جرائم السوشيال عرض مستمر.. كيف تصدى القانون لـ «صفحات ومواقع» التحريض؟

الثلاثاء، 15 أكتوبر 2019 01:00 م
جرائم السوشيال عرض مستمر.. كيف تصدى القانون لـ «صفحات ومواقع» التحريض؟
السوشيال ميديا

 

تزداد جرائم تقنية المعلومات من الناحية الواقعية والعملية يوما بعد يوما، خاصة من قبل أنصار وأعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي، والجهات الموالية له، عبر خلال شن «حرب قذرة» عن طريق اللجان الإلكترونية وميليشيات وكتائب الإخوان الإلكترونية ضد الدولة في محاولة لاستهدافها.

ورغم كل تلك المحاولات لاستهداف الدولة المصرية إلا أنها جميعا بائت بالفشل، ولم تنجح في تصدير الإحباط لأبناء الشعب وإفقاده الثقة في المستقبل لخلق الفوضى، وكأن الأمر «نحن أو الفوضى».

نحن أو الفوضى

جماعة الإخوان الإرهابية والجهات الموالية لها بدأت بشكل موسع فى الاعتماد على السوشيال ميديا والمواقع الإلكترونية حتى تنشر الأكاذيب والافتراءات عن الدولة المصرية، فقد تمثلت تلك الخطة في نشر الترندات عبر منصات السوشيال ميديا والمواقع حتى تضمن انتشارا أكبر للأكاذيب والشائعات التي ترددها، ما يؤكد معه العلاقة الوثيقة بين وسائل الإعلام الجديد المختلفة ورأس المال السياسي وخاصة ما يُطلق عليه بـ «الإسلام السياسي» الذي تتصدره جماعة الإخوان الإرهابية.

رأس المال والإسلام السياسي

بالتأكيد هذه الشائعات خبيثة القصد هي عبارة عن استهداف تمارسه الجماعة الإرهابية من أجل زعزعة الاستقرار الحالي وتفتيت إرادة الشعب المصري التي وقفت أمام طموحات الجماعة في السيطرة على مقدرات الشعب وتنفيذ مخططاتها الخبيثة عبر منصات السوشيال ميديا والمواقع الإلكترونية، الأمر الذي يضطر الجهات المعنية بصفة مستمرة بحجب تلك الصفحات والمواقع الإليكترونية المعادية التي يمولها «الإسلام السياسي».

ويلقي التقرير التالي الضوء على مسألة تصدى المُشرع المصري للصفحات والمواقع الإلكترونية المعادية من خلال عملية الحجب والمنع لكم السموم التي تبث للمواطن عن طريق نشر الشائعات والأكاذيب ضد الدولة لاستهدافها، ليعلم القاصي والداني أن المشرع المصري لم يغفل لحظة للتصدي لتلك المخاطر – بحسب أستاذ القانون الجنائي والمحامي بالنقض ياسر فاروق الأمير.

الحجب لغة

في البداية - يجب أن نعلم أن الحجب لغة يعني المنع والستر وفي الاصطلاح يقصد بحجب الصفحات والمواقع الاليكترونية وسترها عبر الانترنت ومنعها من الظهور رغم أنها موجودة، والحجب بهذا المعنى اجراء لا يخلو من الخطر لمساسه بحق ملكية الموقع من جهة والحرية الشخصية من جهة أخرى، ولكن قد يكون الحجب لازما وضروريا في بعض الأحيان لسلامة الوطن، وتوفيقا بين اعتبارات الملكية والحرية وأمن وأمان الوطن جعل المشرع حجب المواقع اجراء تحقيق تباشره سلطة محايدة هي سلطة التحقيق المختصة في أحوال معينة، والزم جهة التحقيق بعرض أمر الحجب على محكمه الجنح المختصة في خلال 24 ساعة لتأييده أو وقف تنفيذه. 

