إعلانات أدوية السوشيال ميديا تتحدى فرق تفتيش «الصحة»

الأحد، 27 أكتوبر 2019 10:00 ص
إعلانات أدوية السوشيال ميديا تتحدى فرق تفتيش «الصحة»
وزارة الصحة والسكان
هبة جعفر وأحمد سامى


 
- الوزارة تعلن ملاحقة الأدوية المغشوشة المنتشرة على صفحات التواصل
 
- والصفحات تواصل عرض منتجات التخسيس والمنشطات 
 
تحذيرات متكررة أطلقتها وزارة الصحة والسكان، لتوعية المواطنين بعدم التجاوب مع صفحات بيع الأدوية والمستحضرات الطبية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، والتى تستغل حاجة المرضى من أجل شراء الأدوية الخاصة الناقصة من الأسواق والمستوردة من الخارج، مؤكدة فى بياناتها أن بعض الصفحات تقوم بجمع الأدوية منتهية الصلاحيةو وتقوم بإعادة تدويرها مرة أخرى وتغليفها وبيعها للمرضى فى السوق السوداء، خاصة فى ظل ارتفاع أسعار هذه الأدوية التى تصل إلى 70 ألف جنيه أحيانا للعبوة الواحدة.
 
وقامت الوزارة باستحداث فريق من التفتيش لتتبع صفحات «السوشيال ميديا»،  والتى تروج لبيع وشراء أدوية خارج الإطار الرسمى  (الصيدليات)، حيث يعد بابا من أبواب نشر الأدوية المغشوشة والمهربة مجهولة المصدر، بالإضافة إلى جمع الأدوية منتهية الصلاحية وإعادة تدويرها وطرحها بالسوق طمعا فى المكسب، فضلا عن استغلال المرضى وتوفير الأدوية المهربة ذات الأسعار المرتفعة بأسعار منخفضة قبل انتهاء صلاحيتها.
 
ورغم أن الوزارة تعلن بين حين والآخر- بالتعاون مع وزارة الداخلية قطاع الجرائم الإلكترونية والتفتيش الصيدلى- عن العديد من الصفحات التى تبيع الأدوية المغشوشة منتهية الصلاحية على مواقع التواصل الاجتماعى، إلا أن ذلك لم يردع هذه الصفحات، بل إنها تستمر فى تحدى كافة القوانين دون النظر إلى العقوبات التى تفرض عليهم، بل دون مراعاة لصحة المرضى من خلال بيع منتجات مغشوشة لا تشفى بل تضرهم.
 
بمجرد تصفح مواقع التواصل الاجتماعى تظهر الإعلانات المروجة لبيع الأدوية ومستحضرات التجميل وأدوية التخسيس، فنجد صفحة تقول فى إعلانها: «نحن صيدلية نتعامل فى الأدوية المسجلة بوزارة الصحة فقط، ومصرح بوجودها داخل الصيدلية الخاضعة للتفتيش الدورى»، وأكدت الصفحة أنها تعرض أدوية مستوردة من الخارج بأسعار متفاوتة، لتنهال الطلبات على الصفحة بطلب شراء الأدوية، خاصة المستوردة، حيث تقوم الصفحة بتوفير خدمة «الديلفيرى»، لتوصيل الأدوية للمنازل، ومن الأمور العجيبة أن الصفحة تحذر المواطنين من شراء الأدوية من خلال النت أو القنوات التليفزيونية المجهولة.
 
ونجد صفحة أخرى باسم «أدوية وارد الخارج» تعلن عن توفير أفضل فيتامينات مستوردة بأفضل الأسعار، وكمان أفضل أدوية عالمية لتعلية الحرق والعناية بالصحة والرشاقة، عندنا أفضل كريمات وزيوت أوروبية للعناية بالبشرة والشعر والجسم».
 
WhatsApp Image 2019-10-22 at 4.40.06 PM copy
 
الغريب أن الصفحة تحقق رقما كبيرا فى التعليقات التى تطلب شراء الأدوية ومنتجات التخسيس، رغم ارتفاع أسعارها وعدم التأكد من مصداقية هذه الصفحات.
كما انتشرت صفحة تسمى «حقن الجلوتاثيون فى مصر» ويبلغ عدد متابعيها 1500 والتى تعلن أنها متخصصة فى منتجات وعقاقير التجميل، ورغم أن أطباء التجميل والجلدية حذروا من انتشار حقن وأقراص مادة «الجلوتاثيون» عبر الإنترنت، والتى يتم استخدامها بغرض تفتيح الجسم كله، ما يؤثر على الكلى ويسبب الفشل الكلوى، حيث يتم استخدام مادة «الجلوتاثيون» بشكل موضعى لتفتيح البشرة، ولكن عند استخدامها بجرعات مكثفة فإنها تسبب مشاكل كبيرة تؤدى إلى الفشل الكلوى.
 
المثير فى الأمر أن هذه الحقن والأقراص لم تتم الموافقة عليهما من هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية، لكنها منتشرة ويمكن شراؤها على مواقع الإنترنت.
 ورغم خطورة وأهمية هذه الحقنة، إلا أن بعض الصفحات تروج لبيعها، هى و«حقن آنى آر اتش» الأصلية الخاصة بالسيدات الحوامل، حيث جاءت تعليقات كثيرة تطالب بالحصول على المنتج نظرا لاختفائه من الأسواق وانتشار العديد من الحقن المغشوشة، وهى نوع حقن تحتاجها الحامل إذا كانت فصيلة دم الزوج سالبة، وتكون الزوجة فصيلة دمها موجبة.
 
كما نشرت صفحة باسم «شركة ألكس ميديكال» عن شراء جميع أنواع الأدوية الموجودة بالمنازل والتى ليس لها احتياج بأسعار مناسبة شرط سلامة العبوة وغير منتهية الصلاحية، برجاء التواصل على الخاص».
 
ووضعت الصفحة أرقاما للتواصل معها من أجل شراء الأدوية، وقدرتها على توفير الأدوية الناقصة من الأسواق والمستوردة من الخارج وصرف «الروشتات» وتوصيلها للمنازل لكافة الأنحاء.
 
من جانبه حذر الدكتور إيهاب الطاهر، عضو نقابة الأطباء، من ظاهرة بيع الدواء عبر «فيس بوك»، خاصة أن كثيرا من الأدوية التى يتم الإعلان عنها عبر الصفحات، قد تكون مغشوشة أو غير صالحة للاستهلاك الآدمى، إضافة لكونها عملية «نصب»، فالصيدلية هى المكان الوحيد المخصص لبيع الدواء بعد حصوله على الموافقات المطلوبة من وزارة الصحة، خاصة فى حالة بيع دواء مغشوش أو غير صالح يتم التعامل معها من خلال الوزارة لكن الصفحات ليست خاضعة للرقابة الصحية أو القانونية.
 
وأضاف الطاهر، أنه فى العالم كله لا يتم صرف أى مُنتج دوائى إلا بموجب «روشتة طبية»، لكن فى مصر الأمر معكوس، مطالبًا إدارة العلاج الحر بفرض رقابة صارمة على مثل هذه الصفحات ومواجهة الإعلانات التى تقوم بعض القنوات التليفزيونية بعرضها.
 
وطالب عضو نقابة الأطباء، الوزارة بتشديد الرقابة على مواقع التواصل خاصة مع نقص المفتشين لدى إدارة العلاج الحر، الأمر الذى يسمح بمثل هذا التلاعب من البعض، مضيفًا أن النقابة طالبت كثيرا بضرورة مواجهة هذه العمليات المشبوهة، لكن دون وجود إرادة حقيقية من المسئولين.
 
 أما محمود فؤاد، رئيس مركز الحق فى الدواء، فقد أكد أنه يعمل منذ سنوات على رصد هذه الصفحات والإبلاغ عنها، وتحذير المواطنين من الشراء من خلال هذه الصفحات، خاصة أن هذه الصفحات تعد وسيلة سهلة لاصطياد الزبائن ممن لديهم أدوية منتهية الصلاحية أو مهربة أو مسربة من مستشفيات الصحة، خاصة للأدوية الحيوية المختلفة لشرائها بثمن بخس وبيعها للبعض بأسعار أعلى، وبالتالى جنى أرباح كبيرة بالمخالفة للقانون.
 
وأضاف فؤاد قائلا: «أى دواء يباع خارج المنظومة الطبية والإشراف الصيدلى قد يسبب الوفاة المباشرة للمريض، فالأدوية منتهية الصلاحية تحدت خللا شاملا فى أجهزة الجسم، وتسبب شللا ووفاة، مشيرا إلى أن معظم أدوية الأورام لها مصدران، هما الصين والهند، وسعر أدوية الأورام يصل من 50 إلى 70 ألف جنيه، مضيفا أن هذه الصفحات تستهدف شراء الأدوية مرتفعة الأسعار وبيعها بعد تدويرها للمرضى.
 
وقال صلاح بخيت، المحامى بالنقض، والمهتم بقضايا الدواء، إن بيع أدوية مجهولة المصدر إلى الجمهور، فى حال كانت تلك الأدوية سليمة وعلاجية، ومعتمدة من الاتحاد الأوروبى للدواء أو منظمة الصحة العالمية، فإن هذا لا يعفى من العقاب، إذ لا بد من اعتماد أى دواء متداول داخل مصر من منظمة الصحة المصرية، وإن لم يكن متداولا فى مصر، فعقوبة تداوله جريمة لا يتهاون فيها القانون وعقوبتها الحبس  6 أشهر، وذلك لعدم اعتماد الدواء محليا بعد جلبه من الخارج.
 
وأضاف بخيت، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز ثلاثين ألف جنيه، كل من باع أدوية مغشوشة أو فاسدة أو انتهى صلاحيته، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز سبع سنوات، وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز أربعين ألف جنيه، إذا كانت الأدوية المغشوشة أو الفاسدة أو التى انتهى تاريخ صلاحيتها، أو كانت المواد التى تستعمل فى الغش ضارة بصحة الإنسان.
 
يشار إلى أن لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، تناقش خلال دور الانعقاد الحالى، التعديلات المقدمة على مشروع قانون قمع الغش والتدليس لتغليظ عقوبة الغش فى الدواء، وتتمثل أهم التعديلات تغليظ العقوبة فى جريمة غش الدواء لتكون غرامة مالية تصل إلى 500 ألف جنيه والحبس من 3 سنوات حتى السجن المؤبد، وتدرج هذه الجريمة ضمن القتل العمد وليس الخطأ، مع حظر تداول الأدوية المغشوشة ومنتهية الصلاحية، وتشديد الرقابة على المخازن والصيدليات من جانب إدارة التفتيش الصيدلى بوزارة الصحة.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق