فن صناعة آلهة العجوة.. وائل غنيم يتبع منهج التهكم والإبهار لاستقطاب الشباب

السبت، 28 سبتمبر 2019 06:00 م
فن صناعة آلهة العجوة.. وائل غنيم يتبع منهج التهكم والإبهار لاستقطاب الشباب
وائل غنيم
عنتر عبداللطيف

الغياب عن الصدارة أصابه بالجنون.. والتناقض الصارخ فى حديثه حوله لمادة كوميدية
 
لا شيء يخضع للصدفة فى هذا العالم المضطرب، الملىء بالمؤامرات والحروب والصراعات، والذى يتحرك فيه آلاف الشخصيات مثل قطع الشطرنج، على رقع عديدة، وفى مجالات شتى، ليلعبوا أدوارا فى منتهى البراعة، ويخدعون الجماهير العريضة التى دائما ما تكون هدفا للتلاعب بعقولها.
التلاعب بعقول الجماهير، فن وصنعة، وكذلك صناعة ما يطلق عليهم «الأيقونات»، وهم أشخاص عاديون، وربما لا يحملون مواهب، يجرى استقطابهم، وتلميعهم، وتقديمهم فى بلادهم على أنهم قادة رأى وفكر، ونماذج يحتذى بها فى السياسة، والفن، والأدب، وغيرها.

تتميز نماذج هذه «الأيقونات» باستطاعة أفرادها تطبيق معنى «الديماجوجية» على الأرض، فهم من داخلهم يدركون جيدا أنه لا أهمية لمصالح من يستهدفونه، فالهدف هو استقطابه وغسل دماغه واستغلال مشاعره وعواطفه، وإيهامه باقتراب تحقيق أحلامه، وحل مشاكله، لكن فى الواقع هذا الشخص - المتلاعب بعقله - ضحية وأداة لتنفيذ هدف أكبر يعمل عليه الشخص «الديماجوجى»، والذى دائما ما يستخدم شعارات وكلمات رنانة ويجيد التلاعب بالألفاظ بهدف إبهار أتباعه مستغلا حاجاتهم ورغباتهم بدون تقديم أدلة منطقية لهم.

سلاح «الديماجوجية» يستخدمه بشدة هذه الأيام «وائل غنيم» والذى يتلاعب بعقول الشباب صغير السن ومن يدور فى فلكه من بقايا ناشطى أحداث 25 يناير 2011.
وحتى نعرف من هو «وائل غنيم» وكيف تمت صناعته فى الغرب، فسنعود سنوات للوراء وتحديدا قبل اندلاع أحداث 25 يناير 2011 حيث أنشأ غنيم صفحة على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك بعوان «كلنا خالد سعيد»، مستغلا اتهام الشرطة المصرية بضرب «سعيد»، وهى الواقعة التى اتخذها «غنيم» والذين معه ذريعة لإشعال الفوضى فى البلاد، والتى عقب اشتعالها
 
جرى التلميع الممنهج لبعض النشطاء فى وسائل الإعلام على رأسهم «وائل غنيم»، لتقفز الجماعة الإرهابية على السلطة ويختفى «غنيم» قبل أن يعود مجددا ليبث فيديوهات وقد حلق شعره وحاجبيه، موجها السباب إلى الدولة المصرية، فى ظهور مدروس ليعيد لفت الانتباه إليه ومن ثم التلاعب من جديد فى عقول الشباب.
قبض «غنيم» ثمن ما فعله مرتين، الأولى عندما جرى تعيينه مديرا إقليميا لجوجل قبل أحداث 25 يناير، والثانية عندما تم تكريمه من قبل مجلة «السياسة الخارجية» الأمريكية، ووضع اسمه ضمن قائمة أفضل 100 شخصية خدموا السياسة الأمريكية فى عام 2011، كما ضمت القائمة فضلا عنه «علاء الأسوانى، محمد البرادعى، راشد الغنوشى، توكل كرمان، خيرت الشاطر».
تكسب «غنيم» ملايين الدولارات من متاجرته بما أسماه ثورة 25 يناير، من قبل تأليفه كتابا رديئا اشترت حق طباعته دار النشر الأمريكية «هاوتون ميفلين» بتعليمات من الاستخبارات الأمريكية مقابل 2 مليون دولار.
يقول اللواء حسن عبدالرحمن، رئيس جهاز أمن الدولة الأسبق، فى شهادته أمام محكمة القرن: «جاء وائل غنيم إلى مصر فى يوم 23 يناير 2011، وأقام فى أحد فنادق مصر الجديدة، ورصدنا اتصالاته مع بعض عناصر أجهزة المخابرات الأجنبية، وتم ضبطه فجر يوم 27 يناير 2011، أثناء لقائه مع «جاريد كوهين»، عميل المخابرات الأمريكية فى أحد كافيهات منطقة الزمالك، وبحضور عناصر أمن من السفارة الأمريكية، حضروا بسيارات خاصة تابعة للسفارة، وانصرفوا وهم يستقلون نفس السيارات، وتركز حوارهم فى اللقاء على قوة جماعة الإخوان، ومدى قدرتهم على السيطرة على القوى السياسية لتحريك الأحداث.
يقول عميل جهاز المخابرات السوفيتى السابق «كى جى بى» توماس شومان، فى إحدى محاضراته القديمة: «إذا كان المجتمع الذى تريد تخريبه ديمقراطيا حرا، فهناك حركات مختلفة داخل هذا المجتمع، فكل مجتمع به أناس ضد هذا المجتمع، وهم عبارة عن مجرمين بسطاء».
 وتابع توماس شومان: «هناك من هم على خلاف أيديولوجى مع سياسة الدولة، وهناك معدومو الضمير، والشخصيات المضطربة نفسيا والتى تعادى كل شىء، فضلا عن مجموعة صغيرة من عملاء الدول الأجنبية، ففى اللحظة التى يتم تحريك هذه الحركات باتجاه واحد، ينهار المجتمع بالكامل، فنحن لا نوقف العدو بل نسمح له أن يذهب وأيضا نساعده للذهاب إلى الاتجاه الذى نريده أن يذهب إليه».
يضيف «شومان»: «فى مرحلة تدمير الأخلاق سيكون من الواضح وجود اتجاهات فى كل مجتمع وكل بلد.. هنا يتم استغلال الحركات السابقة والاستفادة منها، حتى تذهب إلى الاتجاه المعاكس للأخلاق والقيم والمبادئ»، لافتا إلى أن أهم المجالات التى يتم تخريبها الدين والسخرية منه واستبداله بمختلف الطوائف والعبادات والمعتقدات، بشكل يلهى الناس ويتسبب فى تآكل عقيدتهم، واستبدال المنظمات الدينية المقبولة والمحترمة بمنظمات وهمية تصرف انتباه الشعب، لجذبهم إلى ديانات مختلفة وكذلك التعليم بصرف الناس عن تعلم شىء بناء واقعى وفعال، بدلا من الرياضيات والفيزياء واللغات الأجنبية والكيمياء، وتعليمهم تاريخ حرب المدن والغذاء الوطنى والاقتصاد المنزلى والحياة الجنسية، أو أى شىء بعيدا عن التعليم الواقعى.
نموذج آخر جرى تصنيعه وتعليبه فى معامل المخابرات الأجنبية وهو الناشطة اليمنية « توكل كرمان» التى تخدم على سياسات جماعة الإخوان الإرهابية عبر ما يمكن أن نسميه الانضواء تحت الجناح الليبرالى للجماعة الذى يمثله العديد من السياسيين الهاربين وعلى رأسهم أيمن نور مؤسس قناة الشرق ويضم أيضا الإعلاميين من قبيل معتز مطر، ومحمد ناصر، وأحمد عطوان وعماد البحيرى وسامى كمال الدين وغيرهم العشرات، وذلك بالرغم من انتماء «كرمان» إلى التجمع اليمنى للإصلاح، الذراع السياسية لحركة الإخوان المسلمين فى اليمن.
لعبت «توكل كرمان» دورا محوريا فى تحريض الشباب اليمنى على أحداث العنف الممنهج فى بداية ثورتهم، قبل أن يصبح المشهد عبثيا، وتتشابك خيوطه، ويدخل فى حرب أهلية ما زالت مستعرة بين طوائف شعبه المختلفة حتى الآن، لتحصل فى نهاية المطاف على الثمن بفوزها بالمشاركة مع رئيسة ليبيريا الين جونسون سيرليف، والناشطة الليبيرية ليما جبوى بجائزة نوبل للسلام لعام 2011.
المراقب المدقق لا يرى فى «توكل كرمان» سوى فتاة يمنية تقليدية جرى النفخ فيها وتلميعها إعلاميا لتلعب دور الثورجية ليعجب بشخصيتها الشباب المهتمون بالمظهر لا الجوهر، حيث وصفتها عدة مواقع محسوبة على أجهزة استخبارات غربية «كرمان» بأنها ناشطة حقوقية وإنسانية يمنية، تعد واحدة من أبرز المدافعين عن حرية الصحافة والإعلام وحقوق الإنسان والمرأة فى اليمن، وهى رئيسة منظمة صحفيات بلا قيود فى اليمن وعضو مجلس شورى حزب التجمع اليمنى للإصلاح، وقد أعلن حزب التجمع اليمنى للإصلاح، تبرؤه من الناشطة توكل كرمان وحصلت على جائزة نوبل للسلام فى عام 2011، لدورها فى قيادة حركة احتجاج مؤيدة للديمقراطية.
السيرة الذاتية المزيفة لـ«توكل كرمان» والموضوعة بعمد على بعض المواقع المحسوبة على التيارات الليبرالية دائما ما تشيد بجهودها غير البريئة فى تأسيسها وبعض زميلاتها منظمة «صحفيات بلا قيود» فى عام 2005، للدفاع عن حقوق المرأة والحقوق المدنية وحرية التعبير عن الرأى وفق قولهم. تقول المواقع التى تضع السم فى العسل عن «كرمان» والتى ترسم لها صورة ذهنية عكس الواقع، إنها بدأت تنظيم اعتصامات أسبوعية فى صنعاء للمطالبة بمجموعة متنوعة من الإصلاحات الديمقراطية فى عام 2007. وواصلت هذه الممارسات لعدة سنوات، وألقى القبض عليها عدة مرات بسبب نشاطها، وبعد أن اجتاحت حركة الاحتجاج المعروفة باسم الربيع العربى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اعتقلت «كرمان» بعد أن قادت مظاهرة صغيرة فى صنعاء ضد حكومة على عبدالله صالح، رئيس اليمن السابق، وأثار اعتقالها احتجاجات كثيرة، تطورت بسرعة إلى مظاهرات جماهيرية ضد نظام الرئيس اليمني، وأطلق سراحها فى اليوم التالى، وسرعان ما أصبحت كرمان قائدا للحركة!

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق