أطفال الملاجئ.. إلى أين؟

الإثنين، 30 سبتمبر 2019 06:04 م
أطفال الملاجئ.. إلى أين؟
سمر جاد

"الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا".. هل زرتم يوماّ إحدى دور الأيتام؟.. هل تأملتم يوماّ تلك العيون الصغيرة التي تضحك على استحيا، فهى تعرف أنك عابر، ومهما طال مرورك فإنك راحل لا محالة.. أتريد حقاّ المساعدة؟ كيف ؟!.
 
بإعطائهم جزءاً من وقتك أو بعض من مالك؟ هل هذا هو ما يحتاجونه حقاّ؟! مع الأسف لا! فهم يشتاقون إلى حضن أم حنون و إلى رعاية أب عطوف، فماذا يعوضهم - حتى و إن وفرت لهم دور الأيتام أقصى الإمكانات الممكنة - عن الجو الأسري اللازم للتنشئة النفسية السليمة؟!
 
WhatsApp Image 2019-09-30 at 5.58.01 PM
 
يتم إغلاق بعض دور الأيتام بين الحين والآخر لاكتشاف مخالفات بها، وأوقفت وزارة التضامن الاجتماعي التصاريح الجديدة لدور الأيتام منذ ستة سنوات، كما أن هناك اتجاه لغلق دور الأيتام بحلول2025، وهو ما يعد مؤشراّ خطيراّ لضرورة إيجاد مكان بديل لهؤلاء الأطفال الذين ألقى بهم أشخاص عديمي الإنسانية على الدروب والطرقات، ليصبحون ليس فقط مجهولي النسب والهوية هذا، بل ومجهولي المستقبل كذلك.
 
WhatsApp Image 2019-09-30 at 5.58.02 PM (1)
 
كيف يمكن لأي منا أن يبدل حياة هؤلاء الأطفال؟.. دعونا نتعرف على قصة عطاء حقيقية، غيرت مصير أحد هؤلاء الأطفال الأبرياء إلى الأبد من مصير مظلم كان بانتظاره إلى غد مشرق ممهد بدروب من الحب و الحنان، إنها السيدة رشا مكي، سيدة مصرية متزوجة لم يرزقها الله أطفالاّ، ومع حبها الشديد للأطفال، فكرت في أن تتبنى طفلاّ، ولاعتبارات دينية، التبني غير مسموح به في مصر، الا أن مفهوم الكفالة المأخوذ به في مصر لا يختلف عن التبني الا في عدم تسمية الطفل باسم الأب، وهذا له علاقة بالطبع بحفظ الأنساب والمواريث، قررت السيدة رشا أن تشارك الجميع تجربتها بكل صراحة وشجاعة، حتى تساعد أكبر عدد ممكن من السيدات الذين يرغبون في أن يصبحن أمهات.
 
تقول رشا :"لم أكن أتخيل مدى سعادتي بكفالة أبني مصطفى، ولو علمت سلفاّ لكنت بدأت في إجراءات الكفالة قبل ذلك بسنوات، ولربما أمكنني كفالة أكثر من طفل، لقد اعتزلت جميع معارفي حتى اتخذ قرار الكفالة بمنأى عن أية ضغوط أو تأثيرات خارجية، فلا أحد يعرف حقاّ مدى ما كنت أشعر به من ألم وحرمان حتى يشاركونني القرار، فهم لم يكونوا معي وأنا أذرف من الدموع أنهارا وحدي، وأنا أفكر في الأطفال، لذا أول نصيحة أوجهها لمن تفكر بكفالة طفل، بأن تتخذ قرارها أولاّ وحدها بمعزل عن العالم".
 
WhatsApp Image 2019-09-30 at 5.58.02 PM
 
وتضيف رشا "بعدما اتخذت القرار، توجهت إلى مكتب الشئون الاجتماعية التابع لمحل سكني وقتذاك وكان ذلك في عام 2013، وتقدمت إليهم بطلب كفالة طفل، وأحضرت لهم الأوراق المطلوبة وكنت أتوقع أن تتم المتابعة معي، وأن يتم إبلاغي بالأوراق الغير مستوفاة لكن لم يحدث ذلك، وكان على أن أكرر زياراتي لمكتب الشئون الاجتماعية لأتابع طلبي من حين لأخر لأنهم لم يكونوا يردون حتى على الهاتف، وكلما ذهبت إليهم كانوا يطلبون مني أوراقاّ إضافية، وانقضى عاماّ لم أكن قد حصلت بعد على الموافقة فذهب زوجي إلى وزارة التضامن ليجد الورقة التي يحتاجها مكتب الشئون الاجتماعية جاهزة هناك، لكن مندوب الشئون الاجتماعية لم يذهب لاستلامها، وكان من الممكن أن تنتهي الإجراءات لولا هذا التباطؤ في وقت أقل بكثير".
 
وتكمل رشا بقولها "أخيرا حصلت على الموافقة على الكفالة واستلمت "جواب مشاهدة"، الذي بموجبه يحق للأسرة البديلة التوجه لأى من دور الأيتام الموجودة في الجمهورية واختيار طفلها.. كنت أحلم دوماَ بأن تكون لي ابنة فكنت ابحث عن طفلة رضيعة لم تتجاوز الشهر، وكان إيجادها أصعب كثيرا مما توقعت لأن الطلب على الفتيات في سن أقل من 3 سنوات مرتفع جداّ، وكان على أن أنتظر مجدداً حتى أجد ضالتى، وفي تلك الأثناء، ذهبت إلى أحد أطباء أمراض النساء والتوليد، وهو الدكتور عمرو النوري ، وشرحت له أنني أريد أن أرضع طفلتي التي سأكفلها، حينها عرفت أن هناك بعض الأدوية المدرة للبن (حتى بدون حمل ) وأن هناك جرعات مختلفة لتلك الأدوية تبعاّ لمدة تأثيرها حتى تأتي بمفعولها، فبدأت على الفور بالنظام السريع حتى أستطيع إرضاع طفلتي فور العثور عليها".
 
وجدت أخيراّ طفلة، كما تقول رشا، التى تضيف " كانت الوحيدة في الفئة العمرية التي أبحث عنها، فأبلغت الدار باختياري لها للكفالة، واعتقدت أنني سأشعر برباط ما بيني وبين الطفلة حين أراها للمرة الأولى، لكن لا، لم يحدث هذا.. لكنني قررت تجاهل هذا الشعور وأرجعته لأنني لم أكن أعرفها بعد، وكان على الآن أن انتظر انعقاد لجنة التسليم التي تنعقد كل شهر أو شهران (كلما تجمع عدد من الأسر في المناطق المتقاربة لتسليمهم أطفالهم دفعة واحدة)، في تلك الأثناء قررت أن أخرج على عالمي بقراري هذا صارحت والداي ، واصطحبتهما للدار ليتعرفا على فتاتي ، فاستشعرت قلقا على وجه أبي، وهو طبيب أطفال، وبعد انصرافنا أوضح لي أنه قلق من ردود فعل الطفلة، فهي لم تكن تتجاوب معه كما ينبغي، وذهبت في اليوم التالي حتى أطلب عرضها على طبيب متخصص، فوجدت طفلان عمرهما أيام، فتاة جميلة جدا وولد ذو عينان ساحرتان وألوانه تشبه ألواني، اسمه مصطفى، أردت أن أكفل هذا الولد بدلا من الفتاة التي كنت قد اخترتها، خاصة وقد اتضح صحة مخاوف أبي، ولم اختر الفتاة التي عثر عليها مع مصطفى لأن ألوانها مختلفة تماما عني، فلقد كنت أحرص على وجود تشابه بيني وبين الطفل في الألوان حتى لا يستوقفني الجميع في الشارع ليسألونني عن هوية الطفل، وحتى يستطيع الطفل نفسه الاندماج بسهولة مع أفراد العائلة".
 
وتكمل رشا روايتها بقولها " نظرة عيناه جعلتني أحبه منذ اللحظة الأولى، وأحسست بهذا الشعور الذى كنت أنتظره، أن مصطفى هو الابن الذي كنت دوما انتظره، طلبت تغيير الطفلة ولم يوافقوا  إلا لسبب واحد، أنني طلبت ولداّ وهذا شئ نادر الحدوث، فوجدوا طلبي هذا فرصة لا تعوض، وتم تغيير الطلب و كنت أذهب كل يوم إلى دار الأيتام لإرضاع مصطفى، وانتظرت لمدة شهر ونصف حتى انعقدت لجنة من الوزارة لتسليم الأسر أطفالهم، وكنا أسر خمسة مناطق كبيرة في القاهرة لتسليم أربعة أطفال فقط، لقد تغير عالمي منذ أخذت مصطفى إلى المنزل، فهو هدية من الله يدخل البهجة على كل من يعرفه، وهو الآن طفل سعيد مغمور بالحب و الرعاية من والده ومني، ولقد حرصت منذ اليوم الأول الذي أخذته معي إلى المنزل، على تعريف جميع معارفي على الفيسبوك، بالوافد الجديد...و لقد فرحوا كثيرا لأجلى".
 
لقد أسهمت رشا مكي في تغيير مستقبل أحد الأطفال الأبرياء مجهولي الهوية، و لربما تأرجح مصيره بين إهمال والتعرض للأمراض النفسية..أو..أو..الخ .جاءت رشا لتنتشل مصطفى من المصير المظلم الذي كان بانتظاره، و لتنير حياته بالأمل والحب الذين يحتاجهما كل طفل.
 
لم تتوقف القصة هنا، ففي المقال القادم سنتعرف على تفاصيل طلب الكفالة حاليا والتطورات التي حدثت في الإجراءات خلال الستة أعوام الماضية ، كما سنعرض إجابات أهم الأسئلة التي طرحت على رشا مكي حتى نساعد كل سيدة مصرية تفكر أو لا تفكر بعد في كفالة يتيم.. فانتظرونا.

 

تعليقات (6)
مقال رائع
بواسطة: نانسى
بتاريخ: الإثنين، 30 سبتمبر 2019 09:44 م

مقال جميل وموضوع جدير بالتحدث عنه.

!
بواسطة: علاء
بتاريخ: الثلاثاء، 01 أكتوبر 2019 08:57 ص

أين المقال وفكر الكاتب أو رأيه الشخصي ..اعتقد انه مجرد تقرير ينقل خبر من الفيس بوك كما هو ومجرد قص ولصق على عكس مقالات الرأي .. المفترض أن يحمل المقال فكرة جديدة تعبر عن رأي الكاتب وليس اعادة نشر خبر وحكاوي منتشرة على السوشيال ميديا للترويج لها .

فكره جميله
بواسطة: Marwa
بتاريخ: الثلاثاء، 01 أكتوبر 2019 11:25 ص

مقال جميل والاجمل مشاركة الام مشاركتنا بتجربتها التي يمكن ان تكون مصدر الهام للكثير.

ملهم
بواسطة: اميره كامل
بتاريخ: الأربعاء، 02 أكتوبر 2019 09:11 ص

مقال اكثر من رائع و اعتقد ان معظم من اطلع عليه تمنى لو استجمع شجاعته و قام بهذة المهمة الصعبه و اتقدم بالتحيه و الاعجاب بالسيده المحترمة رشا مكي

ملهم
بواسطة: اميره كامل
بتاريخ: الأربعاء، 02 أكتوبر 2019 09:11 ص

مقال اكثر من رائع و اعتقد ان معظم من اطلع عليه تمنى لو استجمع شجاعته و قام بهذة المهمة الصعبه و اتقدم بالتحيه و الاعجاب بالسيده المحترمة رشا مكي

ملهم
بواسطة: اميره كامل
بتاريخ: الأربعاء، 02 أكتوبر 2019 09:11 ص

مقال اكثر من رائع و اعتقد ان معظم من اطلع عليه تمنى لو استجمع شجاعته و قام بهذة المهمة الصعبه و اتقدم بالتحيه و الاعجاب بالسيده المحترمة رشا مكي

اضف تعليق