ولكن أجاز المشرع عند الضرورة والاستعجال لجهات التحري والضبط المختصة اتخاذ اجراء الحجب من تلقاء نفسها على أن تبلغ جهات التحقيق بالحجب في خلال 48 ساعة، وألزم المشرع جهات التحقيق برفع أمر الحجب في هذه الحالة إلى المحكمة في خلال 24 ساعة لتأييد الحجب أو وقفه، كما الزم المشرع - الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات - في جميع الاحوال التي يبلغ فيها بإصدار قرار الحجب تنفيذه، كما أجاز المشرع لكل ذي شأن وللنيابة العامة التظلم من قرار الحجب أمام محكمة الجنايات في خلال 7 أيام من تاريخ صدور قرار الحجب أو تنفيذه كما أجاز لكل من رفض تظلمه أن يعيد الكره بتظلم جديد كلما انقضت ثلاثة أشهر من تاريخ الحكم برفض التظلم وفقا لـ «الأمير».

تنظيم إجراءات حجب المواقع

ولقد نظم المشرع في القانون رقم 175 لسنة 2018  بشأن جرائم تقنية المعلومات في المادتين (7) و(8) الإجراءات والقرارات الصادرة بشأن حجب الصفحات والمواقع والتظلم منها، فنص في المادة 7 علي أن لجهة التحقيق المختصة، متى قامت أدلة على قيام موقع يبث داخل الدولة أو خارجها، بوضع أي عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أية م مواد دعائية، أو ما في حكمها، مما يعد جريمة من الجرائم المنصوص عليها بالقانون، وتشكل تهديدا للأمن القومي أو تعرض أمن البلاد أو اقتصادها القومي للخطر، أن تأمر بحجب الصفحات أو الموقع أو المواقع محل البث، كلما أمكن تحقيق ذلك فنيا، وعلى جهة التحقيق عرض أمر الحجب على المحكمة المختصة منعقدة في غرفة المشورة، خلال 24 ساعة، مشفوعا بمذكرة برأيها، وتصدر المحكمة قرارها في الأمر مسببا، في مدة لا تجاوز 72 ساعة من وقت عرضه عليها، بالقبول أو بالرفض.

ويجوز في حالة الاستعجال لوجود خطر حال أو ضرر وشيك الوقوع من ارتكاب جريمة، أن تقوم جهات التحري والضبط المختصة بإبلاغ الجهاز- في إشارة للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات- ليقوم بإخطار مقدم الخدمة على الفور بالحجب المؤقت للموقع أو المواقع أو الروابط أو المحتوى المذكور في الفقرة الأولى من هذه المادة وفقا لأحكامها، ويلتزم مقدم الخدمة بتنفيذ مضمون الإخطار فور وروده إليه. 

عرض محضر التحريات خلال 48 ساعة

وعلى جهة التحري والضبط المُبلغة أن تعرض محضرا تثبت فيه ما تم من إجراءات على جهة التحقيق المختصة، وذلك خلال 48 ساعة من تاريخ الإبلاغ الذى وجهته للجهاز، وتتبع في هذا المحضر ذات الاجراءات المبينة بالفقرة الثانية من هذه المادة، وتصدر المحكمة المختصة قرارها في هذه الحالة، أما بتأييد ما تم من إجراءات حجب أو بوقفها، فإذا لم يعرض المحضر المشار إليه في الفقرة السابقة في الموعد المحدد، يعد الحجب الذى تم كأن لم يكن، ولمحكمة الموضوع أثناء نظر الدعوى أو بناء على طلب جهة التحقيق أو الجهاز أو ذوى الشأن - أن تأمر بإنهاء القرار الصادر بالحجب أو تعديل نطاقه، وفى جميع الأحوال يسقط القرار الصادر بالحجب بصدور أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية أو بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة – هكذا يقول «الأمير».

التظلم من قرار الحجب خلال 48 ساعة

كما نص في المادة (8) على أن لكل من صدر ضده أمر قضائي من المنصوص عليه بالمادة 7 من هذا القانون، وللنيابة العامة، ولجهة التحقيق المختصة، ولكل ذوى الشأن، أن يتظلم منه، أو من إجراءات تنفيذه، أمام محكمة الجنايات المختصة بعد انقضاء 7 أيام من تاريخ صدور الأمر أو من تاريخ تنفيذه بحسب الأحوال، فإذا رُفض تظلمه فله أن يتقدم بتظلم جديد كلما انقضت 3 أشهر من تاريخ الحكم برفض التظلم.

إجراءات التظلم من الحجب

يكون التظلم – فى جميع الأحوال – بتقرير فى قلم كتاب محكمة الجنايات المختصة، وعلى رئيس المحكمة أن يحدد جلسة لنظر التظلم يعلن بها المتظلم والجهاز لكل ذى شأن، وعلى المحكمة أن تفصل فى التظلم خلال مدة لا تجاوز 7 أيام من تاريخ التقرير به"، ويتضح من هذين النصين أن الحجب له شروط لا يصح اتخاذه بدونها، وهذه الشروط منها ما يتعلق بالسطلة الأمرة به ومدته وتأييده والجريمة محل الحجب وجدية الاتهام فيها وانتهاء الحجب وسقوطه والتظلم منه.من

المسئول عن سلطة الحجب؟

فيلزم أولا: أن يصدر أمر الحجب من سلطة التحقيق المختصة وهي النيابة العامة أو قاض التحقيق، ولكن أجاز المشرع علي سبيل الاستثناء وعند الاستعجال لوجود خطر حال أو ضرر وشيك الوقوع أن تقوم - جهات التحري والضبط - من تلقاء نفسها بالحجب، ويتحقق الاستعجال حينما يكون التأخر في الحجب يرتب خطر حال اي واقع بالفعل أو ضرر سيقع مستقبلا لا محالة وفقا للمجري العادي للأمور وبحيث لا يتسع الوقت لإبلاغ جهة التحقيق لاتخاذ الحجب، وهو أمر يصعب تصوره مع تقدم وسائل الاتصال في العصر الراهن. 

ويقصد بجهة التحري والضبط مأمور الضبط القضائي المختصين طبقا لنص المادة (5) من قانون جرائم تقنية المعلومات التي نصت علي أن يجوز بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص منح صفة الضبطية القضائية للعاملين بالجهاز أو غيرهم ممن تحددهم جهات الأمن القومي، بالنسبة إلى الجرائم التى تقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون والمتعلقة بأعمال وظائفهم، ومن ثم لا يحق لغير هؤلاء ممن يحمل صفه الضبطية القضائية العامة أن يباشر الحجب والا بطل عمله، لأن التنصيص يفيد التخصيص عند الاستثناء.

شروط حجب المواقع والصفحات

ويلزم ثانيا: لصحة الحجب أن تتوافر أدلة على قيام موقع يبث أو يضع معلومات أو بيانات كعبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أية م مواد دعائية، أو ما في حكمها، مما يعد جريمة من الجرائم المنصوص عليها بالقانون، وتشكل تهديدا للأمن القومي أو تعرض أمن البلاد أو اقتصادها القومي للخطر، ومن ثم فإن مطلق الدلائل كالتحريات لا تكفي لإصدار الحجب اذ تطلب المشرع أدلة، ويلزم أيضا أن تنصرف تلك الأدلة علي وقوع أحد الجرائم المنصوص عليها في المواد من 13 الي 33 من قانون جرائم تقنية المعلومات فلا يصح صدور الحجب ولو قامت أدلة علي ارتكاب جريمة أخري.  

معلومات وبيانات تهدد الأمن القومي

ويجب أن يكون من شأن تلك الجريمة والبيانات والمعلومات تهديد الأمن القومي أو تعرض أمن البلاد أو اقتصادها القومي للخطر اي كل ما يتصل باستقلال واستقرار وأمن الوطن ووحدته وسلامة أراضيه، وما يتعلق بشئون رئاسة الجمهورية ومجلس الدفاع الوطني ومجلس الأمن القومي، ووزارة الدفاع والإنتاج الحربي، ووزارة الداخلية، والمخابرات العامة، وهيئة الرقابة الإدارية، والأجهزة التابعة لتلك الجهات أو اقتصاد الدولة. ويستوي بعد ذلك أن يكون الموقع محل الحجب يبث من داخل البلاد أو خارجها. وان يحرر محضرا بالحجب يعقبه مذكره مسببه براي النيابة.

ما هى مدد أمر الحجب؟

وأمر الحجب بطبيعته مؤقت لا يتجاوز 24 ساعة متي كان الأمر به سلطة التحقيق و 72 ساعة متي كان الأمر به سلطة التحري والضبط، إذ يتعين علي النيابة العامة عرض أمر الحجب الذي اتخذته علي محكمة الجنح المختصة في خلال 24 ساعة، أما أن كانت سلطة التحري والضبط هي التي اتخذت الحجب وجب عليها أن تبلغ النيابة العامة بالحجب خلال 48 ساعة ويجب علي النيابة العامة عرض هذا الأمر بمذكره برأيها علي محكمة الجنح المختصة في غرفه مشورة خلال 24 ساعة أخرى. 

وهذا يعني أن سلطة جهة التحري والضبط في الحجب أوسع مدي من النيابة العامة إذ الأخيرة لا تملك الحجب إلا لمدة 24 ساعة، أما سلطة التحري والضبط في الحجب تمتد 72 ساعة (48+24) كما أن النيابة العامة لا تملك اي تعقيب أو إلغاء لأمر الحجب المتخذ من قبل سلطة التحري والضبط، وانما عليها إحالة الأمر لمحكمة الجنح في غرفة المشورة، وهو أمر شاذ وغير مفهوم - ولكن تملك النيابة العامة بمفهوم المخالفة إسقاط الحجب المتخذ من سلطة التحري والضبط بإغفال عرضه في خلال 72 ساعة علي المحكمة فيسقط.

ولا تتمتع محكمة الجنح المختصة إزاء أمر الحجب بسلطات تعديل نطاق أمر الحجب بل تقتصر سلطتها في تأييد الأمر أو وقفه، وقد ألزم المشرع المحكمة بالبت في أمر الحجب قبولا أو ايقافا خلال 72 ساعة أخري من عرض أمر الحجب عليها وهو موعد رغم أهميته تنظيمي لا يترتب علي مخالفته بطلان قرار المحكمة إذ لم يرتب المشرع سقوط الأمر في حال تجاوز ميعاد البت فيه وانما عند تجاوز مدد العرض فحسب كما راينا

مدد انتهاء حجب المواقع أو الصفحات

وينتهي الحجب بأقرب الاجلين اما سقوطه لتجاوز مدد العرض المشار اليها أو رفض تأييده من محكمة الجنح المختصة، وكذلك عند صدور حكم نهائي بالبراء أو قرار بالأوجه لإقامة الدعوي، ومتي أحيلت الدعوي للمحكمة لنظر موضوعها كان لها اثناء نظرها ايقاف أمر الحجب أو تعديل نطاقه، ولقد خول المشرع للنيابة العامة ولكل ذي شأن التظلم من قرار محكمة الجنح المختصة بالحجب أو تنفيذه خلال 7 أيام من صدوره أو تنفيذه أيهما أقرب أمام محكمة الجنايات، وأوجب علي تلك المحكمة أن تفصل في التظلم خلال 7 أيام فإن رفضته كان لصاحب الشأن اعادة الكره بتظلم جديد كلما انقضى 3 أشهر علي رفض التظلم وسلطة محكمة الجنايات في نظر التظلم واسعه إذ لها الغاء أمر الحجب أو رفض التظلم أو تعديل نطاقه.

ويكون التظلم – في جميع الأحوال – بتقرير في قلم كتاب محكمة الجنايات المختصة، وعلى رئيس المحكمة أن يحدد جلسة لنظر التظلم يعلن بها المتظلم والجهاز وكل ذى شأن، وعبارة كل ذي شأن تعني أن المشرع اعتبر التظلم من دعاوي الحسبة، فلا يلزم صفه خاصة فيمن يتظلم من الحجب بل يكفي المصلحة ومن ثم لا يلزم أن يرفع التظلم من صاحب الموقع المحجوب بل يصح ممن يبث اعلاناته عليه أو حتي المتابعين للموقع، وعلى المحكمة حسبما اوضحنا أن تفصل في التظلم خلال مدة لا تجاوز 7 أيام من تاريخ التقرير به وهو ميعاد وجوبي وليس تنظيمي من وجه نظرنا، ويتضح مما تقدم أنه لا يوجد حد أقص لمدة أمر الحجب وهو ما يعد ثغرة في التشريع لأن هذا الأمر بطبيعته وقتي وليس مؤبدا – الكلام لـ «الأمير».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة