج عامر بمشروع قانون لمنع استخدام الأكياس البلاستيكية، وتشير التقارير إلى أن ذلك القانون تم إرجاء مناقشته لدور الانعقاد المقبل الذى يبدأ فى سبتمبر (2019)، كما تقدمت النائبة أنيسة أنوسة باقترح برغبة فى نفس الأزمة، وقالت الدكتورة أنيسة حسونة عضو مجلس النواب إنها قدمت اقتراح برغبة إلى كلا من رئيس مجلس الوزراء، ووزير البيئة، ووزير الصناعة تطالب فيه بإلغاء استخدام الأكياس البلاستيك في مصر واستبدالها بمواد صديقة للبيئة.
 
وقالت النائبة أنيسة حسونة إن مصر تستهلك (12) مليار كيس بلاستيك سنويا، بتكلفة حوالى (12) مليار جنيه، وتمثل أزمة بيئية بجانب الخسائر التى تمثلها فى الناحية الاقتصادية، خاصة أن أغلب الخامات يتم استيرادها من الخارج.
 
وأضافت عضو مجلس النواب أن الأكياس البلاستيكية مضرة للغاية لأنها غير قابلة للتدوير، وتستغرق مئات الأعوام لكى تتحلل، وتنتهى كميات منها فى البحار والأنهار مما يعرض الكائنات المائية إلى النفوق، مشيرة إلى أن حرق هذه الأكياس يؤدى إلى انبعاث جسيمات وغازات سامة تؤثر سلبا على الغلاف الجوى وتدمر صحة الإنسان، كما أنه يدخل فى تصنيعها مشتقات شديدة الخطورة تتفاعل مع المواد الغذائية، وتؤثر بالسلب على صحة المواطنين.
 
مشددة على أن ذلك يؤكد خطورة استخدام الاكياس البلاستيك علي البيئة والصحة العامة، وعدم تحللها، واستخدام أكياس قابلة للتحلل، لذلك لابد من إيجاد بدائل للشنط البلاستيكية، كالورق والأكياس الصديقة للبيئة.
من جانبه قال الدكتور وفيق نصير عضو البرلمان العالمى للبيئة إن اتخاذ البرلمان المصرى خطوة لصياغة قانون للحد من استخدام الأكياس البلاستيك أمر جيد، محذرا من أن الأمر لا يحتاج إلى قانون فقط، بل يتطلب مواجهة حقيقية لصعوبات تطبيق القانون، وتقديم الدعم لكل من سيضطر لتقديم تنازلات لتفعيل القانون مثل مصنعى الأكياس البلاستيك الذين سيضطرون لخسارة جزء كبير من أنشطتهم.
 
وأضاف نصير، إن مصر تأخرت كثيرا لمراعاة ذلك الأمر، موضحا أن كينيا من أوائل دول العالم التى طبقت غرامة مالية وحبس لمن يستخدم الأكياس البلاستيكية، مشيرا إلى أن الأمر لا يجب ان يتم التعامل معه على أنه رفاهية لأنه تحول إلى أزمة عالمية كبرى تزعج كافة الشعوب، مطالبا بضرورة الإسراع فى تنفيذ مخطط استبدال البلاستيك ببدائل أخرى.
 
ووجه عضو البرلمان العالمى للبيئة رسالة لكل مواطن، قائلا: «بعيدا عن القانون أو تطبيقه فإن استخدام الأكياس البلاستيك يضرك ضررا مباشرا ويؤثر على صحتك وصحة أبناءك، كما أنه يضر البيئة من حولك ضررا كبيرا، وينتح عنه مواد مضرة وتسبب الإصابة بالسرطان»، وأشار نصير إلى أن الانتقال إلى عدم استخدام الأكياس البلاستيكية يحتاج لدراسة جيدة لأن هناك من سيقع عليهم خسائر اقتصادية وعلينا أن نوجد لهم البدائل والتعويض المناسب حتى لايكونوا عائقا فى طريق تنفيذ القانون.
 
وأكد الدكتور مجدى علام الخبير البيئى ونائب وزير البيئة سابقا أن إلغاء البلاستيك يتطلب أولا أن توجد البديل المتمثل فى الأكياس الورقية أو الورق المقوى، أو الأكياس المصنوعة من الخيش، مشيرا إلى أن تلك المنتجات كانت تصنع فى مصر فى سنوات سابقة لكن الاتجاه لصناعة الأكياس البلاستيكية قضى عليها.
 
واشار إلى أنه يجب أن يتم تغطية السوق بمصانع قادرة على توفير المطلوب من بدائل االأكياس البلاستيك، وفيما يخص تكلفتها قال إنها مكلفة فى حال إنتاجها بكميات قليلة، لكن إنتاج كميات كبيرة لن يكون مكلف بشكل يعيق توفيرها، موضحا ان ذلك لاينفى أن الأكياس البلاستيك أرخص من بدائله.
 
واضاف أن البدائل تتمثل أيضا فى زعف النخيل والخوص والليف وبقايا الأقمشة يكفى لها ان تغطى مصر كلها كبديلا لأكياس البلاستيك بشرط أو توفر ورش ومصانع لإعادة تدويرها، ويكون كل مواطن معه شنطة قماش أو خيش او كرتون يستخدمها فى تسوقه.
 
وتابع الدكتور مجدى علام الخبير البيئى، قائلا: «مصر تستهلك مالا يقل عن (75) مليون طن أكياس بلاستيك سنويا، وهذه الأطنان تظل فى التربة لمدة (500) سنة لا تتحلل ولا تذوب، ولم تم حرقهم ينتج عنها غازات مسرطنة، ولم تم إلقائها فى البحر تتسبب فى موت الكائنات البحرية، والسلحفاة البحرية التى تأكل الأكياس متخيلة أنها قنديل البحر، فتموت ويزداد عدد قناديل البحر فى المقابل».
 
وطالب بأن يتم حل الأمر عن طريق أكثر من مراحل، أولها منع وضع المأكولات فى الأكياس البلاستيكية، مثل الفول والكشرى وغيرهما، لأن ضرر ذلك على الصحة مباشر وخطير، خاصة أن تلك الأكياس تنتج مواد وغازات مسرطنة بعد تفاعلها مع سخون المأكولات الموجودة بداخلها، ويجب تحريم وتجريم ذلك ومنعه.
 
وعن القانون قال إن خبرتى تؤكد أن القانون سيتم وضعه على الرف، لأن الأزمة فى أن هناك صاحب محل بقالة فى أحد القرى لن يلتزم بالقانون طالما ان الكيس البلاستيك أرخص بالنسبة له، لذلك الأهم من القانون هو دعم كل مواطن يقرر يستبدل الكيس البلاستيك بكيس ورق أو كرتون، وأن يتم دعم أصحاب ورش تصنيع الأكياس البلاستيك لمساعدتهم للتحول إلى تصنيع الأكياس  الكرتون والورقية.
 
وفي مايو الماضى أصدر محافظ البحر الأحمر قرار ينص على حظر استخدام الأكياس البلاستيكية فى المحال العاملة بمجال الغذاء (المطاعم – السوبر ماركت – البقالة – اللحوم – الأسماك – الفواكة والخضروات)، وكذلك الصيدليات.
 
كما يحظر حظرا نهائيا استخدام الأكياس البلاستيك والأدوات البلاستيك والتى تستخدم لمرة واحدة فى كل أنشطة المشروبات والأطعمة مثل السكاكين والمعالق والشوك البلاستيك والأكواب والأطباق والماصات (الشاليموه) في المطاعم، وكذلك المراكب السياحية كافة (السفاري - النزهة - اليومية) بمحافظة البحر الأحمر، عدا الأكياس الثقيلة الخاصة بتجميع القمامة حفاظا على البيئة البحرية، كما ينص القرار على عدم الترخيص لمصانع إنتاج الأكياس الخفيفة داخل نطاق محافظة البحر الأحمر.
 
كما بدأت العديد من الجامعات والمدارس فى توعية طلابها وتنفيذ حملات لجمع اكياس القمامة من عدد من الشواطئ لحماية الكائنات البحرية، وتنفيذ برامج توعية حول الأزمة وخطورتها.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة